فَلْتَنْحنِ الهام إِجلالاً لأبناءِ سوريا الكرام

د. عطية الوهيبي

وَهمَ الواهمون، وضَلوا السبيل، حين خُيّلَ إِلَيهم أن الشعب السوري المسلم الأبي النبيل، لن ينتفض على حكام سوريا القتلة السفاحين، الذين ساموا أبناءه سوء العذاب، وبرعوا في سياسة القتل والإرهاب والتنكيل، ومهروا في الكذب والافتراء والتدجيل، وعثوا في الأرض مفسدين يفعلون الأفاعيل.

لقد هبَّ أبناء الشام حفدةُ الصحابة العظام، كالليوث العاديات، وانتضوا سيوف العزم والإصرار، وكانوا الثوار الثوار، الذين سطروا في أسفار العزة والخلود أروعَ وأَنصَع صفحات المجد والسؤدد والفخار، وواجه النظام الأسدي الخؤون الغشوم الظلوم هذه الثورة الشعبية السلمية بالنار والحديد كعادته في كل حين، واستباح المدن والحواضر والقرى والأرياف بالدبابات والمدافع والمدرعات والطائرات، واجترح أبشع المجازر، ليخمد صوت الشعب السوري المسلم اليعربي الثائر، فلم يجد أمامه إلا رجالاً ونساءً وشباباً وأطفالاً وشيوخاً يحملون باقات الورود والأزهار وأغصان الزيتون يحيون بها قوات النظام، فصب عليهم حمم اللظى وابلاً مدراراً، ونَكلَ بهم كباراً وصغاراً، وأخذ يهدم مدنهم وقراهم حياً حياَ وداراً داراً، ويقطع عنهم الاتصالات والماءَ والكهرباءَ، وينشر الموت والهلع في ليلِ ظلمٍ واستبدادٍ حالك بهيم، وأن يَظلَ آل الأسد حكامها إلى الأبد، يرفعون راياتِ الكفرِ والإلحاد، ويُذلّون البلاد والعباد، أما سمعتم كيف حرفوا آيات التنزيل، وأضلوا الجيل، ونفثوا في روعة الأباطيل والأضاليل، أما سمعتم كيف عبثوا بسورة الإِخلاص، فأصبحت بقوة الحديد والنار والرصاص: ( قلُ هو الله أحد، الله الصمد، أعز الله شعبي بآل الأسد واصطفى منه حافظ الأسد) لم يضعف أبناء سوريا ولم يهنوا ولم يستكينوا، بل ثبتوا ثبات الجبال الراسيات، وصبروا صبراً جميلاً في الملمات، واختاروا طريق الشهادة، طريق النصر والتمكين والسعادة، وها هي ثورتهم تزداد كل يوم قوة وعنفواناً وعناداً، وعمقاً واتساعاً وامتداداً، وقد علّموا العالم كله من كل مذهب ونحله ومِلّة أن نيل الحرية والانعتاق من نير الذل والهوان والعبودية لا يكون إلا ببذل الدماء الطاهرة الزكية، فطوبى لأهل سورية، ولْتَـنْحَنِ الجباه والهامات لأبنائها الغُر الميامين، الذين خطبوا الجنان بالملايين، ذياداً عن العرين، وكانوا بيض الوجوه، كريمة أحسابهم، شمّ العرانين، وسيفرح أبناؤها الأبطال، بنصر الله المتعال، ومعهم شعوب العالم العربي والإسلامي، لتعود عاصمة بني أمية، مثابة للأمن والإيمان والعزة والإسلام، وليعود أبناؤها من جديد إلى حمل المنهج الرباني الرشيد، وليكونوا خير خلفٍ لخير سلف، يبنون كما بنى أوائلُهُم، ويصنعون كما صنعوا، ويزرعون الخير والصلاح كما زرعوا، إنها سنة الله في تدمير الظالمين والمستبدين ونصرة المستضعفين، والتمكين للحق المبين ((بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق)) ((ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)).