الإسلام حضن العالم، وحصنه

عبد الله عيسى السلامة

عبد الله عيسى السلامة

[email protected]

الإسلام هو الحضن الدافئ ، لأبناء آدم ، جميعاً ، والحصن الحصين ، لمن أوى إليه!

 هو حضن النفوس - التي تأوي إليه – نافرة ، من التشوّه ، والانحراف ، والضلال ، والقهر.. وهو حصنها الحصين !

وهو حضن القلوب - التي تهاجر إليه – هاربة ، من الانكسار، والذلّ ، والمسكنة ، والهوان .. وهو حصنها الحصين !

وهو حضن العقول - التي تختاره – لاجئة إليه ، من الحيرة ، والتيه.. وهو حصنها الحصين !

قال ربّنا ، عزّ وجلّ ، لنبيّه الكريم : وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين .

وقال سبحانه : وما أرسلناك إلاّ كافّة للناس بشيراً ونذيراً .

 وقال ، عزّ من قائل : يا أيّها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم..!

 كل مسلم ، هو- حكماً- من أبناء هذا الحضن الدافئ ، والحصن الحصين ، الذي يتكافل فيه الجميع ، ويتعاون على حمايته الجميع ، ويتنافس في خدمته الجميع .. ويتسابق ، في الدعوة إليه ، الجميع !

ومن كان عنصر تخريب فيه ، أو عنصر تنفير منه.. وجب على الجميع ، التصدّي له ، بالأسلوب الملائم له ، المستمدّ من قوانين الحضن الحصن ، ذاته !

 ومن جعل حضن البشرية – وهو من أبنائه - عدوّاً للبشرية ، فهو مجرم بشع ، يحقق لأعداء الإسلام ، مايعجزون عن تحقيقه .. أيّاً كان شعار هذا المجرم ، أونيّته ، أو اجتهاده ، الذي يخلط ، فيه ، بين الحرب الضرورية المشروعة ، وبين اكتساب عداوة الناس ، بشكل مجّاني متعمّد ، وفجّ .. وهم حقل دعوته ، إلى حضن الإسلام الدافئ الرحيم ، وحصنه الحصين !

  ومن جعل الناس ، يهربون من الإسلام ، طلباً للأمن والرحمة والعدل ، في سواه .. بدلاً من أن يهربوا إليه ، طلباً للعدل والرحمة والأمان ، فيه .. فهو أشرس عدوّ، لله ورسوله، ولأمّة الإسلام ، لأنه يتزيّى بزيّ الإسلام ، ويرفع شعاراته ! ولابدّ من تطهير دعوة الإسلام ، منه ومن أمثاله ، مهما كان الثمن ، الذي يُدفع في هذا السبيل ؛ إذ ليس ثمّة عدوّ ، أخطر على الإسلام ، من هؤلاء !

 ولله الأمرُ، من قبلُ ومن بَعد .

***************

 من أضاع !؟ ومن يوشك أن يُضيع !؟

من أضاع الأندلس ، بأيدي الإسبان !؟ وكيف تنظر إليه ، الأجيال الحالية !؟

ومن أضاع فلسطين ، بأيدي الصهاينة ، وكيف تنظر إليه ، الأجيال الحالية !؟

ومن يوشك ، أن يضيع بلاده - بأيدي الفرس ، أوغيرهم - !؟ وكيف ستنظر إليه ، الأجيال القادمة !؟

***************

 ماذا تفضّل !؟

 أنت مسلم ، في مجتمع مسلم ، وحكم غير إسلامي .. فماذا تختار!؟

هل تسهم ، في صناعة واقعك : الاجتماعي والسياسي والثقافي.. ضمن مشروع ، لك، تتبنّاه ، وتدافع عنه، وتتعاون مع غيرك، ممّن يؤيّد مشروعك، لإنجاح هذا المشروع !؟ أم تفضّل ، أن تكون رقماً ، مجرّد رقم ، يوظّفك الآخرون ، كلّ منهم ، في مشروعه.. بعلمك ، أوبغير علمك .. بإرادتك ، أو بغير إرادتك !؟

***************

تريد بعملك وجه من !؟ حدّد الوجه ، قبل العمل !

تريد وجه الله !؟ إذن ، لاتشرك معه ، وجهاً آخر، فتهلك ؛ لأنه لايقبل الشرك !

تريد وجه نفسك ، لتحصّل جاهاً ، أو سمعة ، أو منصباً !؟ لابأس ، اعمل لذلك ، وكن صادقاً ، في التصريح به !

تريد وجه الدولار!؟ لابأس .. لكن ، لا تنافق ، فتدّعي : أنك تريد وجه الوطن ، أو المبادئ ، أو القيم !

تريد وجه أمريكا !؟ لك الحرّية ، في ذلك .. لكن لاتكذب ؛ فتزعم أنك عدوّ لأمريكا ، تحارب مشروعاتها وخططها ، في بلادك !

تريد وجه حاكمك ، لتحظى برضاه ـ وتنال منه مكاسب معيّنة !؟ حسن .. كن واضحاً في هذا !

تريد وجه رئيسك في العمل.. أو زعيمك في القبيلة ، او الحزب ، أو الحيّ !؟ لابأس ، لاتخجل من التصريح بذلك !

 فالشرك والنفاق والكذب والرئاء.. تحمّلك ذنوباً ، أنت في غنى عنها ! وضرّها أقرب من نفعها ، حتى لو نفعَك بعضها، في ظرف ما !  

والسعي المباح ، إلى الدنيا ، ليس حراماً - في أصله - إنّما الحرام ، هو ما يمازجه ،  أو يغطّيه ، من أخلاق السوء ، كالصفات المذكورة ، آنفاً ، وغيرها !

***************

 لا تقل لي : يجب أن تعمل ، كذا وكذا..

بل قل لي : تعال لنعمل ، أنت وأنا ، كذا وكذا..

فلا تنتقدُني ، عندئذ ، لأني لم أعمل ، كما تريد ، ولا أنتقدك ، لأنك لم تعمل ، كما أريد ! وكلّ منّا يعمل ، مع غيره ، في زمانه ومكانه ، حسب طاقاته وظروفه !

فهل لديك رأي آخر!؟

***************

 أيّهما أقوى !؟ وما العمل !؟

 أيّهما أقوى ، في المنطقة العربية ، اليوم.. إسرائيل ، التي تتحكّم بالحكّام ، من خارج دولهم !؟ أم إيران ، التي تغلغلت، في الشعوب ، وصنعت لها ميليشيات ، منها ، في داخلها ، وباتت تفرض سياساتها ، في الدول ، على الحكومات ، عبر ميليشياتها الشعبية فيها ، التي صارت أخطر وسيلة ، لتمزيق المجتمعات والدول ، من داخلها ، والهيمنة عليها ، من داخلها .. والحكّام حائرون ، بين العبث الإيراني الداخلي ، بشعوبهم .. والتهديد الخارجي الإيراني ، لكراسيهم ! والشعوب المقيّدة بتسلّط حكّامها ، أشدّ ، من حكّامها ، حيرة ؛ فلا هي تستطيع مجابهة الغزو الإيراني الداخلي ؛ بسبب القيود ، التي يقيّدها بها الحكّام – المقيّدون ، بدورهم ، من قبل الجهات الخارجية ، التي تملي عليهم قراراتهم - .. ولا حكّامها قادرون ، على حمايتها ، من هذا الغزو؛ لأنهم عاجزون عن حماية أنفسهم !؟

 فما العمل !؟

***************

  كلّ يحمل وزره :

ياقادة المعارضات الشعبية : ها قد ، فضح الله عصابات الحكم ، المستأسدة عليكم ، في بلادكم .. التي باتت تجاهر بخياناتها ، وارتباطها بأعداء الأمّة ! فاختصرت الطريق ، بينكم ، وبين قلوب شعوبكم وعقولها ! فإذا مارستم من الأخطاء ، ما يُنفر منكم ، شعوبَكم ، ويبقيها على ارتباطها ، بحكّامها المجرمين ؛ خوفاً وطمعاً .. ويأساً منكم ، ومن أن تكونوا بديلاً صالحاً ، عن حكّامكم.. فأنتم تتحمّلون الأوزار، أمام الله ، وأمام شعوبكم ، عمّا ينصبّ ، من البلاء ، عليها وعليكم ! وكلّ منكم يحمل ، منفرداً، وزر خطئه ، وتقصيره.. وفساد خلقه، أو نيّته ، أوسلوكه ! ومّن خدع نفسَه، أو خدعته .. فليعلم أن الله ، لا يُخدع !

***************

 سؤال لأولي العلم :

قالوا : يارسول الله ، أنهلِك ، وفينا الصالحون !؟

قال : نعم ؛ إذا كثر الخَبث !

 فهل أمراض القلوب – التي قد تصيب قلوب المؤمنين ، الذين يجتنبون المحرّمات  المعروفة - هل أمراض القلوب ، هذه ، مثل : الحقد ، والحسد ، والكبْر ، وغيرها.. تعَدّ من أنواع الخَبث ، التي تسبّب الهلاك !؟

***************

بادرْ.. ولا تـلـمْ !

لا تلمْ أمّتك ، ولا تحقرها ، ولا تقلل من شأنها ؛ فهي الأمّة الخاتمة ، أمّة خير الرسل.

 أعداؤك يحقرون أمّتك ، كلها، ويعلّلون هوانها ، باعتناقها الإسلام ! فلا تكن جندياً لهم ، مسخّراً لخدمتهم ؛ فتشغل نفسك ، بالبحث عن الأخطاء والعثرات ، لدى زيد، أو عمرو.. لتجعل منها ، ذرائع وحججاً ، تتهم ، من خلالها ، الأمة كلها : بالجهل ، أو الفساد ، أو الانحراف ، أوالضعف ، أو التفريط .. مدّعياً ، في هذا كله ، أنك تريد الخير والعزّة ، لأمّتك !

القضية ، ببساطة ، هي ضعف النخب المخلصة : النخب السياسية والاجتماعية والثقافية..!

والضعف مظاهره متعدّدة ، منها

·        جهلُ كثيرٍ ، من هذه النخب المخلصة ، بمفاتيح نهضة الأمّة .. وبالتالي ؛ هي تتخبّط ، يمنة ويسرة ، باحثة عن الحلول المجدية ، وعن الأهداف السامية ، الممكن تحقيقها .. والتي تضيع ملامحها – في أغلب الأحيان -  في زحمة البحث ، عن الأحلام الذهبية ، والطموحات المستحيلة ، والشعارات البرّاقة ، التي لايبنى عليها، أيّ قرار مجدٍ ، ممكن !

·        الضعف الخلقي ، المتعدّدة وجوهُه وأسبابه ، لدى بعض النخب ، مثل : الكبْر، والغرور، والحسد ، والهوى ، والحقد ، والأنانية ..!

 إذا كنت ترى نفسك ، واحداً من هذه النخب ، فاستعرض طاقات الأمّة ، الموجودة ، المهدرة : بشرياً ، ومالياً ، وعلمياً .. ثمّ ابحث ، عن أفضل السبل ، لتوظيفها ، في حدود ماهو ممكن ، ومجدٍ .. في ظروفك الراهنة !

 وإن لم تجد نفسك ، واحداً من هذه النخب ، فابحث عمّن تظنه منها ، وتثق به: ديناً،  وخلقاً، وقوّة.. وحمّله مسؤولياته ، بصفته راعياً حقيقياً ، لطموحات الأمّة، ومستقبلها.. إذا كان رعاتها الحكّام : فاسدين ، مفرّطين بأماناتهم ، في رعاية الأمّة !

 أنت مكلّف ، بحمل أمانتك ، التي تستطيع حملها ! فإذا صرفتَ نظرك ، عن الكيلوغرام ، الذي تستطيع حمله ، وتصدّيت لحمل الطنّ ، جرياً وراء طموح وهمي.. ثمّ عجزت وأخفقت ، وبدأت تلوم الآخرين ، الذين لم يساعدوك .. فقد حمَلت وزرين : وزر التفريط بالأمانة .. ووزر اتهام الآخرين ، بالتقصير، أو التفريط !