صور ناطقة للتحوت والروابض 23+24+25
صور ناطقة للتحوت والروابض
23+24+25
أحمد الجدع
[23]
-- -----------------------------
عرف الغرب الصليبي أنه ليس من سبيل إلى هدم الأسرة المسلمة إلا بالتسلل إلى عقل المرأة التي تمثل الركن الأساسي في الأسرة ، وهم قد برعوا في دراسة عقليات النساء ، فنشطوا في تسليط أفكارهم عليها ، وقد نجحوا بعد لأي في زعزعة هذا الركن ، ولا زالت صور بنات الذوات في بعض بلاد المسلمين ماثلة في الأذهان وهن يلقين بالحجاب في صورة استعراضية حتى ينلن إعجاب الأخريات ، فيقلدنهن ، ويسرن سيرتهن .
وفي خلال خمسين عاماً نزعت الغالبية العظمى من نسائنا الحجاب ، وسرن في الشوارع حاسرات .
وكانت الأنظمة العربية جادة في تعميم هذه الصورة السائدة للمرأة المسلمة ، وتفننوا في فرضها على بنات المدارس بحجة الزي المدرسي ، وعلى الموظفات بإقصاء المحجبات عن كل عمل ، حتى بلغ بهذه الأنظمة أن حرمت على المحجبات كل نشاط ، وبالغت في سد السبل في وجوههن .
ولكن المرأة المسلمة تنبهت لما يكاد لها ، فبدأت العودة إلى الحجاب ، وبدأت الدعوة إلى هذه الصورة تنتشر وتعم ، ومع مرور الوقت طغت صورة الحجاب على المجتمعات المسلمة ، وبدا أن المرأة التي عرفت حق الله عليها مصممة على حجابها مهما كلفها ذلك من ثمن .
بل إن المرأة المسلمة خطت درجة أعلى من الحجاب فأقبلت على النقاب ، وأخذ النقاب يثير ضجة لدى الأنظمة التي تعمل على إفساد المؤمنات ، فلم تشأ أن تسلم بالنقاب بعد أن هزمت أمام الحجاب !
إحدى الأنظمة القمعية التي تفشت فيها السجون والمعتقلات راجعت نفسها عندما رأت مئات المنقبات في المدارس ، فأخذت تراجع سياستها التعليمية ثم تفتقت عقولها عن إبعاد هؤلاء المنقبات حتى لا يسممن عقول الطالبات والطلاب !
ألفان من المنقبات فصلن فصلاً تعسفياً من محاضن التربية ونقلن إلى أماكن أخرى .
ليس مهماً أين نقلن ، وهل يناسبهن الأمكنة التي نقلن إليها ، المهم هو أن يبعدن من محاضن التربية حتى لا يتخرج من بين أيديهن رجال يثورون على ما يرون في بلادهم من الظلم والفساد ، ويهادنوا العدو الذي يحتل جزءاً غالياً من البلاد .
هل تأخر هؤلاء التحوت والروابض في إبعاد الطاهرات المنقبات عن محاضن التربية ؟!
وهل كان الأطفال الرجال الذين سُقوا ماء البطولة وحب الجهاد وعشق الموت في سبيل الله من هؤلاء المنقبات الطاهرات ليتأخروا عن الدفاع عن الأوطان والأعراض ...
هؤلاء الأبطال الذين ما عرفت بلادهم الذل والفساد إلا في زمن الحكم الجبري الذي تسلق إلى الحكم في غيبة أبطال الإسلام ، ردّوا لهؤلاء المنقبات حقهن في تأدية رسالتهن التربوية المعجونة بتعاليم ديننا العظيم ، فعدن إلى أماكنهن في محاضن التربية ، والروابض والتحوت يعضون أناملهم من الغيظ .
حسبنا الله .
==========
[24]
-------------------------------
ما أكثر الروابض والتحوت في هذا الزمان .
يقول رسول الله r : إذا رأيت التحوت تعلو والوعول تسفل فانتظر الساعة .
أما التحوت فهم الذين عاشوا عمرهم " تحت " في أسفل سافلين ، لا يؤبه لهم ولا يعيرهم الناس التفاتاً ، ولا يزنون حبة خردل .
وأما الوعول فهم السادة الشرفاء ، ذلك لأن الوعول لا تعيش إلا في قمم الجبال .
ويقول رسولنا صلوات الله عليه : إذا رأيت الرويبضة يتكلم في شؤون العامة فانتظر الساعة .
قالوا : وما الرويبضة يا رسول الله ؟
قال : الرجل التافه الحقير .
تافه وحقير ؟ نعوذ بالله من هذا الذي يجمع بين هاتين الصفتين ؟
أما شؤون العامة فهي المناصب الخطيرة التي تهم عامة الناس كالمناصب الوزارية والإدارية والدينية ...
إن رسولنا يخبرنا أن أمورنا ستؤول إلى التحوت والروابض ... وقد آلت .
عندما انطلق أول نداء للصلاة من المدينة المنورة آذنت أمة الصحراء بالصعود وآذنت أمة الإسلام بالعزة .
وعندما حمل المسلمون هذا النداء وانطلقوا به دانت لهم الامبراطوريات والشعوب ، وأصبحوا سادة العالم .
وعندما أهملوه وعادوه أصبحوا كما نرى .
تونس ... وما ادراك ما تونس ، إن كل حجر فيها ، بل كل ذرة تراب في أرضها تذكرنا بأمجاد المسلمين .
أذكركم بأن دولة الأغالبة في تونس أقامت دولة إسلامية في جنوب إيطاليا وجعلت قاعدتها مدينة باري ، ثم حاصرت روما مرتين تريد أن تحقق وعد رسول الله r بفتحها ... ولم يقدر لها ذلك ، وادخرها الله لفارس الفرسان وبطل الأبطال الذي يقود الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ... وهي قادمة بإذن الله ...
ودخلنا في الحكم الجبري ... ودخلت فيه تونس ...
وتولى فيها التحوت والروابض الحكم ، فصالوا وجالوا ، وجعلوا هدفهم كله محاربة هذا الدين العظيم واقتلاعه من تونس .
وقد رأيت وسمعت وزير أوقاف تونس وهو يصرح عبر شاشة التلفاز التونسي بأن أصوات الأذان من المآذن تلوث أجواء تونس .
عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
حسبنا الله .
==========
[25]
-------------------------------
القاهرة إحدى المدائن الإسلامية التي تهفو إليها قلوب المسلمين ، وهي أول مدينة إسلامية بلغت مآذنها ألف مئذنة .
فيها الجامع الأزهر ، قبلة الدارسين لعلوم الدين من جميع بلاد المسلمين .
إن مما يزين القاهرة هذه المآذن التي تشمخ في سمائها ، ومنها ينطلق نداء التوحيد خمس مرات في اليوم ، يعطر أجواءها .
لقد أصبحت المآذن علامة على إسلامية المدن ، إذا جاء زائر إلى مدينة من المدن فطالعته المآذن عرف أن هذه البلدة إسلامية أو فيها مسلمون ، هناك مآذن في القاهرة تحكي كل منها تاريخاً مجيداً ، وتذكّر كل واحدة منها بعظيم من العظماء ارتبطت به وارتبط بها .
أما عن الجمال المعماري فحدث ولا حرج ، فلكل مئذنة فيها شكل معماري يبهر الأبصار وتحار فيه العقول ، وفيها من براعة الهندسة ما يخلب الألباب ويثير الدهشة والإعجاب .
وغزت المآذن بلداناً أوروبية على مرّ العصور ، ويحكي لنا التاريخ أن بلغراد عاصمة صربيا اليوم كان فيها ثمانون مئذنة لم يُبق الحقد الصليبي فيها سوى واحدة وعندما تثور العصبيات الكريهة في العواصم الأوروبية تتوجه الأحقاد إلى المآذن ، وإن مما أفرزته الحضارة الحديثة تكاثر أعداد المسلمين في الدول الأوروبية الغربية ، وفي الولايات المتحدة الأمريكية ، فاتجهوا لبناء المساجد ذات المآذن ، فضاق بعض الحاقدين بها ، وطالبوا بإزالتها ، واختلقوا لذلك الأسباب والمعاذير .
وذكرت بعض الصحف والإذاعات العربية أن وزيراً للثقافة في مصر طالب الدول الأوروبية أن لا تسمح ببناء المآذن فيها لأن المآذن شوهت سماء القاهرة !
وزير ماذا ؟
لا تأخذك الدهشة ، إنه وزير الثقافة ، وهل كانت المآذن إلا عنواناً ثقافياً رائعاً للقاهرة .
وما هي ثقافتك يا وزير الثقافة إذن ؟
كثير من وزراء الثقافة في بلادنا لا ثقافة لهم .
وإن مما يذيب القلب حزناً أن تعلو التحوت وتتحكم الروابض .
حسبنا الله .