"وحدك"... لستَ الأقوى

"وحدك"... لستَ الأقوى

هنادي الشيخ نجيب

[email protected]

يا له من موقفٍ مؤثرٍ حقاً!!

إنه يجسِّد حكاية الامتداد الذي يتوقُ إليه الآباء، بينما يتهرّب منه الأبناء...

تلك هي حقيقة القوى المتكاملة التي تقف في وجه التحدّيات؛ فتحوِّلها إلى خطوات على طريق الإنجاز، ودرجات على سُلّم المجد.

أترككم شبابنا مع القصة لتقرؤوها... ثمّ نعودُ لإشراقتنا...

كان رجلٌ يسير مع ابنه عندما اعترضت طريقهما صخرة ضخمة... سأل الولد أباه: «هل تظن أني أستطيع تحريك هذه الصخرة من مكانها إذا استعملت كلّ ما لديّ من قوّة؟»

أجاب الوالد: «نعم، أنا متأكَّد أنك إذا استخدمت كلّ قواك فستقدر على تحريكها».

بدأ الولد بدفع الصخرة، بذل كلّ ما بوسعه وهو يدفع ويتابع، لكنّ الصخرة لم تتحرّك من مكانها. نظر الفتى إلى أبيه خائباً، وقال: «لقد كنتُ مخطئاً، فأنا لا أستطيع أن أحرّك الصخرة».

احتضن الوالد ابنه قائلاً: «لا يا بني، فأنت لم تستعمل كلَّ قواك.. إنك لم تطلب مني أن أساعدك»...

شباب الغد... كم تُرانا قصّرنا يوم ظنّنا أنّ القوةَ في سواعدنا فقط؟! وكم اجترأنا على معنى «القوة» الحقيقي حين اختصرنا أبعادها في عضلٍ مفتول وزندٍ متين وعزم شديد يضعضع الحديد؟!

بل لماذا كُنّا نعتقد أننا أقوى كلّما أقصينا – عن سابقِ رغبةٍ وإصرار وتصميم – كلّ محاولةٍ لمساعدتنا، بحجّة أننا وحدنا – ووحدنا – قادرون؟!!

هل كان من الحكمةِ أن نُقْبل على الحياةِ "فُرادى"، بينما تزدحم في جدول "قوانا" مئات العناصر؟!

شبابنا الكرام... إنّ علينا بدايةً واجبَ التعرُّف على معنى "القوة"، لنطرح سؤالاً يبدو في هذه الأيام أنَّ الإجابة عنه ستكون مصيرية في حقّ أنفسنا ومجتمعاتنا ومستقبلنا... والسؤال هو: بماذا نكون أقوياء؟

ففي زمن يحتاج فيه الحق إلى "القوة" لترجح كفّة العدل، وتُرفع قبضةُ الظلم... وفي وقتٍ تدور فيه رحى القوى لتطحنَ حبوب الطموح والأمل بالتغيير... مطلوبٌ مِنّا أن نؤمن بأن كثيراً من قوتنا موجودٌ حولنا، ويتحتّم علينا أن نَمدَّ جسور الإكبار والامتنانِ والاحترام لكلّ من بوسعه أن يشدّ بنياننا، ويوجِّه بوصلتنا، ويدفق في شرايين هِمَمِنا الثقة والإتقان...

وبينما أنتم أيها الشباب في خضم تظاهرة (استجماع القوى)، عليكم أن تطالبوا هؤلاء بالانضمام إلى مسيرتكم لتحقِّقوا مطالبكم:

العالم (لِعلمه)، الفقيه (لفقهه)، الرباني (لثقته)، المربي (لحكمته)، المفكر (لبعد نظره)، السياسي (لحنكته)، العامل (لاجتهاده)، الداعية (لثباته)، الإعلامي (لشجاعته)، المسنُّ (لإخلاصه ودعائه)، الصغير (لنقاء فطرته)، الأب (لمساندته)، الأم (لعاطفتها)، الصديق (لنصيحته)...

بأؤلئك - وغيرهم – تكونون فعلاً قد استجمعتم كلّ قواكم، وستستطيعون – بعد التوكل على الله – تجاوز أيّ صخرةٍ تقف في طريقكم، مهما كان حجمها...