المعري: "أنا الشيخ المُفْترى عليه" 2
المعري: "أنا الشيخ المُفْترى عليه" 2
أحمد الغنام
فلو تتبعنا شهادات من عاصروه وكانوا قريبين منه ، اسمعنا منهم كلاما نستطيع أن نستشف منه سلامة عقيدة هذا الرجل ، بخلاف من كان له معه خلافا نتيجة تحامل المعري على بعض أصحاب الآراء الهدامة في ديننا ، مما دعاهم ليساهموا بشكل كبير في تشويه صورته أمام الناس ، وتبعهم في ذلك بعض الأئمة عن حسن نية بما أهالوا على الرجل من تهم .. وهنا نستعرض بعض آراء ممن عاصروه وآراء بعض المحدثين ، فإليكم ذاك :
· أورد ابن خلكان في وفيات الأعيان عند ترجمته لأبي الحسن علي بن أحمد بن يوسف بن جعفر بن عرفة الهكاري الملقب شيخ الإسلام؛ حيث قال :
هو –أي المعري- من ولد عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، وكان كثير الخير والعبادة، وطاف البلاد واجتمع بالعلماء والمشايخ وأخذ عنهم الحديث، ورجع إلى وطنه وانقطع به وأقبل الناس عليه وكان لهم فيه اعتقاد حسن، ولقي الشيخ أبا العلاء المعري وسمع منه، فلما انفصل عنه سأله بعض أصحابه عما رآه منه وعن عقيدته، فقال: هو رجل من المسلمين.
· روى السِلفي الحافظ أبو طاهر صدر الدين الأصبهاني الشافعي أنه دُخِل على أبي العلاء بالمعرة في وقت خلوة بغير علم منه , فَسُمِع ينشد شيئاً ثم تأوه مرات وتلا آيات ثم صاح وبكى وطرح وجهه على الأرض ثم رفع رأسه , ومسح وجهه وقال: سبحان من تكلم بهذا في القِدَم , فصبرت ساعة ثم سلمت عليه فرد وقال : متى أتيت ؟ فقلت : الساعة . فقلت :أرى في وجهك أثر غيظ ؟ فقال : تلوت شيئاً من كلام الخالق وأنشدت شيئاً من كلام المخلوق فلحقني ما ترى فتحقق صحة دينه وقوة يقينه .وبعد الحديث عن بعض مناقب المعري يتابع السلفي قائلا :
وفي الجملة كان من أهل الفضل الوافي والأدب الباهر والمعرفة بالنسب وأيام العرب " ([1]).
قرأ القرآن بروايات , وسمع الحديث اليسير بالشام على ثقات، وحدث به,
وخرَّج من حديثه سبعة أجزاء رويت عنه , وله في التوحيد واثبات النبوة وما يحض على الزهد شعر كثير والمشكل منه على زعمه له تفسير .
· يقول الصفدي في كتابه تصحيح التصحيف وتحرير التحريف : أنه"جرى ذكر المعرّي أبي العلاء في بعض المجالس فقال بعض من حضر: كان كافراً، فقيل له: بماذا؟ قال: بقوله:
نَبيّ من العُربان ليسَ بذِي شَرْع"..
و في مكان ثان كنت قد قرأت البيت المذكور:
نَبِيٌّ مِن الغِرْبانِ ليس على شَرْعِ .... يُخًبّرُنا أنّ الشُّعوبَ إلى الصَّدْعِ
الغِربان بدل العُربان .
· ومن العصر الحديث فإن أشهر من دافع عن المعري أمير البيان محمود محمد شاكر ، حيث أفرد له كتاباً سماه أباطيل وأسمار للرد على مشويهي صورة المعري
ومن العصر الحديث أيضاً ممن تعرض لهذه القضية أديب آخر من أعلام العصر الحديث وهو أحمد باكثير
حيث كتب مسرحيته ثلاثة أيام مع رهين المحبسين ، حاول فيها الدفاع عن بعض ما أثير حول المعري من شكوك .
ونختم برد المعري :
إذا قال فيك الناس ما لا تحبه*** فصبرا يفىءْ ودّ العدو إليكا
وقد نطقوا مينا على الله وافتروا*** فما لهمُ لا يفترون عليكا
( [1]) انظر : لسان الميزان - ابن حجر 1 / 204.
( [2]) انظر : الإنصاف والتحري صـ 514 .