دعوة ووفاء

د. موسى الإبراهيم

[email protected]

أخي الحبيب: حمداً لله الذي هدانا لهذا الإسلام العظيم، وحفظنا به من الضياع والتيه وحمداً لله الذي يسّر لنا السير في طريق الدعوة لهذا الدين مع الركب الأخيار الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً.

أخي الحبيب:

أناجي نفسي وإياك بهذا الهتاف الهادئ المخلص الجاد فتعال يا أخي ليخل أحدنا بنفسه وليتأمل:

- ليتأمل فضل الله تعالى عليه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.

- ثم ليتأمل فضل الدعوة الإسلامية عليه أيضاً فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله فقد حفظنا الله بانتمائنا لهذه الدعوة الربانية من الضلال والغفلة ومن السذاجة والأنانية.

- ولقد تعلمنا في هذه الدعوة المباركة الحب والإيثار والتضحية والفداء والكرم والشجاعة.

- ولقد نضجت فيها عقولنا ومداركنا، واتسعت فيها آفاقنا وعظم فيها وعينا.

ولقد تعودنا في هذه الدعوة التطلع إلى مكارم الأخلاق وإلى عظائم الأمور، ومعالي القيم، وأن نترفع عن السفاسف والصغائر من الاهتمامات. - ولقد تشربنا في هذه الدعوة معاني الأخوة الصادقة وحقيقة الإخلاص للفكرة، والتجرد للحق والفضيلة.

- ولقد عشنا في هذه الدعوة دهراً مع أحبة أوفياء صادقين هم والله أطهر من ماء السماء وأصفى من ماء العيون.

وقد مضى من قضى منهم شهيداً على الطريق وغيبت الأغلال والقيود أحراراً آخرين ما نحن بأفضل منهم بل ليتنا غباراً في لحاهم الطاهرة.

أخي الحبيب:

لولا فضل الله علينا وتوفيقه إيانا وحفظه لنا لـما دربنا كيف يكون حالنا ومآلنا في غربتنا وشتاتنا الذي طال أمده وأسود ليله وقست فيه القلوب.

فالحمد لله على كل حال، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

- ألم نكن يا أخي فقراء فأغنانا الله؟- ألم نكن مهددين بالخوف والرعب والموت فأمّننا الله؟- ألم نكن هائمين على وجوهنا فآونا الله؟- ألم يكن لنا أخوة أحبة بيننا وبينهم عهد فابتلاهم الله وعافانا بل قد يكون عافاهم وابتلانا؟- أفلا يدعونا كل هذا يا أخي إلى الحمد والشكر والبذل والعطاء؟ وفاء بالعهد، وشكراً لله على السلامة، وعرفاناً بالفضل لأهل الفضل. ولله تعالى المن والفضل أولاً وآخراً.

أخي الحبيب:

إن جميع هذه المعاني دِين في قلوبنا، ودَيْن في أعناقنا يجب أن نؤديها لمن بعدنا من الأجيال ونحمّلهم الأمانة والرسالة التي حملناها من قبل، وإن الله تعالى سائلنا على ذلك فلنعد للسؤال جواباً قبل فوات الأوان.

أستودعك الله وإلى لقاء آخر إن يسّر الله.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.