تفكير "فوق العادة"

تفكير "فوق العادة"!!

هنادي الشيخ نجيب

[email protected]

لطالما سَمِعْنَا مقولة "كُنْ مَرِناً" يتناصح بها الشباب فيما بينهم، وكثيراً ما طَالبوا بها الأكبر سِنّاً؛ حرصاً منهم على مزيد من التفهَّم والاستيعاب، واعترافاً منهم بالاختلاف بين العَصْرَين، وتقديراً للفروقِ بين الزمانين...

فماذا يعني أن تكون "مَرِناً"؟!

وهل يعد الجمود وآحادية اتجاه التفكير عقبةً تحول دون تحقيق الأهداف وبلوغ الغايات؟!

إنّ الواقع والتجربة يثبتان أن هناك حاجة مُلِحّة لاعتماد "المرونة" ركناً أساسياً وشرطاً ضرورياً في مَسيرةِ التعاملِ مع الآخرين... وكيف لا وقانون العقل الباطن – على حدّ تعبير متخصصي التنمية البشرية – ينصّ على أنّ الشخص الأكثر مرونة هو الأقدر على التحكم في أحاسيسه وإنجاز خُطّته، وهو المرشح الأوفر حظّاً في تخطي العقبات والاستفادة من أخطاء الماضي للتحسين المستمر؟!

وانطلاقاً ممّا سبق، نسأل:

ألم يحن الوقت كي نفكّر على غير الطريقة المعتادة في التعاطي مع الأحداث والمواقف، خاصّة وأن القاعدة تقول: "إذا فكّرنا بالنتيجة نفسها فسنحصد النتائج نفسها"؟!

ألسنا بحاجةٍ أن نخرج من الحلقة المفرغة بعد أن أحكمنا إغلاقها – وبمهارة – بقفل "الرأي الصائب الأوحد" لنفكّر "خارج العُلبة"، في محاولة لإيجاد وسائل مَرِنة أخرى، ولالتقاط مفتاح العقدة الملقى بين مئات وجهات النظر التي قد تتفاوت في نسبة صوابيتها لكنها – مع ذلك – تبقى جميعها الزاوية الثانية للحدث؟!

وإليكم – شبابنا – نموذجاً يجسّد المرونة والتفكير غير الروتيني، يبيّن مدى قدرتهما على هدم حاجز الجمود، وفك شيفرة النجاح؛ بشجاعة لا تقبل الهزيمة، وبتحدٍّ لا يتضعضع أمام صعوبة المعطيات...

فقد نجح ذلك الشاب من بين مئات المتقدمين للالتحاق بإحدى الوظائف، حيث خرج عن المألوف في طريقة تفكيره، وابتعد عن النمطية في رسم رؤيته، وذلك عندما سئل عن كيفية تصرّفه إذا ما مرّ بسيارته، في مساء يومٍ عاصف، على موقفٍ للحافلات، فوجد ثلاثة أشخاص ينتظرون الباص، وأراد أن يُقلّ أحدهم لأن سيارته لا تتّسع إلا لشخص واحد، والأشخاص هم:

  • إمرأة عجوز مريضة تحتاج أن تُنقل إلى المستشفى.

  • صديق قديم سبق أن أنقذ حياته.

  • شخصية معروفة يعتبرها الشاب "قدوة" له.

فكّروا أنتم – شبابنا – في مختلف الاحتمالات على أن تكون "فوق العادة" في الابتكار والتجديد، ريثما أذكر لكم إجابته المسدّدة، وعلى أمل أن تصبح "المرونة" سِمَة أصيلة تتليّن بها عقولنا، وتتسع بها آفاقنا، وتتلاقح معها أفكارنا...

اقترح الشاب أن يعطي مفاتيح سيارته لصديقه القديم حتى ينقل المرأة العجوز إلى المستشفى، بينما ينتظره هو والقدوة في موقف الحافلات، مستمتعاً بصحبته، مستفيداً من فرصة لقائه...

ترى، من منكم أجاب بهذه الطريقة؟

من سلسلة: "إشراقة غدي" – مجلة "غدي" الشبابية/ لبنان