شبابنا... حقاً أثرياء

من سلسلة: "إشراقة غدي"

هنادي الشيخ نجيب

[email protected]

تُرى كم تبلغ ثروة كلّ واحد من شبابنا وبناتنا؟

تُراها تُقدَّر بالملايين أم بالمليارات؟!

ركِّزوا معي شبابنا الأعزَّاء...

أنا لا أقول: كم ستبلغ ثروة الواحد منكم بعد عشر سنوات أو عشرين سنة من الجهد والكدِّ والدأب والإصرار؟! بل أقصد ما تملكونه اليوم بالذات، في هذه اللحظة التي تقرأون فيها كلماتي...

لا تستغربوا، وتمهّلوا حتى أحكي لكم القصة من أولها...

قصَدَ جيولوجي شاب إحدى الدول الإفريقية ضمن فريق متخصص للبحث عن الألماس والأحجار الكريمة، بعد أن زاره الغنى في الأحلام، وراوده الثراء في المنام، دغدغ منظر الأوراق النقدية مخيلته، أغراه بعيشةِ الرفاهية والنعيم...

وكان الشاب يغادر الفندق في الصباح الباكر ولا يعود إليه إلاّ ليلاً وقد هدّه التعب، كنه ثابر على هذه الحال عدّة أسابيع، لمّا تيقن أن مساعيه لم تُجْدِ نفعاً، بلغ به اليأس مبلغاً، قرّر أن يحزم أمتعته ويرجع من حيث أتى.

وفي اليوم الأخير،عاد من المنجم قبل حلول الليل، ليستعِدّ للرحيل على جناح الإخفاق، مخلِّفاً وراءه حلمه الجميل، فاستوقفه في الطريق صبي رثّ الثياب، عليه أمارات البؤس والشقاء، وراح يستدر عطفه ليمُنَّ عليه بما يؤكل، وكان للصبي ما أراد، فما كان منه إلا أن ناول الشاب حجراً متسخاً كان بحوزته ليعبر له عن شكره وامتنانه...

أسرع الشاب إلى غرفته ورمى الحجر في حوض الماء ليغسل يديه مما علق بهما من الوحل والتراب... لكن، ما بال هذا الحجر قد تغير، إنه يلمع ويشع كأنه... من النوع الذي كان يبحث عنه... أجل؛ فبعد أن أمضى الليلة كلها يتفحّصه ويختبره، تأكد أن هذا الذي ينظر إليه الآن هو أكبر ألماسة في العالم! يا لفرحته! يا لإنجازه! لقد أوشك أن يتخلّى عن أغلى أهدافه!

إلاّ أن منظر الصبي الفقير ظلّ يلاحقه... تُراه لو عرف قيمة ما بين يديه: هل كان سيقايضه بأبخس الأثمان؟! لو أنه علم حقيقة ما معه: هل كان سيزهد به ويتخلص منه عند أول عرض؟!

ألم يكن ثرياً لكنّ جهله بما عنده أبقاه أسير الحاجة والعِوَز؟!

ألم يكن ذلك الحجر كفيلاً بأن يخرجه من ضيق الفقر والتعاسة إلى بُحبوحة الغنى والهناء؟! بلى, لقد كان يملك مفتاح سعادته وسعادة أفراد أسرته وسكان حيِّه وأهل بلدته جميعاً...

بالله عليكم شبابنا، لو استحضرنا كلَّ مقدرة، وكلَّ إمكانية، وكلَّ فكرة، وكلَّ موهبة، وكلَّ خبرة، ثم اعتبرناها بمثابة جواهر ثمينة، ووضعناها في حصّالة الممتلكات/ فبكم ستُقدِّرون ثروتكم؟!

إنها- بلا شك- هائلة وعظيمة، وهي تساوي الكثير الكثير...

فأحسنوا- شبابنا- التقدير، شكروا المنعم القدير، لتنعموا بالعائد الوفير... في الدنيا والآخرة...