الإسلام سباق في سن قوانين الحرب والسلام وتطبيقها 1

الإسلام سباق

في سن قوانين الحرب والسلام وتطبيقها

( 1 من 2 )

محمد السيد

[email protected]

قال تعالى : ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40))) الحج

1_ مقدمة :

الجهاد .. جدار الصالحين لدفع السفاحين والقتلة والدجالين في عصرنا هذا ، و في كل عصر ماضٍ أو آت .. قل لي : لماذا يكرهون هذا الاسم ؟ لماذا ترتعد فرائصهم عند الذكر ؟ لماذا يحاولون مصادرة الاسم فيصمونه بالإرهاب ؟ فهل شاهدنا أو سمعنا أو قرأنا في أي تاريخ، أو في أي جغرافية، عمن سار مرفوع الرأس بين الأمم من غير سيف ؟ كيف سارت بريطانيا وفرنسا في عصرنا ؟ لقد حملتا سيف الظلم فبددتا أمماً، ونهبتا ثروات ، واعتدتا على ثقافات ، وقتلتا خصوصيات ، وحاولتا إغماد سيف الحق بشتى الحيل والزيف. إنهم مذ وجدوا لم يحتكموا إلى قانون للحرب وضعوه ، فمسيرتهم اتسمت بالعدوان، ثم بالغدر ، ثم بالوحشية . لقد حفظنا عنهم كتباً في القتل لا تبارى. إن الأرض الأمريكية تشهد على ذلك ، فبقايا أصحاب الأرض هناك شاهد واضح، وأرض فيتنام هل تنسونها ؟ وهيروشيما وناغازاكي مازالتا تنعيان كل يوم ضحايا الآثار الهمجية ، والعراق مازال الدم يتصبب فيه ! وفلسطين المنهوبة مازالت أرضها تشرب دم أبنائها كل يوم ، وتبكي من جبروت الأغراب دماً لا دمعاً . ومع ذلك فهؤلاء ينادون : نحن السلام .. ومنا السلام .. وسلامنا لكم هو الاندثار!

2_ والحقيقة تقول :

إن الإسلام هو أول من قنن الحرب والسلام تقنيناً فيه العدل، وفيه الرحمة ؛فهذا التقنين سابق وشامل ؛ وهذا التاريخ ينبئنا منذ فجره كيف كان الاقتتال بين الشعوب والأمم يدور عشوائياً وبوحشية نادرة وبلا عدل ولا إنسانية .. وإن شئت فاقرأ عن حروب الإسكندر المقدوني ، و حروب الفرس والرومان , وحروب الصين ، والحروب الأوروبية القديمة والحديثة ، ثم الحروب الصليبية إلى أن تصل إلى حروب أمريكا اليوم ، التي تجاوزت كل القوانين ، وكل رأي حصيف في العالم . فوضعت الأرض تحت السيف المجرم الظالم ، وهي تردد شعاراً مضحكاً يقول: إن العالم اليوم _بعد كل الحروب التي شملت العالم كله_ آمن مما كان عليه قبل تلك الحروب .

3_ وجاء الإسلام بقوانين العدل فقال : هذه نظرياتي .. ولسوف ترون تطبيقاتي ، أما النظريات فمنها :

أ_ الإذن بالقتال لمن ظلم وأخرج من دياره بغير حق: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ...))

ب_ إذا اعتدي على الدين ورموزه فتجب المدافعة والمقاتلة لحماية الدين والرموز : ((..وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ)). وهنا ملاحظة ، فالمسلمون مطلوب منهم حماية الأديان السماوية ورموزها : ( صوامع، وبيع، و صلوات، ومساجد) ، وليس حماية الإسلام والمساجد وحسب .

ج_ من العدل في الإسلام ، الدفاع عن المستضعفين المظلومين في الأرض: ((وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا...)) النساء:75

د_ الحرب والقتال في الإسلام إما أن يكونا دفاعاً عن النفس (البند _أ)، و إما أن يكونا دفاعاً عن الدين ورموزه التي يعتدى عليها ، (بند_ب) ، وإما أن يكونا دفاعاً عن المظلومين (بند_ج) ، وإما أن يكونا لإزالة الفساد والمفسدين الذين يقفون عقبة في طريق الصلاح وإصلاح الأرض والناس ، ولا يرضون بأن يفسحوا المجال لحرية الهداية : ((وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ..)) البقرة:251.

و_ القتال والحرب في الإسلام لا يكونا إلا بنية طاعة الله وفي سبيله ، فليس فيهما أطماع ولا عدوان ، ولا وحشية ، ولا سلب أو نهب : ((الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ)) النساء:76

ز_ وهناك قوانين أخرى في إدارة الحرب منها : لا يجوز إدارة الظهر للأعداء إلا في حالات ( تكتيكية ) : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16))) الأنفال.

ومنها : أن حرب المسلمين عادلة فلا يقتل طفل ولا امرأة ولا عجوز كبير ولا عابد في صومعة، و لا  تقطع شجرة ولا تخرب بيوت ، وكل هذا وغيره ، ورد في وصية أبي بكر _رضي الله عنه_ لجيشه . ومنها : إن جنح العدو للسلم فليجنح المسلمون له ، إلا أن يكون العدو مستولياً على الأرض والشعب ، ومنها الوفاء بالعهود والعقود، ((وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا)) النحل :91

ح_ ثم أخيراً وليس آخراً : إن المسلمين إذا مكنوا لا يعيثون في الأرض فساداً ، بل هم دعاة وهداة :  ((الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)) الحج:41

ط_ وهناك الكثير من الآيات والأحاديث الدالة على مثل هذا التنظيم وغيره لأمور الحرب وعدالتها مما سبق فيه الإسلام تنظيراً وتطبيقاً كل الشرائع الأخرى حتى اليوم ، التي تنظر تنظيراً مقبولاً عموماً ، وتدير له الظهر في التطبيق .