المنبوذون لماذا ؟ وكيف!
يحيى بشير حاج يحيى
لعل أشهر المنبوذين في العالم أولئك الفقراء من الهنود المعروفين باسم (شودر) ، وقد أشار الشيخ أبو الحسن الندوي ـ رحمه الله ـ في كتابه القيم (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) إلى انحطاط درجتهم بحسب القانون المدني الديني ، على أنهم أحط من البهائم ، وأذل من الكلاب ، يقومون بالخدمة ، وليس لهم بعد ذلك أجر أو ثواب وهناك صنف آخر من المنبوذين ، هم أولئك الذين يخونون دينهم وأوطانهم ، فلا يعرف لهم قدر ولا قيمة ، لا في حياتهم ، ولا بعد موتهم ! فلا أرض تقلهم فوق ظهرها فيجدون فيها قراراً ، ولا جوفها يقبلهم فيجدون فيه قبراً ؟!
روى الإمام مسلم في صحيحه ، عن أنس بن مالك قال : كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران ، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق هارباً حتى لحق بأهل الكتاب قال : فرفعوه ، قالوا : هذا كان يكتب لمحمد ، فأعجبوا به ، فما لبث أن قصف الله عنقه فيهم ، فحفروا له فواروه ، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها ، ثم عادوا فحفروا له فواروه ، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها (فعلوا ذلك مراراً) فتركوه منبوذاً (أي مطروحاً ولم يدفنوه مرة أخرى) ؟! وهذا شأن الآبق في كل عصر ، ينتظره أعداء الإسلام ليقف موقفاً ، أو يقول كلمة ، أو يؤلف كتاباً أو رواية ، يطعن بالإسلام وينال منه لتنهال عليه الجوائز ، وليلمع اسمه في وسائل إعلامهم ؟!
والمنبوذون أنواع في عصرنا : فمنهم من نبذه القبر مرات ، ليكون عبرة لمن بعده ، ومنهم من لم يجد له أرضاً تؤويه أو أحداً يقبله ، أو حتى جواز سفر يتحرك به بعد أن تخلى عنه أسياده ، ومنهم من لا يجد الأمن والراحة ، ولو أحاطه الرافعون له ، المعجبون به بحصون وقلاع كما حصل للشيطان سلمان رشدي صاحب كتاب الآيات الشيطانية على الرغم من الجوائز التي انهالت عليه بعد أن شتم الإسلام وبنيه ؟!
ومنهم من لم يجد بين قومه مكاناً وقد نبذه المجتمع وتربص به احتقاراً له ، واستهانة به كما حصل للبنغالية (تسليمة نسرين) التي آذت مشاعر المسلمين في روايتها (العار) فخرجت من البلاد لتبحث عن حماية عند المعجبين من خصوم الإسلام !
ومنهم من تنتهي مهمته في العمل الوضيع المكلف به ، ويصبح عبئاً على أسياده كما حصل للميلشيات الموالية ليهود جنوب لبنان ! فأصبحوا منبوذين يبحثون عن مأوى فلا يجدون ، وعن مستقبل لأسرهم التي جنوا عليها فلا يجدون ! يهود لم يقبلوهم ، ودول كثيرة رفضتهم ، وأرضهم ومواطنوهم الذين خانوهم من قبل لا يرغبونهم ، فهم كما قال أحدهم : إسرائيل تعاملنا على أننا أقل من الكلاب !! وقد صدق في وصفه فإن الكلاب تعرف بالوفاء وهؤلاء المنبوذون لم يرقوا إلى تلك الخصلة .