د.عبد الله الحامد

د.عبد الله الحامد...

تجربة رائدة في الإصلاح

عبد العزيز كحيل/الجزائر

[email protected]

يمتاز منهج د.أبي بلال عبد الله الحامد –فك الله أسره- بأنه جديد مبتكر بين مناهج الإصلاح في الساحة الإسلامية المعاصرة،فهو رائد في ما أصبح يعرف بالجهاد المدني،عمل الدكتور على تأصيله تأصيلا شرعيا علميا هادئا دؤوبا يستقرئ القرآن والسنة بعقلية مقاصدية رصينة لا تحجبها الجزيئات عن رؤية الأصول ولا تعرقلها التجارب التاريخية المنسوبة للإسلام،في حين لا تعدو أن تكون فهوما بشرية تحكمها النسبية،ومن كل هذا استطاع المصلح الكبير أن يكون منهجا فريدا يجمع النصوص الشرعية فلا يجمد على ظاهرها ولا يلوي أعناقها،بل يقرؤها في إطار ما أطلق عليه"شق الإسلام المدني"-إلى جانب شقه الروحي المعروف- الذي أهملته الأدبيات الإسلامية منذ أبد بعيد رغم حضوره القوي الواضح في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي تطبيقات الخلافة الراشدة،وهو الشق الذي لا يمكن لأي إصلاح أن يؤتي ثمراته إلا إذا انطلق منه لأن مشكلة المسلمين اليوم ليست على مستوى العبادات والأداء الفردي،ولكن على مستوى أنظمة الحكم والقضاء وحقوق الإنسان والحريات الفردية والعامة التي تتصرف فيها الأنظمة المستبدة تصرفا يفرغها من أي محتوى من جهة،ويتناولها العلماء التقليديون أو المؤممنون بالتحريم والاستهجان من جهة أخرى.

ولم يكتف د.الحامد بالتنظير،بل مارس في أرض الواقع بعضا من الحقوق التي يدعو إلى دسترتها(مثل الاعتصام السلمي من أجل إطلاق سراح مسجونين مظلومين) فكلفه ذلك سنوات من الحبس في بلد يزعم الحكم بالشريعة وهو يتنكر لأبسط الحقوق التي تكفلها الشريعة للإنسان كحرية الرأي والتعبير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فأهمية عمل الدكتور الإصلاحي تكمن في التأصيل العلمي للجانب المدني من الإسلام الذي وجد فيه أركانا وفرائض تماما كما هو حال الجانب الروحي،بحيث لا تقوم قائمة للمجتمع الإسلامي إلا بالالتزام بها، وهذا التأصيل تجاوز بوضوح أدبيات المدرسة النصية الأحادية والقراءة التقليدية الانتقائية لتاريخنا ليعيد النظر في كل هذا في ضوء الأصول والمقاصد والمصالح  من خلال منهجية اجتهادية أصيلة يبدو فيها الانحياز للحق المتمثل في الأمة لا في السلطان بالضرورة كما توهم ذلك المرجعية الدينية الرسمية،وهذا الانحياز للجماهير وهمومها ومطالبها أباح للدكتور أبي بلال أن يلتقي في ساحة العمل الإصلاحي مع أصحاب خلفيات إيديولوجية أخرى مثل علي الدميني ومتروك الفالح اللذين قاسماه السجن،ولا ضير في ذلك،فالتغيير ليس محصورا في طرف دون آخر،بل لن ينجح إلا بتكاتف الجميع على أن الغلبة ستكون حتما للمشروع الإسلامي لأنه رباني المصدر والهدف وهو مهوى أفئدة المسلمين.