نداء عاجل

جاد كنعان جاد الله الطويل

 لمريض الهيموفيليا حقوق... يا أهل الله"

*جاد كنعان جاد الله الطويل

[email protected]

الهاتف يصدح باستمرار والرسائل ترسل للمسؤلين ليل نهار من مختلف محافظات الوطن، وبكل حب وود يتم استقبال مكالمات مرضى الهيموفيليا وعائلاتهم  . يتصل   فلان مستفسرا او علان محتجا. ومن  القضايا  التي تتضمنها تلك المكالمات ما هو  خاص  ومنها ما هو عام  . بعض هذه الشؤون  يصل الينا على المستوى الشخصي للجمعية الفلسطينية لامراض نزف الدم - الهيموفيليا وبعضها  الاخر يصلنا عبرقنوات مهنية او  وظيفية، الا ان الغالبية العظمى من هذه القضايا تصل  عبر متطوعي جمعيةالهيموفيليا ، ودوما نستمع  ونعمل جاهدين لنتجاوب  بعقلانية مع أنات واهات مرضى الهيموفيليا او عائلاتهم ، عظم شان الأتصال  او صغر. ونعمل عل ان نوصل تلك القضايا لاصحاب القرار في وزارة الصحة الفلسطينية و الجهات المعنية الاخرى.

تتشابه  في مضمونها  شكاوى مرضى  الهيموفيليا وعائلاتهم ،  والتي زادت بكثافة مؤخرا . ففي الأيام  الماضية ارقني واقلقني الكم الهائل من تلك المكالمات ، التي تطلبت ضرورة  تأطير العمل لرفع معاناة مريض الهيموفيليا الفلسطيني . ويكون ذلك من خلال مؤسسات المجتمع  المحلي  والعالمي ،وعبرالأفراد والهيئات،  ومتابعة العمل  لإيصال تلك الاحتياجات الى مكتب الرئيس محمود عباس في رام الله، مرورا بمكتب رئيس الوزراء سلام فياض، ولكن هذه الجهود تبدأ اساسا بوضع تلك الاحتياجات على مكتب وزير الصحة الدكتورفتحي ابو مغلي.  المناشدات تلك يجب ان تتواصل وتتصاعد لتصل إلى المؤسسات الدولية  العاملة في فلسطين، والمتخصصة في  الصحة  والاغاثة  والتنمية من اجل  لأستجابة لها وليس إهمالهاوضع الحلول الدائمة وليس الحلول الموسمية.  

لا يختلف  فلان أوعلان في شأن  تشابه معاناة مرضى الهيموفيليا في  الضفة الغربية  وفي قطاع غزة. وهنا وبامثلة واقعية سأنقل معاناة طفلين وعائلتيهما، لتعبر عن معاناة شريحة مرضى الهيموفيليا في فلسطين من غزة جنوبا مرورا بالقدس ووصولا الى محافظة قلقيلية في الشمال.

 الحالة الاولى عرفتهامن خلال تواصل خال الطفل (احمد)  معي من  قلقيلية  طالبا الاستشارة و المساعدة موضحا ان ابن اخته،مريض هيموفيليا،  بحاجة لأن ينقل بالسرعة الممكنة للعلاج خارج الضفة الغربية لسوء حالة الطفل الصحية ولعدم مقدرة المستشفيات الحكومية في الضفة الغربية على التعامل مع نزيف حاد ومتواصل في تجويف بطن الطفل. وهذا ما اكده لي الطبيب المعالج عندما اتصلت بمستشفى نابلس للتاكد من الأمر ومحاولا المساعدة .

لقد تفاقم النزف الداخلي في احشاء الطفل، وهذا تطلب نقل المريض للجانب الأخر من حدود الضفة الغربية ، من دون الخوض بتفاصيل!!!. العائلة اخبرت انه يتعذر للوزارة اصدار تنسيق امني،اداري ومالي   لنقل الطفل الفلسطيني للعلاج   خارج الضفة الغربية ،ومع هذا القصور المؤسساتي الرسمي باشر بعض  اقارب الطفل والافراد، خارج اطار العمل الرسمي والمؤسساتي التنسيق لنقل الطفل للعلاج .. امل من الله ان يتم انقاذ الطفل قبل فوات الاوان .

اما الحالة الثانية فبدات  خيوط معاناتها تتوضح للجمعية الفلسطينية لأمراض  نزف الدم،  وذلك عن طريق  موظف مؤسسة اغاثية ، من دولة عربية مجاورة  لفلسطين والذي  تواصل معنا عبر الفيس بوك طالبا مساعدة الطفل ( محمود ) من غزة ،والذي يعاني من هيموفيليا باء.  لاحقا تواصلت معي من غزة ام الطفل ،بكل جرأة وعبر الهاتف، تطلب الاستشارة والمساعدة بتوفير العلاج لابنها ،وتتحدث عن  معاناة طفلها ابن الثلاثة عشر ربيعا،   موضحة أن عدم توفر ( العامل المخثر التاسع) في فلسطين،وعدم اعطاء ابنها العلاج في الوقت المناسب والكمية المناسبة  بانتظام ،سببت له اعاقة دائمة في ركبته . تم  نقل ( محمود) الى مصر حيث أجريت له عملية جراحية ، عاد الطفل بعدها الى غزة ، الا انه  بحاجة للعلاج الطبيعي ليتمكن من المشي واستعمال رجله، ولكن تعذر عليه عمل العلاج الطبيعي  لعدم توفر الفاكتر التاسع  في المستشفيات ، مما يعني ان  اجراء العملية  لا فائدة منه ، لأن النزف  سيحدث ويتكرر مرارا في ركبة الطفل وفي مواضع اخرى من جسده، ما دام  العلاج غير متوفر للمريض في المستشفيات الفلسطينية.

خصوصية  ومعاناة مرضى الهيموفيليا في فلسطين  لم تبدأ منذ أيام  وليست مقتصرة على أحمد ومحمود، فقبل اتفاقية اوسلو كان الاحتلال الاسرائيلي هوالمسؤول المباشر عن  شؤون هؤلاء المرضى في مستشفيات الضفة الغربية وقطاع ، وكمئات من مرضى الهيموفيليا عانينا  ولا زلنا نعاني بما فيه الكفاية من عدم وجود الرعاية المناسبة،رغم ان المواثيق الدولية تقر بضرورة توفير الدولة المحتلة الرعاية للمواطنين تحت الاحتلال.  الرئيس الفلسطيني الراحل, أبا عمار كان اول من ادرك ضرورة التعامل مع  مشكلة مرض الهيموفيليا لخطوورة  المرض وطالب بضرورة توفير الرعاية الصحية وتوفير العوامل المخثرة لهؤلاء المرضى ،فأقر بقرار رئاسي شمول بالتامين الصحي المجاني لهؤلاء المرضى. .

الا ان الرعاية لمريض الهيموفيليا الفلسطيني غير متوفرة وعلاجه موسمي وغير ممنهج.

 اساسيات علا ج مريض الهيموفيليا تعتمد على ان تكون  العوامل المخثرة ( الثامن او التاسع او العاشر او الفان ويلبراند) متوفرة لكل نوع، وفي متناول المريض وعائلته على مدار الساعة ،وتعطى له بالكميات المناسبة في أقرب مؤسسة  طبية . وفي البلدان المتطورة تعطى العوامل المخثرة  للمريض ،ويتدرب لأن ياخذها لوحده في حله وترحالة في بيته ومدرسته  ومكان عمله. يأخذها ان احتاجها اويأخذها احترازيا ،بالاضافة لتوفر الرعاية الطبية والسيكواجتماعية الشمولية.   

من خلال معاناة (احمد) و ( محمود )  نسستطيع القول ان معاناة مرضى الهيموفيليا في فلسطين ،من غزة لرام الله واحدة ،وتتطلب العمل الجاد والعاجل لتوفير العوامل المخثرة بكافة انواعها للمرضى على مدار الساعة ، تطويرواعتماد بروتوكول علاجي لمرضى الهيموفيليا , والارتقاء بالتوعية والتقثيف لعائلات ومرضى الهيموفيليا وللطواقم الطبية والادارية،  و توفير   تدريب طواقم مدربى ومتخصصة في وزارة الصحة الفلسطينية في مجال طرق وعلاج الهيموفيليا  والتعامل مع المرضى وعائلاتهم.

               

*  مريض هيموفيليا مقيم في مدينة البيرة في الضفة الغربيةورئيس الجمعية الفلسطينية لامراض نزف الدم – جمعية الهبموفيليا.