ثقافة المظاهر إلى أين ؟

حسام حسين الزعبي

[email protected]

 إنها ثقافة المظاهر التي باتت تشكل القلق الحقيقي لبعض أفراد المجتمع، في شتى طبقاته، إن ما شدني للكتابة حول هذه الثقافة أنني شاهدت برنامجا حواريا في أحد القنوات الفضائية يتكلم عن المظاهر وشراء الحاجات غير الضرورية.

شعرت بالفرح عندما قرأت في الشريط الأسفل عن موضوع الحلقة وأيقنت للحظة الأولى أن وسائل الإعلام باتت تنظر إلى القضايا التي تؤرق المجتمع وتشوه تفاصيل حياته وقلت في قرارة نفسي: إن الإعلام بدأ يساهم  في بث الرسالة السامية التي وجد من أجلها، ومن المعلوم أن طموحات أفراد المجتمع  كبيرة في الإعلاميين ولكنها غالبا ما تكون مخيبة للآمال.

ما هي إلا لحظات وبدأ الفرح يتشتت حتى تحول إلى غضب مبدئي عندما شاهدت ضيفة الحلقة، حدقت مرة ثانية في الشاشة وتأكدت أنها نفس المحطة ولم أبدلها بالخطأ، وبدأت الأسئلة تتراكم في مخيلتي قبل أن تبدأ الضيفة الكلام.

 ومن هذه الأسئلة ما علاقة هذه الممثلة بمثل هذا البرنامج؟ هل هي تمثل الجانب السلبي من المشكلة؟ ولو أنني اكتفيت بهذه الدقائق، واستبدلت القناة قبل أن أكمل البرنامج لكان أفضل وأرحم.

إن التحليل المبدئي لهذه الظاهرة من وجهة نظر الفنانة أن المظاهر باتت حاجة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها بسهولة وخصوصا ً عندما تكون هذه المظاهر على شاشات التلفزيون، بدأت تتكلم عن الموضة والمظاهر وأن المجتمع هو من يجبر الفنان -أو غير الفنان- على اقتناء الحاجات، ولو كانت غير ضرورية، والدليل –من وجهة نظرها- أنها اقترضت من البنوك كي تشتري سيارة فارهة، وتهتم بهاتفها المتحرك المواكب للعصر الحديث، وكذلك تفعل الطبقة المثقفة في المجتمع، فإن المجتمع أجبرها على ذلك وهو لا يرحم المتخلفين، وفي النهاية تقول: إن الدراما العربية ساهمت في حل هذه المشكلة والحد من هذه الظاهرة!

وهنا بدأ يتحول غضبي المبدئي إلا جنون عقلي من كلامها، حيث تبين لي أن حضور هذه الممثلة إلى البرنامج لم يكن لتمثيل الجانب السلبي، بل للدفاع عن الدراما، وتمثيل الجانب الإيجابي لوسائل الإعلام، التي ساهمت في الحد من مشكلة المظاهر والتقليد الأعمى.

ولا عجب من أن يتحول موضوع الحلقة من برنامج حواري اجتماعي هادف إلى برنامج دعائي، فلا جمهور يتفاعل حول القضية المثارة، لأن أغلبية المتصلين هم من المعجبين بضيفة الحلقة، وهذا ما جذبهم إلى الاتصال،لا بعنوان الحلقة ومضمونها ومدى خطورتها على الأسرة.

متى ساهمت وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة  في الحد من شراء الكماليات؟ 

عندما يظهر الفنان على الشاشات يرتدي ملابس غربية، وبيده ساعة، لا يمكن للفرد أن يستوعب قيمتها، أم عندما تستخدم وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة للدعاية والتسويق لأفخم الماركات الأجنبية والألبسة الأوروبية والمنتجات الغربية؟

إن هذا الوجود السلبي لمثل هذه الممثلة أو غيرها بحضورها وكلامها المخالف تماما لأهداف وغايات هذه البرامج التي من المفترض أن تكون برامج حوارية مجتمعية تحاكي جميع أفراد المجتمع وتساهم في وجود الحلول لا لتفتيح المواجع، كل ذلك من الرفاهية المنبوذة.

إن الوسائل التي وجدت كي تخدم جميع طبقات المجتمع الغني والفقير من سيارات وهواتف متحركة وملابس وأثاث وغيرها ما هي إلا أدوات تساعدنا على العيش براحة وطمأنينة، لا وسيلة للخوف و الزج بنا في السجون وأمراض البنوك وأنفلونزا الغرور.