قبة الشيخ عبده الربابعة و تذكارُ الله فيها

قبة الشيخ عبده الربابعة و تذكارُ الله فيها

د. حسن الربابعة

قسم اللغة العربية

جامعة مؤتة

[email protected]

*قبة الشيخ عبده محمد سلمان الربابعة في بلدة اجديتا

صورت بتاريخ 15-05-2008 م، بكاميرا طالب الطب ربّاع أحمد ربابعة

تقع قبة الشيخ عبده محمد سلمان الربابعة  قدَّس الله سرَّه  على تلَّة محاذية للمسجد الأول في بلدة اجديتا ،وتضمُّ مقامه الشريف ،وقبري ولديه يوسف وربَّاع ، في غرفة واحدة ، ويبلغ طولها (8)ثمانية أمتار، وعرضها (6)ستة أمتار ، وللغرفة باب من جهة الشمال أبعاده( 180)سم ارتفاعا و(90) سم عرضا ،وبه محراب أبعاده 185*90سم ، وله قبة نصف قطرها (2،5)متران ونصف ، وارتفاعها عن سطح الأرض إلى أعلي (4،5)أربعة أمتار ونصف، وللغرفة شباك صغير من جهة الغرب ، و ومقامه يقوم في وسط الغرفة ،طوله متران ،وارتفاعه حوالي متر ، كان يغطى بثوب قماش اخضر ، انظر: ( عارف أبو كركي ومحمد بني يونس: لواء الكورة  الأرض والإنسان والتاريخ ، ،وزارة الثقافة ،عمان ، الطبعة الأولى ،1991م ص121 ) .ولعلَّ نظرة فاحصة على القبة والمقام أن تبين ركاما أمام المقام وطمما ، بحاجة إلى صيانة وترميم للقبة، والنية منعقدة لإنجاز ذلك بإذن الله.

 أذكر أنَّ مواكب العدة كانت في أول يوم من كلِّ عيد أضحى وفطر ،كان ذلك بعد أن يؤدُّوا صلاة العيد في المسجد الأوحد آنذاك ، بجانب مقام الشيخ عبده  قدس الله سره  ثم كانوا يتحركون إلى مضافة الربابعة ،إذ كانت فيها تدقُّ العدة، على فوح ذكر الله وأطايب البخور والند ، ومنها يبدؤون بالتحرك بِعَِّدتهم وأعلامهم إلى مقام سيدنا الشيخ ربَّاع  قدس الله سره  كانت تتحرَّك من مقام الشيخ ربَّاع ،أبي الشيخ عبده العاشر، كما ذكرنا نسبه سابقا ، تتحرك إلى مقام الشيخ عبده ،بأعلامها الخمسة ؛ عبد القادر الكيلاني أولا ، يليها علم الشيخ أحمد الرِّفاعي ثانيا ثم علم جده الشيخ ربَّاع ثالثا ، ثم علم محمد الحاوي رابعا، يليهم علم الشيخ عبده  قدس الله أسرارهم  كان يحمل الأعلام الخمسة، خمسة رجال من الأولياء ، ترتفع الأعلام بذكر الله وبه تنخفض ، وكنا نرى أعلاما يسرع بها أصحابُها، أو هي التي تسرع بهم ،وكان بعض الحضور يظنها تطير بهم ،مجازا أو حقيقة  كان يحاول غيرُ رجل من أهل العدة تثبيتَ بعض الأعلام ، التي كانت تدور بحامليها لولبيا باتجاه واحد، وكان الدوران آنذاك يستغرق نحو عشر دقائق أو تزيد ، ورجال الأعلام ليسوا مدربين على حركات بهلوانيه ، ليمثلوا على المشاهدين، لينالوا الإعجاب منهم بالتصفيق الحاد،مع أنَّ من الُّسنة أن يُكبَّرَ اللهُ تعالى ،لانَّ التصفيق للنساء ، كان بعضُهم لا يستطيع تثبيتَ العلم ،ولو حرص على الإمساك بأهدابه وقماشه وحتى بساريته ، ،كان يُنادى على أصحاب الأعلام بصوت جهوري بعد ذكر الله ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ،لأنهما مفاتيح الذكر الحق ،الذي لا يشوبه شرك بالله  عز وجل  ، وان كانت واو العطف تقوم مقام ثم التي للترتيب والمهلة، في ما يفهمه أرباب اللغة،بل " وأطيعوا الله ورسوله "مثال حي سرمدي ، وكانت ترافقهم الدفوفُ والمزاهرُ والكاسات من ذوات الجرس الموسيقي الرقيق ،تذكر اسم الله الجليل وتوحده، ولا تشرك به شيئا ،وتردِّدُ أن الأمر كله بيد الله  عزَّ وجلَّ ،وكان الشيخ مجلي احمد المجلي الربابعة، من حفظة القرآن الكريم ،يحمل علم الشيخ محمد الحاوي ،أحيانا ،فيدخل به العلم إلى مقام الشيخ عبده ،حينا ،أو ينفصل حينا عن الأعلام، قبيل وصوله إلى مقام الشيخ عبده بنحو عشرين مترا شمالا ، كأنما هي نقطة توزيع ، لذكر الله في غير بلد ، فيُذهبُ به مشمِّلا إلى مقام صاحبه الحاوي"أخو حوا" في خربة الحاوي .

 وما إن تصل العدة إلى مقام الشيخ عبده حتى يدخلَ حملةُ الأعلام، إلى المقام بعضُهم أو كلهم ،وتستندُ الأعلام على قبر الشيخ عبده للاستراحة، كما أُسندت على قبر جده الشيخ رباع من قبل ساعة مضت، كل ذلك من باب سنة زيارة القبور، التي تذكر بالموت عاجلا أو آجلا، ثم هي لذكر الله تعالى في الأماكن العامة وفي الطرقات، وكنا اطفالا نطلُّ عليهم من الشباك الغربي للمقام ، وكنا نسمع ذكر الله من ابن عم أبي لزما محمد السعيد الأحمد ، ذي الوجه الأبيض الصبيح ، والشيب المنوَّر، والصوت الحنون ، يمدُّ من الحروف ويقصرها للتساوق الموسيقي الحزين ، كما كان يشاء ، فيشنِّف الأسماع ، ويُبكي العيون، وكان ينشجُ في التمداح فتنثالُ العيون بدموعها الباردة على التذكار منها قوله :

الله     الله          الله   الله

ما لنا مولى         سوى الله

كلما ناديت يا هو

قال يا عبدي أنا الله

ثم يبدأ بالتشويقات ، وهو يتخيل بل يستحضرُ بها حضور أحبابه من أجداده الأولياء بعد طول غياب ، وقد أصابه الوجد لطول غيبتهم، فها هو يرحِّبُ بهم ، يمدَّ صوته أو يقصره للإيقاع الموسيقي، كما كان يفعله أصحاب الموشحات ،الذين يجبرون الكسر يالموسيقا ،بمد الصوت أو تقصيره :

يااااااا مرحبا بالوجوه اللي لهاااازماااان ما بانت (تكرر)

على عدد ما غزا طاااها على القوووم وانهااااا لت

 (إيقاع دفوف)

أنا سادتي جيتكم عبدا محبَّا عسى أن تقبلووووني (تكرر)

لفْرُشْ خدووووودي للنعالات ينداااااااااااااااااااسوا

 (نسمع نحيبا داخل المقام )

***

وان حرّمتم عليَّ الزاد موكل حتى تاذنواا ااااااا لي ( تكرر)

ولا عن الما اااا ماشرب حتى تاذنوااااااااااااااااالي

***

أما كفاكم أني البكم محبٌّ ، حتى للغير تحوجوووني

*******

مجموعة أولياء تردد(على إيقاعات الدفوف والمزاهر والكاسات ):

الله  الله  الله  الله          ما لنا مولى سوى الله

كلما ناديتُ يا هو          قال  يا  عبدي أنا الله

شيخ العدة يكمل:

أنا  عبد  عند  المحبيييييييييين         ولو آ ااااااسوا (تكرر)

أسيادي من فضلكم بدلوا الغيظ         بالرضىىىى

وافرش     خدودي    للنعال          ولو بندااااااااااااااااااسوا

*******

إن هذه التشويقة كما ترى رقيقة اللفظ ، صادرة عن قلوب محبة لله ورسوله والصالحين الأولياء من آل البيت المصطفي، وأصحاب الكرامات التي تشابه معجزات الأنبياء ،سماعها يذري الدمع ويهتنه ، ويُرقق القلب ويُخشعه ، فيذكر المتلقي بسماعها مصيره الذي لا بد منه ،فيها عشق للآباء الصالحين ، وحرص على إتباع المنهج الديني في عقيدة سليمة ، يأتمرون بأوامرهم ، ويسيرون على خطاهم ،بل يفرشون خدودهم لنعال آبائهم الصالحين ، ليدوسوا فوقها ، حتى لا يصيبهم العجب والتكبر ، كذا فعل الشعراء العذريُّون بأنفسهم في شعرهم لمحبوباتهم ، بل طبق ذلك الشيخ احمد الرفاعي الحسيني  قدس الله سره  في الحضرة النبوية ، في حضرة جده المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي في ما يروى انه قال أمام حجرة سيدنا رسول الله يخاطبه من قصيدة منها :

وهذه دولة الأشباح قد حضرت = فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي

 ويقال إنَّ يد المصطفى خرجت من قبره الشريف، فقبلها تم عادت ، فافتتن الناس به ،فاستلقى على ظهره، واقسم بالله على كلِّ من كان في المسجد النبوي، أن يدوس على عنقه أثناء مرورهم من فوق جسده الممدد ، في الروضة الشريفة المباركة ، وبرا بقسمه مروا من فوقه، ولم يدوسوا على عنقه ، التي كان مدها بأدبه الجم ولحسن ولايته، لابن عمه وسيده عبد القادر بن موسى الكيلاني الحسني الحسيني  رضي الله عنهم أجمعين  كما أسلفنا .

وفي مقام الشيخ عبده ُتدَقُّ عدَّةَ طواق للعدة منها مدحة سيدنا عبد القادر الكيلاني والسيد الرفاعي والبدوي والدسوقي وأحيانا مدحة الشيخ رباع ثم تختتم بمدحة الشيخ عبد قدس الله أسرارهم،( وقد ذكرناها في مقالات سابقات )، منها :

الله الله يـا iiمـوجووووود
رحت  امدح وانظم iiبنشود
اقـول الـفت ْ النظم اكود
يـا  سعد اللي راح iiيزور
زار الـبيت ونال ا iiسعود
قطب الغوث اضحى مفقود
دق الـكـاس مـع العدود
قـمت  ابكي ولطم iiالخدود
داخـل  عـرْربِّ iiالمعبود
مـنـي عـلى احمد بزود









شـيـخ عبده يابو iiالهمات
وامـدح بـيحب iiالسادات
ونـخى  الاحيا iiوالأموات
وضـحى ع جبل iiعرفات
وشـرب  من زمزم iiميات
والـشيخ  عبده جدي iiمات
واحـمع  من كل iiالسادات
دمـعـي  جرح iiالوجنات
أعـلـى قـصر iiبالجنات
لا تـعـطوا عني iiغفلات

وفي المقام تفوح رائحة الطيوب من ا لبخور والند وغيرهما من طيوب، لأنها غذاء أرواح الصالحين أحياء وأمواتا ، وبذكر الله والصلاة على نبيه تختتم الأذكار ، وتقرا الفاتحة بعد كل طابق ، ، وفي ساحة المقام تُدقُّ آخر الطوابق ، ثم تنتهي مراسم العدة التي تنتهي بذكر الله الواحد الأحد ،والصلاة على نبيه الهادي الأمين صلى الله عليه وسلم ، وتعاد الأعلام وعدتها محمولة بالأحضان إلى مضافة عشيرة الربابعة.