نظرة على الصحف التي تنشر في الأحواز

نظرة على الصحف التي تنشر في الأحواز

(6)

عادل العابر - الأحواز

[email protected]

كنت قد كتبت حلقتين عن أسبوعية (أهواز) وثلاث حلقات عن شهرية (صوت الشعب) وقد تهجم عليّ مديرها العام السيد الدكتور (حسن هاشميان) بأسلوب غير مهذب وغير حضاري ونسب مقاله (الذي كتبه باللغة الفارسيّة) إلى 138 من كتاب وشعراء صوت الشعب! وكان سبب إنزعاجه جملتي الأخيرة التي ذكرتها في الحلقة الخامسة من رؤيتي إلى الصحف الأحوازية والتي قلت فيها (أنه يدافع عن سياسات إيران الإجراميّة في تلفزيوني الجزيرة والعربيّة).

ورفضت الردّ على سيادة الدكتور كي لا نشغل أنفسنا بالتراشق الإعلامي فيما بيننا في المواقع الإلكترونية ونترك

العدو الإيراني يعبث في مقدرات شعبنا الأحوازي.

وأقول لسيادة الدكتور أن لا أحد يستطيع نكران جميلك في نشر (صوت الشعب) أتمنى أن أرى منك مبادرة جميلة أخرى لخدمة شعب الأحواز المناضل.

 وأما بالنسبة لجريدة (الشورى):

فقد صدر العدد الأول منها باللغتين العربية والفارسية في السادس عشر من أيلول عام 2000 أي في عهد رئاسة محمد خاتمي.

صدرت الشورى في إثنتي عشرة صفحة، ستة منها للعربية وستة للفارسية وكانت جريدة أسبوعية مقرها في طهران.

وأما مديرها والمسؤول عليها فهو فارسي يدعى (حميد رضا صالحي) ورئيس تحريرها (على الساعدي) وهو عضو في حزب الوفاق الذي كان ينشط آنئذ دون أن تمنح الحكومة الإيرانية رخصة لفعالياته.

 قد يستغرب القارئ من أن شخصاً فارسياً حصل على إجازة لينشر صحيفة، ثم يخصص نصف صفحاتها لعرب الأحواز!

الأمر غريب فعلاً! ولكنّ الإصلاحات عرفت كيف تعزف على وتر الحساس لدى العرب.

فقد رأى الإصلاحيون أن الأحوازيين كانوا محرومين ومنذ عقود من جرائد عربية، ولذا فهذا منفذ إلى جذبهم نحو الإصلاحات ودعم المرشحين الإصلاحيين وقت الإنتخابات، وخلاصة الكلام أن السيد حميد رضا صالحي كان إصلاحياً فأراد أن يجعل جريدته همزة وصل بين الأحوازيين والإصلاحيين، ليكسب الإصلاحيون أصوات الأحوازيين في الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية.

 وكما جرى الحال مع الجرائد التي كتبت عنها في الحلقات الماضية، سألقي نظرة شاملة على ما جاء في العدد الأول من هذه الأسبوعية ثم نظرة سريعة على أعدادها الأخرى.

 جاء في الصفحة الأولى من عددها الأول (ما تطمح إليه الشورى) بقلم فاضل عبيات، نقرأ في هذا المقال الإفتتاحي ما يلي:

نسعى أن تكون الصحيفة مرآة لمشاكل المجتمع تعكس آلامه وآماله وطموحاته، ولأن تكون المرآة ناصحة لابد من انتهاج المنهج العلمي في بيان هذه المشاكل وانعكاسها وتقديم المقترحات والحلول، ونرى من الضروري الإهتمام بالأصوات الجديدة والمحاولات الشبابية. وفي الشورى نطمح أن نعيد الإعتبار لأهمية الظواهر الثقافية والبحوث العلمية ونمهد قدر الإستطاعة الطريق لمناقشة ظاهرة المثاقفة وتبادل التأثير والتأثر بين الثقافتين.

 وفاضل عبيات عضو في حزب الوفاق، رشح نفسه للإنتخابات في مجلس الشورى الإيراني، بيد أن النظام الإيراني لم يمنحه الصلاحية.

وقد اندمج الرجل مع اليساريين الخاتميين حتى لقب بالإصلاحي، وقد حضرت جلساته التي كان يخصص محتواها للدفاع عن خاتمي وبرامجه السياسية!

وكانت الجلسات تنعقد في الأحواز العاصمة أو محافظاتها الأخرى.

ولا شك أنه أراد أن يخدم القضية الأحوازية في إطار الدستور الإيراني، غير أن النظام الفارسي لا يفسح المجال لمن يخطر في باله خدمة هذا الشعب العربي المحتل بتاتاً ولهذا السبب لم يمنحه الصلاحية في الإنتخابات البرلمانية.

كتب فاضل عبيات في الشورى مقالات سياسية وإجتماعية باللغتين العربية والفارسية ويبدو أن الرجل تعب على نفسه وقرأ الكثير من الكتب العربية والفارسية حتى أتقن اللغتين وخاصة اللغة العربية.

 وفي الصفحة الثانية:

لقاء أعده عبد الكريم الأهوازي مع الدكتور على عقلة عرسان أمين عام اتحاد الكتاب العرب بدمشق.

يسأله عبدالكريم:

أما تعتقد أنه يجب أن يبسط الإتحاد من الأدب العربي لأنه أصبح صعباً؟

ويجيب الدكتور:

هل لغة السينما ولغة التلفزيون ولغة الجريدة العادية هي اللغة الأدبية المطلوبة؟

هل هي المستوى؟ ... ليست المستوى. وأن نقول بأن الشعب يريد هذا المستوى ولا يفهم إلا هذا المستوى، هناك إذن عيب في الشعب وعيب في السياسة التي تقوده.

وبالنسبة للإحوازيين قال عرسان:

أعتقد أنهم بحاجة إلى أن يدركوا أبعاد الدور الذي يمكن أن يقوموا به كحافز عن الأداء وأن توفر لهم إمكانيات ليقوموا بهذا الدور( ويقصد الدور الذي يفترض أن يقوموا به في عملية المثاقفة).

 ولابد من الإشارة أن السيد عبدالكريم الأهوازي عضو في حزب الوفاق أيضاً وقد رأيت في هذا الشاب إخلاصاً وأدباً قلّ نظيره. فهو يكتب باللغة الفصحى كتابات رقيقة جداً، وما أقلّ الأحوازيين الذين يكتبون بالفصحى.

 وفي الصفحة الثالثة:

نقد وتأريخ (أبو هلال العسكري) العالم اللغوي الأحوازي، بقلم السيد محمد شعاع فاخر نقرأ في بعض سطور هذا التأريخ:

خفى تأريخ هذا البلد عن عقول المفكرين لأسباب يعود جلها إلى السياسة حتى خاله بعض الناس خلواً من الرجال.

قد ضاع هذا العالم الفذ (ابو هلال العسكري) بإلجائه إلى السوق بحثاً عن لقمة العيش..

ومن أشعاره:

يا هلالاً من القصور تدلى                 صام وجهي لمقلتيه وصلى

لست أدري أطال ليلى أم لا                كيف يدري بذاك من يتقلى

 وفي الصفحة الرابعة:

قطوف من الشعر الحديث:

سطور من قصة حياة بدر شاكر السياب الشاعر العراقي ثم قصيدة عنوانها (سفر أيوب) يقول في بعض أبياتها:

لك الحمد مهما استطال البلاء             ومهما استبدّ الألم

لك الحمد أن الرزايا عطاء                 وأن المصيبات بعض الكرم

 وفي نفس الصفحة قصة (قضية شظية)  بقلم الدكتور عباس الطائي.  

 والدكتور عباس كاتب وشاعر أحوازي حصل على درجة الدكتوراء في اللغة العربية.

ولا أنسى أني كنت أتلمذ على يده وأحضر معى كراستين، واحدة لمادة الدرس والأخرى لتعليقاته التي يتحفنا بها بين الحين والآخر.

فهو من ناحية الخلق مرهف، متواضع حتى أحبه جميع طلابه في جامعتي عبادان وطهران،

ومن ناحية السياسة قد لا يعجب المناضلين بتحفظه الشديد، وقد يقول قائل أن تحفظه هذا هو الذي حفظه من كيد الفرس العنصريين ولولاه لرأينا الدكتور في زاوية من زوايا السجن.

 وفي زاوية أخرى من هذه الصفحة (شذرات من التراث):

قصة حياة الشريف الرضي ثم قصيدة منه، هذه بعض أبياتها:

عطفاً أمير المؤمنين فإننا                  في دوحة العلياء لا نتفرق

ما بيننا يوم الفخار تفاوت                  أبداً كلانا في المعالي معرق

 وفي الصفحة الخامسة:

من الأدب الشعبي:

قصيدة لإبراهيم الديراوي عنوانها (مشتاك الك):

مشتاك الك شوك النخيل الفاكد اهله وبس تهل ادموعه

مشتاك الك شوك الحمامة التايهه وتبجي الوطنها ابلوعه

 ثم ابوذيات من الشاعر فاضل السكراني وعبود الحاج سلطان وعبد نواصري.

يقول عبد نواصري في أبوذيته:

الدمع شي دم جرى من العين شيما

نخيت البيه عن دعواي شيما

فزعت شي من هلي البلواي شيما

لحك طارش يخبرهم عليه.

 وقصيدة من الشاعر حسن عاشور قنواتي عنوانها (صب يا مطر):

صب يا مطر صب يا مطر               صب طيب اجروح النهر

 وقصيدة فصحى لمحمد حسن الشبري:

(السمراء والقمر)

حبيبتي لو سألوك عني                     وعن متاعب السفر

                 قولي لهم فلان في بوابة القمر

 وجاء في نفس الصفحة خبران عن السينما الإيرانية والأجنبية.

 وفي الصفحة السادسة:

مؤتمر الأديان في الأمم المتحدة،

ثم خبر عن فلسطين ورفض ياسر عرفات مشروع أميركا وتركيا لتقسيم المدينة المقدسة.

 ومقال بقلم عبدالكريم الأهوازي عنوانه (إيناس).

يتكلم فيه عن مضايقة النظام الإيراني للأحوازيين حول تسمية أبنائهم.

 وفي نفس الصفحة (الخط الساخن) وفيه يطلب القائمون على الصحيفة من القراء المشاركة الفعالة.

 ولا اتطرق للصفحات الفارسية ـ سوى الإشارة إلى ترجمة من محمد عابد الجابري بقلم مسلم الأريحي ـ لأني لم أر فرقاً بينها وبين ما ينشر في باقي الجرائد الإيرانية.

 أشترى الأحوازيون العدد الأول من الشورى التي رأها البعض أنها رحمة نزلت من السماء تستوجب الشكر من الله ثم من القائمين عليها.

تكلمت الشورى عن قضايا القوميات وعن شعب الأحواز بالتحديد،

دافعت عن حقوقه الثقافية والإقتصادية وحتى السياسية.

ولكن هل حقاً أراد الإصلاحيون أن يعطوا القوميات حقوقها كما زعموا؟

هل كانوا ينظرون للقضية من زاوية إنسانية لا عنصرية؟

وأن لا فرق بين الفارسي والعربي؟!

ومن حق الأحوازيين أن يدرسوا ويكتبوا بلغتهم العربية؟!

هذا ما صدّقه بعض الأخوة الأحوازيين واعتقد به،

والواقع الذي رأيناه لم يثبت لنا ذلك،

فنظراً للتطورات في المنطقة والأحداث السياسية في العالم طرح الإصلاحيون مسألة القوميات ليستغلوا الظرف لكسب التأييد السياسي لبقائهم وحضورهم في الساحة وليس لإحقاق حقوق العرب المسلوبة.

ولا شك أنهم ظهروا في الساحة السياسية بعد أن نسقوا مع القائد الأعلى خامنائي الذي رأى جميع برامجه السياسية لخداع الشعوب قد نفدت، فأتوا بسياسة جديدة سموها (الإصلاح)!

وبهذه الخدعة الجديدة تمكن الإصلاحيون أن يتربعوا على أريكة الحكم في طهران ثمان سنوات ملأها الكذب والوعود التي لم نر بعدها التنفيذ والوفاء.