حكاية "زهره دمشق" 1
حكاية "زهره دمشق"
مقهى ومسرح و سينما .؟
1 من 2
شمس الدين العجلاني
[email protected]
هي حكاية مركز فني ( مقهى و مسرح و سينما ) قام على أكتاف شخص واحد اسمه حبيب شماس صاحب مقهى في ساحة المرجة اسمه " زهرة دمشق " فحوله إلى مسرح و استقطب إليه أهل الفن من سورية و مصر و لبنان ، ثم ما لبث أن حول مقهاه إلى دار سينما و عرض فيها أول فيلم في دمشق .. و لنبدأ الحكاية :
المقهى :
عرفت دمشق عددا كبيرا من المقاهي التي يعود تاريخ إنشائها إلى القرن التاسع عشر،
و لم تكن هذه المقاهي مجرد مكان للتسلية و شرب القهوة أو الشاي ، بل كانت مكانا
اجتماعيا و فكريا و سياسيا لعبت الدور المناط بها على الصعد كافة ..
فشهدت معظم هذه المقاهي أحداثا هامة، فتشكلت فيها الأحزاب والمنتديات الثقافية و
الفكرية والسياسية ، و انطلقت منها الثورات ضد الاستعمار ... ويقول نعمان قساطلي في
كتابه "الروضة الغناء في دمشق الفيحاء" الصادر عام 1879 م ان
عدد المقاهي الدمشقية "بلغ 110 مقهى في القرن التاسع عشر بين كبيرة وصغيرة، وهي
منتشرة في أنحاء المدينة" ومن أشهرها قهوة السكرية بباب الجابية، وقهوة القماحين
بالقرب منها، وقهاوي الدرويشية كلها في الدرويشية، وقهوة العصرونية.. وقهوة
المناخلية، وقهوة الجنينة في سوق الخيل، وقهاوي العمارة بالعمارة، وقهوة جاويش في
القيمرية، وقهوة الرطل في باب توما، وقهوة السلام".
أما الرحالة الفرنسي جان تيفينو بعد أن زار دمشق عام 1664م وعاش مع أهلها أياماً
عدة، فيقول: "كل مقاهي دمشق جميلة، ولكن أجمل المقاهي تجده في الضواحي، أي خارج سور
المدينة القديم، وبينها مقهى السنانية ويطلق عليه اسم القهوة الكبيرة لاتساع
مساحته، ويزيد من رونقه ذلك العدد الكبير من النوافير الدافقة في بحراتها الكبيرة،
ولكن قد يفوقه أناقة ذلك المقهى عند باب السرايا"، أي باب النصر، وهو أحد أبواب
دمشق القديمة، وكان عند سوق الحميدية وقد هدمه الوالي شرواني باشا عند فتح هذا
السوق عام 1863م".
ويذكر بعض المؤرخين أن فترة العشرينيات و الثلاثينات من القرن الماضي شهدت ازدهارا
كبيرا للمقاهي الدمشقية، وكان معظمها يقع على ضفاف نهر بردى
وبغياب المراكز الثقافية آنذاك أصبحت هذه المقاهي مكاناً لتجمع الشباب المثقف الذي
تحزب خلف رايات وطنية وفكرية متباينة، وعرفت عدة مقاهي في تلك المرحلة على أنها
عنواناً للمفكرين والمثقفين والسياسيين، ومكاناً ملائماً للقائهم.
و من المقاهي التي لعبت دورا هاما على الصعيد الثقافي كانت مقهى " زهرة دمشق "
لصاحبها
حبيب شماس وهو
اسم معروف في الوسط الغنائي والموسيقي آنذاك في كل من سورية .
لم
يتبين لنا في أي عام انشأ هذه المقهى ، و لكن قيل أن الوالي العثماني حسين ناظم
باشا ( 1840 – 1910 ) أراد تجميل ساحة المرجه اثر الزيارة التاريخية لإمبراطور
ألمانيا غليوم " ويلهام " الثاني و زوجته أوغستا فيكتوريا لدمشق خريف عام 1898 م ،
فقام بهدم عدد من الأبنية في الساحة منها مبنى السجن الذي كان قائما
على أطراف ساحة المرجة ، و آخر صوره فوتوغرافية التقطت لهذا السجن عام 1894 م من
قبل المصور الفرنسي تشارلز سكوليك
، و
يظهر فيها مبنى سراي البوليس الذي كان قائما عند زاوية جادة السنجقدار مقابل بناء
العابد الحالي في الجهة الشرقية من الساحة و الذي أقيم مكانه
مجمع تجاري كبير ضمنه مقهي ومخازن.
و هذا المقهى هو " مقهى زهرة دمشق " ، فلو افترضنا أن هدم مبنى البوليس تم في عام
1898 م أو قبل ذلك بعام أو عامين ( اي في نفس العام الذي تمت به زيارة غليوم
الثاني أو قبل الزيارة ) ترى في اي عام هدم مبنى سراي البوليس ، و أشيد مكانه
المجمع التجاري الذي يحوي مقهى زهرة دمشق .؟ اعتقد أن المجمع لم يكن مشيدا أثناء
زيارة الإمبراطور غليوم عام 1898 م ، إنما شيد بعد الزيارة ، بدلاله صوره
الإمبراطور غليوم في ساحة المرجة و تظهر بها ملامح مبنى البوليس ، و ليس من المعقول
أن يهدم المبنى و يقام مكانه مجمع تجاري فريد من نوعه آنذاك خلال عام أو عامين .؟
فبناء مقهى زهرة دمشق تم مابين عامي 1899 م بعد مغادره الإمبراطور غليوم ، و عام
1908 م ، لأنه في عام 1909 م عرض سلامة حجازي مسرحيته على خشبه مسرح " زهره دمشق "
يتبع