جميع عرب الداخل في دائرة الاستهداف
ويتبادل الإسرائيليون هذه الأيام
جميع عرب الداخل في دائرة الاستهداف
الشيخ خالد مهنا
منذ إن تفاقمت المشاكل والقلاقل على المعمورة المعذبة والشعب اليهودي وحده من سائر الأمم يعاني من علل وإسقام قل نظيرها،بعضها متوسط وبعضها مختوم عليه ومستعص على العلاج..
وباعتبار أن هذه العلل متأصلة فيهم وباعتبار أنهم يعانون من عقدة الفوقية لأنهم شعب الله المختار!!
وغيرهم أغيار وقوارض بشرية وكل ما هبّ ودب من الأوصاف وباعتبار أنهم الشعب الوحيد الذي غلّب الأنبياء وعلى رأسهم موسى عليه السلام وقتلوهم ونشروهم بالمنشار ثم هم يدعون أنهم اضطهدوا وعذبوا وخُربت بيوتهم التعبدية وهياكلهم المزعومة!! فقد كان لزاماً عليهم أن يكونوا جديين لأن أمة هذه بعض أوصافها(لا تعرف إلا الجّد) ولذلك عسكروا حديثهم كما عسكروا تعليمهم،ولبست تصريحاتهم خوذية الحرب والقتال،واختنقت البسمة عن وجوههم..
ومؤخراً بدأت ظاهرة النكات تسود محبتهم فقد تبادل الاسرائيلئون يوم(22 ديسمبر/ كانون الأول 2006) رسالة إلكترونية طويلة بعض الشيء تعكس اليأس الذي يعتريهم من الوضع الذي آلت إليه دولتهم والفساد الذي يضرب فى أطنابها، ولشدة انتشار هذه الرسالة قرأتها إحدى مقدمات البرامج السياسية المهمة في الإذاعة الإسرائيلية كاملة، ولم تعقب عليها سوى بالتنهد. وفي ما يلي نص الرسالة: "مستشفى تل هشومير، ومساء ماطر. ممرض واحد فقط اسمه شميل وبقي ليمضي الليل في غرفة رئيس الحكومة السابق أرييل شارون الذي كان يغط في نومه.
كان شميل جالسا يقشر تفاحة (بينما كان حارس من جهاز الأمن الداخلي شاباك يغط في النوم). فجأة أخذت الأجهزة الطبية في المستشفى تصدر أصواتا... المصابيح الكهربائية أضاءت... الخطوط المستقيمة أخذت في الاعوجاج... رئيس الحكومة يستيقظ.
شارون: منذ فترة طويلة لم أنم نوما هكذا... أيها الشاب اطلب من (المستشار الإعلامي) أدلر أن يحضر... ثمة فكرة جديدة لاتجاه جديد.
شميل: صباح الخير سيدي، كيف تشعر الآن؟
شارون: أنا ميت من الجوع... أين أنا؟
وفيما يواصل الحارس من شاباك نومه، يحكي شميل لشارون ما حصل له، وأنه لم يعد رئيسا للحكومة. فيسأله شارون: من حل محلي؟شميل: إيهود أولمرت.
شارون: أولمرت؟ ذلك المقدسي المبعثر؟ ما مؤهلاته؟ ماذا سيحصل لو وقعت حرب... هل يعرف كيف يدير الجيش... من حسن الحظ أن شاؤول موفاز مازال هناك (في وزارة الدفاع).
شميل: شاؤول موفاز ليس وزيرا للدفاع، إنه وزير المواصلات.
شارون: ومن وزير الدفاع؟
شميل: إنه بيرتس
شارون: وهل هذا العجوز (يقصد شمعون بيريز) ما زال على قيد الحياة؟
شميل يهمس مرتجفا: ليس بيريز إنما بيرتس، عمير بيرتس.
شارون: ماذا؟ هل مسّكم جنون؟ أغمضت عيني للحظة وأتحتم لزعيم العمال أن يسيطر على أمن الدولة؟ اسمع أيها الشاب أرسل لي على عجل ابني عومري، سيرتب الأمور.
شميل: آسف سيدي، عومري في طريقه إلى السجن.
زأر شارون وقال: إلى السجن؟ على ماذا؟ على ذلك الهراء؟ (يقصد تورطه في تجنيد أموال بطرق احتيال)، لا أصدق ذلك... أنا بحاجة إلى محام وفورا... أرسل لي المحامي كلاغسبلد.
شميل مرتبكا: كلاغسبلد في المنطقة نفسها مع عومري.
هدأ روع شارون: عرفت دائما أنه يمكن الاعتماد على كلاغسبلد.
شميل، مصححا: أقصد أن كلاغسبلد أيضا في طريقه إلى السجن، تورط في حادث طرق، لم يحذَر، فقتل من دون سبق إصرار شابة وطفلها الصغير.
شارون: أطلب من مدير مكتب رئيس الحكومة السابق النائب حاليا في الكنيست أفيغدور يتسحاقي أن يأتي، إنه يجيد إطلاق الحملة المناسبة في مثل هذه الظروف.
شميل: سيدي، ثمة شبهات ضد يتسحاقي بتقديمه استشارة ضريبية غير قانونية، يبدو أنه تمادى في الحملة التي قام بها.
شارون: هذا ليس معقولا، أعرفه جيدا، لقد رتبوا له ملفا. اطلب القائد العام للشرطة (موشيه كرادي).
شميل: آسف سيدي، إنه منشغل بالتحقيق.
شارون: إنه شرطي، أكيد إنه منشغل بالتحقيق.
شميل: لا سيدي، هذه المرة يجري التحقيق معه.
شارون: ليس معقولا، نظام القانون معطوب، ينبغي تخليصهما، يتسحاقي وكرادي، من الورطة، جئني بوزير الأمن الداخلي تساحي هنغبي.
شميل: سيدي، تم تقديم لائحة اتهام ضد تساحي بعدد من المخالفات المتعلقة بالرشوة والخداع، لم يعد وزيرا للأمن الداخلي.
شارون: ماذا عن وزير العدل؟ من عيّنه أولمرت في هذا المنصب؟
شميل: حاييم رامون.
شارون: حسنا، ليأت إلى هنا.
شميل: معذرة، لقد تم تقديم لائحة اتهام ضده لارتكابه عملا شائنا؟
شارون: لا أصدق، إذن ابعث للرئيس كتساف ليحضر... ما زال رئيسا، ليس كذلك؟
شميل: آسف سيدي... كتساف في وضع علق مهماته، إنه تحت التحقيق في قضايا اغتصاب خمس شابات والتصنت السري.
شارون: آه ... دائما لمست كم يقترب كتساب من الشخص عندما يتكلم. اسمع الوضع فعلا مزر، اطلب من رئيس الأركان بوغي، آسف حالوتس، ليحضر، وضعه جيد أليس كذلك؟
شميل: ثمة قضية بالنسبة إلى أسهمه المالية في البورصة، لكنها ليست جنائية. المشكلة الكبرى أنه سيتم استدعاؤه قريبا للجنة تحقيق برئاسة قاض في فشل الحرب على لبنان. [أرغم حالوتس على الاستقالة].
شارون: لكنه كان فتى يافعا أثناء الحرب، بالكاد طيار صغير.
شميل: إنها حرب لبنان الثانية، تذكر أنك كنت نائما، وقعت حرب. ونحن، كيف لي أن أقول ذلك بلطف، خسرناها. لكن رئيس الحكومة طلب إلينا أن نتحلى بالصبر، ربما يأتي النصر في المستقبل.
نظر شارون حوله، نظر إلى المصباح الكهربائي في الغرفة وإلى غرفته الخضراء، على الكرسي بجانب سريره ولاحظ أن الحارس من "شاباك" واصل نومه وإلى جانبه وعاء مع باقة ورد في أيامها الأخيرة.
نظر إلى الممرض شميل وقال له: اصنع معروفا، لا تحك لأحد عن محادثتنا.
شميل: بإمكانك الاعتماد علي، سيدي.
شارون: أنا عائد للنوم. )
هذه النكتة ونكات سياسة كثيرة مشابهة لها واشد كثرت في الفترة الأخيرة تفوق فيها الشعب اليهودي المحبط على الشعب المصري المرح وخفيف الظل،÷تعبر عن وعي حقيقي بعمق الورطة التي وجد الإسرائيليون أنفسهم قابعون في لججها،والنكتة كما نعرف لها وجهان ايجابي وسلبي ،وهذه النكتة من جملة النكات السلبية التي ينفث فيها عن غضب مكبوت بخصوص أوضاع سياسية معقدة يكتفى بإطلاقها بدل التمرد على واقعهم النكد ولجم شهوات وهستيريا سياسييهم .....
لقد أخبرهم الغرب أنه سيوطنهم في صهيون، فلسطين، أرض السمن والعسل (كما تخبرهم الرواية التوراتية)، وهي أرض يسكنها العماليق والكنعانيون الذين يمكن إبادتهم ببساطة (كما تخبرهم الرواية التوراتية أيضا، وكما تخبرهم الرواية التاريخية لما حدث في تجارب استيطانية أخرى مثل الولايات المتحدة وأستراليا). ولكنهم بدلا من ذلك وجدوا أن فلسطين عامرة بسكانها الذين يتكاثرون كما وكيفا، ويقاومونهم بكل عنف. وأن الغرب في واقع الأمر كان يود التخلص منهم من خلال توطينهم في منطقة ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة له حتى يمكنهم حماية مصالحه، وأنهم دخلوا في طريق مسدود، فصراعهم مع الفلسطينيين والعرب مستمر لم يتوقف منذ بداية الاستيطان عام 1882 حتى عام 2007، ولا توجد نهاية للصراع في الأفق. وقد ولَّد هذا عندهم إحساسا سوداويا بالورطة التاريخية وشعورا بفقدان.الاتجاه......
((عنف وممارسات عنصرية وتحريض وتشريعات ضد المواطنين العرب...
(في العقد الأخير قُتِل 45 مواطنًا عربيًا على خلفية عنصرية – من بينهم 35 قُتلوا برصاص رجال الشرطة و/أو قوى الأمن. وتواجه عائلاتُ الضحايا جهازًا قضائيًا يبعث لها برسائل مفادها أنّ دم أبنائها مُحلـَّـل. في دولة ديمقراطية يُفترض أن تدافع عن الأقلية التي تعيش بين ظهرانيها، تجد الأقلية العربية نفسها في خانة المجني عليه، لا بل والمُلاحق.
في العام الماضي صدر قرار حكم، يمكن اعتباره سابقة قضائية، ضد الشرطي شاحر مزراحي الذي دين بقتل الشاب محمود غنايم أبو سنة. فالمحكمة التي فرضت عليه السجن لمدة 15 شهرًا فقط خفّفت من محكوميّته وأقرّت سابقة في عقوبة القتل. ورغم إدانة مزراحي، وبخلاف ما ينصّ عليها القانون، ما زال القائد العام للشرطة وقسم القوى البشرية في الشرطة يرفضان تنحيته، وما زال مزرحاي شرطيًا حتى يومنا هذا.
عنف من قوى الأمن ضد مواطنين عرب...
وأشار التقرير إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعًا جديًا في حالات العنف من طرف قوى الأمن تجاه المواطنين العرب. حيث تُقمع النشاطات الاحتجاجية بفظاظة، ويتم التحرّش بمواطنين أبرياء في الشارع، وتتكاثر الاعتقالات الاعتباطية واستعمال القوة المفرطة وغير النسبية.
ولا تبقي الكنيست الحالية متسعًا للشك في مواقفها تجاه المواطنين العرب، وتتبنى الشرطة موقف القيادة وتتصرف بحسبه. والأنكى هو أن جهاز القضاء يتكيّف معهما ولا يتخذ خطوات عقابية رادعة.
تعبّر الحالات الموثقة في هذا التقرير عن الواقع، وتؤشر على خطورة تحوّل الجهة المؤتمنة على أمن الجمهور إلى الجهة التي تهاجم الجمهور. وهذا غيضٌ من فيض، ففي حقيقة الأمر يتم الاعتداء على مواطنين أبرياء والتحرّش بهم يوميًا. لم يتضمن التقرير أحداثًا من القدس الشرقية والأراضي المحتلة عمومًا.
ممارسة عنصرية ضد عرب من قِبل مواطنين يهود...
سجّل العامان الأخيران ارتفاعًا بمئات النسب المئوية في حالات الاعتداء على مواطنين عرب من قِبل مواطنين يهود على خلفية عنصرية.
إنّ الرسائل الموجَّهة إلى الجمهور الواسع - في جهاز التعليم وفي وسائل الإعلام وفي تحريض قيادات سياسية ودينية - تشكّل دعوة صريحة لممارسة العدوانية. أما تقاعس جهاز النيابة مع المحرّضين وتسامح جهاز القضاء مع المتهمين فيعبدّان الطريق لمزيد من مظاهر العنصرية.
مساس بشرعية قيادة الجماهير العربية...
تُترجم علاقات الأقلية والأكثرية في دولة إسرائيل إلى علاقات "ولاء" و"عدو". ويواجه أعضاء الكنيست العرب ملاحقات وتربصّات وحدٍّ من الحريات من قِبل ممثلي الأكثرية في البرلمان. وتؤدي التهم الواهية والتحقيقات ولوائح الاتهام ضد أعضاء الكنيست العرب إلى تشويش أدائهم السليم كمنتخبي جمهور. ويواجه كل انتظام في المجتمع العربي عراقيل سلطوية، من إقامة مجلس طلاب في مدرسة وحتى النشاط السياسي أو الاجتماعي على الصعيد الجماعي.
تحريض على خلفية عنصرية...
ما يُعرَّف كـ"تحريض" إذا ما قاله العربي، يصير بقدرة قادر "حرية تعبير" أو "زلة لسان" حين يصدر عن يهوديّ. وتحول "الاعتذارات" دون محاكمة أصحاب التفوّهات العنصرية، لكنها لا تدرأ ولا تناقض الرسالة الموجَّهة للجمهور. وما نشهده فعليًا هو حملة تحريض متعمَّدة ومنهجية. وبدلاً من تحمّل المسؤولية والقيام بشيء يعود بالفائدة على المجتمع في إسرائيل، يواصل العديد من الشخصيات العامة جني أصوات ناخبيهم من خلال تأزيم الوضع، ضاربين عرض الحائط بقواعد الديمقراطية ومبادئها وقواعد الحكم السليم.
وتطوّرت آليات التحريض مع السنين، فـ "زلات اللسان" تتراجع لتخلي الساحة لكتب ومنشورات تعمَّم على الجمهور الواسع. أما الإعلام الإسرائيلي، الذي نبذ العنصرية في ثمانينات القرن الماضي وهاجم حركة كهانا، فيكاد يحتضن السائرين على دربه العنصري ويقدّم لهم منصة مفتوحة لبث سموم التحريض. ومع أنه يُفترض بالإعلام أن يكون أول المدافعين عن حقوق المواطن، فقد تحوّل الإعلام الإسرائيلي إلى أول المنقضّين على مؤسسات حقوق الإنسان.
21 قانونًا تمييزيًا وعنصريًا...
تعجّ الكنيست الثامنة عشر بمنتخبي جمهور يعملون علنًا على ضرب حقوق الجماهير العربية، من خلال مشاريع قانون تمييزية وعنصرية وتصريحات تحريضية، وموضعة المواطنين العرب في خانة التهديد الديموغرافي والأمني. وشهد العام الماضي ارتفاعًا نسبته 75% في طرح مشاريع قانون تمييزية وعنصرية، معظمها يرمي إلى تقويض مكانة المواطن العربي والانتقاص من حقوقه، ويهدّد شرعية مواطنته بلا كلل(().
هذا علاوةً على التحديات الخطيرة الذي باتوا يواجهونها على نحو يومي، والمتمثلة في عملية "أسرلة ممنهجة"؛ أي عملية تفكيك المجتمع الفلسطيني والقضاء على هويته الوطنية وتقاليده العربية، فعملت على زرع بذور الانقسام والتمزق بين نسيج المجتمع الفلسطيني(مسلم ومسيحي وبدوي)، وقامت بسن العديد من القوانين التي أحدثت تغيير ملحوظ في الأطر الاجتماعية
التقليدية لفلسطينيي "48"، كإضعاف سلطة العائلة والقبيلة، ومنح المرأة قدر كبير من الحرية والمساواة في الحقوق مع الرجل، وحظر تعدد الزوجات، وتحديد السن الأدنى لزواج البنات .
ولم تكتفي "دولة الكيان" بذلك بل عملت على عزلهم في مناطق جغرافية مفتتة ومتباعدة دون السماح بتواصل إقليمي فيما بينها، وذلك كي يتسنى لها السيطرة عليهم، وضمان عدم قيام كيان سياسي لهم قد يعرض وجودها للخطر، تنفيذا للوثيقة السرية التي وضعتها دولة "العدو" في سبتمبر 1959م، التي تصفهم "بالقنبلة الديمغرافية الموقوتة" التي تهدد يهودية الدولة الصهيونية، نظرا لتزايد أعدادهم بنسب أعلى من اليهود، خصوصاً مع الانفجار السكاني الكبير الذي شهدته السنوات الأخيرة نتيجة انخفاض الوفيات وزيادة عدد المواليد لديهم.
على مدى الستين عاما الماضية خاض فلسطينيو "48"، صراعا ثقافيا من أجل البقاء والصمود، حيث سعت"سلطات الاحتلال" جاهدة لطمس الهوية الثقافية الفلسطينية لفلسطينيي "48" الذين يعتبرون أنفسهم جزءاً من الشعب الفلسطيني من حيث الثقافة والهوية، ويعارضون تعريف "دولة الكيان" كدولة يهودية، وقد تبنى فلسطينيو "48"على مرّ السنين اللغة العبرية كلغة ثانية، نتيجة لوجود عدة عوامل ساهمت في المحافظة على الطابع الخاص لثقافتهم منها مثلاً: استخدامهم اللغة العربية في الجهاز التعليمي الخاص بهم، ووجود وسائل إعلام باللغة العربية، ووجود محاكم شرعية إسلامية تبتّ في الأحوال الشخصية، الأمر لم يرق للقادة الصهاينة الذين عمدوا لتهويد الشعب الفلسطيني وصبغة بالثقافة الصهيونية، بشتى الوسائل المتاحة منها تطبيق منهاج التعليم "الصهيوني" الذي يستبعد كل ما ينتمي إلى الروح القومية العربية والابتعاد عن الثقافة الفلسطينية وسرقة وتزوير التراث الفلسطيني ليسهل صهرهم في البوتقة الصهيونية.
إن قادة دولة العدو الصهيوني الذين راهنوا منذ البداية على تذويب هوية فلسطينيي "48"، وعزلهم عن محيطهم العربي أو «أسرلتهم» إن صح التعبير، وقد خيل لهم في لحظات معينة أنهم قد بلغوا هدفهم، قد خاب ظنهم لأن فلسطينيي الداخل يرون أنفسهم في أغلبيتهم الساحقة فلسطينيين أولا وأخيرا، وعبروا عن ذلك بتمسكهم بأصولهم الفلسطينية أكثر من أي وقت مضى، وخاضوا نضال عنيف للدفاع عن حقوقهم المسلوبة، وبلغ النضال ذروته في الإضراب الوطني العام
ليوم الأرض (30 آذار 1976) الذي هزَّ "كل الأراضي المحتلة عام48"، وكانت له أصداء بالغة القوة في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 67(الضفة والقطاع) وكذلك في العالم العربي، ولا زالت الجماهير العربية تحيي ذكرى هذا اليوم من كل عام، وازدياد هذا التشبث وتبلور بشكل واضح منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، ووصل هذا التعلق بالهوية الفلسطينية ذروته خلال انتفاضة الأقصى الحالية.
لذا لم يكن مستغربا أن تتم ملاحقتهم مؤخرا على جميع المستويات، وأن يوضعوا في قفص الاتهام بذرائع وحجج واهية، كتقديم مساعدات ودعم لأشقائهم في الضفة وغزه، وإقامة اتصالات مع جهات أجنبية معادية لدولة "العدو"، وإزاء هذا الفشل والتخوف الصهيوني من تبعات ذلك مستقبلا على وجود الدولة اليهودية ومستقبلها، جاءت ردود فعل المسئولين الصهاينة في الآونة الأخيرة حادة وعنصرية ومُعبرة عن هشاشة الوجود الصهيوني وإرباكه حيال التعامل مع الأمر، ولعل خير مثال على ذلك الهجمة الصهيونية الشرسة التي تعرض لها سكان مدينتي عكا وأم الفحم على يد المستوطنين الصهاينة المدعومين من الحكومة (عسكرياً وقانونياً .
لأجل ذلك كله كان من الطبيعي والمنطقي أن تتشكل قيادة وطنية مناضلة، تقود نضال سياسي اقتصادي ثقافي اجتماعي وتشكل قوة منظمة للشعب الفلسطيني في الداخل وقوة ضاغطة على الحكومة الصهيونية ومؤسساتها، وتضع سياسة موحدة وشاملة تعالج كافة قضايا فلسطينيي "48"، وفي مقدمتها أوضاعهم السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وتعمل على تعزيز الثقافة الفلسطينية كبديل أساسي عن الثقافة الإسرائيلية الغربية، وتدعو للتمسك بالعادات والتقاليد الفلسطينية كموروث رابط بين الأرض والإنسان الفلسطيني، وتعمل على حشد الطاقات والجهود المبذولة للمطالبة بحقوقهم بالطرق المناسبة وتقوي أواصل الترابط مع أشقائهم الفلسطينيين في (الضفة وغزه) من جهة والعرب من جهة أخرى عبر تنظيم الرحلات والمشاركة في المؤتمرات العربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
الرأي العام الإسرائيلي الذي تجاوزت نسبة عدائه لتركيا ال 78% هو نفسه ويزيد مجند عن بكرة أبيه إلا قلة قليلة منه ضد المواطنين العرب ومشحون حتى النخاع على قيادته وليس في الأفق ما يدل على أن الشعب الإسرائيلي!! متراجع عن عدائه بل ما يلوح في الأفق ساعائياً يدل بشكل قاطع انها ماضيةة في عدائها لان عداءها يسهم في رص جبهتها الداخلية ولو كانت على باطل.
وعليه فإن قيادة وجماهير المواطنين العرب مدعوة اليوم لضعضعة هذه الإستراتيجية وبالتالي فإن اختراق البارانويا الإسرائيلية يجب أن يكون هدفاً لها.. وحين نراقب سلوك اليمين الأيدلوجي في السنوات الأخيرة نرى أن يد السلام العربية والفلسطينية التي إمتدت إليه هي التي جعلته يتمادى في عدوانيته ويكسب إلى صفه المؤيدين والأنصار في حين تراجعت جبهة القوى اليسارية،ولاختراقها وحسر مدّها لا بد من أن تقنع الجماهير العربية أخوانها الفلسطين وأشقائهم العرب أن المزيد من ألانبطاح باتجاه إسرائيل لا يجلب لجماهيرنا المنسية إلا مزيداً من التوتر وتضييق الخناق وسن قوانين جائزة بحقها..وعلى قيادة الجماهير العربية ومراكز أبحائها ومفكريها صياغة مبادرة بهذا الخصوص علمية ومدروسة والإعلان عنها وإيصالها للرأي العام العرب والفلسطيني لتشكل مساهمة هامة وفعالة في حملة الهجوم على الباراتو ية اليهودية أن الحكومة الإسرائيلية وأحزابها السياسية وأطيافها المختلفة كشفت وتكشف عن أنيابها بشكل سافر ضد المواطنين العرب داخل الخط الأخضر وببما لا يدع مجالاً للشك أننا بمواجهة حقبة جديدة أشد إيلافاً،وبما يفرض على كل قوى وفصائل وأحزاب وحركات شعبنا الرافض للأسرلة على مختلف مشاربها الفكرية وتلاوينها السياسية أن تتوحد كتلة واحدة،وصفاً واحداً كالبنيان المرصوص في معركة الدفاع عن هويتها وحماية وجودها،واستمرار صمودها وبقائها وتبرعمها لأننا جميعاً في دائرة الاستهداف.
لقد أصبح واضحاً ومن خلال التحولات الجذرية التي حصلت داخل هذا الجزء المهم إن لم يكن الأهم من شعبنا الفلسطيني باعتبار أن قضاياه العالقة هي جزء من الصراع،أن كافة ممارسات الدولة العبرية،مهما وصلت درجة إيذائها،لن تستطيع إعادة هندسة الذهنية السياسة المتشكل في الداخل الفلسطيني على صورة ذهنية الخمسينات والستينات..
قد تستطيع إسقاط البعض في بؤرتها،ولكن ما أصبح واضحاً وثابتاً هو الخط التصاعدي في وعي الذات الجماعية،وما يبقى هو قدرتنا على تأطير هذا الوعي بمستوى أقوى وأصلب،كي تستطيع حماية مشروعها النضالي الكبير............... رلقد ظن الوزراء الإسرائيليون والإعلاميون الذين أججوا نار التحريض باتجاه النائبة حنين زعبي والشيخ حماد أبو دعابس وشقيقه الشيخ رائد وكل قيادات الوسط العربي على اختلاف ألسنتهم سيفلحوا في حبس أنفاسهم والتوقع في تكاياهم وصوامعهم..ومع تصاعد وتيرة التحريض ازداد احرارنا تمسكا بقضاياهم ولو انطلقت أساطيل أخرى صوب غزة أو بغداد لما ترددوا لحظة ان يكونوا ذؤابتها ...ها هو سحرهم ينقلب على رؤوسهم وإذ بالإنباء تفيد ان المشاركين في أسطول الحرية من قيادات الوسط العربي ما زالوا في حراك ساعاتي لرفع الحصار عن غزة العزة بينما الذين أوقدوا نار الحر ب يصيبهم الرعب.....
ونجحت قافلة الحرية في وضع وزير الحرب الإسرائيلي أيهود باراك على القائمة السوداء في فرنسا، ومنعته جدياً من زيارة باريس للمشاركة في معرض "يورو ساتوري 2010" للأسلحة، إذ تشارك فيه الدولة العبرية إلى جانب عشرات الدول الأوروبية والآسيوية، وقد اضطر أيهود باراك أن يعلن عن إلغاء زيارته لباريس، رغم أهمية المعرض الذي تشارك فيه كبريات الشركات الأمنية في العالم، بحجة أنه يتوجب عليه البقاء في تل أبيب، للإشراف على تشكيل لجنة التحقيق الداخلية التي ستبحث في الاستيلاء على سفن قافلة الحرية، وكان من المقرر أن يلتقي باراك مع وزراء الخارجية والدفاع، ومع شخصيات سياسية أخرى فرنسية وأوروبية، ولكنه تخلى عن برنامجه وأعلن عن تأجيل زيارته، لا بسبب تشكيل لجنة التحقيق كما ادعى، وإنما بسبب المخاوف الحقيقية التي شكلتها تحركات الجمعيات الحقوقية الفرنسية، والتي طالبت باعتقاله كمجرم حرب، والتحقيق على خلفية مسؤوليته المباشرة عن مجزرة سفينة مرمرة الإنسانية، وكانت المخابرات الفرنسية قد أبلغت إسرائيل جدياً، بأن وزير دفاعها يمكن أن يعتقل فور وصوله إلى مطار أورلي الباريسي، وأن الشرطة الفرنسية ستكون ملزمة بتنفيذ أي استنابات قضائية تصدر عن المحاكم الفرنسية.
بدأ المسؤولون الإسرائيليون يشعرون بخطورة الملاحقات القضائية الدولية لقادتهم العسكريين والسياسيين، على خلفية مشاركتهم في جرائم حربٍ ضد الإنسانية، وقد تعاملت الحكومة الإسرائيلية بجدية كبيرة إزاء هذه المخاوف، إثر العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة نهاية العام 2008، حيث أصدرت وزارة الحرب الإسرائيلية قرارات بمنع سفر الضباط الإسرائيليين الذين كان لهم دور في العدوان على غزة، كما شكلت طواقم قانونية لدراسة مختلف السبل لضمان خروج إسرائيل من هذه الأزمة، وضمان عدم تعرض قادتها أو جنودها لأي مساءلاتٍ قانونية، أو اعتقالات احترازية على خلفية الدعاوى التي تحرك ضدهم، حيث استجابت نيابات بعض الدول الأوروبية لبعض الشكاوى التي رفعت لها ضد مسؤولين إسرائيليين كبار، ولهذا فإن امتناع باراك عن السفر إلى فرنسا قد جاء بسبب تخوفه من قبول النيابة الفرنسية الشكاوى الموجهة ضده، حيث يخشى من تصاعد نبرة الأصوات الحقوقية الفرنسية والأوروبية المطالبة باعتقاله ومحاكمته، ويرى محللون إسرائيليون ضرورة عدم قيام باراك وغيره من المسؤولين العسكريين الإسرائيليين بالسفر في هذه الأوقات بالذات، إلى أي دولة أوروبية أو غيرها، ذلك أن تل أبيب تعيش أزماتٍ حقيقية داخلية وخارجية، وقد أصبحت في مواجهة المجتمع الدولي، وتخشى من تصاعد أزماتها معه، خاصة في ظل تورطها المتعمد في أكثر من جريمة يحاسب عليها القانون الدولي، وقد سبب حرجاً كبيراً لحلفائها في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، الذين استنكروا على لسان رؤساءها والأمين العام للأمم المتحدة ممارسات الحكومة الإسرائيلية على أكثر من صعيد.
وقد تكون مخاوف أيهود باراك من زيارته لفرنسا جدية وبالغة الخطورة من الناحية القانونية، ذلك أن مشاركين فرنسيين في قافلة الحرية، قد تعرضوا للضرب والإساءة والاختطاف في عرض المياه الدولية من قبل وحدات عسكرية بحرية نظامية إسرائيلية، كما تعرضوا للسلب ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم ووثائقهم الشخصية، فتقدموا بصفتهم مواطنين فرنسيين بشكاوى رسمية ضد أيهود باراك شخصياً، إلى المحاكم الفرنسية ذات الاختصاص، التي لا تستطيع إهمال شكوى مقدمة من مواطنين يحملون الجنسية الفرنسية، تعرضوا لجريمة القرصنة والاختطاف من قبل جيشٍ يقوده زائر إلى بلادهم، وقد يجد القضاء الفرنسي نفسه مضطراً لتشكيل لجنة تحقيق فرنسية لإثبات جرمية التصرف الإسرائيلي كون الجريمة قد وقعت في المياه الدولية، وبعيداً عن المياه الإقليمية الإسرائيلية، وقد هددت هذه المجموعة الفرنسية بالتوجه إلى محكمة لاهاي الدولية، وتقديم شكوى مشابهة أمام القضاء الدولي، على أساس أنها جريمة حرب، وأنها قد تصنف بأنها جريمة ضد الإنسانية، وأنها تعرض الملاحة البحرية للخطر، وتخرق قوانين البحار المرعية، ولهذا فإن المحاكم الفرنسية تجد نفسها محرجة أمام مواطنيها، وإزاء القانون الفرنسي العريق، خاصة أن العديد من أساتذة القانون الفرنسي، وخبراء القانون الدولي قد أبدوا استعدادهم لمواجهة الحكومة الإسرائيلي أمام القضاء الدولي ذي المضامين الإنسانية، الأمر الذي حرك المخابرات الفرنسية لتحذير إسرائيل من الأبعاد الخطيرة المترتبة على زيارة وزير حربها إلى باريس.
ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية ستكون في الأيام القليلة القادمة أمام كرة ثلجٍ تتدحرج فتكبر يوماً بعد آخر، ذلك أن نشطاء قانونيين وحقوقيين، ونواباً وبرلمانيين في أكثر من دولةٍ أوروبية، قد بدأوا استعداداتهم لمواجهة قادة إسرائيل أمام المحافل القانونية والقضائية الدولية، كما أن الحكومة التركية نفسها ستتولى مهمة إقامة دعاوى ضد قادة إسرائيليين أمام مختلف المحاكم الدولية والأوروبية ذات الاختصاص، وستجد إسرائيل نفسها مضطرة للمثول أمام هذه المحاكم، والدفاع عن سياساتها وتصرفاتها، وهي بالضرورة لن تتمكن من كسب أيٍ من هذه القضايا، طالما أن تداولها سيكون بموجب القانون بعيداً عن التدخلات السياسية، كما أنها ستضطر عند قيام أي مسؤولٍ إسرائيلي بزيارةٍ خارجية، إلى دراسة مدى الأخطار المحدقة بزيارته إلى الخارج، ومدى الحاجة إلى مرافقته حقوقياً وأمنياً، الأمر الذي قد يعطل الكثير من المهام الإسرائيلية في الخارج، أو أنها ستقوم بإضفاء السرية التامة على تحركات مسؤوليها وزيارتهم إلى العواصم الأوروبية، فتقوم بإدخال المسؤولين الإسرائيليين عبر بواباتٍ خلفية في المطارات الأوروبية، وتهريبهم خشية أن تقوم وسائل الإعلام برصدهم، وهو ما حدث مع تسيفني ليفني زعيمة حزب كاديما، خلال زيارتها إلى العاصمة البريطانية لندن، إثر انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
رغم أهمية هذه الإجراءات الدولية، وأهمية إحراج إسرائيل أمام حلفائها، التي قد تجعل منها دولة منبوذة في المجتمع الدولي، بعد فضح جرائمها ضد الإنسانية بشهادة مواطنين أوروبيين، الذين أصبحوا هم في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، فإن هذا لا يعني أن يتخلى الفلسطينيون والعرب عن وسائل النضال والمقاومة الأخرى، إذ من الخطأ أن نعتمد على هذا الشكل من المقاومة السلمية، رغم أنه قد أثبت جدواه أمام العالم كله في مواجهة إسرائيل، وقد ظهرت ثماره جلية في عجز المسؤولين الإسرائيليين وترددهم في مغادرة تل أبيب إلى أي عاصمة غربية، إذ لن يقوَ الفيتو الأمريكي على منع المحاكم الدولية والأوروبية ذات الاختصاص من ملاحقة قادة إسرائيليين ثبت ارتكابهم لجرائم دولية ضد الإنسانية، ليس ضحاياها فلسطينيون أو عرب، إنما أوربيون غربيون وأمريكيون، فهم اليوم الذين سيحركون الدعاوى ضد إسرائيل، وسيكونون هم الشهود أمام المحاكم الدولية، بدمائهم وأرواح رفاقهم على الجرائم الإسرائيلية.
في سالف العصر والزمان ،وليس التاريخ ببعيد"، كان رئيس جهاز المخابرات قد عرفنا في2007 بأننا خطر إستراتيجي على الأمن القومي الإسرائيلي، ووصفنا وزير الأمن الداخلي بالمصيبة الكبرى عندما قال "يوجد مواطنون عرب في دولة إسرائيل، هذه مصيبتنا الكبرى. تَخَلَّص من غزة، تَخَلَّص من يهودا والسامرة، ستبقى مع المصيبة الكبرى".
ومهما ضيقوا علينا الخناق سنظل شوكة في حلوقهم وان لم يعجبهم بقاؤنا وصمودنا فليست مياه البحر الميت ببعيدة عنهم فليشربوها ..وصحنين!!