التصوف والاستشراق

وفوضى الروحانيات العالمية

م. الطيب بيتي

مغربي مقيم بفرنسا

باحث في الانثروبولوجيا الدينية والثقافية بباريس

[email protected]

" باليقين المطلق نفترض أن التدوين التاريخي للثقافات والحضارات الذي ندرج فيه (بغير قليل من الصعوبات والتشويهات) أحداث وتغيرات ذلك الجزء الضئيل من الأرض ،أي،هذاالنتوء لأوراسيا الذي نسميه أوروبا الغربية هو أيضا التدوين التاريخي للبشرية

"روبرت نيسبيت"Robert N isbet,Social Change and History,Aspects of Western-p 124""

لقد درستنا جامعة السوربون، وتعلمناخاصة فى( مدرسة الدراسات العليا للأنثروبولوجيا الدينية بجناح ريشيليو الشهير) فى علم الاجتماع الديني،، وتاريخ الأديان، والديانات المقارنة، ومجالات علوم اللسنيات وعلوم العرقيات،أنه من الميسورالتعرض لمثالب الشعوب"الدونية".وتقزيمها.،بتلك النظرة الوليدة للفكرالأوروبي المركزي، التىكانت كارثية علىالشعوب المدروسة، بالمفهومية الغربية:الأحادية والواحدية،المجمدة.والحصرانية والنفاحية فىادعاءاتاها لتفسير كل شىء،.بقانون شمال أحادي مستكبر ومتعالي، لا يقبل الآخر الاعبرمكبراته الخاصة ،ومعامل فكره التى تقزم ثقافات الآخرين –حينما يعن لها ذلك- كلما تماست أمواجه الثقافية والمصلحية مع أمواج الآخرين ،وخاصة أمواج الشرق اللجية، فيرمي على رماله وشطآنه كل ما على الثقلين من شرور، و من ظلمات البر والبحر،وكأن هذا الشرق عالم مفطور على الكبائر والشرور والموبقات، ما ظهر منها وما بطن ،وصار على نهجهم شرقيون محقرون لعقولهم.بالاطمئنان الفاقد للثقة بالنفس،

وما من حضارة أو دين أو ثقافة تعرضت للتشويه فى تاريخ البشرية للزيف والتحريف والتشويه، كما تعرضت له الحضارة العربية الاسلامية ، فى الماضي والحاضر وستبقى الى ما شاء الله،

وما انشغال الغرب منذ القرن الثامن الميلادي الي يومنا هذا بالتشهير بالاسلام وأهله لدليل على عقدة الدونية التي  يعاني منها الغرب تجاه الشرق ،والتي لاتزيد الا استفحالا كلما أوغل الاستشراق في محاولة اكتناه ثقافات واثنيات وحضارات هذا الشرق ،حيث يعيد الغرب  اكتشاف نفسه،فتزداد مأساته،ويبقى صريع تجاذبات متناقضة ما بين العشق والكره الا أن عنصر الكره فيها أغلب، حين يكتشف الغرب بشاعته عبر تناحر آلهاته بأعالي جبال "الألمب"،ولا يجد جوابا للغز انجاذبه الى سحر هذا الشرق ،فكان دوما قبلته ووجهته قبل الموسوية والمسيحية وقبل رغبته في الاستحواذ عليه بهجوماته المبكرة على فارس وفتوحات ذي القرنين ،

فأوجدالاستشراق كعلم له كيانه ومنهجه، ومدارسه وفلسفته ودراساته،وأغراضه،واتباعه، ومعاهده ومؤتمراته وتنظيماته بكل نزعاته  :التفوقية، والتحليلية، والاختزالية، والتخصصية، والتفكيكية، واللاهوتية، والسياسية،حيث ساهم بشكل سافرفى تشويه الاسلام ككل والتصوف خاصة(لأسباب سأفصل فيها فى حينها):ولقد اتجه معظم المستشرقين بدراساتهم الى ألوان غريبة عن التصوف الاسلامي الحقيقي ،لتغيير وجه الاسلام عموما وبمسخ التصوف خصوصا ،   بالبحث عن سبحات فلسفية وهمية، والتنقيب عن الشطحات القلبية، والهلوسات النفسية ، باعلاء شأن بعض الشخصيات القلقة المهتزة ، من أولئك االتى يسميهم ابن عربى "متصوفة الحال، لا المقام" وهى ألوان لحقت التصوف الحقيقي فى مراحل ضعفه فى مراحله المتأخرة، وفى غياب مجددين أقطاب، يحيون روح التصوف الحق بلغة عصرهم، ومشاكله الروحية،علىهدى الشريعة ونبراس النبوة،وخاصة عندما ينتقل التصوف من التشوف الى التزلف،و من القلوب الى العقول، ومن التعبد الى التأمل العقلي البحث ،ومن الايمان الذى يقرفى الصدر ويصدقه العمل، الىالتفلسف والمضاربات الفكرية.، والبهرجة الكلامية ،واللسننة، والنتيجة أن تضخمت فى الدراسات الاستشراقية ،مقولات المصادر الغير الاسلامية، والتقليد والتاثيرات والمؤثرات الأجنبية، ومحاولة ايجاد لدى كل متصوف أفكارا سابقة، أو مسبقة فى الزمن لدى"متصوفي" ديانات الآخرين، وكل مستشرق يسقط مفاهيمه على التصوف والاسلام عموما، حسب مفاهيمه الشخصية المحدودة بثقافته والمامه الواسع بمذهب أو دين ،أوملة أو هرطقات غريبة، فسيسقطها على الاسلام ليخضعها لمذهب معين، أو دين معين، أو تصور"روحاني خاص"، فخلقوا بذلك منهجا زائفا.، وسقطوا في ما اعتقدوه وتوهموه،ولاحجة عقلية لديهم الا ما تفرزه تناقضات المنهج "الاجتماعى الانسي "الذىخلقوه بعد القرن السابع عشر لتبرير "التفسيرات الادعائية"و"التوفيقية التلفيقية" و'التركيبية السياسوية" القائمة على "العقلنة الحصرية " la rationalité exclusive  المبررة لكل الانحرافات باسم العقلنة،حيث تصبح الاقتراضات يقينيات،والمتغيرات ثوابث،والنسبيات قطعيات

وظهرمن هنا وهناك من يتحايل على النصوص، ويلوي عنقها ،ليثبت "مجوسية "التصوف مثل المستشرق "تولك" ثم يعود نفسه ليعترف بخطئه.وباسلامية التصوف.، وكذلك " نيكولسون" الذى أثبت "أفلاطونية" التصوف ، ثم تراجع بعد ذلك ليثبت اسلاميته، وبقى اتباعهما فى الشرق يكررون نفس اللوثة الفكرية. بما فى ذلك بعض جهال السلفية المصابين بعقدة الشيخ ابن تيمية (رغم ان شيخ الاسلام لم يتعرض للتصوف بل تعرض لغلاة المتصوفة)

وانطلى هذا الزيف على الذين يمشون فى ركاب المستشرقين-عن قصد أو جهل- فى اثبات أجنبية التصوف ،ومرردين نفس مقولاتهم بدون تمحيصها.،و يرجعون(من الترجيع) أصداء الاستشراق في أجوائنا الفكرية ،وعكس أفكار الغرب المشوهة عنا في مرايانا الثقافية بسبب عقد الدونية لديهم،ولجهل مطبق بمنهجيات الغرب وآلياتها،فخلق هؤلاء وأولائك بذلك مشكلة وهمية، وهى مشكلة مصادر التصوف، التي صبغوها بصبغات أجنبية، ولا يزالون يختلفون ،بحيث لم تستقر أية مدرسة استشراقية على رأي قطعي ،فكل المدارس الاستشراقية وقعت منذ نشأتها –وما تزال- في معضلة الاشتباه،فاختلف المستشرقون وتنافروا حسب انتماءاتهم الايديولوجية والسياسية، فمعظم المدارس الاستشراقية ماهي الىأصداء للانتماءات الفكرية لأصحابها، يمينية أو وسطية أو يسارية أو كنسية، ويجمعها كلها هدف التشكيك ،ولان معظم المستشرقين كانوا مستشارين للسياسات الخارجية منذ "نابوليون" فكانوا أسرى عقلياتهم واتجاهاتهم  الفكرية وأقنعتهم الايديولوجية،وحسب آهداف كل بلد مستعمر ،حيث تجد خلافات مستعرة ما بين الاستشراق الروسي ابان فترةالاتحاد السوفياتي ،عن نظرائه الفرانكوفوني، أو الأنجلوساكسوني، أو الهولاندي أو الاسباني أو الايطالي أو الكندي او الامريكي،أو حتى اليباني الحديث، بحيث جاءت معلوماتهم المسبقة كارثية سببت في اطلاق مقولات "استفزازية" وتجهيلية ، بسبب الخطأ في فهم المصطلحات الاسلامية عموما –فما بالك بفقه اللغة الذي هو قطب الرحي في كل الدراسات الاسلامية والتي يعاني منها الكثير من المستشرقين الكثير حتى الذين يتصدرون كراسي الاسلاميات في الجامعات الغربية (ولقد شاهدت منهم يجامعات فرنسا عجبا(سواء في الفقه أو الحديث أو النص القرآني وعلومه) فما بالك بالمصطلحات الصوفية التي لا يفهمها الا اصحابها(وعادة ما يعمد كبار المتصوفة الى وضع قواميس خاصة بهم) ، حيث كان منهج معظم المستشرقين المتخصصين في التصوف هو الاعتناء بالتنقيب عن الشاذ من الآراء من بعض جهال المتصوفة وشواذهم، والولع بالكلمات المهزوزة والمبرقعة لابرازها، وتسليط الأضواء عليها –تحليلا وشرحا وتعليقا- لاثبات الصلة بين التصوف والوثنية الهندية من جهة، أوالوثنية المجوسية الفارسية من مزذكية ومانوية وزرادشية،أو كونفوشيوسية،أوميثولجيات اغريقية أفلاطونية ، أو غنوصيات عبرانية "قبالية" أومسيحية (1) وفي جميع الحالات، تكون النتيجة هو ابراز"دونية" حضارتنا(والمخجل ان احدهم صرح بصريح العبارة في مؤتمر انعقد بمنظمة اليونسكو في الثمانينات ،بأن تلك الثقافة الصحراوية البدوية الجافة، وأولئك الأجلاف من الصحابة، لايمكن ان تصدر عنهم هذه الاشراقات ، وهده اللطائف والرقائق التي نجدها لدى الزهاد الاوائل  مثل سعيد بن المسيب  ومجاهد بن جبير  وعطاء بن رباح  واويس القرني وسعيد بن جبير ومسروق الاجدع  والربيع بن اختم سقيان الاثوري  والبصري  والخولاني  والاوزاعي  والداراني  وغيرهم من الرعيل الاول من صفوة التابعين ممن تكلموا في الرقائق واعمال القلوب وخباياها  ومسالكها ،وبأن تلك الحضارة "الجافة" لا يمكنها ان تفرز هذا" السموالروحي" الذي اسمه التصوف.والتزكية والتخلية والتخلية،وبالتالي انحرفوا بالكيان العقلي والديني للتمدن الاسلامي وحضارته، وانتزعوا شكلهواطاره واقحموا فيه كل أهوائهم ،ولونوه بكل ألوان قوس قزح الكون، وحولوه كل مرة من شىء الى لاشىء ، بمنطق أرسطي عقلاني صارم.، وهكذا دارت أقلام المستشرقين ،وتلامذتهم من بعض المسلمين، وتشعبث بهم السبل، وانجروا الى تأصيل الحقد والفرقة، وتعميق الاختلاف بين المتعاطين للشأن الاسلامي، من داخل الاسلام نفسه، فاختزل بذلك الاسلام الى مجرد فرق ومذاهب وطوائف متقاتلة ومتناحرة ،وتحول التصوف أيضا الى مجرد نظريات  وهلوسات وشطحات وصور ومذاهب، قد تنسب الى كل نحلة وملة وهرطقة ،عرفها العقل البشري،منذ الخليقة ، فميع بذلك الاسلام كمنهج رباني ككل، والتصوف الحق(الذى مثله  الجنيد و الغزالي بالمشرق ومثله ابن مشيش بالمغرب ومن سار على هديهم)  كاجتهاد فى مجال التزكية القلبية ،وآداب العبادت وأسرارها ،وأعمال القلوب ومكنوناتها والتى هى من جوهر الاسلام

التصوف الاسلامي والروحانيات العالمية

و لقد حامت حول التصوف الاسلامي، كل المحاولات العالمية الهادفة الى الكمال الروحي، والمعارف اللدنية التى تحاول الاستقاء منه ، أو التشبه به ، أو احتوائه، او تفريغه من اطاره الشرعي الاسلامي.*، علما بأن سبل الكمال الروحي، تعددت بتعدد الفلسفات والمذاهب والنحل، وتعدد الوسائل والغايات لاقتباس نور الكمال، سواء بالتصفية والتخلية، من رواد الفلسفات الاشراقية، أوهوات النسك والطهارة والمجاهدات، كزهاد اليوغا الهندية،أوعشاق الاستغراق والتأمل، مثل طلاب الفلسفات ،أوالمستغرقين في النظريات التأملية.، ولكل منهج عدده(برفع العين) وطرقه وأدواته، وسبل ابتدعت ومذاهب اعتنقت.، وقد يتوصل هؤلاء وأولائك الى ألوان من الكمال، ودرجات من العرفان، وفتوحات قلبية،واستشرافات نفسية، ولكن هيهات، فليس كل فتح بنوراني،.حتى ولو ارتقت أرواح هؤلاء وأولائك الى مقام الاتيان ،بما يشبه الكشف والكرامات وخرق العادت، كما هو الحال فى الطرق الهندية(اليوغيية والبوذية )أو قدتستمد المذاهب الفلسفية والعقلية معارفها ومعينها من التفوق العقلي،فينحرف الانسان عندها الى العنصرية المقيتة ،والتعالي العرقي كما أفرزته "حصرية العقلانيات الغربية وانتاج "فتوحات" مثل النازية والفاشية والصهيونية

خصائص التصوف الاسلامي

ومن المعلوم أن لكل دين ظاهريعرف به، تمثلها شريعته وعباداته وطقوسه وكل شعائره.،كما أن لكل دين أيضا نزعة للباطن ،تستهدف مضامينه الروحية العميقة، وتغوص فيها،و التى لاتخضع للمنظورات الحسيةالتى يختلف البشر فيها نوعا وكما وكيفا، ويتفاوتون في هذه النزعة مثل الايمان الذىهو"نور يقدفه الله فى قلب من يشاء من عباده"و هو بضع وستون شعبة، أو بضع وسبعون شعبة –كما ورد فى الاثر – والمؤمنون يتفاوتون فى درجات ايمانهم ومقامته، كما وكيفا،وليس كل غواص يجد الدرر فى قعر المحيطات، كما أنه ليس كل مسلم بمؤمن ،ولا كل مؤمن بمحسن، وبالتالي فليس كل متصوف بصوفي ، وليس كل طالب بمطلوب ، ولا كل مريد بمراد.،فان الأهلية للصفاء الروحي عطاء ربانى"..ان الله يجتبى اليه من يشاء وينيب" وهو سبحانه يمد هؤلاء وأولائك ولكنه يضيف" وقل كل يعمل على شاكلته" أي حسب وعائه الروحي ومعينه وصدقه واستعداداته النفسية والروحية،.الا أنه جل جلاه يحدد" ...وماكان عطاء ربك أمرا محذورا"و ينبه طلاب الحقيقة وعشاق الكمال الروحي بأنه"..أفمن يمشي على وجهه أهدى ؟ أم من يمشي على صراط مستقيم؟؟"لكي لاتتيه النفس وتنحرف الى الشرك. وتنجرف الى الأهواء ،فتضل وتشقى ..

والتصوف بمفهومه الاصطلاحي فى الاسلام،لا علاقة له بما شاع فى الغرب باسمL emystisisme والتى قد يشترك التصوف معه في محاولة تجاوز الرسوم الظاهرة ،واعطائها معاني أعمق وقيمية أكثر(انظر احياء علوم الدين للغزالي علي سبيل المثال)،والتسامي بالشعائر من "التدينية" الطقوسية الجافة La religiosité الى الغوص فى أعماق الدين"

وقد تتشابه وسائل التصوف فى الزهدوالنسك والتصفية والتخلية والتأمل والطهارة ،مع هذا الدين أوذاك المذهب ،أو تلك الملة.،ولكنه مجرد تشابه شكلي وعرضي،

 فالتصوف الاسلامى الحق ليس من أهدافه :

-الاتيان بالكمال العقلي ، كما تهدف اليه الفلسفة العقلية ولا يدعي ذلك.

.

-أوالاتيان بالعجائب والخوارق والغرائب والكرامات، باطلاق العنان بالتركيزعلى تقصي الطاقات النظرية ،مما ينشده زهاد ونساك اليوغا أو البوذية أوغيرهما، من اطلاق عنان الروح بدون ضوابط ولا حدود.، ولا يدعي ذلك

-أو الكشف الباطني والفيوضات والعلم اللدني،وكشف الغيبيات.، كما هوالشأن لدى العرافين ،ومدعي الكشوفات الغيبية،.وليس من مهمته (والتى غالبا ماتنتهي الى ممارسة الشعوذات والعرافة والكهانة المحرمة شرعا" وان صدقوا –كما جاء في الأثر- والتى أصبحت ممارسات شائعة و"ثقافة" تروج لها  قنوات دولية غربية وعربية ،ممن يتجرون فى مآسي البشر ،واستغلال هشاشتهم الروحية،مع ضعف رصيدهم الايماني،وعند الحروب والهزات النفسية وصدمات الأهواء، ولدى صرعى العشق وما شابه ذلك)

الفتوحات والأخلاط

"أنظر ياهذا ماذا خالط قلبك ..".  امام الطائفة ابو القاسم الجنيد البغدادي

" من خلط خلط له ،ومن صفى صفي له ".... الامام الشافعي

أما ما يأتى من فيض،أو خارقة، أو كرامة.، أو من كمال روحي،.أو اشراق نفسي، فهي كلها بالنسبة للمتصوف الحق والصادق ، مجرد نافلة، ووسيلة لا غاية،وقد يصل السالك الى رحمة ربه ،وقد لا يصل (فالأمور بخواتيمها كما ورد في الأثر) وقد يسلك أو لا يسلك ،(فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون  ) وكل سالك في معارج الروح ومسالكها الوعرة ،معرض للاستدراج(سنستدرجهم من حيث لا يشعرون وأملي لهم ان كيدي متين) ولا أحد يضمن لنفسه عدم الوقوع فى الشطط والزلل والانحراف، مهما بلغت قوة روحانية السالك .،فقد يختلط على السالك أمره فى السير فى الطريق،(ويسميها الجنيد "بالاخلاط" فترد له خواطر وتعن له رؤى،فيشكل عليه،وتختلط عليه الأمور، وفيقع فى المحذور،ثم يسقط فى الخلط، ولا يستطيع فيه الفصل بين الحقيقة الربانية ،(أو الفتح النوراني) وما بين (الفتح الظلماني) أو الشيطاني(كما هو الشان في انواع التصوف المزيف المتواجد حاليا في الغرب) ،كما فسره عبد العزيز الدباغ صاحب الابريز، فكلاهما فتح ،ولكن شتان ما بينهما، لأن الله جعل العصمة فى التمسك بالشريعة ولم يجعلها فى الشطح والحال والجذ ب والذوق والكشوفات(ولو مشى الانسان على الماء او طار في الهواء-كما قال الغزالي)

فلا سبيل اذن لربط التصوف أوترقيعه ،أو مقارنته مع باقي المعارف الأخرى العالمية، التي جرت على البسيطة ،مع أعنة التاريخ البشري – وخاصة المعاصرة منها والتى هى اقرب الى الشعوذة والهرطقة منها الى الكمال الروحي-.