منظمات المجتمع المدني – ندرة أم قلة كفاءة أم

منظمات المجتمع المدني –

ندرة أم قلة كفاءة أم....!؟

وهيب الصانع

كاتب وباحث - اليمن

[email protected]

ان المجتمع المدني بكافة إشكاله وتعدد مسمياته وتنوع أنشطته  مؤسسات والجمعيات والاتحادات والمنتديات والأحزاب، كلها منظمات محلية تسعى وتسهم لمزيد من الرفاهية لمجتمعاتها .

فمهما اختلف  الاسم أو التوصيف لتلك المنظمة يظل القاسم المشترك بينهما هو الإنسان المحور الأساسي لكل الفعاليات والأنشطة , كما هو أيضا هدف التنمية ومقصدها من كل الأطراف ،مؤسسات حكومية أو منظمات مجتمع مدني .

مع أننا ندرك أهمية ذلك , خصوصاً عندما  نشرع في تشكل الأحزاب والجمعيات ،حيث لا يمكن وفقاً للدستور والقانون بمنح  التصريح لمزاولة مثل هكذا نشاط ،إلا عند استيفاء توقيعات لعدد محدد، و يسمى بالنصاب لذي بموجبة يكون العقد التأسيس من قبل مجموعه من الأعضاء،هم من  يشكلون النواة الفكرة الأساسية لمقترح  المشروع .

 وبهذه الخطوة تستكمل إجراءات بدء الطلب  بالتوثيق والانتخابات للهيئة الإدارية الأولى من قبل الجهات المختصة، وبالمقابل يمنح هذا الكيان الاجتماعي المدني تصريحاً لمزاولة برامجه وأنشطته وفقاً لنظامه الأساسي النهائي والمقر من قبل أغلبية أعضاء الجمعية العمومية .

إن أولى الفعاليات لمثل هكذا منظمة يكون عبر إشهارها إعلاميا عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة،  لكن ليس هذا  هو الموضوع أو المشكلة ..!؟ ,و إنما المشكلة تكمن عندما تختزل تلك المشاريع  والأفكار الجميلة والرائعة، لتصبح مجرد مقرات مغلقة لا تسكنها سوى الأشباح أو أختام تمهر بها الأوراق التي تعلوا ترويستها الشعارات ، لتظل قابعة في الأكياس أو الحقائب , ولا تخرج منها أو تتزحزح إلا قبل شهر رمضان الكريم ، لتعزف بها كل الحان الحزن  والأسى وتغني كل ترانيم الاستعطاف والاستجداء .

إن تلك المذكرات التي تدق على أوتار موائد الصائمين تارة وكسوة وأضحية العيد تارة أخرى .

كل هذا  يحدث وينفذ بعقلية العمل الفردي ، دونما أي إقرارا وموافقة، من الهيئة الإدارية أو استشارة الجمعية العمومية، مع هذا وذاك لا نجد  أي برنامج او خطة مكتوبة لكثير من تلك المنظمات والأحزاب وغالباً ما تعقد الاجتماعات .

أما عن تلك الأحزاب فالحسنة الوحيدة التي تقدمها لأعضائها هي بطاقة العضوية اليتيمة، لا تمنح إلا بالوساطة أو متى استدعت الحاجة للأعضاء لإقرار  شي ما أو لشهادة الزور..!!.

إن غياب التنظيم الإداري وقلة الخبرة في الإعمال الطوعية، وضعف ثقافة التدريب يقودنا إلى فساد من نوع أخر، هو ذاك الفساد المقنع با خمار الطوعية والإنسانية والنضال من أجل الحرية ،خصوصاً عندما تذهب كثير من المساعدات والمنح والهبات المالية والتبرعات إلى جيوب أولئك الأشخاص المتنفذين ( المقرمطين ) .

إن ثقافة (القرمطة ) لها طرق وأساليب وفنون شتى , وآليات ناجعة ومشاريع رائده , ولكنها مجرد مشاريع شخصية تعود بالفائدة لذي القربى , بينما الفئات المستحقة والتي تمتلك مشاريع قائمة وناجحة لا يصلها حتى القليل .

ويمكن القول أن القرصنة الفكرية  في مثل هكذا مجال تعد عملاً مربحاً بكل المقاييس فثقافة القرصنة لدى هؤلاء المبدعين ...!!  خصوصاً في السطو على أفكار الغير في العمل الطوعي والتنموي يعود تاريخها وبوادرها إلى مصدر مؤهلاتهم الأكاديمية التي جلبت بعضها من الخارج  خصوصاً في فترة ( صناعة الدبلومات )  أو إثناء انهيار حكومة صدام بالعراق الشقيق او من الهند بلد "الحج وبيع المسابح "كما يقول المثل.

فلا عجب أن تجد فكرتك منفذة بعد تقديمها أو استعراضها في جلسة أو لقاء  ولا غرابة أن تسمع أو تشاهد مشروعك أو بحثك يقرا أمامك  في منصة إحدى القاعات , وذلك بعد سحبه منك  للطباعة , ولا تحزن أو تنفعل عندما  يستبدل  غلاف ورقة عملك المقدمة لإحدى الندوات والمشاركات الخارجية وأنت لا تعرف ذلك ، إلا  عندما يسلمك إياها رئيس الوفد قبل المغادرة بثواني ، ستجد أنه قد كتب إلى جوار اسمك أسماء أشخاص ليس لهم أي شان أو دراية بمحتوى الموضوع وما سيقدم  .

إن مثل هذه الأعمال الهدف منها نبيل كما يقولون ( تلميع وإعداد لكوادر الغد ) أنها استراتيجيات لم نكن ندري بها وغائبة عن أذهاننا حينها كل تلك المؤشرات التي توحي بأن هناك شياً يدبر.

إذا كيف لنا إن ندرك أولئك أصحاب المؤهلات الكبيرة وذوي السيرة الذاتية المحشوة بالشهادات والدورات المتميزة التي لا تمس لصاحبها بصلة .

وإن كنت من ذوي الخبرة والتأهيل والشهادات الكبيرة والكثيرة فأنت ليس لك فرصة  بين هولا ولن يكون الحظ حليفك لشغل منصب ما - لأنك راسب مع سبق الإصرار والترصد - وإن استدعى الأمر في بعض الأحيان لأقصاك قصرا كحضور شخص أخرى يمتحن ، وينتحل شخصيتك ، إن هذا يحدث وليس من الخيال, كل هذا يحدث في بلدي .

بل و لربما قد تجد أسما يتطابق مع أسمك إلى الاسم الرابع  ..!!

فلا داعي لخوضك أي انتخابات , فحظوظك ذاهبة لا محالة لشخص غيرك !؟.

فعلى ما يبدوا إن شهادة حسن السيرة والسلوك التي منحت لي في بداية الثمانينات من قبل الجهة المخولة لمنحها آنذاك والتي كانت تعد إحدى الوثائق  الهامة والمطلوبة لاستكمال إجراءات التوظيف , تلك الشهادة التي بذلت فيها جهداً مضني وعانيت معاناة شاقة للحصول عليها ومع ذلك أجد نفسي دائماً راسباً في مادة السلوك وناجحاً بالتفوق في باقي المواد.

 فا بالله ألا دليتموني أين تكمن العلة ...!؟.