ألوان التاريخ السياسي .. ونصيب كل فريق منها

ومضات محرّضة:

ألوان التاريخ السياسي .. ونصيب كل فريق منها!

عبدالله القحطاني

مَن لديه إلمام جيّد بالتاريخ ، يعرف أن التاريخ الإنساني عامّة ، لايسجّل إلاّ ماله علاقة بالسياسة والحكم ، مباشرة أوغير مباشرة ! أمّا القضايا الأخرى ، فتسجّل في صفحات أخرى خاصّة بها ، كالأدب ، والفنّ ، والاجتماع ، والتربية ! وما له صلة من هذه العلوم بالسياسة ، من قريب أو بعيد ، قد يَرد ذكره في كتب التاريخ العامّة ، إضافة إلى ذكره في الكتب الخاصّة به ..!

 صنّاع القرارات الحاليون ، من زعماء الأمّة العربية ، الذين يرون مايجري في بلادهم ، لأبناء أمّتهم ، ولأوطانهم :

ـ يعرفون ، يقيناً ، الخطأ منه والصواب ، والحقّ منه والباطل ، والذي يرفع الرأس منه ، والذي يخفضه ، والذي يبيّض الوجه عند الله وعند الناس ، والذي يسوّده..!

ـ ويعرفون أنهم سيموتون ، وسيحاسبهم ربّهم على مافعلوا من خطأ وصواب ، وعلى ماقصّروا فيه ، من نصرة حقّ من واجبهم نصرته ، ومن مقاومة باطل من واجبهم مقاومته !

ـ ويعرفون أن المرء ، بعد موته ، لايبقى له في الناس ، إلاّ ماتركه من ذكر حَسن أو ذكر سيّء ، وأن التاريخ سيدوّن لكل منهم ، أو عليه ، ما أحسن فيه وما أساء !

ـ ويعرفون أن في التاريخ ، صفحات كثيرة مختلفة الألوان ، منها : الأسود ، والأبيض ، والرمادي .. ومختلفة النظافة ، منها : الطاهر البريء ، ومنها الملوّث الفاسد !

ـ وكل منهم يعرف مافعله من خير وشرّ ، ومن نفع للناس وضرر ! ويعرف أن الناس يعرفون كثيراً ممّا فعله بهم ، ولهم .. ولن يجاملوه في موته ، كما يجاملونه في حياته ، رغباً ورهباً !

 فكيف ينظر صانع القرار إلى نفسه اليوم ، وإلى تاريخه غداً ، وإلى موقفه أمام ربّه ، من ساعة احتضاره حتى ساعة وقوفه بين يدي الله عزّ وجلّ :

·  حين يناصر الظالم ضدّ المظلوم ، تحت ذريعة يَخدع بها نفسه ، مثل : الحكمة ، أو السياسة ، أو الدهاء ، أو الحنكة ، أوالمسايرة ، أو المجاملة !

·  وحين يرى الأبرياء يـُذبحون كالخراف ، ويستطيع أن يقول (لا) ، ولا يقولها.. ويستطيع أن يجعل لهم ملجأ لديه ومأوى .. ولا يفعل !

وحين يسلِم أناساً أبرياء ، إلى جلاّديهم في بلادهم ، وقد لجأوا إليه هرباً من جلاّديهم ، وهو يعلم مصيرهم عند هؤلاء الجلاّدين !

ـ الذين لايؤمنون بديانة ، أو بحساب في اليوم الآخر، وليس لديهم شيء من الاخلاق والمروءات الإنسانية ، لا يـُتوقّع أن يأبهوا لمستقبل ، أو لتاريخ ، أو لسمعة حسنة أو سيّئة ، في الحياة ، أو بعد الموت !

ـ أمّا الآخرون ، الذين لديهم شيء من إيمان بدين سماوي ، أو شيء من المروءات والأخلاق ، أو شيء من الحسّ الوطني ، أو شيء من الحسّ الإنساني .. فكيف ينظرون إلى أنفسهم ، اليوم وغداً .. وإلى ما يأخذونه معهم من أعمال ، وما يتركونه وراءهم من ذِكر!؟

  السؤال مطروح على هؤلاء ، وحدهم ! وربّهم عزّ وجلّ ، يقول :

 ( بل الإنسان على نفسه بَصيرة . ولو ألقى مَعاذيره).