لكي نحقق الغاية من الوجود ..
ونعطي الحياة معناها
هايل عبد المولى طشطوش
لم يأت الإنسان إلى هذه الحياة لكي يقوم بذات الوظائف والواجبات التي تقوم بها بقيه المخلوقات التي أوجدها الله على هذة الأرض .. بل إن الغاية التي جاء الإنسان إلى هذة البسيطة من اجلها هي اجلّ وارفع وأعلى منزله ..لدرجة أن الله سخر الكون وما فيه من مخلوقات لخدمته ووضعها تحت تصرفه وبين يديه لكي تعينه على حمل الرسالة والقيام بأعباء المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقه ،...إن الوجود يبقى ناقص والحياة تبقى بلا معنى إذا قصر الإنسان أو تخاذل أو تقاعس عن أداء رسالته والقيام بوظيفته لان ذلك- إن حصل- يعني تعطيل مسيرة الكون والاعتراض على مجريات الأقدار التي هي بتدبير الخالق الواحد الأحد الذي يعلم السر وأخفى ، ويعلم ما هو بصالح الإنسان وما هو بغير صالحه ... إن عمارة الكون واحيائه هي إرادة الخالق ورغبته ، وهي وظيفة فيها من القداسة والطهر والنبل ما فيها ...
وما كان توكيل الإنسان للقيام بها وتحقيقها إلا لأنه الأكرم والأقدس والأعز عند الله ... فهو المكّرم فوق الملائكة ،... وهم الساجدون له بأمر الله ..أيّة عظمه هذة ... ؟؟ وأية قداسه تلك التي تجعل مخلوقات النور الإلهي تسجد لهذا المخلوق الطيني البسيط !!؟؟ ، إنها أرادة المولى العليم المدبر لشؤون الكون والخبير بأسراره وخوافيه ..!!
لعل عصيان الإنسان لربه يشير إلى انه مقصر منذ الأزل في أداء رسالته.... ولعل في ذلك حكمه عظيمة وضعها الخالق الجليل ... وهي التسابق بين الخلق في أداء العمل وتميزهم عن بعضهم البعض وهذا التسابق هو الذي أوجد منهم المقصر والمتخاذل ومنهم والنشيط والمجتهد والباذل وذلك لكي لا يكونوا سواء في الأجر والعطاء والجزاء ، وهذا ما أعطى الحياة نكهتها ومنح الوجود لذة خاصة نتسابق لنرشف من رحيقها قدر ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ... فهناك من سيدخل الجنة وهناك من سيدخل النار كلّ جزاء ما اقترفت يداه !!
لقد قصر بني البشر في أداء واجباتهم على مر العصور والأزمان فعاشت كثير من الأمم والشعوب حياة الفقر والحرمان والنقص والحروب والشقاء والتعاسة والسعي الحثيث وراء لقمه العيش لكنها لم تجد إليها سبيلا ؟!! .. انه تقصير الإنسان ذاته في أداء واجباتة ورسالته جعله لا يشعر بمعنى الحياة وقيمه الوجود .. الإنسان هو من يمنح الحياة معناها وهو من يعطي الوجود قيمته وذلك بعمله واجتهادة وبذله وعطائة وتنازله عن لذته الخاصة وعن راحته الشخصية ولو قليلا .. ، لما لا ؟؟ إذا أراد العيش الرغيد والحياة الكريمة فعليه بالعمل والدؤوب الجاد لكي يشعر بلذة القطاف ويتمتع بطعم الثمار ، فالثمار لا تنبت من غير شجر والشجر لا ينمو بغير غرس والغرس يحتاج إلى عناية وحارس .. فالإنسان هو الغارس وهو الحارس وهو الفارس الذي يوقظ الحياة من غفوتها وينهض بها من كبوتها وان قصر ستبقى نائمة وسيبقى يمّني نفسهم بالأمانيّ ويحيا على الأمل الذي هو ابعد من السراب .. لأن " من جد وجد" وكذلك فأنك " لا تجني من الشوك العنب " ...!!
لكي نعطي الحياة معناها الحقيقي يجب أن يقوم كل واحد منا بواجبة ويخلص في ادائة لعمله وينهض بأمته ووطنه وبلدة ويقدم الخير لأهله ومجتمعه وكل من هم تحت رعايته ،فأداء الواجب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والتربوي والأخلاقي .... الخ من الواجبات هو جزء من فهم الإنسان لغايته من الوجود ، ففهمنا للغاية التي وجدنا من اجلها يسهل علينا فهم قيمه وأهمية الحياة ويدلنا على الطريق القويم لمعرفه معنى الوجود ومغزاة ،فلنسعى جميعا لكي نعطي الحياة معناها ونحقق الغاية من وجودنا على هذة الأرض ... .