متى ندرب البنات على الحجاب
د. خالد أحمد الشنتوت
هناك خطأ شائع يتردد بين المسلمين ، يدمّر الأجيال المسلمة ويجعلها فارغة ضائعة ، وهو توهّم الوالدين بأن ولدهم مازال صغيراً، ولا ينبغي إثقاله بشيء من التربية والتعليم ، يجب أن يلعب فقط ، ويتمتع بسنوات الطفولة قبل أن تثقله الحياة بهمومها ([ii]). مع أن سنوات الطفولة التي يضيعها هؤلاء الآباء والأمهات هي المرحلة الذهبية للتربية ، وهي مصنع المستقبل .
جهل الوالدين بالتربية
ويجهل كثير من الآباء والأمهات التربية عامة والتربية الإسلامية خاصة ، لذلك يلغون دور التربية تماماً ، وينتظرون الصبي حتى البلوغ فيلزمونه بالصلاة ، فإذا لم يصلِّ بدأت المشاكل بينه وبين والده ، ويطلبون من البنت أن تحتجب عند بلوغها ، ولما تمتعض الفتاة من الحجاب لا تجد أمامها سوى الضرب . مع أن التدريج والتربية من أكثر معالم السيرة النبوية والتربية الإسلامية وضوحاً. وأمر الأولاد بالصلاة لسبع قبل أن تفرض عليهم عند البلوغ ، دليل واضح على أهمية التربية والتدريب ، من أجل ترسيخ السلوك الإسلامي عند الناشئة .
أهمية الطفولة المبكرة
تتجلى أهمية الطفولة المبكرة (مرحلة ما قبل التمييز ، أومرحلة ما قبل المدرسة) ، عندما نعلم أن الطفولة الإنسانية أطول من أي طفولة في الكائنات الحية ، كما تتميز الطفولة الإنسانية بالصفاء والمرونة والفطرية ، وتمتد زمناً طويلاً يستطيع المربي خلاله أن يغرس في نفس الطفل ما يريد ، وأن يوجهه حسبما يرسم له من خطة ، ويستطيع أن يتعرف إلى إمكاناته فيوجهه حسبما ينفعه ، وكلما تدعم بنيان الطفولة بالرعاية والإشراف والتوجيه ، كلما كانت الشخصية أثبت وأرسخ أمام الهزات المستقبلية التي ستعترض الإنسان في حياته [ محمد نور سويد ، ص 79 ] .
وما يتربى عليه الطفل يثبت فيه مدى الحياة فهذا ( رينيه دوبو) يقول : [ ص 82 ] : لقد شعرت بارتياح كامل منذ البداية في كل مكان عملت فيه في الولايات المتحدة الأمريكية ، ولا أظن أن مكاناً آخر في العالم كان سيمنحني الصحة والنجاح والسعادة التي وجدتها هنا، ومع ذلك وبعد أكثر من أربعين سنة من الحياة في أمريكا ، لا يزال لديّ تحفظ ذهني عندما أقول أنا أميركي، لأنني لم أتجاوز ولا أريد أن أتخلص من تقاليدي التي اكتسبتها في قريتي الفرنسية الصغيرة حيث أمضيت سني تكويني الأولى والتي تركت طابعاً لا يمحى في وجودي العضوي والفكري .
ثم يقول [ ص211 ] : (إن تجارب الحياة في الفترة المبكرة من العمر هي التي تشكل الخواص العضوية والفكرية للطفل ، بأسلوب لا مجال لتغييره بعد ذلك . وكثير من نتائج التأثيرات الباكرة إن لم نقل كلها هي حقاً دائمة وكأنها في الظاهرلاتزول أبداً، ولا يصل الأولاد إلى سن الثالثة أو الرابعة من عمرهم إلا وتكون نماذج سلوكهم قد تبلورت نهائياً من أثر العوامل الثقافية والبيئية ).
([iii]) .
وحيث جعل الله الوالدين مسؤولين عن عقيدة الطفل لذلك جعل الله عز وجل الطفل يتلقى من والديه فقط طيلة طفولته المبكرة ، وجعله يرى والديه مثلاً أعلى في كل شيء حسن فلا يصدق غيرهما ، وذلك ليحصن الله عز وجل الطفل من التأثيرات القادمة من خارج الأسرة في الطفولة المبكرة . كما جعل الله سبحانه وتعالى الطفل يعتمد على والديه في كل شيء خلال هذه المرحلة ، مما يساعدهما على تنفيذ المهمة الموكلة إليهما .
التربية بالعادة
يقول الشيخ محمد قطب ومن وسائل التربية ؛ التربية بالعادة أي تعويد الطفل على أشياء معينة حتى تصبح عادة ذاتية له ، يقوم بها دون حاجة إلى توجيه ، ومن أبرز أمثلة ( العادة ) في منهج التربية الإسلامية شعائر العبادة وفي مقدمتها الصلاة ، فهي تتحول بالتعويد إلى عادة لصيقة بالإنسان لا يستريح حتى يؤديها، وليست الشعائر التعبدية وحدها هي العادات التي ينشئها منهج التربية الإسلامية ، ولكنها في الواقع كل أنماط السلوك الإسلامي ، ( مثل حجاب المرأة المسلمة ، وعدم اختلاط الرجال بالنساء غير المحارم ) ، وكل الآداب والأخلاق الإسلامية آداب الطعام والشراب ....إلخ وقد كانت كلها أموراً جديدة على المسلمين ، فعودهم رسول الله r إياها ورباهم عليها بالقدوة والتلقين والمتابعة والتوجيه حتى صارت عادات متأصلة في نفوسهم ، وطابعاً مميزاً لهم ... وتكوين العادة في الصغر أيسر بكثير من تكوينها في الكبر، ذلك أن الجهاز العصبي الغض للطفل أكثر قابلية للتشكيل ، أما في الكبر فإن الجهاز العصبي يفقد كثيراً من مرونته الأولى…ومن أجل هذه السهولة في تكوين العادة في الصغر يأمر الرسول r بتعويد الأطفال على الصلاة قبل موعد التكليف بها بزمن كبير، حتى إذا جاء وقت التكليف كانت قد أصبحت عادة بالفعل ، يقول الرسول r (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر )) فمنذ السابعة يبدأ تعويد الأطفال على الصلاة ، مع أنهم لن يكلفوا بها إلا بعد سنوات قد تمتد إلى خمس أو ست . لتكون هناك فسحة طويلة لإنشاء هذه العادة وترسيخها ، حتى إذا بلغ العاشرة، وصار على مقربة من موعد التكليف ، فقد وجب أن يكون قد تعودها بالفعل... فإن لم يكن تعودها من تلقاء نفسه خلال سنوات التعويد الثلاث ، فلا بد من إجراء حاسم (وهو الضرب)(([iv])، يضمن إنشاء هذه العادة وترسيخها.
وقد اختص حديث رسول الله r الصلاة بهذا الأمر لأنها هي عنوان الإسلام الأول والأكبر ، حتى ليقول رسول الله r (( بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة )) ([v]) . ولكن جميع آداب الإسلام وأوامره سائرة على ذات النهج ، وإن كان الرسول r لم يحدد لها زمناً معيناً كالصلاة ، فكلها تحتاج إلى تعويد مبكر ، وكلها تحتاج بعد فترة من الوقت إلى الإلزام بها بالحسم إن لم يتعودها الصغير من تلقاء نفسه .
يقول الشيخ محمد علي الصابوني استدل بعض الفقهاء من قوله تعالى} يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ...{ [ النور : 85 ] على أن من لم يبلغ ، وقد عقل يؤمر بفعل الشرائع، وينهى عن ارتكاب القبائح على وجه التعليم وإن لم يكن من أهل التكليف ، فإن الله أمرهم بالاستئذان في هذه الأوقات . وقال عليه السلام : (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع )) ، وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: نعلم الصبي إذا عرف يمينه من شماله ، وروي عن ابن مسعود t أنه قال : إذا بلغ الصبي عشر سنين كتبت له الحسنات ولا تكتب عليه السيئات حتى يحتلم . وقال أبو بكر الرازي إنما يؤمر بذلك على وجه (التعليم والتأديب) ليعتاده ويتمرن عليه ، فيكون أسهل عليه بعد البلوغ وأقل نفوراً منه، وكذلك يجنب شرب الخمر ولحم الخنزير وينهى عن سائر المحظورات ، لأنه لو لم يمنع في الصغر لصعب عليه الامتناع في الكبر ، وقد قال الله تعالى قيل في التفسير أدبوهم وعلموهم ([vi]) .
فمتى تدرب البنات على الحجاب ؟
سبق أن وضح لنا أننا أمرنا أن ندرب أولادنا على العبادات قبل أن تفرض عليهم ببضع سنين حتى يعتادوها ، وقد لاحظنا أن مدة التدريب تتراوح بين (5-8) سنوات ، لذلك فإن التدريب على الحجاب وهو عبادة يجب أن يسبق التكليف بالحجاب ببضع سنين حتى تعتاده الفتاة ، فيصعب عليها نزعه بعدذلك.
ولكن متى يفرض الحجاب على الصبية ؟؟
هناك إجابتان إحداهما تقول تحجب الصبية عندما تشتهى ، والسن التي تشتهى فيها الصبية تختلف من واحدة لأخرى وفقاً لطولها وجمالها وبنيتها ، وغالباً لا تقل عن الثامنة ولا تزيد عن الثانية عشرة .
وتقول الثانية تحجب الصبية إذا حاضت وسن الحيض تتراوح بين (11 -14) عاماً في بلادنا .
وفي الحالتين لابد من فترة تدريب سابقة على سن التكليف ، فالصبية التي تشتهى في الثامنة من عمرها يجب أن تدرب على الحجاب منذ السادسة ، وهكذا فعل العلامة الشيخ محمد الحامد يرحمه الله مع بناته ، إذ كان يحجبهن حجاباً شرعياً كاملاً في السادسة تقريباً، والفتاة التي تشتهى قبل المحيض ولا تحتجب ، فتفتن الرجال بالنظر إليها يأثم والدها ( ولي أمرها ) ، ولا تأثم لأنها غير مكلفة ، أما بعد البلوغ فإن لم تحتجب تأثم هي كما يأثم والدها لأنه مسئول عنها والله أعلم .
أما التي لا تشتهى في الثامنة فينبغي تدريبها على الحجاب منذ السابعة قياساً على الأمر بالصلاة ، فقد قاس الشافعية الصوم على الصلاة ، وقالوا : ( يؤمر به الصبي لسبع ويضرب عليه لعشر ) ، وكذلك الحجاب فإن الصبية تؤمر به لسبع وتضرب عليه لعشر . ويقول الشيخ محمد علي الصابوني : ( يطلب من المسلم أن يعود بناته منذ سن العاشرة على ارتداء الحجاب الشرعي ، حتى لا يصعب عليهن بعد ارتداؤه ، قياساً على أمر الصلاة (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم بالمضاجع )) ) [ تفسير آيات الأحكام ، ص381 ] . ولكن إذا قسنا الحجاب على الصلاة فلماذا لا تؤمر الصبية في السابعة وليس العاشرة ؟ وربما يقصد الشيخ الصابوني حجاباً شرعياً(كاملاً) في العاشرة ، وتحجب في السابعة حجاباً قريباً من الكامل على سبيل التدريب . ومع هذا فالأرجح عندي أن تدرب الصبية منذ السابعة على الحجاب الشرعي ، لأن سن العاشرة متأخرة جداً من الناحية التربوية ، وفي الحادية عشرة تدخل الفتاة مرحلة البلوغ ، ولاتكفي سنة واحدة للتدريب على تكوين عادة الحجاب .
وثمة سؤال يخطر في الذهن وهو ما الفرق بين الصبية قبل بلوغها ببضعة شهور وبينها وهي تدخل البلوغ ، من حيث جمالها ولفت نظر الرجال إليها ، وبعبارة أخرى ما الفرق بين الصبية في الحادية عشرة ( حيث لم تبلغ بعد ) وبين الصبية نفسها في الثانية عشرة عندما تبلغ !!؟؟
لذلك فإن حجب الصبية عندما تشتهى أقرب إلى الصواب ، وكثير من الصبايا في العاشرة من عمرهن يفتنّ الرجال بقامتهن وشعورهن . لذا ينبغي على آبائهن حجبهن عن عيون الرجال كي لا يقع هؤلاء الآباء في الإثم والله أعلم .
وإغفال فترة التدريب والتعود على الحجاب منذ الصغر، حيث ينغرس في شعور المرأة وضميرها ، ثم إلزامها به عند البلوغ يؤدي إلى ظاهرة الحجاب التقليدي حيث تلبس الفتاة الحجاب مسايرة لأهلها وعادات مجتمعها ، وهي مجبرة على ذلك ، حتى إذا سنحت لها الفرصة خلعته . أما إذا انغرس ارتداء الحجاب في ضمير الفتاة نتيجة للتدريب منذ الصغر، فإنها تتمسك به مرتاحة مطمئنة لأنها تنفذ أوامر ربها عز وجل. ولا تخلعه حتى إذا أمرها زوجها بخلعه، لأنها تعرف أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
لماذا في السابعة ؟
في السابعة من العمر يبدأ الإنسان المرحلة الثالثة من نموه ([vii]) ، وهي الطفولة المتأخرة ، أو سن التمييز ولهذه المرحلة خصائص منها :
1- اتساع الآفاق العقلية ( المعرفية ) للطفل ، واتساع بيئته الاجتماعية عندما يدخل المدرسة ، ويبدأ في تعلم المهارات .
2-يحب الطفل في هذه المرحلة المدح والثناء ، ويسعى لإرضاء الكبار (كالوالدين والمدرس ) كي ينال منهم المدح والثناء ، وهذه الصفة تجعل الصبي في هذه المرحلة ليناً في يد المربي ، غير معاند في الغالب ، بل ينفذ ما يؤمر به بجد واهتمام
3- يتعلم الصبي في هذه المرحلة المهارات اللازمة للحياة ، كما يتعلم القيم الاجتماعية والمعايير الخلقية ، وتكوين الاتجاهات والاستعداد لتحمل المسؤولية ، وضبط الانفعالات ،لذلك تعتبر هذه المرحلة أنسب المراحل للتطبيع الاجتماعي .
4- يحصر الطفل قدوته وتلقيه بوالديه حتى نهاية السابعة ، ويقبل من أمه وأبيه إذا كانا مهتمين به أكثر من مدرس الصف الأول ، ويضفي على والديه هالة من الإعجاب ، فما يقوله أبوه أو أمه صحيح ولا يقبل النقاش ، ثم يبدأ بالتدريج في الخروج من دائرة التأثر القوي بالوالدين ، وفي الثامنة والتاسعة يكاد يتساوى تأثير المدرس مع تأثير الوالدين . أما في بداية البلوغ فيصبح التحرر من سلطة الوالدين دليلاً على أن الطفل صار شاباً .
5- في السابعة إذن الصبي مميز ( يفهم ) ، ويسعى لإرضاء والديه من أجل كلمة مدح أو ثناء من أحدهما أو كلاهما، فإذا أمر بالصلاة تجده ينشط إلى أدائها بنفس طيبة وهمة عالية ، وإذا أمرت الصبية بالحجاب فإنها ترتديه بسرور وفخر لأنها صارت كبيرة ، كما أن الفترة بين السابعة والبلوغ كافية للتعود على الصلاة والصوم والحجاب ، وقد يكون هذا أهم الأسباب .
أما في الحادية عشرة وما بعد ، يرى الصبي أن تنفيذ أوامر والديه دون مناقشتها منه دليل على طفولته ، التي يرغب في مغادرتها ، وبعد البلوغ يرى بعض الأولاد معارضة والديهم دليلاً على شبابهم ونموهم .
6- يعيش الطفل مرحلة الطفولة ( المبكرة والمتأخرة ) ، يتطلع إلى تقليد الكبار ليرى نفسه كبيراً مثلهم ، ويؤلمه أن يقال عنه صغير ، لذلك تراه حريصاً على الذهاب إلى المدرسة مع إخوانه ، وإلى المسجد ليصلي مثل الكبار ، وعلى المربي استثمار هذه الرغبة الموجودة لدى الطفل في تطبيعه وتعويده على العبادات . فإذا قال له والده أنت كبير ويجب أن تصلي ، يطرب الصبي لهذا الأمر لأنه سمع أنه كبير كما يحب ، وعندما يقال للصبية أنت شابة وجميلة ويجب أن ترتدي الحجاب مثل أمك وأختك الكبيرة ، تطرب الطفلة لهذا الأمر لأنها ترغب في أن تكون كبيرة . ومع الأسف أن الآباء عامة والأمهات خاصة يضيعون هذه الفرصة الذهبية بحجة واهية نابعة من الجهل بالتربية وعلم النفس ، عندما يقولون مازال طفلا ًومازالت طفلة .
يقول محمد قطب [2/196] : ( نحن الآن مع كائن جديد لا يريد أن يكون طفلاً ويكره أن يعامل على أنه طفل صغير كما كان بالأمس القريب، ويريد أن يعامل على أنه رجل إذا كان ولداً ، وعلى أنه أنثى ناضجة إذا كانت بنتاً ... يقول الأب هذا الولد إنه لا يريد أن يطيع أمري يريد أن يدعي أنه رجل ، وتقول الأم هذه البنت إنها لا تريد أن تطيع أمري تريد أن تجعل نفسها فتاة كبيرة . والولد والبنت يقولان إن أهلنا مازالوا يعاملونا على أننا أطفال ، لقد كبرنا ولم نعد أطفالاً .
7- توحد الطفل مع دوره الجنسي ، ويلاحظ في هذه المرحلة أن الأولاد يلعبون مع الأولاد فقط ، وتنحصر لعبهم حول دورهم كرجال في المستقبل، ولو جاءت بنت لتلعب معهم يطردونها ويقولون لها أنت (بنت) كيف تلعبين مع الصبيان . وتلعب البنات مع بعضهن ألعاباً تمثل دورهن في المستقبل كأمهات غالباً ، ولو جاء صبي ليلعب معهن يطردنه ويقلن له كيف تلعب معنا ؟ هل أنت بنت أم ولد ؟ وبناء على هذا الأساس النفسي تظلم الجاهلية الحديثة الناشئة عندما تجعل التعليم الابتدائي مختلطاً لا يفصل الجنسين عن بعضهما . كما أن المربي الحصيف يستفيد من هذه الخاصة في ترسيخ السلوك الرجالي عند الصبيان ، والسلوك النسائي عند البنات، ومنه ارتداء الحجاب وتدريبهن عليه . لأن البنت تشعر في هذه الفترة أنها تختلف عن الصبي ، وأن دورها في الحياة يختلف عن دوره [ محمد قطب 2/199 ] .
ومن أخطاء الجاهلية المعاصرة أنها تعامل البنات والصبيان معاملة واحدة ، فهم في مدرسة واحدة ، ولباس واحد تقريباً ، ومنهج دراسي واحد ، بحيث تعد الذكر والأنثى إعداداً واحداً تماماً، وهذا كله مناقض لمعطيات علم النفس الذي يدعي الغرب أنه وفي لمعطياته ومبادئه . ونتيجة ذلك تخنث كثير من الرجال واسترجل كثير من النساء حتى صرت تتأمل بعض الناس في شوارع أوربا وتقول لنفسك أهو رجل أم امرأة !!؟
8- تنمو الواقعية لدى الأطفال في أواخر هذه المرحلة وقبل البلوغ ، فالصبي الآن يكره أن يعامل كطفل ، ويريد أن يعامل على أنه رجل إن كان صبياً ، أو امرأة إن كانت بنتاً. ولم يعد الصبي الآن يتخيل العصا حصاناً ، إنه يريد الآن الحصان الحقيقي ليركبه مثل الرجال ، ولم يعد يتخيل اللعبة سيارة ، ولكنه الآن يريد أن يقود السيارة الحقيقية . كما تلقي الفتاة عرائسها ولعبها وتدرك الآن أنها كائنات غير حية ، وتريد أن تدخل في عالم المرأة وتتعرف على أسراره . ويزيد نهم الطفل في هذه المرحلة إلى اكتساب المعلومات والتفوق على أقرانه بها [ محمد قطب 2-197 ] .
وعندما يتعرف الوالدان على هذه الخصائص ، فإنهم يستفيدون منها في تنشئة
والحمد لله رب العالمين
[ii]- قد يكون اللاشعور لدى بعض الأمهات يوقف الشعور بالزمن لديهن ، حتى لا يكبرن ويتقدمن نحو الشيخوخة ، لذلك ترى طفلها مازال صغيراً ، حتى لو وصل البلوغ ، كي تتوهم أنها ما تزال شابة ، فمادام ابنها طفلاً فهي شابة .
[iii] - عبد الله محمد خوج ، التربية النموذجية للطفل العربي ، ص 21 .
[iv] - والضرب هنا وفي كل مجال تربوي إسلامي يأتي في نهاية برنامج طويل من التدرج في العقوبة ، يبدأ بإيقاف المكافأة ، ويمر بلفت النظر ثم التوبيخ ، ثم يبدأ بالعقوبات غير الضرب مثل شد الأذن ، أو الحرمان مما يحبه الطفل ، حتى يصل أخيراً إن لم تجد جميع فقرات البرنامج إلى الضرب كما سيمر معنا .
[v][v] - أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[vi] - أحكام القرآن للجصاص ، نقلاً عن تفسير آيات الأحكام للصابوني ، (2/512) .
[vii] - المرحلة الأولى هي المهد وتنتهي في الثانية من العمر ، والثانية هي الطفولة المبكرة ( أو سن ما قبل التمييز ) وتنتهي في نهاية السادسة عندما يدخل الطفل إلى المدرسة .