البراغماتية... ذلك المصطلح الفلسفي البغيض
البراغماتية... ذلك المصطلح الفلسفي البغيض
م. الطيب بيتي العلوي
مغربي مقيم بفرنسا
باحث في الانثروبولوجيا الدينية والثقافية بباريس
"الغرب بلاد المساء..".. وفق تعبير مارتان هيدغر.من كتابهHeidegger,Qu’est- ce que penser ?.أى.تلك البلاد الأسطورية التى تولد فيها الفلسفات مع حلول كل مساء،عندما تظهر بومة منيرفا وتكون الشمس قد قطعت لتوها مشوارها الطويل..وفق تفسير سيرج لا توش فى كتابه تغريب العالم L’occidentalisation du monde –SergeLatouche
مقدمة لا بد منها
القرن التاسع عشر الولاد للفلسفات والايديولوجيا
ان التفكير الفلسفى فى أى عصر ،هو على الدوام أكثر تعقيدا وتنوعا مما يبدو للوهلة الأولى .فلقد بذ القرن التاسع عشرالقرنين السالفين-فلسفيا- مع أهميتهما من حيث الضخامة والتنوع والتعقيد،وان الحضور المكثف للمشاهيرالذين هم فى قامة كانط، هيغل، فيشته،شوبنهاور، كونط، ستيوارت ميل، سبنسر ، ماركس، انغلز، نيتشه، كيركغارد، ماخ …ليجعلنا ندرك فورا ذلك الاختلاف الكبير الذى لم يسبق له مثيل لا من حيث الأسلوب أو المزاج، بل حتى فى الأرضية والمنهج.حيث تولدت سلالات فلسفية كبرى وسقطت وقزمت أخرى فى زمن جد قصيرأمام التغول الفكرى لهؤلاء العمالقة،.وسرعان ما غدت مصطلحات احدى المدارس معميات فى نظر المدارس الأخرى.،مما يفسر أسباب الحيرة التى تعترى المؤرخ والباحث فى فلسفة القرن التاسع عشر، بسبب غرابة تلك الفلسفات وصعوبتها وتناقضاتها،حيث زعزع الطرح الكانطىالجديد بتساؤله (ما هو التنوير؟ عام 1784و "ما هو الانسان؟ 1793 ) المشروع الفلسفى نفسه الذى سيطر منذ أرسطو فتحول تحولا جذريا ،وبقىهذا الطرح عالقا بالفلسفة المعاصرة ويعاد طرحه بأشكال مختلفة ولطيلة قرنين من الزمان بدءا من هيغل الى هوركهايمر وهابرماس مرورا بنتشه وماكس فيبر، ولم تقم فلسفة معاصرةالا وجدت نفسها أمام ذات السؤال.. من نكون؟وما الذى نفكر فيه؟ وما الذى نحن بصدد الاقدام عليه اليوم ؟ونتج عن هذا الطرح ،أن معانى الاصطلاحات الأساسية فى المفردات الفلسفية التقليدية من أمثال "الميتافيزيقا" و"المنطق" قد تغيرت حتى تكاد لاتعرف، وأن مسائل وجدت طيلة أكثر من ألفى عام غدت عديمة المعنى ، وحلت محلها مسائل أخرى لم تخطر على البال قبلا،.لما تتخلل كتابات فلسفة القرن التاسع عشر الكثير من الغموض ،حتى أنه من غرائب المفارقات أن "عمانويل كانط" الذى ظن أنه قرع أجراس موت الميتافيزيقا التأملية ،اذا به يثير احياء ميتافيزيقا كبرى مغرقة فى المثالية المطلقة لدى كل من فخته وهيغل،. مما حدا بمريد مخلص لدياليكتيك هيغل مثل ماركس القول بأنه " أعاد هيغل الىالمشى على قدميه بعد أن كان يمشى على رأسه"...
وباختصار فانه منذ كانط تزايد الوعى بأن المهمة الأولى للنقد الفلسفى لا تمت بصلة الى "العلم" بالمعانى المألوفة لهذا الاصطلاح ،بل تمت الى شىء لا تلائمه غير كلمة "الايديولوجا"(التى من بين معانيها المتعددة "التأمل المثالى أو المجرد وتكوين النظريات رؤيويا" أماالمعنى المتعارف عليه منذحقبة من الزمن. فهو المعنى البونابارتي) ولهذاكان هذا العصرهوعصرازدهارفلسفة التاريخ-التىهى أكثر الأنظمة الميتافيزيقية بهرجة- كما أسماها مؤرخ الفلسفة الألمانى الشهيرهنرى ايكنHenry.D.Aiken ..هذه الأنظمة التى جلبت معهاأكثرالسلالات الفلسفية غرابة وأبعدهاعن المعنى العام للفلسفة-مهما اختلف الفلاسفةانفسهم فى تعريفاتهم اياها -أى بغيةالحكمة ونشدانها، أو ما كان الاغريق يدعونه :"بالحياة السعيدة" تلك التىقزمت ماعداهاوغيرت المسارالتاريخى للبشرية –سلبا-مثل :النفعية الانغلوساكسونية والصهيونية'اليهودية والبراغماتيةالامريكية التى هى موضوعنا الرئيسى فى هذه العجالة..
البراغماتية-او الذرائعية)
تعريفها الاصطلاحى
البراغماتية فى اليونانية براغماpragmaتعنى(الاشياء التى يجرى عملها) ومبدأ الذرائعية هو الذى يحدد قيمة الصدق بفائدته العملية(بيرس)،وعند وليم جيمس فقد صيغت الذرائعية كمنهج لحل المنازعات الفلسفية بواسطة مقارنة "النتائج العملية" الناتجة عن نظرية فلسفية ما، وكنظرية للصدق :"فالصدق هو ما ينفع على أفضل وجه بحيث يقودنا الى قصدنا،هو ما يلائم كل جزء من الحياة على أفضل نحو ويجمع محصل مطالب الحياة"
واذا كانت الفلسفة فى أعم معانيها،هى نظرة طبقية الى العالم، وأسلوبا لهذه الطبقة فى التفكير يعبر عن روحها ومصالحها ويعكس عواطفها وآمالها، وظروف حياتها المادية والمعنوية والأخلاقية وعلاقاتها الاجتماعية ،فان الفلسفة البراغماتية كان الأصل فى نشأتها ولاتزال هو التعبير عن نظرة طبقة محددة الى العالم، وهى الاحتكارية الأمريكية، صاغها ممثلوها لتكون أداة لها للسيطرة الفكريةفى الداخل الأمريكى وخارجه، ولتبرير أعمالها ومواجهة الأفكار والفلسفات المعارضة لها
حيثيات ظهور البراغماتية
ولا بد أولا من فهم الملابسات التاريخية لنشأتها،والظروف الموضوعية التى أحاطت بها لمعرفة على وجه اليقين أى مصالح طبقية تخدمها هذه الفلسفة..
ففى أواخرالقرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين أدركت القوى الكبرى أن مصيرها الى زوال،ازاء الخطر الذى بات يهدد مستقبل هذه الامبرياليات (الديموقراطية حتى النخاع) والمتناحرة –بشناعة-على اقتسام اليابسة من الصين الى جنوب افريقيا،فكان لزاما عليها أن تبحث عن سلاح فكرى جديد تشهره فى وجه الشعوب والطبقات المقهورة الصاعدة ،للحفاظ على مراكزها أمام بوادر تقهقرالملحمة الكولونيالية الأوروبية، فظهرت ثلاث نظريات فلسفية تربط بينها وشائج فكرية متلاحمة تشتركك فى مبادئها وخلفيتها المعرفية الكبرى على ايقاف المسار التاريخى للشعوب، ونفي التغيير ،وتأكيد الثبات،وطرح اللايقين،واليقين فى نفس الوقت والمطلق،والتعميم،والدعوة للشك وكل ضروب الاحتمالات التبريرية واللامعرفة .ومتعتمدة أسسهها "العلموية" على أكبر المكتشفات المعرفية الغربية الكبرى التى ظهرت كنظريات(تفكيكية –تخفيضية) آنذاك وخاصة "التطورية الداروينية " التى تعتمد على الصراع والانتقاء الطبيعي والبقاء "للأقوى" و"الأصلح "والأنفع" وعلى الدوركامية كنظرية سوسيولوجية انتقائية تفوقية - تشويشية وتبريرية. اثنتان منهما فى أوربا... النفعية فى بريطانيا والصهيونية فى سويسرا ثم البراغماتية فى الولايات المتحدة الأمركية وهى موضوعنا فى هذه العجالة.
فبعد انحصار المد الاستعمارى الأوروبى وهضمه لكعكعة العالم الهائلة فى ظرف قرنين منذ أن علا شأن الموجة الاستعمارية التى انطلقت بعدعام1800 عندما انقضت الدول الأوربية فى سياق سباق محموم على كل البقايا الأخيرة من الأراضى"غيرالواقعة تحت السيطرة"،ثم بدأت تهترئ وتضعف هيبتها، اثرالتنافسات الحربية المدمرة فيما بينها،فكان يبدوأن تصفيتها أمرا محتوما(مماولد أجواء فكرية نقدية ترجمتها كتابات مفكريها المتمثلة فى ظهور الفلسفة الماركسية كنظرية نقدية للتجاوزات الغربية الى جانب فلسفات "سوداوية" واشتراكيات مثالية فابية وسان سيمونية وأنارشية فوضوية ،تعبرعن لسان الغرب الأوروبى المنهك بعدأفول نجمه الكولونيالى الساطع، وسقوط فكره فى المستنقعات المعتمة و أحلام اليقظة القاتمة مما خلق مناخا سياسيا فكريا متراجعا قاتما وثقافة بورجوازية تخلق لامنتمين ومتمردين وهامشيين ورافضين لقيم الغرب المهزوزة والمتقلبة والهشة والتى كانت من دواعى نجاحات الفكر الماركسى فى دولة فقيرة كبرى مثل روسيا لافى اوروبا الغربية الرأسمالية –كما أريد لها واضعاها (ماركس وانجلز) فسميت باللينينية، ثم لاحقا بالستالينية،عن طريق "التنشيطية "Activisme أوالحركية ،لتدارك أخطائها النظرية ،(وليس مجال بحثنا هنا)فنجحت فى استقطاب معظم الثوريين والمثقفين فى أوروبا و العالم الثالث) الشىء الذىأقض مضجع سياسي البيت الأبيض آنذاك، الذين يسعون بحكم تطلعات بلدهم الفتى وخصوصية عقلية مهاجريه البيض الأوروبيين من شدادي الآفاق(وللتذكير كان معظمهم من البروتستانتيين المعادين للكاثوليكية)والراغبين فى الاستحواذ والاستأصال والاستغلال (بعد نجاحهم فى أكبر ملحمة بشرية استأصالية للسكان الأصليين،ومحوهم من ذاكرة التاريخ الى غير رجعة)،فبدأ التفكير فى ازاحة الأم العجوز عن حصرية انفرادها بالكعكة ولتنامي الفلسفات النقدية المضايقة لها السابق ذكرها،
حيثيات ظهور البراغماتية
اجتمع نخبة من أكبرالمفكرين فى أوائل العقد الثامن من القرن التاسع عشرفى الولايات المتحدة الأمريكية ،وألفوا حلقة فكرية بهدف المناقشة الفلسفية الحرة ،أسموها "النادى الميتافيزيقى"وكانت تضم :
تشارلس ساندر بيرس وشونسى رايت الفيلسوفان و وليم جيمس وهوعالم طبيعى وفيلسوف وعالم نفسى. وأوليفر وندل هولمز، وهو محامي ومنظر تشريعى،وجون فيسك المؤرخ الأمريكى، وفرانسيس النجوود أبوت،وهو من رجال اللاهوت المؤثرين آنذاك. وكان محور هذه اللقاءات هو (كيف يمكن أن تصبح الولايات المتحدة الأمريكية هى "الامتداد الحصرى للامبرياليات الأوربية السابقة"،وتحديد أهداف الامة الأمريكية الكونية؟) وذلك بوضع اطار فكرى لبرامج بعيدة المدى على جميع الأصعدةالثقافية والفكرية والتربوية والفنية (وهذه هى المرحلة الاولى والنواة لصياغة البراغماتية أو (الذرائعية الامريكية) من الناحية التنظيرية)
نظرية جون فيسك أو... المصير الواضح للولايات المتحدة الأمريكية
تمخض عن هذه اللقاءات الفكرية توصيات بقيت فى الأرشيفات المتخصصة فى المعاهد والجامعات الأمريكية لمدة طويلة والتى لخصها المؤرخ الأمريكى جون فيسك فى كتابه "أفكارأمريكية فى السياسة" التى كانت موضوع محاضرة له عنوانها "المصير الواضح"،
وقد صاغها فى شكل قصة خيالية تقع أحداثها فى باريس، حيث اجتمع ثلاثة مغتربين أمريكيين فى حفل عشاء.، وقدم المتحدثون أنخاب بلدهم العظيم فقال أولهم "اليكم نخب الولايات المتحدة الأمريكية التى تحدها أمريكا البريطانية شمالا،و خليج المكسيك جنوبا،والمحيط الأطلنطى شرقا ،والباسيفيكى غربا"، وقال الثانى،" لا يا صاح انك تنظر نظرة محدودة للغاية، اذ يجب علينا ونحن نعيد حدود بلدنا، أن ننظر الى المستقبل العظيم الذى يشير اليه المصير الواضح للجنس الأنجلوساكسونى (يلاحظ هنا حتمية التحالف البريطانى الأمريكىفى كل العمليات العسكرية مستقبلا) ،ويكمل قائلا، هاكم نخب الولايات المتحدة التى يحدها القطب الشمالى شمالا، والقطب المتجمد جنوبا، وشروق الشمس شرقا، وغروبها غربا." فثارت زوبعة من التصفيق تحية لهذه النبوءة الطموحة وهنا انبرى متحدث ثالث من أقصى القاعة ،وهوأمريكى تبدوعليه حكمة وصرامة وهدوء راعى البقر الآتى من الغرب البعيدFar-West فقال هذا الأمريكى الغيور"ان كان لنا أن نضع التاريخ بماضيه وحاضره،(ويلاحظ هنا ان فكرة نهاية التاريخ هى من أصل العقيدة البراغماتية) ونضع موضع الاعتبار مصيرنا الواضح، اذن فلماذا نحصر أنفسنا داخل هذه الحدود الضيقة التى عينها رفيقانا، اليكم نخب الولايات المتحدة التى يحدهاالفجر القطبى شمالا، و تقدم الاعتداليين جنوبا ((يقصد غرب أوروبا) والعماء البدائى (شرقا يقصد آسيا وافريقيا) ويوم الدين غربا (يقصد الولايات المتحدة الأمريكية)
فهذا هو الحلم الأمريكى كما حدده المفكرون الأمريكيون مؤسسو "النادى الميتافيزيقى الأمريكى" منذ العشرينات من القرن السابق، فنشأت الفلسفة البراغماتية (كنظرية معرفية شمولية)وكحصيلة جهد مشترك لهولاء، كل فى مجال تخصصه وقولبوها فى نظام شمولى يشمل اللاهوت والتاريخ والاقتصاد والتربية وعلم النفس والفلسفة والفن، حيث أعاد صياغتها "شارلس ساندرس بيرس" صياغة مذهبية كنظرية معرفية، والتى خلاصتها بأن "الفكرة قد تكون حقا بالنسبة لى وباطلا بالنسبة لغيرى،وقد تكون صادقة الآن، وباطلة فى موقف آخر على ضوء المصلحة الذاتية والمنفعة الفردية... (بيرس والبراغماتيةو.ب جالى ص11) الطبعة العربية
نظرية وليم جيمس (1842-1910) البراغماتية واسقاطاتها على العالم
"اننا نعيش فى هذا العالم أشبه بالقطط والكلاب داخل مكتباتنا،ترى الكتب وتسمع حديثنا ولكنها لا تفقه معنى لكل هذا الهمس الذى يدور حولنا...." وليم جيمس- البراغماتية- الطبعة العربية
هكذا يرى وليم جيمس الانسان ويحدد وضعه وعلاقته بالكون الذى يعيش فيه،ويوجز فى عبارته هذه كل ما تعنيه الفلسفة البراغماتية وموقفها من أخطر مبحث فى الفلسفة، وهو نظرية المعرفة،.وان لم يكن وليم جيمس هو أول من بشربها الا أنه بحق رسولها وداعيتها الأول، وعلى يديه هو وجون ديوى اتخذت هذه الفلسفة شكلها الأساسى وتحددت معالمها وخطوطها الرئيسية،فكانت نظرية وليم جيمس بمثابة القاعدة الذهبية للتربية والسياسة والفن والدين (وكلنا يعرف دور هوليود للترويج لتنظير"أمركة العالم" والترويج له منذ نهاية الأزمة الاقتصادية الكبرى،وبعد مشروع مارشال الذى حشرالعالم الأوروبىفى وهم الرفاه على "النمط الامريكى"'مأساة استجلاب المهاجرين المغاربيين بأبشع الطرق اللاانسانية فى الخمسينات مثل القطيع لتحريك الماكينة الأوربية الصناعية بأبخس الاثمان)
ويقرر وليم جيمس فى نظريته قائلا" (واضح أن البراغماتية تنحو نحو الاقتطافية(أو الانتقائية)... ،وبعض الشروط التىتحقق خلاص العالم موجودة بالفعل، ولايسع المفكر البراغماتى تجاهلها، واذا تهيأت لنا هذه الشروط ،فان الخلاص سيصبح واقعا، ومن حقك أن تفسر الخلاص كما يحلو لك ،وبأى طريقة تشاء ،وأن تجعل منها كلمة مطاطة، يمكن تطبيقها على أشياء كثيرة،... وعلي الانسان أن يدير ظهره فى اصرار لكل القضايا القبلية والمجردات والمبادئ الثابثة والمذاهب المغلقة والمطلقات، وعليه أن يعنى فقط بالنتائج الملموسة والقوة...،فعلينا أن نعيش اليوم مع الفكرة التى نراها صادقة الآن، وأن نكون على استعداد بأن نسلم يقينا بزيفها ما دامت تعارض مصالحنا (وليم جيمس – البراغماتية-النسخة الفرنسية)
وحجر الزاوية فى هذه الفلسفة كما يفسرها وليم جيمس هوبايجاز :
1- انكار الحقيقة الموضوعية التى تتميز بوجودها المستقل عن الذات والخبرة البشرية وتنعكس فى وعينا عن طريق الحواس
2- انكار للضرورة الموضوعية العلمية
3- الايمان بأن الوجود اعتقاد، والنجاح معيارالحكم على الحق والباطل، وعلى هذا النمط فى التفكير،فاننا لا نستطيع أن نرفض أى فرض لحياتنا، والحق والواجب والنافع والخير كلها مترادفات ،فالفكرة النافعة حق والعكس صحيح، وأولى بناأن نصرف النظر عن المبادىء العليا والأولويات، ونوجه نظرنا الى النتائج (جيمس - البراغماتية الطبعة الفرنسية)
البراغماتية والدفاع عن العنصرية ،والفاشية ،والفوضى، واللاأخلاق.
وتشارك الذرائعية فى" النزعة الاستحسانية الأخلاقية" بذلك "المزج الغريب لأخلاقيات " المثالية الهيغلية والكانطية الجديدة و"وضعية أوغوست كونط" الدوغماتية لخصوصية المجتمع الأمريكى البيوريتانى-على عكس المجتمعات الأوروبية ،بالتشكيلة الصعبة والخرافية للمهاجرون الأوائل من بروتستانيي أوروبا، و من باقى بقاع العالم لكل الديانات ومعظمهم ممن فروا من الديكتاتوريات " التى مورست فى كل بلدان العالم الشيوعى مثل الاتحاد السوفياتى سابقا بيهوديه ومسيحييه) ومن الصين والكوريتين وكل جنوب شرقى آسيا والعالم الثالث الى سيطرت عليها الاشتراكيات، القامعة للدين،(مثل أوربا الشرقية والدول العربية بالمشرق العربى فى الفترة الناصرية والبعثية السورية والعراقية واليمنية (وهذا ليس انتقادا وانما هو توصيف لظاهرة تاريخو-سوسيولوجية لمن يحب التفسير ولا يميل الى التأويل) بالاضافة الى ارتباط البراغماتية الوثيق(كنظرية انتقائية) بالبروتستانتية والبيورتانية والحرمات التلمودية اليهودية المعروفة "بالقبالة" وكنائس التقوى منذالتفكير فى صياغتها،مما يستفردها عن كل الفلسفات فى تاريخ الفلسفة منذ أن أنشأ شيشرون(خطيب روما المفوه وفيلسوفها مذهب "الانتقائية" وقعدها نهائيا فى القرن التاسع عشر الفرنسى "كوزان") .أما فى علم الاجتماع- فتنزع آراؤها الى عبادة "الأفراد البارزين"، خاصة عند جيمس.بالدفاع عن "الديموقراطية الأوربية البورجوازية العنصرية" –عند ديوى- وبالدفاع الصريح عن العنصرية والفاشسة عند (ف.سى.اس شيللر) وجيمس،المتأثرتين بنظرية"السوبرمان" أ و"أخلاق القوة"أو"أخلاق السادة" (التى سادت حسب نتشه فى العصر الكلاسيكي القديم لدى الأثينيين والرومان ،مقابل رفض"أخلاق العبيد" –حسب نتشه ايضا-التى سادت في العصور الوسطى بسبب التقاليد اليهودية-المسيحية ثم عودة أخلاق السادة مع نابوليون ثم الى أخلاق العبيد فى عصر الديموقراطيات المعاصرة لنتشه مما جعله يرفض في نظرية "السوبرمان" "عالميةالديموقراطية والفردية والحرية باسم "جماعةأسطورية جرمانية-آرية".ونعرف ما استنبث من ظواهر اجتماعيةعنصرية فى الغرب برمته مثل النازية والفاشية فى أوروبا "الديموقراطية" وعصابات البيض الأمريكيةالمنظمة المسماة"بالكوكلوس كلان" ،و"العنصرية الرسمية والمقننة بقوانين الدولة" المتجلية فىوحشية الحكومات الأمريكية والاضهادات المريعةالتى عانى منها السود والتى أدت الى مقتل المصلح الزنجى "القسيس""لوثر كنغ" الذى تأثربنزعة غاندى السلمية ،والذى بدأثورته على العنف داخل المجتمع الامريكى المنتشب بين البيض والسود فى أول ديسمبر عام 1955 واغتيل فى أواخر الستينات فكانت الثورة العارمةللزنوج التى هى أضخم ثورةفى أمريكا بعد ثورة الاستقلال التى حررت أمريكا(البيضاء) من الطغيان البريطانى، ولكنها لم تحررزنوجها من ضحايا اضطهادالبيض ال،الأمريكيين عبر ما يزيد على ثلاثة قرون ونصف ، حيث لم يتغيرخلالها قط الهيكل العنصرى للنظام السياسىالاجتماعى والأخلاقى والاقتصادى تجاه السودحتى صيف عام1963*،حيث أنه للغرابة أن "أمريكا الديموقراطية وحقوق الانسان"، قد جمدت" اعلان تحرير الزنوج" الدى وقعه ابراهام لنكولن عقب الحرب الأهلية ،وعلى مروركل الرؤساء فى البيت الأبيض لم يسمع الزنوج من كل حكوماتهم سوى جملة"انتظروا ولا تسألوا لماذا !!! " كلما عرضوا-بسلم- مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية المزرية فى أغنى بلد فى العالم وأكثره تحررا وديموقراطية، حتى أن الرئيس الأمريكى "لندن جونسون"–الذي غرق فى فضيحة الفيتنام كما هو الشأن بالنسبة لبوش فى العراق حاليا-والذي تولى منصب الرئاسة بعد مقتل كينيدى قال بكل صفاقة جملته المشهورة" "ان التحريرمجرداعلان وليس حقيقة..؟؟" مما زاد من تأجيج الهيجان الزنجى، ثم كانت الرصاصة العنصرية الحمقاء التى أطلقها شاب أبيض أنيق على المصلح الزنجى" لوثر كنج" أو'مسيح القرن العشرين كما كان يلقب فى أمريكا"فأفسحت هذه الرصاصة الرعناء الطريق أمام العنف الأسود الغاضب، حيث قال الشاعر الزنجىجاك لندنJack London"ان أمريكا السودء لم تذرف الدموع على مصرع القس الأعزل،وانما ذرفت الدمع على أمريكا البيضاء."(ولسخرية القدر فان التاريخ يكرر نفسه مع بوش والملحمة ستستمرمع اللاحقين مهما غير البيت الأبيض جلده وسدنته وجلاديه وسماسرته ولوبياته ومرتزقته وصقوره وحمائمه ومصلحيه ومتنوريه) ،وسيبقى أعراب المنطقة عندنا يحلمون "بتعريب" البيت الأبيض بعد تخليص ومسحها من كل أنوع المقاومات ضد السادة الأمريكية،وتشطيب القضية الفلسطينية ،وتذويب القضية اللبنانية والعراقية الى أبد الآبدين ،والتفرغ "للمجوس الصفوية" واالتتار الاتراك –وكلاهما أعاجم وعلوج وغير سنيين وغير سلفيين – لاتمام مخطط الاستفادة من خبرات وحنكة وفعالية وذكاء "ابناء عموتنا اليهود" كما قرره بالأمس الشريف الهاشمى الملك حسين بوصايا "ماكماهون يوم باع وفرط فى أرض لايملكها مقتلعا اياها ممن يملكونها ويسلمها مجانا ليمتلكها ممن ليس لهم حق امتلاكها -فرحماك يا منطق !!!..ورحماك ياقدر !!!ورحماك يا تاريخ !!!
الدور الدهائى للبراغماتية فى" تلميع" السياسات الخارجية الأمركية منذ دخولها المعترك الدولى
واماالسياسات الخارجية الأمريكية الرعناء على طول تاريخه القصير منذ دخولها المعترك الدولى بعيد الحرب العالمية الثانية فقج لعبت البراغماتية ذاك الدور الكابح للتقلبات الداخلية بطمس الحقائق الداخلية، وستر هشاشة مجتمع خرافى التعقيد والتنوع والحساسيات والتناقض،فى مجتمع"كارتونى"من ورق حيث لاتوجد فى الكتابات السوسيولوجية الأمريكية أية نظرية مقنعة عن الحلول المستقبلية لهذ البركان النائم من العقد(اعصار كاثرينا أكبر دليل) اللهم سوى الوهم والتسويف ،والتزييف و"باتاحة" المجال لذوى القدرات "المافيوزية" المتقاطرة من مهب الرياح الأربع بهدف النصب والاحتيال والحلم بالثراء السريع وفى أسوأ الاحتمالات وعند الاستعصاء،فمعاقرة "الفانتازم" والوهم والانتظار.،ثم ليأتى الطوفان وداك أحسن من لاشىء!!!(تنامىالأرقام المهولة لارتفاع الجريمة وتعاطى المخدرات والانتحار والحالات النفسية المستعصية تدل على أن هذا المجتمع"الورقى" الذى يسوق له الاعلام الغربى وتسوق له رايس رسميا فى احدى تصريحاتها البليدة لنشر ثقافة موسيقى السامفونيات فى ايران ليرقص الشباب الفالس على نغمات تشايكوفسكى وفيفالدى وشتراوس وبيتهوفن وموزار التى لا يعرف عنها الشعب الامريكى شيئا ،وتقول أرقام استطلاعات الرأى أن الشباب لم يسمعواعنها اطلاقا)
فاشية موسيلينى والبراغماتية
أما الفاشية المذهبية لموسيليني وهتلر فنترك ممثلهاالفاشيستى كما ذكرها فى مذكراته واعترافاته بالحرف الواحد :
يقول(رالف بارتون بيرى- وليم جيمس ص217 النسخة الفرنسية)
"...ولقد وجدت الفاشية ضالتها فى الفلسفة البراغماتية كفلسفة لا ديموقراطية تدعو الى سيادة القوة فالى جانب فلسفة ارادة القوة لفريديك نيتشة المؤسسة للفاشية فان" موسولينى" اعترف بالفضل الكبير للفلسفة البراغماتية على فاشيته حيث قال"لقد سحرتنى أفكار كل من جورج سوريل وفريدريك نتشة... ودعمت أفكارهما عناصر العداء للديموقراطية التى جبلت عليها،وأفادتنى براغماتية وليم جيمس فائدة جمة فى مستقبلى السياسى، اذعلمنى "جيمس" أن من الخير أن نحكم على الفعل علىأساس نتائجه وليس على أساس مذهبى، وتعلمت منه أيضا الارادة المحمومة للحرب والحياة فهى الأفكار التىتدين لها الفاشية بنصيب كبير مما حققته من نجاح " انتهى كلام موسولينى
البراغماتية والدين فى الولايات المتحدة الأمريكية
ان المجتمع الأمريكي مجتمع متدين بطبيعته وفطرته،و ميدان الأبحاث الأنثروبولجية فيها تختلف نوعا وكما عن الدراسات الأوربية للدين،و تعتبر نظريات "وليم جيمس" وجون ديوي" منذ الأربعينات الى يومن هذا، أكثر النظريات جاذبية واثارة للجدل فى علوم الأناسة فى مجال علم النفس الدينى،حتى أن أفكار هذا الأخيرDewy وخاصة في كتابه المشهور فى علم النفس الدينى Terry lecturesتعتبر الى يومنا هذا المرجعية الأكثرانتشارا لوصف وتحديدالدين بمفاهيم تلفيقية بحيث يؤكد على ما يسمى "بالتجربة الدينية" ورفضه لعبارة "دين" بدون تحديد ماهيته"( ولا يستطيع ذلك لأن علوم الاناسة بالغرب لم تتوصل الى يومنا هذا الى تعريف واضح للدين ،اذ ناك اكثر من خمسين تعريفا له) بل ان الدين هو مجرد حاجة اجتماعية وسيكولوجية و"ظاهرة تعاش" مثل "البيزبول أو كرة القدم الأمريكية أو كرة السلة ليؤكدعلى ان "الدين"يجب ألايعتبر ظاهرة أصيلة للتجربة الدينية" وان الديانات الرسمية شوهت طبيعة الدين(ولكنهما لم يعطيا أى تعريف للدين مع اعترافهما الكامل بضرورته لتماسك المجتمع الأمريكى ولكن بالدعوة الى رفض الديانات "الدوغماتية "حسب تعبيرهما والدعوة الى "دين تحررى ومتحرر"،Religion Libératrice، والتركيز على الاسترسرارى" و"الخفائى"mystiquo-esotérique "اللاطقوسى " فى الديانات "exotérique فى الديانات (وهنا يكمن العداء المستطير للأرثوذوكسية والكاثوليكية والاسلام ، وشيوع الرموز "القبالية اليهودية فى كل صغيرة وكبيرة فى الحياة اليومية من معجون الاسنان الى صنع الطائرات والنفاثاث وصك العملات .وذاك أمر طبيعى وتبقى السيطرة الرسمية للبروتستانتية التى ما هى ببساطة سوى قراءة ذاتية تبسيطية وتلفيقية للاهوت المسيحي وللأنجيل لمجرد ارضاء الطبقة المهيمنة مذهبيا لا لارضاء الحقيقةالدينية) حيث تعد الولايات المتحدة أكبر تجمع كونى لكل هرطقات الروحانيات "المافوقية Magico-occultisme(استضافات شيوخ الطرق الصوفية السلامية بالولايات المتحدة ومنظريها الجدد فى العالم العربي –الاسلامي لتدعيم الاسلام الأمريكي الجديد لضرب "السلفيات المتعصبة" ونشر"التسامح" بين الأديان (بمعنى قبول التفسيرات البرتستانية والهرطقات الكونية للاسلام ما ظهرمنها وما بطن بعقد مهرجاناتها خاصة فى المغرب ومصر معقلى التصوف الطرقي الشعبوي)و"الديانات التحتية"pseudo-spiritualité المعارضة "لشرعية الديانات الرسمية الكبرى"exoterisme فأصبحت أمريكا قبلة مدعى النبوات وأدعياء الكرامات لكل الملل والنحل والملتقى العالمىللتجمعات المشبوهة للمشعوذين والعرافين ومجعى الكهانة ،ومختبرا لتجارب السحر"الأسود" الافريقى و"الأحمر" الهندى " و"الملون البرازيلى" وطقوسيات سحرسمج القبائل الطوطيمية لأستراليا ونيوزيلاندة ،وتخصصلهذه الهسترة العارمة للفوضى الدينية، كراسي جامعية فى كبريات الجامعات الأمريكية ،ولكل نحلة نبيها الحى وأتباعه ومريديه الخلص ،ولكل منهم فرقة ،ولكل فرقة فرق، حتى أصبحت أمريكا بتأثير البراغماتية "سوبرماركيت" الهرطقات والشعوذات وسوقها العالمية،وتنظم لهذه الهرطقات محافل ومهرجانات ومؤتمرات فى الفنادق الفخمة.على طول خطوط الطول والعرض فى امريكا. !!!.انها الفوضى العارمة،وسوق الهستيريات الغريبة والشاذة و"صندوق على بابا"الذى به ينشغل هذا الشعب البسيط المستغفل والأقرب الىالفطرة من الشعوب الأوروبية،لكى ينفسح المجال لمافيات البيت الأبيض للانفراد بالضحك على ذقون الشعوب و التحكم فى رقاب العباد وبتحريك قطعان الماشية الأمريكيين السذج فى الانتخابات بالمال والبهرجة 'الهوليوليودية"لا بالأفكار العقلانية والفلسفوالحوارالجاد بينالشعوب..
وهكذا"تسبح" أمريكا فى مستنقعات محمومة لا أول لا ولا آخر باسم "نسبية القيم والأخلاق والمبادئ تحت شعارات "مرونة""و"تفتح"و"واقعية "و"عملية"و"نفعية" البراغماتية وصلاحيتها لكل الشعوب كبديل فلسفى لكل الاعتقادات وهو ما نراه لدى'المخلفين الجدد من الأعراب" فى منطقتناحيث انتشرت ثقافة الكوكاكولا والماكدونالدز وستار أكاديمى، وتكاثر قنوات الخنا والمغنى الساقط والرقص البذيء،الممولة خليجيا لقنوات الدين والدنيا على الطريقة الأمريكية وفى نفس الوقت(طبعا أو ليست حجتهم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر؟؟؟ومن شاء فليضغط على زردنيا الخنا وهستراتها ومن شاء فليضغط على زرفضائل الدين وأسراره ..رحمك الله ياابن الخطاب !!!
تطبيقاتها على السياسة الأمريكية
الحلم بأ مريكا عظمى يقودنا شئنا أم أبيناالىالحلم بانسانيةعظمى...الكاتب والمفكر الأكاديمىالفرنسي .أتاتول فرانس
تعتبرمرحلة بداية الأربعينات،هى المحك الرئيسي للبراغماتية،فى مواجهتها لتفاقم انتشار الفكر الشيوعى والاشتراكى آنذاك فى كل القارات وحتى داخل أمريكا نفسها (وعلينا ألاننسى محاكمة أحرار المثقفين فيها والحرب الشعواء عليهم بسجنهم ومحاكمتهم والتنكيل بهم بل واغتيال بعضهم –(هروب الكثير من الفنانين من كتاب وشعراء ورسامين وفنانين الى أوروبا مثل شارلى شوبلين )-فى الفترات العصيبة التى عانى منها أحرار المثقفين والتى سميت بالماكارثية التى أعلنها السيناتور" ماك آرثى" اثربداية الحرب الباردة عام 1946 وحرب كوريا الشمالية عام 1950.
البراغماتية كانجيل سياسى لاستخدام القوة السافرة ضد الدول المارقة
تعتبر نظرية نيكولاس سبيكسمان التى صدرت عام 1942هى أهم نظريةتطبيقية للفلسفة البراغماتية التى وضعت الأسس العملية لاستخدام القوة السافرة ضد الشعوب والبلدان المارقة، وذلك فى كتابه الشهير"الاستراتيجية الأمريكية فى السياسة الدولية "والذى ظل لفترة طويلة بمثابة انجيل المفكرين السياسيين الأمريكيين،الذى كان له تاثير كبيرعلى المسار السياسى لصقورالبيت الأبيض فى مراحل تشدد حكومات واشنطون المتعاقبة ضد عوالم الشركما هو الشأن حاليا. (و"رامسفيلد" وزير الدفاع المريكى السابق كان من أكبر تلامذة "سبيكسمان") وتدعو هذه النظرية صراحة الى سيادة شريعة الغاب فى السياسة الدولية حيث تقول النظرية بالحرف الواحد.(ولاحظ بأن صيغة المجتمع الدولى توردها الولايات المتحدة منذ الأربعينات وقبل انشاء هيئةالأمم المتحدة حيث لم تكن هناك سوى أشلاء عصبة الأمم الفاشلة) "ان المجتمع الدولى يسمح باستخدام كافة وسائل القهر والاكراه (هكذا بكل صلافة) بما فيها الحرب والتدمير..."
ويضيف سبيكسمان" ومعنى ذلك أن الصراع من أجل القوة لايختلف فى شىءعن الصراع من أجل البقاء، لأن القوة وحدها فى التحليل الأخير، هى القادرة علىتحقيق الأهداف فى السياسة الخارجية، فالقوة تعنى البقاء وتعنى القدرة على فرض ارادة دولة على الدول الأخرى وقدرتها على املاء شروطها على من يفتقرون الى القوة وعلى فرض التنازلات على من يملكون قوة أقل منها "..(ص18) وها نحن فى سنة 2007 فهل تغيرت نظرية الولايات المتحدة الى العالم؟
وقد ألهم هذا المفكر كل فلاسفة الفكرالسياسيين وأسياد البيت الأبيض فى الأربعينات والخمسينات، مثل ثيودورروزفيلت المنظر "لأمركة العالم" والمؤسس لهيئة الأمم المتحدة والرئيس داويت (او دافيد) ايزنهاور الذى صرح وقتها. (اذا كانت القنبلة الذرية تحقق النصرلى فى الحرب فان استخدامها حق وواجب)
جون ديوى(1859-1952)
ثم انبرى بعذلك كل دهانقة الفلسفة البراغماتية يكتبون فى نفس الاتجاه مثل جون ديوى الفيلسوف والمربى الأمريكى المنحدر من أسرة رواد أوروبيين و صاحب النظريات الكبرى فى علم النفس التطبيقى وعلم النفس الدينى والتربية والسياسة والفن ولكنه أيضا من أكبر المؤسسين البارزين لنظرية القوة والعنف ضد الأمم المعارضة لأمريكا.
ففى كتابه المشهور قضايا البشر (طبعة نيويورك النسخة العربية) ، يؤكد فيه على أن القوة أصبحت هى الأداة الوحيدة لحل المشاكل الاجتماعية، ويقررأن طريق الأمن هو وجود جيش أكبر وأسطول أضخم وزيادة متصلة بالانتاج الحربى. ويقول..." وبعبارة أخرى فاننا نعتقد بأن القوة المادية والعنف المباشر هو فىآخر الأمر أداة الارتكازالرئيسية"
ويعرض جيمس برنهام المفكر السياسى نفس الفكرة فى كتابه الشهير "الكفاح للسيطرة على العالم "حيث يقدم نظريته التي مؤداها .."..أن السلام ليس هو هدف السياسة الخارجية ولا يمكن أن يكون هدفها..." ويدعو الى رفض مبدأ المساواة بين الأمم كما يدعو الى أن تعلن الولايات المتحدة بكل وضوح سعيها الصريح الى السيطرة على العالم وتحولت هذه الدعوة الفكرية العامة التى نادى بها سبيكسمان و ديوى الى دعوة عملية مباشرة على يد الكتاب المشتغلين بالسياسة العملية.
وألف وليام بولستون المستشار الأسبق لوزارة البحرية الأمريكية كتابا بعنوان" أثر القوة فى السياسة الخارجية الأمريكية" بأن" القوة المسلحة هى العنصر الحاسم فى العلاقات الدولية" وحشد فى كتابه كل الحجج المدعمة لدعوة تفوق الولايات المتحدة فى التسليح ولفكرة قيامها بتوجيه الضربة الاولى (كما مارستها فى كل حروبها الفاشلة منذ ان خرجت من عزلتها ودخلت المعترك الدولى)
وألف توماس فينلير الوزيرالأسبق للطيران كتابا بعنوان "القوة والسياسة" رسم فيه برنامجا "لفرض السلام" عن طريق الأمم المتحدة، و ضع فيه مشروع شن حرب ذرية مفاجئة ضد الدول المارقة آنذاك وهى الدول الاشتراكية والشيوعية وقال بأن مهمة الأمم المتحدة ينبغى أن تكون محاربة المبادىء الشيوعية والاشتراكية وتدمير بلدانها ، ومنع أى محاولة من جانب أى شعب فى العالم تغيير النظام الرأسمالى.
ظهور نظرية العالم الصناعى الواحد (روستو وآرون) و تقهقر البراغماتية فى الستينات
وفى الستينات تقلصت هذه النظرية - تاكتيكيا - لأنها لم تعد تناسب الأوضاع السياسية الجديدة منذ أوائل الستينات، حيث ظهرت أهم نظريتين تدعوان الى التقارب بين النظامين الرأسمالى والشيوعى وهى نظريةالعالم الصناعىالواحد التى دعا اليها المفكر الكبير"ريمون آرون" ونظرية مراحل النمو الاقتصادى التى دعا اليها "والت روستو" فى كتابه الشهير مراحل النمو الاقتصادى حيث أثرت هاتين النظريتين على كل الفكر السياسى الغربى فى الستينات وحركتا وهم التقارب بين النظامين الشيوعى والرأسمالى - ابان الحرب الباردة -حيث كان "ريمون آرون" يحلم "بثماثل" النظامين عندما يصلان فى - نظره - الى مرحلة "التطور الاقتصادى والصناعى" وحتمية تقاربهما بصورة متزايدة بحكم مصالحهما المشتركة، وهوما سمى بالنظريات الجديدة الداعية حينها بازدياد التماثل... ونهاية الايديولوجية والفوضى LE CHAOS واللانظام فى العلاقات الدولية و الميلاد الجديد للأفكار المعرفية الجديدة ومحاولة افتراض "براديغمات جديدة"(2) والترويج الى فلسفات (وهمية) جديدة لمجتمعات (وهمية)بلا مستقبل واضح.، فكان ثمرة هذا اللاايديولوجية... و اللا تاريخ... و"الفراغ" هو مجىء الرئيس السوفياتى غورباتشوف الذى سقط فى شرك هذا "التماثل والتقارب" فباع "الدب الروسى" ولم يتسلم ثمنه مقابل "رشوة" جائزة نوبل للسلام وتعاقدات دعائية "للبيتزا بالقنوات التليفيزيونية (وبئس المصير) وشقة مغمورة بموسكو وبضع دولارات ثمن محاضرات بمعهد "ديل كارنيجى" ومشاركات تافهة فى بعض مؤتمرات السلام ومنظماته الى ان خبا نجمه نهائيا بعد استنزافه) بمجيء "يلتسين)- مما عجل باندحار النظام السوفياتي نهائيا "الذى لعب دور الكابح للجنوح "البراغماتى" وغلوه لعقود من الزمن، فظهرت نظريتى فوكوياما (نهاية التاريخ) وصراع الحضارات لصمويل هيتنغتون ،وعودة البراغماتية بصلافتها وغطرستها ،وبالتالى لم يعد من حق أى شعب أن يعتقد فى أى نظام اجتماعى يرتئيه لنفسه أو أى نظام يحقق له السيادةعلى مقدراته وممتلكاته و حرية تقرير مصيره على أرضه.
العودة الأكيدة لأمركة العالم فى زمن ريغان
بمجىء رونالد ريغان عاد من جديد حلم "تيودور روزفلت" بأمركة العالم والامتثال لطريقة الحياة الأمريكية وتغولت البراغماتية بفرض النظام الاقتصادي والعالمى الأوحدان لغزو العقول والأرواح بكل ما تملكه الولايات المتحدة الامريكية من طاقات.، كما بدأ يتجسد على الساحة الدولية"أمريكا" جديدة تجدد شبابها بحمامات الدم فى سبيل أمركة أفضل وعلى نحو أفضل كما قال الانثروبولوجى الفرنسى الكبير...ألان تورانAlain Tourain والتى كان من نتائجها الحرب الخليجية الأولى والثانية..بالدعاوى المقيتة المختلقة المعروفة..
البراغماتية وأمركة الفكر الأوروبى،أونظريةالفكر الأحادى
بدات هذه النظرية فى الانتشار فى أوروبا بمجرد انهيار الاتحاد السوفياتي وظهرت فى أواخر الثمانينات فىفرنسا موجة جديدة من الفلاسفة الجدد يربوعددهم على نحو أكثر من مائة وعشرين فيلسوفا كلهم من اليسار القديم ومن السارتريين القدامىوثوريي مايوعام68فتحولوا كلهم-بقدرة قادر- الى اليمين بالالتحاف بداية بالديغولية ثم الوصول الى الليبيرالية المطلقة،فتكونت جوقة يتزعمها الفيلسوف اليهودي المتصهين "بيرنار ليفي"التي تمارس نوعا من الارهاب الفكرىعلى الثلة المتبقية من أحرار الفكرفى فرنسا حيث ضخمت من شعبية هؤلاء الفلاسفة الجدد القنوات والمجلات يتردد فى أفواههم –بدون حياء ولاكلل ومسبحين به بالغدو والآصال "أليكسيس دو طوكفيل"(1805-1859 ) الفيلسوف والأكاديمى الفرنسى " الذى هاجر الى الولايات المتحدة فى شبابه وأعجب "بالديمواقراطية الأمريكية"التى حلت مشاكل اثنياتها ،باقصاء السكان الأصليين وتهميش الزنوج، ودمج الآخرين فى "عبادة الحلم الأمريكى"وعاد هدا الأخير،ليتسنم مقعد أكاديمة العلوم السياسية والأخلاقية ووزير الخارجية فى حكومة الجمهورية الفرنسيةالأولى وأكبر تلامذته ومريديه الرئيس الحالى ساركوزي'الذى تطلق عليه بعض الصحف ب"بوش اوروبا" الذى لايمل من الاستشهاد" بطوكفيل" (وكيف لا وهو اليهودى الهنغارى الأصل الملقب اليوم بنابوليون العصروالذى يعتبر المد الصارخ للتفكير الأمريكى علما بانه الرئيس الوحيد فى تاريخ الجمهورية الذي قضى عطلته الرسمية بأمريكا لينسق مع بوش كيفية "تطويع العالم"حيث يرنوالى استخلاف"طونى بلير"ككلب وفي للبيت الأبيض وأسياده، وخاصة وأنه يملك كل ملكات بلير، الا انه يفوقه دهاء وتطلعا فكلاهما محاميان مفوهان ومثقفان ولبقان ،ويعرفان أسرار وخبايا أوروبا العجوز ومستعمراتها القديمة، وكيفية تحريك وتدجين أبناء المستعمرات السابقة الفرانكوفونية والأنجلوفونية للصالح الأمريكى،ويتجلى ذلك فى ازدياد تصريحات هذا الأخير الأخيرة بشأن العرق ،وزيادة جرأة وزير خارجيته "كوشونير" فى الادعاء بأنه يملك العصا السحرية فى التفاوض مع الطوائف المتقاتلة فى الساحة العراقية ..فياللوقاحة الفرنسية وصلفها،وتبجحها !!!
وأخيرا وليس آخرا فان غربا (أسرائيلو-أوروبى –أمريكى) براغماتي النزعة حتى الثمالة كهذا، لا يمكنه أن يفرض نفسه الاعن طريق الارهاب الشنيع والبشع ،لتحقيق حلم كاتب فرنسى عنصرى مثل "أناتول فرانس الذى نادىمنذ أواخر الخمسينات بأن" الحلم بأ مريكا عظمى يقودنا شئنا أم أبيناالىالحلم بانسانية عظمى... "وتناسى بان الانتصار الذى ستحققه أمريكاهو الانتصارعلى الانسانية برمتها لامجرد الانتصارلها !!!!!...
قامت ثورة الزنزج فى صيف عام 1963
عندما تجرأت امرأة سوداء تدعى "مسزروزاباركس "أن تقول "لا "فى وجه سائق الأتوبيس الأبيض الذى أمرها أن تتنحى لتخلي مكانها ليجلس فيه رجل أبيض، فرفضت لأنها كانت متعبة ومريضة،فقبض عليها (ياللهول لمجرد الرفض وبدون أية جنحة) وفجر النبأ ولاية ألاباما وكانت الثورة الزنجية التي فجرت العنف فى الولايات المتحدة وكادت تعصف بها من الداخل
وقد يبدو هدا مستهجنا ومستغربا ، فما بالكم ادا عرفتم أن مثل هذا بل واكثر يحدث فى فلسطين المحتلة حيث أصبح من المتعارف عليه أن يبدأ القبض على أطفال صغار يوميا ابتداء من سن العاشرة لأيام لمجرد الشبهة وبدون اشعار ذويهم قصد التحقيق ولااستخراج معلومات بالقوة ويحدث هذا فى "واحة الديوقراطية الغربية "اسرائيل" ونحن فى عام2007 ولسنا فى الستينات .
..فرحماك يارب فالى من تكلنا؟؟؟؟