الانتقائية والتحايلات السياسية

م. الطيب بيتى العلوى

الانتقائية والتحايلات السياسية

م. الطيب بيتى العلوى

مغربي مقيم بفرنسا

باحث في الانثروبولوجيا الدينية والثقافية بباريس

[email protected]

لكل شىء فى العلوم أصل ... والفرع فيه فضل... لكن تقديم الفروع على الأصل جهل

 الامام الشافعى_عن كتاب الأم فى أصول الفقه 

  ان عملية تجميع وتطوير وسد النواقص والذرائع، ومحاولة الربط بين المدارس، تجدها عند أتباع المدرسة الواحدة، والتيار الواحد،والفكر الواحد،أكثرمنها تجميعا لعدة مدارس فى نظرة واحدة..وهو ما يطلق عليه اصطلاحا بالمذهب الانتقائى

 وما من شك فى أن الانتقائية هى الاتجاه الأغلب فى مناهج العلوم الانسانية وخاصة علم النفس والعلوم السياسية والاجتماعية، ولكنها تتخذ أحيانا  أشكالا وتلونات فىالسياسة والعقائد  والمذاهب  الدينية  فتقترب من"التوفيقية"(كعملية صهر وبناء جديد نادرة) وقد تنحومنحا ذى نزعة تخفيضية  هى أقرب الى "التلفيق" أوالتشويش ،بممارسة التأويل التعسفى للنص أو الحقيقة أوالمعلومة اولأى نهج فكرى كيفما كان (عقائديا أو سياسا أو فكريا اوو) بتحمليه أكثر مما يحتمل، فيحدث كما قال بحق الفيلسوف"بركلى" " نثير الغبارثم نشكومن عدم الرؤية"، مما يخلق البلبلة والتشويش ،فالسقوط فى التفريعات التىتتضخم على حساب الأصول، فتكثر القراءات وما يليها من  خلاف واختلاف ..ثم الشطط فالفتنة

فما  هى الانتقائية ؟؟"

الانتقائية" Electismeحسب معناها اللغوى "الايتيمولوجى" تعنىالبحث فى كل الموضوعات الفكرية للتوصول الى أفضل مافيها

وبتطبيقها على الفلسفة فتعنى "ذلك الاجراء الذى يقوم به العقل المجرد بالدراسة والتحليل لكل انساق النظم الفلسفية بهدف اختيار " ما هوحق"  لفرزه عما هو" باطل"  لان مبدأها أن الحقيقة كامنة فى كل نسق فكرى وهدفها هو ايجادها

وهذا يعنى أنها حسب تعريفها الاصطلاحى،أنها ليست مدرسة واضحة المعالم،وليست نظرية محدودة الافتراضات والمناهج.،وليست فلسفة خاصة ذات نسق فكرى واضح ،أوذات نهج واتجاه،فهى نتاج المدارس والنظريات والفلسفات الأخرى، وقد نجد فيها كل المدارس والنظريات والأنساق الفكرية المتعارضة ،أو بعضها،أومعظمها،ولعل من خصائصها ومميزاتها هوانعدام صفاتهاالخاصة،والمنهاج الخاص، والنظرية الخاصة.

وللغرابة ،فقد اكتسبت بهذه السلبيات الثلاثة صفة ايجابية جعلت الكثيرمن المفكرين (من فلاسفة ، وفقهاء وسياسيين،وعلماء أناسة، وأخلاقيين، ولاهوتيين،وفنانين...،)يعتبرونها مدرسة ،أو مذهباأو فلسفة مستقلة..، فاكتسبت  بذلك المزيد من الأنصار بالنظر الى مطاطيتها ومرونتها وقابليتها للاتساع أوالاقناع

  وقد صاحبت الانتقائية فى تاريخها الطويل منذ نشأتها الفلسفة واللاهوت،حيث كان لها الحضور الأقوى فى أفكار  فيلسوف روما وخطيبها المفوه "شيشرون"Cicéron فى أكثر مراحل الفكر الهلينى اضطرابا وخلطا-حروب داخلية –طائفية-وخارجية-سياسية- لمدة ثلاثة قرون ،تلك الفترة التى اتسمت بهيمنة الأفلاطونية الحديثة  والفيثاغورية، وغنوصيات الشرق  من زرادشية ومانوية ، و"الهيرمونوتيكية"Hérmetisme وخاصة التوراتية-التلمودية التى أخذت على عاتقها تبنى ابتداع منهج "التأويلات الرمزية الاستسرارية" للانجيل، تمهيدا لبروز مذهب القبالة  "الخفائى"، مهادنة للفلسفة الاغريقية ،أو بالأحرى تطويعها للأغراض والأهداف التلمودية الخفية ،بل ولاحتوائها كما تبين لاحقا عبرالتاريخ فى ظهورالبروتستانتية  والتجمعات الدينية السرية المغلقة مثل المحافل الماسونية المتنوعة(فى الغرب والشرق)والقراءات التحريفية للمسيحية وتغلغلها فى الاتجاهات  الفلسفية اللاعقلانية  -  وهذا ما ميز "مدرسة الأسكندرية" الفلسفية التى التى وضعت اللمسات الأخيرة فى تلاقيها ثم تعميق تقاطعها بل وصراعها مع الكاثوليكية الغربية البيزانطية-بالتحديد-

ثم أخذت الانتقائية مسارها ما قبل الأخيربعدا آخر على يد  الالمانى "لايبنتز" الفيلسوف اليهودى واللاهوتى والرياضى والفيزيائى والفلكى ،الذى حاول التوفيق بين افلاطون وأرسطو "الفيلسوفيين الالهيين"وبين ديكارت ،وجون لوك الدوغماتيين ..

ظهور الانتقائية فى الفلسفة الغربية

وأخيرا  وليس آخرا..،استقرت  فى القرن التاسع عشر –زمن عمالقة الفكر الغربى فى القرن الأكثر اصطخابا بالفلسفات المتناقضة -على يد الفرنسى الفيلسوف والأديب فيكتور كوزانVictor Cousin الذى  حاول التوفيق الاتجاهات الأكثر دوغماتية الى الأكثر مثالية حيث وفق فى تجميع كل من أفلاطون،و كانط ، وفخته،وشلنغ،وهيغل،وديكارت، فى نسق واحد ، وبذلك أخذت الانتقائية مع كوزان نهاية مطافها،مستفيدا من لقاءاته ومحاوراته الشهيرة بين أقطاب الفلسفة زمنها  مثل هيغل ،وبفضل  كتاباته وخطاباته النارية-وهنا وجه الشبه بينه وبين شيشرون- ضد خصومه العتاة من الملكيين وغلاة الكنيسة معارضى البونابارتية ..والتيارات المعادية للثورة ،فأصبحت الانتقائية-  على يده مدرسة وأسلوبا خاصا فى الفلسفة لها ما يميزها عن بقية المدارس الأخرى،

ولما كانت الانتقائية تستمد أصولها من غيرها،وتمتد جذورهاالى تربة ليست لها،فهى مع ذلك ما زالت غضة طرية وأقصرعمرا فى مجالات تطبيقاتها،الاأنها لم تنتظر طويلا، اذانتقلت الى كل النظريات العقلية واللاعقلانية، حيث أصبحت لازمة لازالة الغموض فى تلك النظريات الى تتسابق للبرهنة على صحة منهجها،ودحض ما عداها،ومتبارية فيما بينها لنيل الحظوة لدى العقل الديايكتيكى، حيث تبنتها نهائيا ميادين العلوم الاجتماعية والسياسية وميادين علم النفس التى تدرس-مجتمعة- سلوك الانسان فىاطارثقافته،وبيئته،وجماعته،وتفاعلاته مع الأغياروالأضداد،ولكل نظرية منطقها،وأدلتها واثباتات صحة ادعاءاتها..،فكان لكل هذه الاتجاهات روادها وتلامذتها، وكانوا أشداء مع معارضيهم رحماء مع مريديهم ،يبحثون  ،وينقبون ويحاجون،ويستكشفون مجاهل وغوامض ما استلغزعليهم..،ديدنهم ،الحماس، وعدم الالتفات الى الآخرين،وحلمهم الأكبر –فى مجالات اختصاصاتهم- تبنى تلك النظرة الشاملة التى تقتضى ايجاد علاقات وصل بين اختلاف الطروحات والفرضيات، ونقاط التجانس والالتقاء، باعتبارأن كل النظريات لها أدلتها ووجهات نظرها السليمة والمعقولة بالنسبة اليها...فكان هدف الانتقائية فى الأصل هو التوصل الى الحلم الأكبر، والهدف الأسمى الى "النظرية الكاملةالجامعة المانعة والمكتفية"

 غير أن مهمة الجمع بين المدارس والاتجاهات ليبس بألامر الهين ..والعثورعلى الحلقات المفقودة ليس باليسير،اذا علمنا ان لكل مدرسة واتجاه حلقات متعددة مفقودة، وفراغات شاسعة، ترهق المتتبع والمنقب عن الصواب والحقيقية  وتنبؤه"بأن ما لايعرفه أعظم وأكثرلغزا ممايعرفه".......

 تهافت الفكر الغربى تحت متاريس الانتقائية

 اذ لا نكير ان ما يتخبط فيه اليوم رجالات علوم الانسان والاحياء والطبيعة فى الغرب من ضروب البلبلة والتيه، وتقادم المناهج وتغازرها، وتعملق المعطيات وتزئبقها، وتضارب أدوات البحث بين الأركية وقمة تكنولوجيتها، وانفجار حجم المعارف وتجددها اليومى، قبالة التفجر الديموغرافى، وتهالك ملايين حالات البحث والتحليل،  أفضت الى تماوت العلوم الانسانية وشرود متعاطيها،  وانحدارها حثيثا الى هاوية التعتيم والفوضوية القصوى، زادت من المعميات  والغوامض التى تقض مضجع الباحثين الجادين فى مختبراتهم ،ومراكز أبحاثهمن تجعلهم يحاولون اعادة النظر فى القديم بالرغم من قدمه والشك فى الحديث بالرغم من جدته وأصبح اليقين هو "عدم اليقين" .  بينما ما برحت عندنا فى مرحلة الطفولة الغرة لدى" معاهدنا العلمية العربية" ..ويتلقفون "لايقينيات الغرب" باعتبارها اليقينيات الكبرى

.لذلك فكل المحاولات الصادقة لاعادة القراءات للمناهج والأفكا،ربايجابياتها وسلبياتها، ولجمع شتات النظريات المختلفة والمتعارضة قصد سد النواقص والهنات ،دعيت ب"الانتقائية" أوالاقتطافية..والتى ما هى فى الواقع الا نوع من الترقيع تغطية للهنات والثغرات والعجز المطلق

ويصح هذاالاصطلاح على قسم كبير من تلك المحاولات التى فيها نوعا من التجميع ،أى  تجميع الفقرات المتفرقة، أورص الآراء المتقاربة ،أوأحيانا تكبيل اتجاه مع اتجاه آخر،

 أما عملية الربط السببى أوالمنطقى، والكشف عن مكامن الالتقاء والتوافق بين المدارس المختلفة، فالمصطلح الأصح والأوفق الذى اططلح عليه معظم الخبراء هو "المدرسة التوفيقية" لما فيها من محاولات مزجيه جادة فى معظمها، ولمحاولة صهرالاتجاهات، أو سد الفراغات، وازالة التساؤلات، وتجلية الالتباسات، والتوفيق بين الاختلافات،..لكونها تسلم بأن الانسان يتعلم بالتكرار،والتجربة والمحاولات والخطأ..والمراجعة

 المدارس التوفيقية المعاصرة وتناقضاتها

 لا بدمن التسليم بأن المدارس التى يمكن أن نطلق عليها اصطلاح "التوفيقية" نادرة ..بل انها  من النذرة بحيث يستعصى الفصل بين ما هوانتقائى بحث ،أو توفيقى بحث ، حيث التبس على المقتطفين بين دفتى العلم والفلسفة أو بين العلم وسائر العلوم الانسانية تلك الفوارق والشروخ التى تزداد فيما بينها ،فكلما ازدادت العلوم البحثة أماما، كلما أصبحت أكثر استحياءوتواضعا، أمام تشعب و وتعاظم الحقائق المهولة ، بينما تزداد العلوم الانسانية و الفلسفية ارباكا وتراجعا  وتقزما ،وأصبح الخوض فى مفاهيم  مثل  "التنوير( سؤال اعاد طرحه كانط عام 1784هذا التساؤل و الذى لم تستطع الفلسفة المعاصرة الجواب عليه  واعيد طرحه من جديد من هيغل الى هوركهايمر وهابرماس مرورا بنتشه وماكس فيبر  ووصولا الى فوكو) والتطورالمطلق والنسبية والجبرية والحتمية والعقلانية والدوغماتية والمادية والحركة الدائمة  أكثر تشويشا ، مما تشهده الندوات الفكرية  حاليا فى الصالونات المفتوحة والمغلقة فى عواصم اوربا الثقافية  

 فلو تتبعنا الصراعات الفكرية فى تاريخ الفكر الغربى منذ اللاتين حتى الان مرورا بشلنع وشوبنهور وماركس وهيغل وكيركغارد وسارتر وبرغسون ،فانهم مهما اختلفوافاننا نجد أنهم اما أن يرتدوا الى المنهج ،او يرتدون  الى الرؤية،   بالانتقائية او التوفيقية عند القصور فى أداة المعرفة وغياب المنهج أوعند قصور فى النظر الى العالم والاشياء... اماارتقاء الى الانتقائية أو تعديلا الى التوفيقية او تخفيضا الى التلفيقية...والنتائج واحدة كما نراها فى الممارسات السياسية الغربية مند عصر التنوير الى  النفعية الانجلوساكسونية والبراغماتية الامريكية 'أوالذرائعية) او الصهيونية(الاشتراكيةالعلمية) التى لم تنتج الا الاستعمار والوحشية المنظمة والاستغلال البشع

الانتقائية التشويشية فى الفكر العربى المعاصر

قس الرجال بالحق ، ولا تقس الحق بتالرجال..الامام على كرم الله وجهه..

اما عندنا فقد اكتست الانتقائية - فى مجالات تياراتنا الفكرية عموما -، اضافات عشوائية، أو قراءات ذاتية وانفعالية ظرفية،فتضخمت دون وضوح ،وأصبح لكل من تلك المواضيع عدة معانى وعدة تعاريف، تحمل من التشويش  والالتباس و"التلفيق" ما يبعدها عن التوفيقية الحقة، أو التطورية المثابرة، التى يمكن أن تؤدى بالفكرالى تلك النظرة الصادقة  "النظرة الكاملة الوافية"  فتبدوأقرب الى التلفيقية والتبريرية منها الى شىء آخر..

 والنتيجة ظهو تفسيرات متفاوتة للدين والمتدين، والثقافة والمثقف، والفكروالمفكر،والسياسة و السياسى، والمذهب والتمذهب، تختلف رجعية وتقدما،أو ضحالة وعمقا ،وفقا للتقلبات الاجتماعية والسياسية، التى يمر بها كل بلدعربى استجابة لأغراض حاكم، أو جماعة ضغط، أو مجردأهواء حزبية نزقية عابرة، مما اتاح الفرص فى معظم الأحيان لادعاءات المدعين، وسيطرة المتاجرين، وصخب المتفيهقين. وهذا ما نراه فى مؤتمراتنا ،وندواتنا وتجمعاتنا  ثقافية أو سياسيسة أم دينية.فتظهر مأساتنا –نحن العرب-  فى هذا العصر،ليس فى لا أخلاقيتنا فحسب بل فى غياب النزاهة و الروح العلمية.

.الاسلاس ن الاسلاس قبل الاحلاس...الامام الشافعى

وان حشودالديماغوجيين والمهزومين والمنافقين والمرعوبين والايديولجيين القدامى والمرذولين  ما يزلون يدورون فى فلك مصطلحات  اصطخابية"دوارة" و"سيارة" مثل التنوير والتثوير والتغيير والتحديث والانسان والوعى والفكر والعقل والثقافة والثورة والمجتمع "والتقدمية العلمية"( علما بانه  فى السياسية والاجتماع والفلسفة لا يوجد ما يسمى بالنظريات العلمية الا فى اذهان بقايا ديناصورات "الفكر الثورانى" حيث يصبح العلم هنا منحازا)..ومعظم هؤلاء لا خلاق لهم..فيمسى الصحفيون والقصاصون والشعراء والنقاد والسياسيون اكثر امعانا فى الهذر بمصطلحات نبيلة شريفة بالغة التعقيد مكثفة المعنى والمبنى بلا مبدئ يقيم اعمدتها ولا سند فكرىاو اخلاقى روحى يدعمها

فالأخلاق أساسها المبدأالمتسامى علىالترهات وليس الأشخاص والعصوروالأماكن.."فيقاس الرجال بالحق ولايقاس الحق بالرجال ...كما قال على كرم الله وجهه" مضيف لوفد جاءه من مكة "بان الارض لا تقدس احدا"  واما العلم فمبدؤه الأصل لا الفرع...والا فسنظل نفضل الصورة على الشىء والنسخة على الاصل،

 وان الامم التى يكتب لها الخلود هى تلك التى ترفع مصالحها وقضاياها الحوية الى مرتبة البديهيات

اما الامم التى كتب عليها الفناء فهى تلك التى تبتلى بمن يفسد عليها امرها باسم الجدل  والبحث عن ادلة لاثبات ما تؤمن به الجماهير قبل ان يولد المنظرون..كما هو الشان بالنسبة للعروبة والاسلام عندما كان تلاحمهما من البديهيات والمسلمات  عند ذوى النوايا الحسنة والطيبة والفطرية حتى جاء القوميون فجعلوها اعقد من ذنب الضب..بمحاولة ادخال الواقع العربى فى القالب الغربى للقومية ومحاولة الحركات السياسية"التلفيقية" التى اعتمدت هدا التنظير اثبات شرعيتها بالحصول على مطابقة لاهدافها بموجب التعريفات ونظريات الغرب البائدة ..وما يزلون... ولنا فى "المتأمركين العرب الجدد" أسوة سيئة..بعد موجة المتغربين التى عمت الساحة العربية ولم نر منها الا الويل والثبورفغصت الساحة الفكرية عندنا بانتقائيات ترى منها وفيها عجبا ، تحاول  كلهاارجاع الفكر العربى الى الرعشات الاولى للوثاث وثنيات ا لفكر الاغريقى-الرومانى متناسين بأن الحضارة بمفهومها الغربى  "ظاهرة انسانية "  غريبة بل وعجيبة  لانها نشأت مع الاغريق وتطورت  مع السيادة الرومانية ولقحت بالتقاليد اليهودية والنصرانية الكنسية الغربية بحيث أصبح "العالم"   كما يسميه "توينبى" فى تفسيره "المسيحى " للتاريخ  بانه ليس الا الخلفية التاريخية، ومادة الحضارة للجنس الابيض المختار..أما باقى الحضارت  فلا مكان لها فى صياغة القوانين العامة للجنس البشرى(انظر مسودات صياغات قوانين كل المنطمات الدولية منذ انشاء عصبة الامم الفاشلة مرورا بهيئة الامم المتحدة واليونسكو وغيرها).

ولذا فان المجتمع النامى الناهض الذى يدعى انه ينتقل من القديم الى الجديد، ومن التسليم الى التفكير، ومن الموروث الى النقد المنهجى، لفى حاجة الى تنوير(ولا اقصد هنا المعنى الفولتيرى البائس) ومراجعة النفس واصلاحها أكثر مما هو فى حاجة الى"تثوير"...فالتنوير شرط التثوير. والتثوير بلاتنوير مجرد تغيير اجتماعى عابروتستطيحى مستعجل وزائف، أو انقلاب فى الأوضاع تحدثه سلطة قائمة فى المجتمع،ولكنه سرعان ما يتغير  بتغير السلطة وأذنابها كما عايشناها فى مجتمعاتنا العربية منذ القرن الماضى .وكل تغير اجتماعى حدث فى اى مجتمع عربى ، انما كان على أسس نظريات ارتجالية متهورة وعجولة،  لا بقاء لها الا ببقاء السلطة الضامنة لها وبالتالى  تظل التغييرات  سطحية، ولا تحدث تاثيرا فعليا،ولاتخلق وعيا  "وان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"...فتأمل !!!!!