السقوط صناعة بشرية..
ومضات محرّضة
السقوط صناعة بشرية..
لا قضاء ربّاني !
عبد الله القحطاني
1) القضاء الرباني المقصود هنا ، هو ( الأمر) على غرار الآية الكريمة:( وقضى ربّك ألاّ تَعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحساناً ..) .
والسقوط المقصود هنا ، هو السقوط الخلـُقي ، تحديداً .. وقد يسمّيه بعض الناس : (نذالة !) .
لذا ، لا يستطيع هؤلاء ، أن يحتجّوا بأن الله أمرهم ، بأن يكونوا على ماهم عليه ، أو أن يفعلوا ما فعلوه ، أو ما يفعلونه الآن :
· الحاكم الذي يظلم شعبه ، مستغلاً قوّة الدولة ، التي هيمن عليها ، وملكَ قراراتها!
· التابع الذليل ، الذي ينفّذ أمر الحاكم ـ رغبةً ، أو رهبةً ـ .. في إيذاء الناس !
· المنافق الذي يتزلف للحاكم ، ويزيّن له أعماله ، ويمجّد شخصه ، وأفعاله الفاسدة..! ( وأسوأ المنافقين ، هنا ، المحسوبون على العلم الشرعي ، الذين يسمّيهم الناس علماء..! وكذلك المثـقّفون ، أو الذين يسمّون أنفسهم مثـقّفين ، والمفكّرون ، وأصحاب الوجاهات الاجتماعية... وهؤلاء كلهم يشكّلون رموزاً في مجتمعاتهم.. يقتدي بها أناس ، ويتأثّر بها آخرون .. فتكون إساءاتهم مضاعفة النتائج ، وآثارها أشدّ خطورة من آثار غيرها !).
· الجبان الذي يسلم رقبته لسيف الجلاّد ، رغبةً أو رهبة .. ليستعبده ، أو يعيث به كما يشاء .. وهو قادر على أن ينجو بها من بطشه ..!
· الحسود الذي يحسد الناس ، على أموالهم وأرزاقهم ، أو على منازلهم الاجتماعية ، أو على نجاحاتهم في أعمالهم ، العامّة والخاصّة !
· المتآمر الذي يَمكر بمَن حولَه ، ليحقّق لنفسه مكاسب ، مادّية أو معنوية .. على حساب الآخرين ، ولو أدّى سلوكه إلى إيذائهم .. أو تحطيمهم !
· الصغير الذي لا يستطيع أن يكبر، إلاّ إذا هوّن من شأن الآخرين ، وحطّ من أقدارهم..! فهو ينالهم بالسوء ، بمناسبة وبغير مناسبة ، ليسقطهم ، ويصغّرهم.. فيبدو، بالقياس إليهم ، عالياً .. وكبيراً !
· صاحب الوجوه المتعدّدة ، الذي يلبس لكل إنسان وجهاً ، ولكل موقف وجهاً .. حتى لا يعود أحد من الناس ، قادراً على معرفة وجهه الحقيقي .. ولا هو يعرف لنفسه وجهاً حقيقياً !
· المعارض السياسي ، الذي يَنقضّ مع الذئاب ، ويَهرب مع الحِملان !
· الحزبي الذي يريد من حزبه ، أن يحقّق له كل ما فيه مصلحة شخصية له ، ويَصعد على أكتاف الحزب ، ليحصل على ما يريد ، له ، ولأفراد أسرته ، وللمقرّبين منه..! وإذا طلَب منه الحزب شيئاً ، اعتذر ، واحتجّ ، وتعلّل ..!( وقد يقدّم شيئاً من النفع، يتّخذه تُـكَأةً للمَنّ والأذى !) . وإذا لم يحصل ، داخل الحزب ، على الموقع الذي يريده ، أو المصلحة الخاصّة التي يسعى إلى تحقيقها ، طفق يشهّر ، ويلصق التهم ، بهذا المسؤول الحزبي ، و تلك المؤسسة الحزبية ..! ويلفّق الأكاذيب ، وينشرها في وسائل الإعلام .. لكي يكون شخصاً مرموقاً ، أو نجماً تلفزيونياً محبوباً .. بطلاً ،أو ضحيّة ..! دون أن ينسى أن يؤكّد ، أن ما يفعله ، من افتراء ، أو كذب ، أو تشهير.. إنّما يبتغي به وجه الله ، أو وجه الوطن ، أو وجه المصلحة العامّة ! وقد يدفعه حسن ظنّه بنفسه ، إلى أن يصدّق مزاعمَه ! كما قد تدفعه استهانته بذكاء الآخرين ، إلى افتراض تصديقهم كلَّ ما يقوله لهم !
2) يستطيع أيّ من هؤلاء ، أن يتّهم الشيطان ، بأنه أمره بالشرّ الفلاني ، ونهاه عن الخير الفلاني .. ثم يحتجّ بضعفه البشري ، ليغطّي سقوطه ، أو نذالته ، التي مارسها عن وعي وتصميم ، وإرادة حرة..! لكنه لا يستطيع أن يزعم ، أن الله أمره بأيّة نذالة ،لأن الله لا يأمر بالسوء ، ولا يرضى به !
3) وإذا كان حساب الآخرة مؤجّلاً إلى ما بعد الموت ، فإن ممّا يغري المجرمين ، ويمدّهم في طغيانهم ، أو ضلالهم ، أو عدوانهم على حقوق الآخرين .. سكوت أصحاب الحقوق عنهم ، وعدم زجرهم ، أو ردعهم .. وهم قادرون على ذلك .. سواء أكان أصحاب الحقوق شعوباً ، أم قبائل ، أم أحزاباً ، أم أفراداً !