كانت أيام ...أحلى أيام
كانت أيام ...أحلى أيام
د. انتصار شعير
الإسكندرية ـ مصر
عجيب أمر الإنسان تمر به كثير من العثرات والمواقف الصعبة التى تضيق بها نفسه ، ويظن عندها أن الحياة قد توقفت، فلم يعد يرى فيها إلا الظلام ، ولا يشعر فيها إلا بالآلام ولكنها تمضي ، وحتماً ستمضي ، فما ضاقت إلا فرجت ، فبعد الظلام نور، وتذهب رحمات ربك بالآلام ، وتبقى الأحداث ذكرى فى النفس والوجدان ... بل قد يتذكرها الإنسان ولسان حاله يقول : كانت أيام .. أحلى أيام
وبالطبع ليس كل الناس يتعاملون مع المواقف الصعبة بهذه الطريقة ، فهناك نوعٌ من الناس يعتبر مجرد ذكر أزمة أو كبوة مرت به فى حين من الأحيان بمثابة إرسال رسالة سلبية لحياته قد تقلب الحالة المزاجية لديه رأساً على عقب ، إلا من تعرض لتلك المواقف فى سبيل الله ، وبحب منه لله ، فذكر هذه الأيام يعطيه دفعة للأمام ، ويذكره بمدى قوة تحمله وانتصاره على نفسه ، وتعرفه مدى صدقه مع الله ، وبذله فى سبيل حبه لله . ومهما كانت درجة الصعوبة تُرى البسمة ترتسم على الشفاة ، والفرحة تضيء الوجه ، والشعور بالرضى يملأ النفس ، ويتحول هذا الشعور لطاقة تدفعه لمزيد من البذل والعطاء والتضحية فى سبيل الله بكل غالٍ ونفيس ، وكيف لا وقد ذاق حلاوة الإيمان ، فلا عجب إذن أن نقول ـ بلسان الحال ولسان المقال ـ " كانت أيام .. أحلى أيام " .
**********
وما من شك في أن تقلبات الحالة السياسية القائمة على التخبط التخبيط واللا تخطيط ــ والتى أثرت بموجبها بوجود حالة من العشوائية والتضارب فى القرارات ــ أدت إلى إحداث ارتباك ، وعدم توازن فى معظم المؤسسات ، فلم يعد يستطيع المراقب للأحداث تحديد التوقعات ، وليس أمام الجميع إلا وضع الاحتمالات ، ومن ثم رسم أسس وطرق مثلى للتعامل مع هذه الاحتمالات لكى لا تصبح مفاجآت ، وهذه الحالة بالطبع لا تعد مقياساً ولا معياراً لأداء العمل الإخوانى مع المجتمع الذى رفع مبدأ المشاركة لا المغالبة ، واتبع أسلوب التكامل والاندماج مع كل فئات المجتمع ، من أجل الصالح العام ، والوصول لجعل البيئة المجتمعية صالحة للارتقاء والنهوض فى شتى المجالات . ومع أن أبناء دعوة الإخوان المسلمين عاشوا فى حرمان من كثير من الحقوق الإنسانية فإن تلك المعاناة لم تؤثرعلى مسيرة العطاء ، ومد يد الخير لكل أبناء المجتمع ، وكانوا ــ وما زالوا ــ يلبون أية دعوة للحوار ، وهم يعرضون رأيهم فى قضايا الأمة التى يعتبرونها قضاياهم بلا تعصب ، وبعيداً عن أسلوب الهيمنة الفكرية ، فإما أن يقتنع الطرف الآخر، وإلا فالاختلاف فى الرأي لا يفسد للود قضية ، وكسب القلوب مقدمٌ على كسب المواقف . قدموا العمل مقروناً بالحب والعطاء ، وضحوا بجهدهم وأوقاتهم وحرياتهم راضين مرضيين فى كل أحوالهم .. فالنجاح فضل من الله ومنة .. وصعوبة الموقف صبرٌ واحتسابٌ وفى ميزان الحسنات بإذن الله ... يتذكرونه وهم يقومون بأعمال خيرٍ أخرى وهم يقولون " كانت أيام .. أحلى أيام " .