أعداء الفساد
حسام خليل
لا تعجب حينما ترى أناسا مصريين يناطحون عن الفساد ويستميتون في الدفاع عن استمرار وجوده وذلك ببساطة شديدة لأن لهم مصالح ارتبطت بوجود الفساد ، فلا تنزعج إذا رأيتهم يحاربون أعداء الفساد بكل ما لديهم من قوة وإخلاص فربما كان في ذلك أكل عيشهم أو طريقهم الممهد للمجد والشهرة أو حفاظا على مناصب لم تكن لتدوم إلا بحرب أعداء الفساد في سبيل دوام أرباب الفساد، إنهم مصريون وطنيون يعشقون الوطن ويكرهون أعداء الفساد.
ولكن العجب كل العجب من هؤلاء الذين يعانون من الفساد ثم لا يتحركون خطوة واحدة في طريق مجابهة الفساد ، والأعجب من ذلك أن تراهم يعترضون طريق أعداء الفساد بقولهم
(لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا) لماذا تخاطرون بأنفسكم وأموالكم؟ اتركوا الفساد يأكل أرضنا وينهش عرضنا وينهب أموالنا ويعبث بمقدراتنا ، الزموا أماكنكم وادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم السلطان وجنوده وهم لا يشعرون.إن مثل هؤلاء لا يدركون خطورة الموقف ولا يشعرون أنهم مقبلون على دمار شامل وهلاك محقق وطوفان لا عاصم منه وذلك لأنه إذا كان الذي يعبث بسفينة حاضرنا ومستقبلنا ويخرقها من جميع جوانبها رجل في أسفل السفينة ولا يريد إيذاء من فوقه وتركناه وشأنه فسنغرق جميعا لا محالة فما بالك والذي يعبث ويخرق ويدمر هو الربان وأتباعه المستفيدون لأجلٍ مسمى من استمرار وجوده عابثا. فمتى سيستشعر هؤلاء السلبيون ما يحيط بهم من خطر داهم والموج يحيط بهم من كل مكان ؟ فإن الخوف الوهمي من تهديدات أرباب الفساد حجب عن هؤلاء الشعور بالخوف الحقيقي من الأخطار والأهوال التي تحيط بهم من كل جانب والتي بدت بشائرها تتراقص رأي العين أمام الجميع على أنغام الفساد وضربات المطبلين وتصفيق المشجعين من أبناء الوطن!.
إن الذين يتنازلون عن حقهم الدستوري ولا يذهبون إلى صناديق الانتخابات لتأدية الأمانة إيثارا للسلامة أو لعدم اقتناعهم بجدوى تلك المشاركات يمثلون حجر عثرة في طريق المصلحين الشرفاء فضلا عن أولئك الذين يبيعون أصواتهم و يسودون البطاقات و يساهمون في تزوير إرادة الشعب و يساندون أنصار الفساد في الوقت الذي يكتوي فيه الجميع بنيران ذلك الفساد الجاثم على الصدور.
إن الذين يحاربون الفساد لا يعنيهم أرباب الفساد بقدر ما يعييهم هؤلاء السلبيون وأولئك النائمون الذين لا يشعرون بخطورة الموقف ، فهؤلاء المفسدون( كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت)، وحينما يستيقظ الشعب ويصحو من غفوته ويتجمع حول المصلحين الغيورين على وطنهم فيتحركون جميعا بالطرق السلمية المشروعة في أداء متناسق مدروس لمجابهة الفساد ستكون الخطوة الأخيرة في غاية السهولة ومهما بلغت التكاليف والتضحيات فستكون قليلة مادام الهدف هو إنقاذ أكثر من سبعين مليون نسمة من الغرق المحتم الأكيد.