أزمة الدولة المدنية
بين الإسلام السياسي والعلمانية
سلمان السلمان /أمريكا
أن كل الأفكار عبارة عن صيغ متقدمة من التفكير للانفلات من الواقع الذي تعيشه الطبقة المثقفة في المجتمعات التي يحكمها الاستبداد بكل أنواعه، سواء كان هذا الاستبداد ديني أو أرستقراطي أو اشتراكي وحتى العلماني الذي يصوره البعض انه أكثر الأفكار انسجاما وتطلعات الشعوب من الهيمنة والاستبداد.
وأيضاً نحن نعتقد أن الرسالات السماوية ما جاءت إلا لحاجة الإنسان لها منطلقين من الآية الكريمة التي تقول {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ * فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (سورة يونس 47) فالرسول القادم هو حاجة تلك الأمة لمبعوث الهي يّقَوم الاعوجاج ويصنع لهم حركة ثقافية اجتماعية هدفها بناء الإنسان والارتقاء به إلى سلم الطهارة الإنسانية التي يحتاجها لبناء ذاته وعقلنة تصرفاته، ويطرح منظومة أخلاقية تتماشى وطبيعة الخليقة التي أسسها الله.
فالحاجة للخروج من حكم الطواغيت. هو الذي يحفز العقل على بلورة فكرة تقوده لتحقيق ما يصبوا إليه من حياة كريمة ومستقبل زاهر.
لذا عندما طرحت فكرة اللبرالية لم تطرح من موقع الترف وإنما من واقع فاسد تحكمه أهواء الكنيسة وتتلاعب به أفكار المستغلين على مفهوم واحد تحكمه معطيات المرحلة التي كانت سائدة آنذاك وتهيمن عليه الكنيسة بتسطح أفكارها في تحريم كل ما من شأنه أن يحقق التطور في المجتمع والانطلاق نحوا التقدم العلمي المبني على الدراسة والتحليل، وما تكفير جاليليو على عقيدته في حركة الأرض حول الشمس ومركزية الشمس للكواكب وتهديده بالإحراق بالنار إلا دليلا على جمود تلك العقول البالية التي تكفر كل ما يخالف عقليتها، فكانت النتيجة إجباره على التوبة، ولكن هذه التوبة لم تمنعه من أن يخط على الأرض إيمانه بما توصل إليه من علم فشوهد وهو يكتب ( توبة جاليليو لا توقف الأرض عن دورانها ).
وقبل إن نبدأ البحث حول ما ننوي تناوله في هذا الموضوع علينا أن نضع مفهوما مبسطا للبرالية مع علمنا بان اللبرالية مرت بمراحل كثيرة، وهي تختلف من بلد إلى آخر ولكن مفهومها العام المستند على التحررية يجعلنا نفهمها على أنها (حركة وعي اجتماعي سياسي داخل المجتمع، تهدف لتحرير الإنسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة – السياسة- الاقتصاد- الثقافة) وقد عرفها ( جاك روسو) فقال : (الحرية الحقة هي أن نطيع القوانين التي وضعناها نحن لأنفسنا)
والقوانين هذه تستند على مفهوم التحررية كفرد وجماعة من قيود السلطة السياسية والاقتصادية والثقافة لكي ينطلق الإنسان في الإبداع وخلق الفرص التي تهيئ المجتمع للنمو والتطور، ولكن منظري هذا الفكر لم يجعلوها عشوائية كما يظن البعض لأنهم قيدوها بقوانين منضبطة قادرة على الاستمرار بالحركة الديناميكية التي وضعوها لتسيير حياتهم بشكل اجتماعي صحيح.
وهذا المفهوم العام للبرالية لا يصطدم ومفاهيم الديانات السماوية بما فيها الإسلام لأنها تؤمن بحرية الاختيار وحرية ممارسة الحياة بالشكل الصحيح الذي يجعله يرتقي في سلم الحياة الفاضلة التي يسعى لها الإنسان ويتطلع الجميع لتحقيقها. ولكن قد يختلف معها بالمفهوم التفصيلي للبرالية.
أما المفهوم العام للبرالية، وحتى بدون التفاصيل يصدم مع الفكر الديني المتعصب الذي يرى نفسه أفضل المنظرين لحياة الإنسان ويرى أن ما يقوله هو الصواب والأمر المطابق لحكم الله، وهذا التعصب الأعمى يشمل بالتأكيد كل الاتجاهات الدينية سواء كانت سماوية أو غير ذلك.
بل ونحن نعتقد أن المبادئ العامة للبرالية قد تتعارض، وتتناقض مع بعض حاملي راية اللبرالية إذا تعصبوا وبالغوا في تطبيق اللبرالية منتهكين الاعتقاد الديني بحيث يسقط اللبرالي من حساباته كل ما هو ديني ويضعه في خانة الاتهام ولا يعطيه الحق كغيره في ممارسة دور ما في القيادة. لذلك ترى اللبرالية مرت بمراحل عديدة انسجمت هنا وافترقت هناك.
بعد هذا الهامش من القراءة لابد لنا أن نمر على العلمانية باعتبارها تشترك ببعض المفردات مع اللبرالية ولو مرور الكرام لنضع لها تعريفا مبسطا كي نستطيع أن نحدد موقع الإسلام السياسي بينها.
العلمانية: تعني (فصل الدين والمعتقدات عن السياسة) والحياة العامة وعدم إجبار الكل على اعتناق وتبني معتقد أو دين.
والعلمانية كما يعتقد أصحابها أنها أساس لبناء الدولة المدنية التي يستطيع المواطن من خلالها بناء ذاتيه والتعبير بحرية عن أفكاره دون إن يكون هناك قيد من قبل السلطة الدينية في اختياراته ورؤيته لبناء هذه الدولة.
وعليه فان فصل الدين والمعتقدات عن السياسة العامل الأساسي في أطروحة هذه النظرية لأنها تعتقد إن الابتعاد عن الدين يساعد على تبني الأفكار الحضارية التي لا تتوقف عند رؤية الفكر الديني الذي يعبر عنه أشخاص تتضارب مصالحهم ومصالح المجتمع.
بمعنى أن لا يتأثر الفكر السياسي بالإطروحات الدينية المنغلقة والمعتكفة والمتحسسة من كل تغيير يخدم المجتمع ويطوره خوفا من الوقوع بالمحرم.
وفي الحقيقة هذا التخوف قد يكون مبررا في المجتمع المسيحي وتخوفه من الكنيسة التي أبدت الكثير من الانغلاق وهي التي أوجدت هذا التيار من خلال احتكارها لرأيها وعدم سماع صوت العقل العلمي الذي يخطوا نحوا التقدم الواقعي للإنسان وقد يكون محقا أيضا مع المؤسسات الإسلامية المتعصبة التي لا تقبل الرأي الأخر ولا تسمعه وترى نفسها أكثر قربا وتمثيلا للرب بل وتعتقد أنها تملك الوصاية من الله على الأمة وتقتل وتكفر كل من يعارضها حتى وان كان ما يطرحه لخدمة الأمة والمجتمع ومصلحتها.
ومن هذا التخوف ولدت فكرة استبعاد الفكر السياسي الديني من خوض المعركة الديمقراطية في بلادنا الإسلامية .
ونحن اليوم نود أن نسلط الضوء على أماكن مجحفة بحق الفكر الإسلامي السياسي في تبني الأفكار الواقعية التي يستطيع أن يتفاعل معها الإنسان من كل الاتجاهات.
وأول شمعة علينا إدراكها هو التفريق بين الحركة الإسلامية الدعوية والحركة الإسلامية السياسية (الحركية).
فالإسلامي الدعوي يعيش حالة التخندق في الدين وبحث مسائل الفقه والدعوة للخالق ولا يهتم كثيرا للحوادث السياسية والعلمية.
وهذا النموذج متوفر في الكثير من البلدان العربية ونشط في كثير من الأحيان ومدعوم من قبل السلطة الحاكمة لأنه لا يؤثر عليها سلباً، بل من الممكن أن يكون أداة لضرب خصومها.
أما الإسلام السياسي (الحركي) فيكون أكثر انفتاحا في التجمعات الفكرية، ويهتم بالقضايا التي من شأنها أن تحفز المجتمع لنبذ التعصب بكل أنواعه والبحث عن حلول تخرجه من الظلم والتعسف الواقع عليه من قبل الطواغيت.
وأيضا هذا النموذج من الإسلامي السياسي الحركي ينقسم إلى قسمين الأول همه السلطة والزعامة وتحفيز كل طاقاته الذهنية والحركية من أجل أن يصل لما يصبوا إليه من حكم وتسلط، وإذا ما حدث تغيير في صفوف الحركة وكان من المبعدين عن منصب الزعامة تراه ينقلب رأسا على عقب وتظهر نواياه الحقيقية ويغلفها بغلاف من الحركة البهلوانية ليشكل تنظيما أو تكتلا يمارس فيه القيادة والزعامة لأنه لا يستطيع أن يرى نفسه بعيدا عن الأضواء، وكأن الله خلقه لان يكون زعيما وقائدا لهذه الأمة، وهذا النموذج لا يستطيع أن يخدم أمته إلا من خلال تصديه للقيادة والزعامة وطبعا هذا النوع من القيادات متوفر في كل التيارات والأحزاب السياسية (ولله الحمد) وليس لأحد القدرة على نكران ذلك لأن التجارب التي مرت وتمر فيها الشعوب تبرهن على ذلك.
أما القسم الثاني فهم الرساليون الذين يحملون الفكر وينطلقون فيه نحوا بناء أوطانهم بأفكارهم وعلمهم ليصنعوا فنا رائعا من الرقي في ممارسة الانفتاح على الأخر وبناء علاقات طيبة مع كل الإطراف بما فيهم الأعداء، وهذا النموذج لا يهتم كثيرا بزعامة أو رئاسة وإنما يهتم بقربه من المجتمع والناس ومع ذلك فهوا لا يمانع أن يكون زعيما إذا ما عرضت عليه الزعامة ولكنه يعيش التعفف والتواضع، وهذا النوع أيضا ليس فقط تجده عند الإسلاميون وإنما تجده في كل التيارات والأحزاب الوطنية والقومية.
لأننا نعتقد إن الإسلاميون وغيرهم من حاملي التيارات الفكرية يسعون لتحقيق الفكر الذي يؤمنون فيه لاعتقادهم انه الفكر الأمثل والأصلح في بناء المجتمعات، وهذه القاعدة لا تستثني احد، سواء كان فكرا دينيا أو علمانيا لأن الحكم على الأفكار دون خوضها للتجربة الفعلية مؤشر احتكار من قبل الآخرين.
وبما إن الحكم العلماني والليبرالي قد اخذ نصيبه في الحكم عند الدول الأوربية وقد استفاد المجتمع الأوربي من هذه الأفكار في تطوير قدراتهم العمرانية والتكنولوجية إلا إن الليبراليون والعلمانيون في الدول العربية كانوا أسوء مثالا في تأخر بلدانهم وهشاشة بناء دولهم والأمثلة كثيرة والفاحص في تركيبة الدولة المصرية والدولة الأردنية والدولة اليمنية والدولة الجزائرية وحتى دولة لبنان يستطيع إن يرى بوضوح ما يجري على أيدي الليبراليون والعلمانيون من فساد وتأخر وانغلاق.
لذا عندما يعتقد الليبراليون والعلمانيون أنهم الأفضل في إدارة الدولة دون سواهم من الإسلاميون في الوطن العربي يكونوا قد جانبوا الحقيقة، وكذلك إذا قال الإسلاميون مقالة الليبراليون والعلمانيون وقعوا أيضا في نفس الإشكال.
أما الشمعة الأخرى التي نرى أن نضيئها في سماء هذا البحث هي الديمقراطية:-
لا تكاد الديمقراطية أن تكون منفصلة عن الليبرالية، وأي بحث تذكر فيه الديمقراطية لابد وان تكون الليبرالية حاضرة معه وبقوة، والديمقراطية بمفهومها العام هو التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثرية وحماية حقوق الأقليات.
ومفهومها اللغوي عبارة عن كلمة مركبة من كلمتين:-
) بمعنى عامة الناس.Demos( الأولى مشتقة من كلمة يونانية هي:
) بمعنى حكم.Kratia) الثانية هي:
وهي بمعنى حكم الشعب. (Demoacratia) وبجمع هاتين الكلمتين نحصل على كلمة الديمقراطية
وبهذا الاشتقاق نستطيع أن نقول أن الديمقراطية معناها حكم الشعب لنفسه ودون أن تتسلط عليه قوى مهما يكون شكلها وحجمها.
وهذا المفهوم للديمقراطية لا يتعارض والفكر الإسلامي السياسي إلا باستثناءات منها واقعية موضوعية وأخرى فلسفية عقائدية، وفي كلا الاستثناءات يكون الاختيار الأول والأخير للشعب.
أما كيف لا يتعارض والفكر الإسلامي السياسي؟ ذلك لأننا نعتقد إنه ينطلق من حكم الشعب لنفسه، فليس من الإسلام فرض إرادة الفرد على الأمة حتى وأن كان الفرض من الله، ولنا في قصص الأنبياء دليل على ذلك.
كما أن هذا المفهوم لحكم الشعب ينبع من مفهوم الإسلام للشورى، لذلك عندما نقرأ هذه الآية الكريمة {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}(سورة الشورى 38) ندرك أن الله حدد الآليات التي من خلالها يستطيع الشعب أن يختار الذي يناسبه وأن أخطأ الاختيار فهو (أي الشعب) يتحمل مسؤولية اختياره بل أن الله سبحانه وتعالى يطلب من رسوله أن يكون ليناً مع الناس ويحثه على أن يشاورهم كما جاء في الآية الكريمة {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(سورة آل عمران 159) مع إنه يتلقى الحكم الأكثر حكمة من الله وهو الأعلم بالمصلحة العامة إلا انه يمدهم بقوة في تثبيت كرامتهم الإنسانية التي فطرهم الله عليها، فيقول في محكم كتابه العزيز{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}(سورةالأسراء 70)
وهذا التفضل الإلهي لابد وان يصاحبه كرامة الاختيار، وكرامة الاختيار تعني بالمصطلح الحديث والمتداول بيننا اليوم (الديمقراطية) أي حكم الشعب.
أما الشمعة الأخيرة التي لابد لنا أن نمر عليها هي: ( التقنقراط) أو ما تسمى (بالكفاءات).
اجتهد العلمانيون كثيرا في الإيحاء للقاعدة الجماهيرية أنهم الأكثر اهتماما في شريحة (التقنقراط) أو الكفاءات. بل وأوهموا الكثير من القاعدة الشعبية بأنهم هم أهل الخبرة والدراية في إدارة الدولة، لأنهم يحملون الاختصاصات التي تؤهلهم لأن يكونوا المتصدين لإدارة المجتمع والارتقاء فيه نحوا الأفضل وذلك ما تطلبه الجماهير.
لكن الحقيقة أن أهل الخبرة أو الكفاءات ليسوا حكرا على العلمانيين. نعم قد يمتلك العلمانيون كفاءات ولكن هذا لا ينفي أن الإسلاميون أيضا يمتلكون تلك الكفاءات وتلك الخبرة التي تأهلهم أن يديروا العمل بالاختصاصات التي يحملونها، وأيضا هناك تقنقراط ليس لهم دخل في كل التيارات السياسية سواء كانت إسلامية أو غيرها، بل ومنهم من يميل للتدين ولكنه لا يدخل في الحركة الإسلامية السياسية كحزب أو تنظيم.
لذا نحن نرى أن الإدعاء القائل أن الإسلاميون غير قادرون على بناء الدولة المدنية فيه الكثير من التجني وعدم الإنصاف بل ويخلق حالة من الإرباك بين الطرفين مما يؤدي الى حالة من الفراغ يستغلها البعض في تأجيج الصراع ويكون الخاسر الوحيد في هذا الصراع هو الشعب العربي.
وعليه فنحن نعتقد أن السبيل لحل هذه المعضلة هو (الأمر المشترك) بمعنى أن يشترك الكل في تغيير الواقع المر الذي تعيشه أمتنا العربية ودون إقصاء لطرفا ما.
لان المشكلة ليست بالفكر الذي يطرحه السياسي سواء كان علمانيا أو إسلاميا، وإنما بالواقع العملي الذي يؤديه المتصدي للإدارة في بناء الدولة المدنية.
والمشكلة الأخرى تكمن في تركيبة السياسي العربي الذي يحمل الازدواجية الفكرية في مواقفه، فلا عجبا أن نراه يحمل في داخله تعصبا دينيا وانفتاحا علمانيا، فمرة نراه يميل للدين بتعصب أعمى ينغلق إلى درجة التكفير وتارة ينفتح فيكون أكثر تطرفا ضد الدين.
وعليه فنحن نرى أن العمل المشترك للبراليين والعلمانيين و الإسلاميين خطوة لدعم المسيرة الجادة في تصحيح الواقع الفاسد الذي تعيشه امتنا، لأننا لا نستطيع أن نرتكز على اللبرالية والعلمانية دون الحركة الإسلامية.
أضف إلى ذلك فان المجتمع العربي إسلامي بطبيعته، وله رصيد تاريخي في قيادة الأمة والعالم، وانه يتطلع لعودة هذا التاريخ.
ثم أن مجتمعاتنا العربية تتحفظ من الدور الذي تلعبه الدول الأوربية والأمريكية في خلط الأوراق بقضايانا العربية.
لذلك نحن نرى أن الفكر العلماني لا يستطيع أن يعمل منفردا، وهناك أفكار تحاربه وتُحمله أخطاء الآخرين الذين يحملون راية العلمانية، كما أن الإسلاميون لا يستطيعون أن يعملوا منفردين وهناك من يتهمهم بالرجعية والتخلف والتعصب والفساد.
فإذا أدركنا هذه الحقيقة استطعنا أن نبني رؤية واقعية في لملمة بعضنا البعض وتهيئة الأرضية والمناخ المناسب للعمل من أجل الأمة وتطلعاتها، ونذوب في حلاوة الانصهار والتسابق من أجل بناء الصرح الحضاري الذي سبقنا الكثير إليه ولكي نفهم حجمنا الطبيعي وأن لا نعيش الماضي وننسى المستقبل الذي هو الركيزة الباقية التي يستطيع الإنسان العربي من خلالها أن ينطلق للفضاء الأوسع في هذا العالم المتسارع والمتسابق في فهم حركة الأرض ومن يعيش عليها.