المشكلات التي تسببها العامية حاليا في الأدب و الكون

د.إسلام بن صبحى المازني

المشكلات التي تسببها العامية حاليا في الأدب و الكون

د.إسلام بن صبحى المازني 

قال عبقرينا شمس الدين  :

أفسدتم المنقول والمعقول والـ     المسموع من لغة بكل لسان !

( وصيتي ألا يتحدث الأحباب سوى بالفصحى ما استطاعوا )

كنت طرفا في حوار حول  الأدب الشعبي بالعامية ، وسطرت موقفا أراه صوابا حول الفصحى وموقف الأديب منها ، وأنقله للفائدة ( مزيدا ) على شكل نقاط  :

حجم الخسارة :

•       خسارتنا شاملة مع العامية ( دينية * دنيوية * مادية* معنوية )  

تأثر المشاعر بالتعبيرات العامية : 

•       الشعور يأتي بالتعود فمن عود نفسه الفصحى سيشعر بها إن شاء الله وسيفكر بها بعد ذلك، وبذلك نتخلص من العامية التي يحبها المستعمر المخرب لأنها تبعدنا عن لغة القرآن التي فيها الهداية والثواب، وبها نفهم السنة ودرر السلف ، ونواكب العلوم جميعا ، ومعها ترتقي الأنفس وتستعيد شيم الأباة من تراثهم الفصيح

فهلا وعينا الدرس ؟

 إنها لغة الكرامة  ومقدمة العزة  

أم نكون كما قال حيدر

لا يفهمون المكرمات كأنها     عربية وكأنهم أتراك ! 

فلتكن ساعة وساعة :

*كلما تحدثنا بالعامية فرح المستعمر المستعبد المستخرب ، لأن معناه أن ملكة الفصحى تقل  (ولو بالإزاحة المكانية والزمانية ) فيصير القرآن غريبا جزئيا على العقول ، ولا يجتهد الناس لتعلم الفصحى كثيرا ساعتها للأسف ، أما الرقي كل الرقي فهو أن نحاول فهي مفتاح من مفاتيح النهضة

•  الأدب يعين على تذوق القرآن البليغ مبناه ويرقى بالحس وينشر الفكر في أحلي صورة تطهر العقول من أدران الإعلام  

والله المستعان ... 

الأمر يحتاج مجاهدة للنفس  

لكنني   سأرد  النفس  كرهة      على الذي تتقي والله  معوان  

وإني  لست من ليعت جوانحه     وبات فيها من الأشجان جذلان

 إلى هذه الدرجة ؟ ..... : 

*اللغة هي وعاء الحضارة ، وممارساتنا اللغوية هي اللغة ، وأي خروج فيها يستهلك جزءا من المخ والقلب والمشاعر ويبعد عن الأصل  

*لغتنا هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم،وتحدث بها الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم ، فهي حصن ووعاء للدين وأي مسلم غير عربي يسعى لتعلمها سعيا واجبا ومن ضيعها وهو عربي فقد ساهم في تضييع الدين  

والتضييع دركات فكل تأثير سلبي يعد تقصيرا وربما عد حربا على الله تعالى  

كما قال أبو الفضل الوليد

فـما  لغة العرب iiمسموعة
ومـا عـربية هذا iiالزمان
تحمس  جيشا وتنشد iiشعرا
فـأين  الإباء وأين iiالسخاء



مـن القوم والأكثرون iiنيام
كتلك التي ربيت في iiالخيام
وتعلو الجواد وتجلو الحسام
وأيـن  الوفاء وأين iiالذمام

 *اللغة الفصحى  أوسع لغات الأرض ولا توجد لغة بنفس السعة ولا بنفس الجمال   

هل الفصحى صعبة عسيرة معقدة :

* أي لحن أو أوركاكة ( أو غموض أو حذلقة ) في الفصحى فهو خطأ من صاحبه وليس عيبا أو قصورا فيها

فهو العابث باللغة جهلا والمنتقي عن عمى ! 

فهو واللغة كما قال قيس :  

أيـا عـمـرو كم مهرة iiعربية
يسوس وما يدري لها من سياسة

مـن  الناس بليت بوغد iiيقودها
يـريد  بها أشياء ليست iiتريدها

( النص يتسع لمن لا يتقن اللغة العربية أو الجامعة العربية )

يقولون لغتنا قريبة من الفصحي :

*التحول من الفصحي إلى العامية مصيبة حدثت وداء حل لابد من التداوي منه لأنه يصيب الدين والنفس معا

يـهـيـم  بالغرب لم يقرأ له iiأدباً
وكـل  مـا عـنـده كتب iiيعددها
ومـن حما لغة الأسلاف من iiعبث


ويجحد العرب لا يدرى الذى جحدا
لـم  يدر مما حَوت غياً ولا iiرشدا
وزاد  عـنـهـا حما دينا iiومعتقدا

وبالفعل حين يتكلم العربي بلهجته المحلية يعجز غيره عن متابعته !

طغى  العقوق وعذر الأقربين iiعلى
بـاعوا اللآلئ والأصداف من iiسفه
لا  يـخـجلون حياء إن هم iiلحنوا
ما قصرت لغة الفرقان عن iiغرض
كـم فى معاجمها من iiطرفةعجزت
وكم ترى فى تراب الأرض iiتحقره





هـذا التراث فأضحى وهو iiينتهبُ
وعذرهم  أنهم فى الغوص ما iiتعبُ
فـيـها وفيما سواها اللحن iiيجتنبُ
ولـم يـؤد سـواهـا كل ما يجبُ
عنها لغات الورى لوتكشف الحجبُ
وفـى ثـنـايـاه لو فتشته iiالذهبُ

وهو ما لا ينفي الخصوصية ، فرغم الفصحي يبقى لكل شعب بعض ممارساته التي تميزه ، وقد كان وسيكون إلى ما شاء الله تعالى ، ولكن سعادتهم بأن يكون الجميع قلبا وقالبا موصولين بحبل تلك الكريمة ،وهو ما نراه في شرق العالم وغربه من الصادقين قديما وحديثا هل يصح أن نقول : عامية أو فصحى ! المهم المضمون ؟...:

أعتقد أن الأمر لا خلاف عليه - على الأقل بيننا - في تلك النقطة ، فأراكم والجميع أهل حرص أحسبكم كذلك والله حسيبكم ونسأل الله لنا ولكم مزيدا من العلم والإخلاص أعني أننا نتكلم عن الفصحي أو العامية كأدب إسلامي وهو موضع الحوار ، أما المضمون فمتفق عليه ( فمن رغب عن سنتي رغب عني )

فالفصحي جزء من الغاية وركن من الهدف، والمعادون للأمة يدعمون تلك المحاولات ( التي لا شك في حسن نية الكثيرين من أصحابها ) في هجوم خبيث عريض لتفتيت اللغة العربية وعلومها وآدابها ، مما ينعكس على فهم الإسلام والقرب من القرآن كما أسلفنا والجواب يكون بالبناء .... قال شوقي :

وتقلدي لغة الكتاب فإنها        حجر البناء وعدة الإنشاء

وهناك الكثير من التعبيرات الفصيحة في القرآن يعدل عنها القوم للعامية ! وكما قلنا الأمر في أوله صعب ولكنه يهون لاحقا إن شاء الله فكما نجح اليهود وصارت العبرية التي لا حروف لها معروفة ، ولا تشابه حروف الإنجليزية ولا العربية وكانت ميتة حبيسة كتب وعقول قلة ( يعني صلتهم بها أبعد من صلتنا بالفصحى ) سائدة أدبا وطبا ، فمن ثم قويت الصلة بالتوراة المحرفة

*يجب أن ننجح ونتعود ونعود غيرنا ثم نتذوق ويحدث ما حدث سابقا ، وتعود الفصحى لمجدها ويشعر الناس بها ، حين نرتقي نحن بهم ونحاول ونبذل الجهد الذي لدينا في الفصحي بدلا من العامية ستحدث الاستجابة إن شاء الله ويجب أن تكون الفصحي السهلة الجميلة الواضحة القريبة هي العمدة

فمثلا يقول الله تعالى

( ومن يتق الله يجعل له مخرجا)

ويقول الشاعر

أخي جاوز الظالمون المدى      فحق الجهاد وحق الفدى

تلك كلها أمثلة واضحة يفهمها الجميع فلم لا توظف وأمثالها ويقاس عليها فيعود للأدب الحي بهاؤه ....

كما قام البارودي ثم من بعده شوقي ( على خلافنا لبعض المضامين)  فقدما أدبا أنعش العالم وجعله يعود ليشعر بجمال اللغة وسلطانها فلو قمنا بدعوة ثم عمل كما عمل هؤلاء لأدينا بعض ما علينا والله المستعان على من يعاديها  

لهفي على الفصحى رماها معشر

 هل الأمر نخوة وعاطفة ؟ وهل يحرم الكلام بالعامية ؟

ليس الأمر عاطفيا حسب فهمي ،وبالفعل أدع الفرصة لغيري ليجتهد ويبلغ الرسالة أحيانا وفي مقامات معينة مع أناس معينين بالعامية ، وربما يكون أفضل مع المسنين  البعيدين تماما - في حدود معينة طبعا - لأنهم لا زالوا يعون بعض الفصيح البسيط القرءاني الجميل، لكن هنا ... حين نريد أن نحيي الأدب العربي ! فلنصوبه لفظا ومعني ونحوا وصرفا ، ليكون أفضل لوجه الله تعالى ونبتعد عما حرف  لأني أرى بعقلي وعيني أن العداة يدعمون تلك المسألة كما لا يخفى على فطن مثلك أراها معركة دين وحضارة وثقافة تشكل اللغة وعاءها

 هذا ولا أقول أن الأديب العامي  مجرم أو آثم حاشاك أخي الحبيب ، بل هي رؤيتي أنا الفقير المسكين الذليل المقصر وأعتقدها صوابا يحتمل التعديل أقول أن من لديه القدرة على الإحياء ثم تخلى عنها لينعش شيئا عاميا فهو يقلص من قربنا من الحق ومساحته داخلنا نحن العرب خاصة ، وهو أمر مشاهد في الجيل  ...

قال سبحانه

{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ }الأحقاف 

 ما عنيتها ليست لغة أجنبية ضد لغة محلية  فليست عنصرية  ، بل رد القوم للغتهم الأم التي انحرفوا عنها فليس وأدا للسانهم بل تقويما ما عنيته لغة عامية تحدرت من لغة فصيحة ,وأي تقليص للفصيحة خسارة للدين لأن العرب – خاصة-  هم حملة الرسالة ( قبل غيرهم ) وصلتهم بها تحتاج للغة أن تحيا  

 {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } سورة الرعد ... ومن أصدق من الله قيلا .