موقعنا في هذا العالم
هايل عبد المولى طشطوش *
إن المتتبع لحال امتنا العربية والإسلامية في هذه الأيام لا يسعه إلا أن يصاب بالذهول وخيبة الأمل من موقعها بين أمم الأرض على الرغم من إنها الأمة التي اختصها الله سبحانه وتعالى بالخيرية والأفضلية على سائر أمم الأرض جميعا ، حيث تعاني الأمة اليوم من تأخر في عجلة النمو والتقدم في المجالات كافة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية والفكرية والثقافية بل الأخلاقية أيضا والإعلامية مما جعل دول العالم العربي والإسلامي كلها في ذيل القائمة من حيث التقدم والتطور لدرجة وقعت كلها في خانه ما يسمى بدول العالم الثالث او " الدول النامية " هذا حال الأمة على الرغم من إنها تملك كل مقومات التقدم والازدهار فهي مستودع الثروة والمالك الحقيقي للمال حيث تملك امتنا أكثر من 90% من نفط العالم الذي هو اليوم الذهب الأسود الذي لا يستطيع العالم الاستغناء عنه وهذا يعني أنها تستطيع أن تتحكم بمصير العالم كله وخاصة إذا ما عرفنا أهمية وقيمة النفط لكافة مجالات الحياة ، وهي كذلك تملك كافة أنواع المعادن الهامة والنادرة كالذهب واليورانيوم والنحاس والحديد والمنغنيز وغيرها من المعادن التي لا تقوم صناعه العالم ولا تتطور إلا بها وعليها ، وهي كذلك تملك كل المقومات الحضارية والثقافية فهي مصدر العلم وموئل العلماء حيث كانت في يوم من الأيام هي مصدر النور ومركز الإشعاع الحضاري الذي نشر نور المعرفة والعلم على أرجاء الأرض والذي ما زالت مراكز العلم والجامعات في أوروبا وأميركا تعتمد علية كمراجع ومصادر لتطورها وازدهارها ، وهي كذلك تملك منظومة أخلاقية عز نظيرها في أي حضارة او بلد بل إن العالم اليوم يتوق الى تطبيقها لكي يخرج من مشكلاته المؤرقة وأزماته الخانقة اجتماعيا وتربويا .
إن الناظر في تاريخ امتنا المجيد يجد أنها كانت في يوم من الأيام هي سيدة العالم وهي سيدة الأمم تسيطر على مفاتيح الأرض بأخلاقها وقيمها وعدلها وتسامحها ومن لا يحسن قراءة التاريخ لا يحسن التخطيط للمستقبل ، إن امتنا اليوم تملك كل شيء ولا ينقصها شيء ولكن الذي أوصلها إلى هذه الحال المتردية هو تخليها عن واجباتها التي ووجدت من اجلها والتي من أبرزها هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حيث قال تعالى :" كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " ، فهذا تكليف الهي لا يجوز التقاعس عنه او التغاضي عن أدائه حتى تبقى امتنا في الطليعة بين أمم الأرض وليس في ذيل القائمة كما نرى دائما في نتائج الدراسات والأبحاث التي تجريها المؤسسات الدولية حيث نشاهد الدول العربية والإسلامية تحقق اقل وأسوأ النتائج ومن ابرز أمثلة ذلك هو عدم وجود أي جامعة عربية بين ابرز خمسمائة جامعة في العالم بعد أن كانت الزيتونة والأزهر والبصرة والكوفة وبغداد ودمشق والأندلس ... وغيرها مراكز العلم الأولى في العالم .
إن أسباب نكوص الأمة وتراجعها سببه بعدها عن منهج الله وإتباعها سنن الأمم الأخرى دون تبصر وتدبر فأصبحت تابعه بعد أن كانت قائدة .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .
* باحث ومؤلف
ماجستير علوم سياسية