حقدهم......وتسامحنا
هايل عبد المولى طشطوش
باحث ومؤلف
ماجستير علوم سياسية
في ديننا الإسلامي الحنيف لا يكتمل إيمان المرء إلا بعد أن يصفو قلبه من الأحقاد والاضغان ، وبعد أن يكون قد وصل إلى مرحلة من العطف والشفقة والتسامح والمحبة للناس كافة وذلك لان الرحمة والتسامح واللين واللطف هي من أساسيات هذا الدين الحنيف وهي في ذات الوقت تشكل جزءا من منظومة الأخلاق الإنسانية السمحة ، وقد تجسدت في قول نبينا الكريم مبينا أساس رسالته ودعوته حين قال :" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وقولة (ص) إنما بعثت معلما ولم ابعث معنفا " ، والمسلمون من أتباع الرسول الكريم يسيرون في حياتهم على هذه الأسس فهم يتعاملون مع الآخر بهذه الأخلاقيات ولكن يبدو أن الآخر ما زال يجهل أسس هذا الدين ولا يعرف انه دين الرحمة والمحبة والإخاء والتسامح حيث تتقل لنا وسائل الإعلام بصنوفها المختلفة كل يوم أخبار الاعتداءات المختلفة على المسلمين من قبل الشعوب التي يعيش المسلمون في كنفها في مشارق الأرض ومغاربها حيث ترسخت في أذهان هذه الشعوب فكرة "إسلام فوبيا " وفكرة أن مصدر الإرهاب هو الإسلام ، وهذه أفكار غاية في الخطورة ليس لها نتيجة إلا قتل المسلمين وذبحهم في الشوارع والأماكن العامة كما تذبح الخراف على مرأى ومسمع حكومات هذه الدول وبمباركة منها...!!! ، ولعل الحوادث التي حصلت خلال الأسابيع المنصرمة والتي نقلت لنا مشاهدها تقنيات الإعلام الحديثة هي مشاهد غاية في الهمجية والعنصرية ممتلئة كرهاً وحقداً على الإسلام وأهلة ، فهل يعقل أن يموت المرء دون ذنب إلا لأنه يحترم دينه ويطبقه أحكامه ويسير وفق منهجه ، بل فان مثل هذا الشخص يستحق الاحترام والتقدير من قبل الآخرين لا أن يذبح أمام العامة كما حصل مع المرأة المصرية المسلمة وذلك لأنها ترتدي حجابا وتلتزم الأخلاق السمحة ، وكذلك الحال فان المشاهد التي نراها للمسلمين في أقصى الأرض وهم يسامون اشد العذاب من قوميات مجاورة لهم ويذبحون في الشوارع إنما هي مناظر مقززة تدل على الهمجية والحقد الأعمى ضد الإسلام وأهلة ، إن المسؤولية عظيمة على الأمة لحماية أبناءها والدفاع عن دم المسلم أينما كان لان النفس الإنسانية أعظم عند الله من الكعبة المشرفة ، ولعل من واجب الأمة القيام بالعديد من الخطوات للدفاع عن إخوانهم في مشارق الأرض ومغاربها وحقن دمائهم وصون أعراضهم ومن هذه الخطوات :
أولا : المسؤولية الأولى هي على علماء الأمة وقادتها ومن يملكون زمام أمرها ومن يستطيعون الوصول إلى أطراف الأرض وأصقاعها وذلك بنقل ونشر الصورة الحقيقية عن الإسلام السمح وقيمة الطيبة وبأنه دين الرحمة والمحبة والتسامح والإخاء والعطف والحنان والأخلاق والأمان والسلام ونقل هذه الصورة إلى الآخر من خلال الدروس والمحاضرات والخطب في الجامعات والمراكز الثقافية والتجمعات المختلفة في بلاد الغرب والشرق ، وقد قام الأردن بجهود طيبة في هذا المجال من خلال نشر رسالة عمان التي تدعو إلى التسامح والوسطية والاعتدال وتعطي الصورة الحقيقية للإسلام ومبادئه .
ثانيا: يجب على الأمة استغلال آلة الإعلام المعاصر وبوسائلها المختلفة من فضائيات وانترنت وصحف ومجلات وخاصة بعد أن تصاغر العالم وأصبح قرية كونية يسهل نشر المعلومة والخبر في أرجائها وذلك ببث المضامين الحقيقة عن الإسلام المعتدل الوسطي المتسامح بعيدا عن العصبية والعنف والتطرف وتوضيح الرسالة الحقيقة للإسلام .
ثالثا: المسؤولية على عامة المسلمين كما هي على خاصتهم وذلك من خلال التزام السلوكيات الحسنة والتزام المبادئ الطيبة والأخلاق الكريمة أثناء سفرهم وحلهم وترحالهم إلى بلاد الغرب والشرق وإعطاء الصورة المشرقة الحسنة عن الإسلام ومبادئه التي تدعو إلى التسامح والرفق والمحبة واحترام الآخر .
إن التزامنا بهذه الأسس قد يكون وسيلة من وسائل احتواء حقدهم لان تسامحنا اكبر من حقدهم ولان هذا الدين هو من عند الله فلا شك انه الأقوى والأقرب إلى الفطرة والأحب إلى النفس الإنسانية وسيبقى تسامحنا اكبر من حقدهم بعون الله ولا غالب لأمر الله .