لماذا التهويل والمبالغة..!

صالح خريسات

شهد مجتمع الإسلام الأول,من عصر الرسول والوحي,جماعات من المنافقين,الذين قالوا للرسول:نشهد أنك رسول الله. ففضح الله سرائرهم, بقوله سبحانه: "والله يشهد أن المنافقين لكاذبون " ولقد استأذن الرسول بعض الصحابة,ليقتلوا أحد المنافقين,فقال الرسول عليه السلام: أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم..! فما دام المسلم  قد شهد أن لا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله, فقد عصم دمه وماله,وأصبح مواطنا له حقوق المواطنة في دولة الإسلام.

فصفة المسلم معروفة,وهو من يشهد أن لا إله إلا الله,ويقيم الصلاة,ويؤتي الزكاة,ويصوم رمضان,ويحج البيت ما استطاع إليه سبيلا.أما بقية ما بقي من أمور الدين والدنيا,فحسابه عند الله.ولم يذكر التاريخ الإسلامي قط,أوصافا لرجال بعثهم الله,ليحاسبون الناس على أعمالهم, نيابة عن الله يوم القيامة.

فيكفينا من المسلم في هذا الزمان,أن يؤدي الفرائض,ويجتنب الكبائر,لنعتبره في صف الإسلام وأنصاره,ما دام ولاؤه لله ورسوله,وإن ألم ببعض الصغائر من المحرمات,فعنده من الحسنات,مثل الصلوات الخمس,وصلاة الجمعة,وصيام رمضان,وغيرها ما يكفر عنه هذه الصغائر, اعتمادا على قوله تعالى:"إن الحسنات يذهبن السيئات" "إن تجتنبوا كبار ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ".

فالإسلام دين التبشير والتيسير,وهو دين اليسر,لا يغلبه العسر أبدا,قال تعالى:"يريد الله بكم اليسر,ولا يريد بكم العسر " وقال عليه الصلاة والسلام: "يسروا ولا تعسروا, بشروا ولا تنفروا " وقال:"إن الله يحب أن تؤتى رخصه,كما يكره أن تؤتى معصيته".

وقد نهى عليه الصلاة والسلام,محاسبة الناس على النوافل والسنن,كأنها فرائض,وعلى المكروهات كأنها محرمات, والمفروض ألا نلزم الناس,إلا بما ألزمهم الله تعالى به جزما,وما زاد على ذلك فهم مخيرون فيه, إن شاءوا فعلوا,وإن شاءوا تركوا, وحسبنا هنا,حديث طلحة بن عبد الله, وفي قصة ذلك الأعرابي,الذي سأل النبي عليه الصلاة والسلام عما عليه من الفرائض, فأخبره,بالصلوات الخمس,والزكاة,وبصوم رمضان, فقال الرجل: هل علي غيرها ؟؟ قال النبي: لا, إلا أن تطوع. فقال الرجل: والله لا أزيد على هذا,ولا أنقص. فلما أدبر الرجل, قال النبي عليه الصلاة والسلام: "من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة,فلينظر إلى هذا ".

ولأننا ضد اللغو,والثرثرة,وإصدار الأحكام,فإننا ندعو إلى عدم التهويل,والمبالغة,وأن يتصف الناس بالاتزان,والرجوع إلى الوسط المعتدل, فلا يجوز تكفير المسلم " من كفر مسلما فقد كفر ", ولا يجوز مقابلة التكفير بتكفير مثله, وجمهرة المحققين من علماء المسلمين ,تورعوا عن تكفير الخوارج,برغم إصرارهم على تكفير كل من عداهم من الأمة,واستباحة دمائهم,وأموالهم, وما صح فيهم,هو وصفهم بالمروق في الدين.