فكرة التقدم الإنساني..!

صالح خريسات

دافع علماء النهضة العلمية في العالم العربي, عن فكرة التقدم في التاريخ الإنساني,لا كتقدم لا مفر منه,ولكن كتقدم حقيقي,يمكن تقديره,بنمو الذكاء الإنساني.

فالتقدم في نظرهم ليس نعمة من فوق,ولا هبة,أو فضلا من كائن وحيد,يجلب السلام إلى الأرض,إنه السلسلة الطويلة,من الرجال الممتازين,ذو العقل المستقيم,أو القلب الكبير,الذين كانوا من جيل إلى جيل,هم القادة الروحيين,والمخلصين لإخوانهم من بني الإنسان.

كانت نظريات منكري النهضة,تدور حول نقاط متنوعة,ولكنها كانت تذهب لاتجاه الإنعتاق,من الفكر,والمواقف التي كان العصر الوسيط,يجعل محورها يدور حول عالم آخر,وأصبحت فكرة التاريخ الدنيوي,كإعداد لا غير,لحياة مقبلة,في عالم آخر, فكرة ثانوية في الغرب,وهيأت الانتقال نحو الحياة الحديثة.

وفي حين كان قادة الكنيسة,يرون أن سادة العالم الزماني,يجب أن يخضعوا لسلطة المراتب الروحية,كان "ماكيا فيلي" على العكس,يقدم على ذلك الفكرة القائلة,بأنه ليس لدى سادة السياسة,ما يقدمون عنه حسابا,للسلطة الروحية. وراح " ماكيا فيلي " يتهم الكنيسة,بأنها تبث الانقسامات وترعاها.

كانت الحركة الإنسانية,رد فعل على التصور المسيحي الضيق,الذي لم يكن للتاريخ وفقا له,من مغزى إلا بالنسبة لخلاص الإنسانية الروحي.كانت آثار "بيكون " تناضل ضد هذه النظرة,ولكنها كانت تكمل كذلك مرحلة هامة,بإدخالها المستقبل في حسابها.

 كان " بيكون " يقول:من الجنون أن نبني علوما طبيعية,على الفصل الأول من كتاب يعقوب,أو على جزء من الكتاب المقدس, إنه لأكثر تعقلا,أن نرد إلى الإيمان,ما يكون من الإيمان, وكان يدعو الناس,لكي يتخلوا عن منفعتهم المذهبية المفرطة في الماضي,ويستحثهم على دراسة الحقائق.

أخذ "بيكون " على عاتقه,مهمة معرفة الأسباب والحركة الخفية للأشياء,وكذلك توسيع حدود القدرة الإنسانية,بقصد جعل كل شيء ممكنا, وكان التاريخ في رأيه,يجب أن يتجه إلى معرفة بالطبيعة,تتزايد تعمقا على الدوام,لكي تجلب تحسنا,وغنى,للحياة الإنسانية تتوافر باستمرار, وحض الناس على الاهتمام بالطبيعة.

كان " هوبسن" يعارض الكنيسة الكاثوليكية,وكان يقول:ليست البابوية شيئا آخر,غير شبح المغفور لها الإمبراطورية الرومانية,جاثمة بتاجها فوق قبر نفسها, ويجب أن تكون الكنيسة حيثما كان تابعه للسلطة المدنية.

وكان يؤكد بأن ما حصل عليه الناس من هذه الخيرات,يرجع الفضل فيه إلى السلطة الحكومية. ولم تكن نظريته,تؤكد بأن الفرد يجب أن يكون خاضعا في كل شيء للدولة,بل بعكس ذلك,كان من شأن الحكومة السياسية,أن تمنحه أكبر قسط ممكن من الحرية,بالنظر إلى ظروف الحياة الاجتماعية.وكان يعتبر أن الوظيفة الأساسية لأية حكومة,هي حماية رعاياها.

أما " لايبنتر" فكان يرى,ضرورة إدخال المستقبل في الحساب,وليس الماضي والحاضر فحسب, فبلوغ الكمال سوف يكون في المستقبل,بتأمل الماضي والحاضر.

إن آثار "روسو "تحتوي على تحد مزدوج لمذاهب الكنيسة التقليدية,وتحد لتنظيم المجتمع العصري.

وخلافا للمذهب القائل,بفساد الطبيعة الإنسانية,الذي كانت تقول به أكثر التصورات المسيحية,فقد كان " روسو",ينادي بأن الإنسان قد ولد طبيعيا طيبا, وأنه قد ولد حرا,ولكن التنظيم الاجتماعي قيده.

كان "توماس فن "يرى أن المسيحية التقليدية,بالنظر إلى الروابط التي تربط الكنائس بالحكومة السياسية,بصورة خاصة,كانت تكون وسيلة لاستغلال الجماهير.وكان يجعل هجومه الرئيسي,منصبا على ما كان يعتبره الأساس نفسه,لكل مذهب مسيحي,وهي: سلطة العهد القديم والعهد الجديد,المكتبة من حيث,أنها كلام الله,وأنها وحي الله. فإن أصول عدد كبير مما يتعلق بالوصايا,لم تكن تبدو مطابقة,لما تذكره التقاليد,ولذلك تولى نقدها.

إن المعتقدات الدينية,بالنسبة إلى "توماس " والمتمثلة في سقوط الإنسان,وفي يسوع كابن الله,ونزاعه على الصليب الموجه لتهدئة غضب الله,وكذلك الخلاص المكتب في هذه الممارسات العجيبة,كل هذا ما هو إلا بدعة خرافية. إن تعاليم المسيحية المتصلة بحياة المسيح,ليس لها أسس تاريخية جدية.

وكان "ديكارت " قد بين,ضرورة الشك المذهبي,في مقابل القبول السريع في تصديق الأفكار الآتية من الماضي..