أحزاب الأثرياء..!

صالح خريسات

نظرة واحدة نلقيها على الأحزاب السياسية، المرخصة وغير المرخصة، المنتشرة على مساحة الوطن العربي، تكفي لنجد أنها غير موضوعية في تأسيسها، وفي مشاركتها في العملية السياسية. فمعظم هذه الأحزاب، قد تأسست برغبة من أشخاص، يمتلكون أداة المال، و يطمحون إلى الجلوس في الصفوف الأولى من مقاعد السلطة، و بالتالي، فليس لديهم ما يمكن أن يقدموه، في التنمية السياسية.

وما أثبته الواقع و أكدته التجربة، أن وصول الأمين العام للحزب إلى السلطة، يعني انهيار الحزب، و إغلاق جميع مكاتبه، وإن كان في صف المعارضة. و لا يمكن أن يعاود الحزب نشاطه، إلا إذا عاد هذا الشخص، إلى صفوف الجماهير، بعد أن تنحسر عنه الأضواء الرسمية، فيفكر في جولة انتخابية  أخرى، يصل من خلالها على أكتاف الحزب، إلى مقاعد السلطة.

وقد تساءل الناس، عن سبب عدم وجود شخصيات سياسية إيديولوجية فاعلة، في الوطن العربي، على الرغم من وجود هذا الكم الوافر من الأحزاب. والحقيقة أن الشخصيات السياسية، تصنعها الأحزاب، فإذا كانت الأحزاب فارغة، وليس لديها ما تقدمه، في العملية السياسية، فمن أين تأتي الشخصيات الفاعلة المؤثرة، في التنمية السياسية.

الوضع الطبيعي، أن يكون القادة في خدمة الحزب، أو في خدمة أيديولوجية إصلاحية معينة، أو سياسة تطبيقية معينة، لا أن يكون الحزب، أو الأيديولوجية، في خدمة الشخص، أو ما يسمى بالأمين العام للحزب.

إننا يجب أن نفصل الحزب، عن ممول الحزب، و بخاصة في السياسة التطبيقية، حتى لا نقع في فخاخ ما يسمى، أحزاب العائلات،وحتى لا يختلط الطموح الشخصي، بالعمل السياسي الجماهيري، مما يؤثر سلباً على العملية الديمقراطية. إن مجرد حدوث ذلك، أو تأكيده في الواقع الحزبي، سيؤثر على وعي رجال السياسة، ويمنع الفئة المتنورة، من الكتاب والمفكرين، وهم أداة التنمية السياسية، من المساهمة في تحقيق هذا المطلب.

إن تشكيل الأحزاب السياسية، وفقاً للمعايير الاجتماعية، وما يرتبط بها من ادوار اجتماعية، و علاقات خاصة، أو ما يمكن أن نسميه بالعلاقات الأسرية، يجب أن لا يجعلنا نتناسى، أهمية السلطة، في توفير الأمن السياسي و الاجتماعي. وهنا يجب أن نراعي، أن تكون أهداف الحزب هامة، أي مثارة، على المستوى الخاص، والمستوى العام. كما يجب أن يراعى أن تكون الأهداف، من الجزئية، بالقدر الذي يمكن أن نستفيد منه، في التنمية السياسية، وخدمة المسار الديمقراطي.

وهنا، يجب أن يتمرن الحزبيون على الموضوعية، وان يقفوا مما يقولونه من آراء، وما يصلون إليه من نتائج، موقفاً نقدياً. وعلى الرجل الحزبي، أن يعي الأيديولوجية التي توجهه، في قيادة الحزب، و أن يعرف بأنه  جزء من كل، ويقبل بالنقد الذي يوجهه إليه الآخرون. كما ينتقد الآخرين من اجل الوصول إلى أهداف موضوعية، و ليست نظريات تعبر عن انتماءات أيديولوجية فقط. لقد أجمعت كل الآراء، أن الموضوعية الكاملة، معيار صعب التحقيق، ولكن ذلك لا يمنع أن يحدد كل حزب، أهدافه النظرية والتطبيقية، و يجب أن يتناول الجانب النظري، أهمية برنامج الحزب، و موضوعه، وتعريف في أهميته، والنتائج المتوقعة لأهدافه. و يجب أن يتاح المجال للكتاب و المفكرين، في طرح تساؤلاتهم، و فروضاتهم، و مناقشة المنهج المستخدم للوصول إلى أهداف الحزب. ومن خلال دراسة الواقع لابد أن تؤيد الفروض، أو ترفض.