دروس من هجرة الحبشة 2
دروس من هجرة الحبشة
د. خالد أحمد الشنتوت
1 ـ لم تكن هجرة المسلمين إلى الحبشة تهدف إلى نشر الدعوة فيها، ولا إقامة حكم إسلامي، وإنما تهدف إلى المحافظة على المسلمين، وتوفير الجو المساعد على ممارسة العبادة دون اضطهاد .
يقول الأستاذ محمود شاكر (2/100): يجب أن تتجمع جهود المسلمين (المهاجرين) في منطقة واحدة للانتفاع منها، فالرسول r لم يسمح للمسلمين أن ينتشروا في أرض الله الواسعة ويتفرقوا كيف يشاءون، يحاول كل منهم أن يجد المأوى يتخلص فيه من أذى قريش واضطهادها، وإنما سمح لهم أن يهاجروا إلى أرض واحدة يعيشون فيها حياة واحدة مجتمعين، فيها من معنى الإسلام مما تلقوه من رسول الله r في مكة، يساعد كل أخاه على حياة الغربـة والتمسك بمبادئ الإسلام والعمل بـه . وكان عثمان بن مظعون ( وقيل بن عفان ) أميراً عليهم، فالركب يجب أن لايسير دون أمير . ثم لما وصل جعفر بن أبي طالب t مهاجراً إلى الحبشـة كان هو أمير المهاجرين في الحبشـة .
2 ـ وقال الشيخ سعيد حوى ([1]):
أ ـ هناك ناس يعتبرون مجرد التفكير في أمن الدعوة ورجالها ونسائها علامة ضعف، ويعتبرون البحث عن الأمن والأمان جريمة، وهؤلاء أصحاب رسول الله r هاجروا إلى الحبشة بحثاً عن الأمن والأمان، والعبرة لإذن القيادة الراشدة وحسن تقديرها .
ب ـ هاجر الصحابة r إلى قطر كافر فيه عدالة وحرية، يستطيعون من خلالها أن يقيموا شعائر الإسلام، وهذا يفتح أمامنا آفـاقـاً واسعة في العمل والحركة . بل قال فقهاء الشافعية : لو أن مسلماً استطاع أن يظهر شعائر الإسلام في دار كفـر فالأولى لـه البقاء لأنه بذلك تصبح داره دار إسلام في أرض كفـر . والمسألة تخضع في النهاية للموازنات بين المصالح والأضرار .
ج ـ يلاحظ أن مهاجري الحبشة لم يكلفوا بأيـة مهام دعويـة على أرض الحبشـة، وهذا يفتح أمامنا باباً واسـعاً في آداب المسلم المهاجر، فإنـه في هذه الحالة يسـعه أن يلاحظ قوانين البلد (المضيف ) وألا يتدخل في شـؤونه الداخلية ؛ إلا بالقدر الذي يسمح بـه البلد المضيف نفسـه .
3 ـ ومن دروس الهجرة إلى الحبشةكما يقول الشيخ منيرالغضبان([2]) :
البحث عن قاعدة صلبة ومكان آمن آخر للدعوة غير مكة، حيث لاتستطيع قريش مهما بلغت من عتوها أن تنهي الوجود الإسلامي في الأرض، وهذا مايحسن أن تنـتبه إليه الحركة الإسلامية في تخطيطها حيث لاتضع كل طاقاتها البشرية والمادية في أرض واحدة، تكون معرضة فيها للإبادة، بل تعدد أماكن تجمعها وتواجدها بحيث تستطيع لو فقدت موقعاً معيناً أن تنتقل إلى موقع ثان تنطلق منه وتواجه الجاهلية من خلاله .
4 ـ كما أشار سيد قطب يرحمه الله ([3]) : إلى أن القول بأن الصحابة هاجروا لمجرد النجاة بأنفسهم لايستند إلى قرائن قوية، فلو كان الأمر كذلك لهاجر أقل الناس جاهاً وقوة ومنعة من المسلمين، غير أن الأمر على الضد من هذا، فالموالي المستضعفون الذين كان ينصب عليهم معظم الاضطهاد والتعذيب والفتنةلم يهاجروا، إنما هاجر رجال ذوو عصبيات ؛ لهم من عصبياتهم ـ في بيئة قبلية ـ ما يعصمهم من الأذى، ويحميهم من الفتنة، وكان عدد القرشيين يؤلف غالبية المهاجرين، منهم جعفر بن أبي طالب، وكان أبوه ـ أبو طالب ـ وفتيان من بني هاشم معه يحمون النبي r، ومنهم الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة المخزومي، وعثمان بن عفان الأموي، ..وهاجرت نساء كذلك من أشرف بيوتات مكة ماكان الأذى لينالهن أبداً، وربما كان وراء هذه الهجرة أسباب أخرى كإثارة هزة في أوساط البيوت الكبيرة في قريـش، وأبناؤها الكرام المكرمون يهاجرون بعقيدتهم، فراراً من الجاهلية، تاركين وراءهم كل وشائج القربى، في بيئة قبلية تهزها هذه الهجرة هزاً عنيفاً، وخاصة حين يكون من بين المهاجرين مثل أم حبيبة بنت أبي سفيان، زعيم الجاهلية يومذاك، وأكبر المتصدين لحرب العقيدة الجديدة وصاحبها، يقول الغضبان : ( والملاحظ في هذه الطليعة الأولى من المهاجرين أنها من أكرم البيوتات المكية وأعرقها، ولعل رسول الله r أراد أن يرتاد المكان هناك، ويعرف إمكانية الإقامة لجنده في الحبشة، ومن أجل هذا كان بينهم خيرة أصحابه، فثلاثة من المبشرين بالجنة كانوا بين هؤلاء العشرة، وهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وليس فيهم من الموالي أو العبيد أو المغمورين أحد ) ([4]) .
5 ـ يقول الشيخ الغضبان (ص67) : فلم نعلم أن رسول الله r بعث في طلب مهاجرة الحبشة حتى مضت هجرة يثرب وغزوة بـدر وأحـد والخندق والحديبيـة حيث عقد المسلمون صلحاً مع أهل مكـة . فقد بقيت يثرب معرضة لاجتياح كاسـح من قريش خمس سنوات، وكان آخر هذا الهجوم والاجتياح في الخندق حيث قدم عشرة آلاف مقاتل لاستئصال شـأفة المسلمين هناك، وبعد رد الكافرين بغيظهم قال رسول الله r [ الآن نغزوهم ولا يغزونا نحن نسير إليهم ] ـ البخاري ج2ص 590ـ وحين اطمأن الرسول r إلى أن المدينة أصبحت قاعدة أمينة للمسلمين، وانتهى خطر اجتياحها من المشركين، عندئذ بعث في طلب المهاجرين من الحبشة، ولم يعد ثمة ضرورة لهذه القاعدة الاحتياطية التي كان من الممكن أن يلجأ إليها رسول الله r لو سقطت يثرب في يـد العـدو . وفعلاً وصل المهاجرون من الحبشة إلى المدينة فوجدوا رسول الله r في خيبر فمضوا إليه هناك والتقوا بـه ووصلوا بعد فتح خيبر فقال رسول الله r [ ما أدري بأيهما أسـر، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر ) .
الهجــرة إلى المدينــة :
بعد بيعة العقبة الثانية (بدأ المسلمون ينتقلون حسب أوامر رسول الله r إلى يثـرب لحاقاً بإخوانهم المسلمين (الأنصار )، وفراراً بدينهم، وكان أول من هاجر من مكـة إلى يثرب أبو سـلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي ابن عمـة رسول الله r، وقد هاجر قبل بيعة العقبة الثانية بعام، إذ اشتد أذى قريش عليه بعد أن رجع من الحبشـة، وعلم بانتشـار الإسلام في يثرب فانتقل إليها، وكانت معه زوجته أم سلمة، وولده سـلمة، ولكن أهلها غلبوه عليها ومنعوها من الهجرة معـه، ثم لحقت به بعد عام([5]). فقد هاجر أبو سلمة مخلفاً زوجته وابنـه حفاظاً على دينـه .
ولما أراد صهيب الهجرة، قال له كفار قريش : أتيتنا صعلوكاً حقيراً فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك، والله لايكون ذلك، فقال لهم صهيب : أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي !؟ قالوا : نعم، قال : فإني جعلت لكم مالي . فبلغ ذلك رسول الله r فقال : ربح صهيب ربح صهيب .
يقول محمود شاكر (2/151 ) : ( ونلاحظ أنه بهجرة رسول الله r إلى المدينة التي غدت دارًا للإسلام وجــب على كل مسـلم أن يهاجر إلى دار الإسلام، إذ تجب الهجرة إلى البلاد التي يستطيع المسلم أن يؤدي فيها شعائر دينـه إذا كان في موطنه لايستطيع ذلك، كما تجب الهجرة إذا اقتضت الظروف لتجميع المسلمين والإفادة من طاقاتهم وإمكاناتهم المادية والمعنوية والعسكرية، أما إذا كان يستطيع المسلم تأدية شعائر دينـه والدعوة إلى عقيدته فمن الأفضل أن يبقى حيث هـو ليقوم بدوره في تبليغ الإسلام والعمل في سبيل الله .
ودار الحرب يقتضي وجودها وجود دار للإسلام، فقبل هجرة رسول لله r لم تكن هناك دار إسلام وبمقتضى الحال لاتوجد دار للحرب، فلم تكن مكـة داراً للحرب، وعندما بدأ الإسلام يطبق في المدينة أصبحت مكـة دار حـرب، وكانت الهجرة واجبة على المسلمين منها، حتى إذا فتحت مكـة أصبحت داراً للإسلام، ولم تعد الهجرة واجبة منها، لذلك قال رسول الله r [ لاهجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونيـة ] ـ متفق عليه عن عائشة t ـ .
ودار الإسلام هي الدار التي يطبق فيها شـرع الله عزوجل، ولو لم يكن أكثر أهلها من المسلمين، ودار الحرب هي البلاد التي لايطبق فيها شـرع الله ولو كان سكانها جميعهم من المسلمين . وعلى هذا فإن الزمن الذي لاتوجد فيه دار للإسلام يطبق فيه شـرع الله لاتوجد فيه دار للحرب، وعلى كل مسلم أن يعمل للإسلام ويدعو لـه ويجاهد في سبيل الله، وفي أيـة بقعـة لايتمكن مسلموها من إقامة شعائر دينهم فعليهم أن يهاجروا ـ كما هاجر الصحابة إلى الحبشة ـ ) .
قال تعالى يصف المهاجرين : ] للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله، أولئك هم الصادقون [ ـ الحشر 8 ـ وفي عصرنا الحاضر اضطر بعض المسلمين في بعض البلدان إلى الهجرة منها بعد أن خافوا على دينهم ودمائهم وأعراضهم، وتركوا عقاراتهم وأموالهم غير المنقولـة هناك، ثم أصدرت الحكومة أمراً يمنع التعامل بالوكالات الخارجية ليمنعوهم من بيعها أو التصرف فيها، مبالغة في إيذائهم والتنكيل بهم، ولاذنب لهم إلا أن قالوا ربـنا الله ولارب لنا سـواه،ولن نرضى بغير الإسلام ديناً، ولن نخضع لغير شـريعة الله عزوجل . نسأل الله عزوجل أن يجعلهم من المهاجرين في سبيله، وأن يثبتهم على هجرتهم، وأن يتقبلها منهم ويجعلهم من الصادقين الذين نصروا الله ورسوله، وأن يمكنهم من طاعة الله ورسوله في بلدهم فيعودوا آمنين مطمئنين على دينهم ودمائهم وأعراضهم وأموالهم، والله على كل شيء قدير .
أحكـام الهجـرة :
يقول الشيخ سعيد حوى في الأساس في السنة (1/ 330) : ( ليست الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام واجبة على كل حال، وإن اشتهر من مذهب الحنفية ذلك كما اشتهر في مذهبهم وجوب الهجرة من دار البدعة إلى دار الســنة، فالأمر فيـه تفصيـل :
1 ـ فإذا كنت في دار كفـر لكنك حـر آمـن تستطيع أن تعبد الله وتدعـو إليه ولاتخشـى على نفسـك وأهلك وذريتك الفتنـة، ولم يطلب منك أمير المؤمنين الشـرعي الهجـرة إلى دار الإسلام، فمقامك حيث أنت أجود وأطيب وأكثر أجراً، بل اعتبر الشـافعية أنـه يندب لك البقـاء لأنه ببقائك يصبح جزء من دار الكفر دار إسلام .
2 ـ أما حيث يخاف المسلم الفتنـة على نفسـه وأهلـه أو ذريتـه فعندئذ تجب عليه الهجرة إن كان قادراً عليها، ووجدت الجهـة التي تستقبله ولايخشى فيها الفتنة على نفسـه وأهلـه وذريته، وفي عصرنا تـجد الأمر في غاية التعقيد، فليس الخروج من بلـد إلى بلـد سـهلاً، واحتمال الفتنـة قائـم في كثير من البلدان، ولذلك فإنني أرى أن حكم الهجرة الآن منوط بالفتوى البصيرة من أهلها، ولاينبغي أن يكون هناك تسـرع فيـه . قال ابن حجر في الفتح بمناسبة تعليل عائشة t للهجرة بقولها الذي ورد في صحيح البخاري : [كان المؤمنون يفـر أحـدهم بدينـه ... إلخ] أشارت عائشة إلى بيان مشروعية الهجرة وأن سببها خوف الفتنـة، والحكم يدور مع علتـه، ومن ثم قال الماوردي : إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر فقد صارت البلد به دار إسلام، فالإقـامة فيها أفضل من الرحلـة منها لمـا يترجى من دخول غيره في الإسلام . وقال الخطابي : كانت الهجرة أي إلى النبي r في أول الإسلام مطلوبة، ثم افترضت لما هاجر إلى المدينة للقتال معـه وتعلم شرائع الدين، وقد أكد الله ذلك في عدة آيات حتى قطع الموالاة بين من هاجر ومن لم يهاجر فقال تعالى ] والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا [ ـ الأنفال 72ـ فلما فتحت مكـة ودخل الناس في الإسلام من جميع القبائل سقطت الهجرة الواجبة وبقي الاستحباب . وقد أفصح ابن عمر بالمراد فيما أخرجه الإسماعيلي بلفظ [انقطعت الهجرة بعد الفتح إلى رسول اللهr ولاتنقطع الهجرة ما قوتل الكفار ] أي مادام في الدنيا دار كفر فالهجرة واجبة على من أسلم وخشي أن يفتن عن دينـه .
ولنقرأ قول الله تعالى ] إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً ، إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لايستطيعون حيلة ولايهتدون سبيلاً [ ـ النساء : 97، 98ـ
وفي التفسير ) التوفي قبض الروح، والمراد بالملائكة ملك الموت وأعوانه، وظلمهم أنفسهم بمخالطة الكافرين، وتركهم الهجرة المفروضة، ] قالوا فيم كنتم [ أي قال الملائكة للمتوفين : في أي شيء كنتم في أمر دينكم، ومعناه التوبيخ لأنهم لم يكونوا في شيء من الدين لتركهم الهجرة، ومخالطتهم الكافرين، وما يقتضيه ذلك من طاعة ورضوخ ومجاملة وترك عمل، ] قالوا كنا مستضعفين في الأرض [ أي كنا عاجزين عن الهجرة، ومجبرين على المكث في الأرض التي نحن فيها، ] قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها [ أي قال الملائكة لهؤلاء موبخين لهم : إنكم كنتم قادرين على الهجرة أي : على الخروج إلى بلد ما لاتمنعون فيها من إظهار دينكم، فالإنسان لايعدم حيلة إن صمم على شيء . ] فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً [ أي مقرهم فيها وساءت مايصيرون إليه قال النسفي : والآية تدل على أن من لم يتمكن من إقامة دينه في بلد كما يجب، وعلم أنه يتمكن من إقامته في غيره حقت عليه المهاجرة . وقد ذكر ابن كثير الإجماع على ذلك . أما إذا تمكن من إقامة دينه، فهل تجب عليه الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام ؟ قال الحنفية : يجب، وقال الشافعية : يندب لـه البقاء ـ إن تمكن من إقامة دينه ـ وقد استثنى غير القادرين ] وكان الله عفواً غفوراً [ أكدت نهاية الآية عفوه، وأثبتت أن عدم الهجرة ذنب ([6])
[1] ـ سـعيد حــوى،الأسـاس في السـنة (1/255)، ط1، 1409هـ /1989م، مكتبـة دار الســــــلام بالقاهرة .
([2]) ـ منير محمد الغضبان، المنهج الحركي للسيرة النبوية، (1،2،3) ط6 ـ مكتبة المنار، عمان، عام( 1411، 1990 م ) ص64 .
[3] ـ سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، 29 .
[4] ـ منير الغضبان، القيادية ( 1/ 326 ) .
([5]) ـ تقول أم سـلمة t : خرج بي (أبـو سـلمة ) يقود بي بعيره، فلما رأته رجال بني المغيرة بن مخزوم، قاموا إليه فقالوا : هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتك هذه ؟ علام نتركك تسير بها في البلاد ؟ قالت : فنزعوا خطام البعير من يـده، فأخذوني منـه، قالت : وغضب عند ذلك بنو عبد الأسـد، رهط أبي سلمة، فقالوا : لاوالله لانترك ابننـا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا، قالت : فتجاذبوا بنيّ ( ابنها )سـلمة بينهم، حتى خلعوا يـده، وانطلق بـه بنو عبد الأسـد، وحبسني بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة . قالت : ففرق بيني وبين زوجي وبين ابني، قالت : فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي، سـنة أو قربياً منها، حتى مـرّ بي رجل من بني عمـي، فرأى مـا بـي فرحمنـي، فقال لبني المغيرة : ألا تخرجون هذه المسكينة، فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها ! قالت : فقالوا لي : الحقي بزوجك إن شـئت . قالت : وردّ بنو عبد الأسد إليّ عند ذلك ابنـي، قالت : فارتحلت بعيري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة ...
[6] ـ سعيد حوى، الأساس في التفسير، 2 / 1159 . وممـا يجـدر ذكـره أن كثيراً من المسـلمين في كثير من الأقطار العربية يضطر لدخول أحزاب الدولة، كحزب البعث في سوريا والعراق، وغيرها كي يتمكـن من الحصول على لقمـة العـيش، ويبقى مسـتقراً في بلده ولايهـاجر منها، وفي هذا نظر كبير وخطير.