الإمام حسن البنا شهيد فلسطين
ماذا يعني 15 مايو ؟
الإمام حسن البنا
شهيد فلسطين ورمز الجهاد والتضحية
جمال سعد حسن ماضي
لقد قضت حكمة الله عز وجل أن يكون للحق دعاة ، وللمعرفة رواد ، وللفضيلة أنصار ، تصنعهم عناية الله ، ليكونوا الدليل والحادى ، ونماذج عملية يُقتدى بها ، وهؤلاء الأبرار يسيرون على منهج النبوة : { أولئك الذى هدى الله فبهداهم اقتده } الأنعام : 90.
والإمام البنا رحمه الله نحسبه من هؤلاء الرواد , لقد رحل عنا منذ أكثر من ستين عاماً وما تزال دعوته وجماعته طليعة كل عمل إسلامى صحيح , وما زال أبناؤه يحملون لواء البعث الإسلامى , ويتقدمون صفوفه فى جميع قارات العالم الخمس , ولقد خفتت بجهاده وجهود أبنائه رياح التغريب وانكشفت الحضارات المزيفة .
رأى الإمام فى القضية الفلسطينية :
لقد اهتمت الحركة الإسلامية بجميع قضايا المسلمين فى العالم وكان المركز العام فى القاهرة يستقبل رموز الجهاد من جميع أنحاء العالم , أما قضية فلسطين فقد دفع الإسلاميون الثمن غالياً فى مسيرة الجهاد والدفاع عنها وما يزالون , سواء باعتقالتهم أو تصفيتهم أو التضييق عليهم .
والإمام البنا نفسه هو من شهداء قضية فلسطين لمواقفه العظيمة منها يقول رضى الله عنه عن فلسطين : ( هى وطن لكل مسلم باعتبارها من أرض الإسلام وباعتبارها مهد الأنبياء , وباعتبارها مقر المسجد الأقصى الذى بارك الله حوله ) .
وقادت الحركة الإسلامية الدعوة إلى المقاطعة الاقتصادية لليهود ولمؤسساتهم التجارية والمؤسسات المتعاملة مع اليهود , وأعدت كشوفاً ضمنتها هذه الأسماء , كما تم طبع كتاب ( النار والدمار فى فلسطين ) ووزع على نطاق واسع , وأقاموا المؤتمرات الشعبية لنصرة فلسطين وخرجت المظاهرات ووزع الإخوان دعاء للقنوت فى صلاة الفجر نصرة لفلسطين وإحياء لقضيتها فى النفوس , وانطلق رجال الحركة الإسلامية إلى المدن الفلسطينية يشاركون رجالها ويبحثون أحوالهم وما يحتاجون إليه ويقدمون لهم العون والنصح ويشاركوهم فى محنتهم .
محنة تقسيم فلسطين :
وجه الإمام البنا كلمة واضحة قوية إلى الزعماء والحكام العرب فقال :
( أيها الزعماء إن هذا الشعب ليس هازلاً , ولكنه جاد , وإن كان ينقصنا اليوم السلاح فنستخلصه من أعدائنا , وقد عاهدنا الله أن نموت كراماً أو نعيش كراماً ) .
لقد بدأ شباب الإخوان من مصر وسوريا والأردن والعراق يتسللون إلى فلسطين بالرغم من القيود التى فرضها الاستعمار , وحافظ عليها أذنابه , فقد اشترك الإخوان فى الحرب , وفى هذه الأثناء أرسل الإمام برقية إلى زعماء الدول العربية الذين اجتمعوا فى ( عالية ) بلبنان قال فيها :
( إنه على استعداد لدفع عشرة آلاف مجاهد كدفعة أولى إلى فلسطين ) , لكنهم لم يردوا عليه .
المؤامرة :
وبينما قوات الإخوان المسلمون تسير بخطى ناحجة إلى النصر بجوار الجيش المصرى الباسل , إذا بحكومة النقراشى تعلن الهدنة وكان هذا أقصى ما يطلبه اليهود ليستطيعوا أن يعيدوا تنظيم صفوفهم وإقامة دولتهم , ثم إصدار قرار حل جماعة الإخوان , وسحب الإخوان من ميادين القتال .
وبعد :
فالآن وبعد أكثر من ستين عامًا , من اعتصاب فلسطين , واستشهاد الإمام البنا , أين وصلت بنا الحلول السلمية ؟ ثبت اليوم مما سبق أن حذر منه الإخوان : من أن اليهود لا يريدون سلاماً ولا تعايشًا , بل يريدون تحقيق عقيدة أرض المعاد , وهى ترتبط عندهم بمطلبين :
الأول : الاستيلاء على أرض المعاد من النيل إلى الفرات .
الثانى : إعادة الشعب اليهودى إلى أرضه .
وشعارهم الدائم خذ ما تستطيع أن تحصل عليه , دون أن تتخلى عن أى هدف من أهدافك .
وبعد أكثر من ستين عامًا من اغتصاب فلسطين , واستشهاد الإمام البنا , يهدد السفاحون الصهاينة بالحرب والعدوان على الدول العربية , لتحطيم منشآتها , بعد مجزرة غزة , وصمود المقاومة , وهذا ما قال بن جوريون بعد حرب 1948 مباشرة حين قال : [ أما السيف ( السلاح المحرم ) الذى أعدناه إلى غمده ( العدوان ) , فإنه لم يعد إلا مؤقتا ( أي مستمراً ) , إننا سنستله حين تتهدد حريتنا ( مقاومتنا ) , فى وطننا ( فلسطين المحتلة ) , وحينما تتهدد رؤيا أنبياء التوارة ( المحرفة ) , والشعب اليهودى بأسره ( حركة عالمية ) , سيعود إلى الاستيطان ( الاغتصاب ) , فى أرض الآباء والأجداد ( تزييف ) , من النيل إلى الفرات ( الهدف التوسعي ) ] .
بعد أكثر من ستين عامًا , من اغتصاب فلسطين , واستشهاد الإمام البنا , بدأ اليهود فى ذبح أهلنا فى فلسطين , وأصبحت مواكب الشهداء فى كل يوم تتوالى , وأعداد الجرحى لا حصر لها , وكل المؤشرات والدلائل تدل على أن التعامل مع اليهود له اسلوب واحد , هو الجهاد الذى نادى به الإخوان , وهو الطريق الصحيح , لاستخلاص فلسطين .
وفى هذه الأيام انبعثت المقاومة من جديد لتزيح العار عن هذه الأمة ولتعطى درساً قاسياً لأعداء الإنسانية , ولتعلن عن ضرورة الدفاع عن النفس والكرامة والوطن .
2 - اغتصاب فلسطين
( 15 مايو سنة 1948 م )
تاريخ اغتصاب فلسطين .. كيف يتحول إلى أمل ؟
ما قبل 15 مايو :
* أوصت هيئة الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود .
* رفض العرب التقسيم وقبلته الوكالة اليهودية مع حرصها على قيام دولة يهودية .
* فاجأت بريطانيا الجميع يوم 18 فبراير 1947 م , بإعلان إنهاء انتدابها على فلسطين فى 15 مايو 1948 م .
* فى 29 نوفمبر 1947 م أصبح قرار التقسيم نافذاً بإجماع هيئة الأمم المتحدة .
* رفضت الهيئة العربية قرار التقسيم , وقامت المظاهرات فى العالم العربى , وأوصت بتخصيص مليون جنيه لدعم الكفاح المسلح فى 28 / 2 / 1947 م , وفى 15 مايو 48 م , حشدت الجيوش العربية لدخول فلسطين وأعلنت الجهاد المقدس .
* 8 ابريل ارتكبت اليهود مذبحة دير ياسين حيث سقط 250 شهيد وفى نفس التاريخ استشهد بعد معركة القسطل عبد القادر الحسينى وسقطت القدس .
* فى 15 مايو 1948 م أعلنت الحكومات العربية دخول جيوشها فلسطين بقيادة الأمير عبد الله .
ليلة 15 مايو :
* اجتمع المجلس الوطنى اليهودى فى متحف تل أبيب الساعة الرابعة مساء الجمعة 14 مايو سنة 1948 م , وأعلن قيام دولة إسرائيل .
* اعترفت الولايات المتحدة بدولة إسرائيل فورًا , وتبعها بقية الدول الكبرى .
ما بعد 15 مايو :
* 8 من يونيو دارت معركة جنين التي شاركت فيها قوات عراقية , وخسر اليهود فيها 600 قتيل وألف جريح .
* بضغط من الولايات المتحدة أعلنت الهدنة فى فلسطين يوم 11 يونية 1948 م من أجل إنقاذ اليهود وتحول ميزان القوى لمصلحتهم .
* فى 1 ديسمبر عقد مؤتمر فى أريحا بضغط من الأمير عبد الله , الذى قرر ضم الضفة الغربية للأردن , وكانت المملكة الأردنية الهاشمية .
* 23 سبتمر أعلن محمد أمين الحسينى قيام حكومة عموم فلسطين برئاسة أحمد حلمى عبد الباقى فى غزة .
* لم ينته عام 1948 م حتى كان اليهود يمتلكون قوة نظامية متفوقة مزودة بطائرات يقودها أمريكيون , وبذلك أصبح الطريق سهلاً لعقد اتفاقيات الهدنة .
* بعد اغتيال حسن البنا باثنى عشر يومًا , ومن 13 يناير حتى 24 فبراير 1949 م , استمرت المحادثات بين مصر وإسرائيل , التي انتهت بتوقيع اتفاق الهدنة فى ردوس .
ثم تبعها اتفاقيات الهدنة : بين إسرائيل ولبنان , ثم اسرائيل والأردن , ثم اسرائيل وسوريا , من 5 يناير حتى 20 يوليو .
وبعد ...
لا يصح لنا أن نكرر كلمة النكبة أو دولة إسرائيل , وإنما وإن تم اغتصاب فلسطين منذ 48 م , وحتى الآن , فلنا دور فى وضع نهاية لإسرائيل , يبدأ في 15 مايو من كل عام بإذن الله , وامتدادًا للانتفاضة المباركة , والمقاومة الصامدة , حتى النصر بإذن الله القريب , ولأن زوال اسرائيل حتمى ولابد للحق أن ينتصر , فجرح فلسطين سيظل فى قلوبنا حتى يتحقق الأمل ، فى استرداد فلسطين الحبيبة , وهذا ما وعدنا به الله ورسوله .