هل يكبّل الفكر الديني الفكرَ السياسي ،

عبد الله القحطاني

أم ينجرّ في متاهاته .. أم ينسجمان !؟

عبد الله القحطاني

· الدين ضابط للسياسة ، بحسب الأصل ! ضابط لأخلاق ممارسيها ، وسلوكاتهم ، وأهدافهم ، وغاياتهم ، وخططهم ، وبرامجهم ! ضايط يمنع العبث والزيف ، والزيغ والانحراف ، والإجرام والخيانة ، والغدر ، والمكر السيّء ..!

· السياسة جهد فكري وعملي ، واع مدروس ، هادف .. لعمارة الدنيا ، وفق ضوابط الدين ، وأحكامه وأخلاقه !

· حين يتعانق الفكر الديني والفكر السياسي ، فهما بين واحد من ثلاثة أشكال :

  ـ أن يكون الفكر الديني منغلقاً ، متزمّتاً ، مسطّحا .. وعندئذ يكبّل الفكرالسياسي الملتزم بضوابطه وأحكامه ، كما يكبّل العمل السياسي .. بقيود صارمة خانقة ، فيشلّ السياسة ، بكل مافيها ، من تفكير نظري ، وسلوك عملي .. ويصبح عبئاً عليها ، كما تكون عبئاً عليه !

 ـ أن يكون الفكر السياسي ، متفلتاً من قيود الفكر الديني ، فيجرّ هذا الفكر وراءه ، في منعطفات السياسة ومنعرجاتها ، وساحاتها المشحونة بأنواع المكر والخُبث ، وألوان الانحراف والزيغ والضلال !

 ـ أن يحصل التوافق والانسجام ، بين الفكر الديني والفكر السياسي .. فتتمّ المعادلة الصحيحة ؛ إذ ينضبط الفكر السياسي والعمل السياسي ، بضوابط الدين ، دون أن يكبَّل بها .. وينفتح الفكر الديني على السياسة ، بوعي ، دون أن ينجرّ وراءها ، على مستوى الجهد النظري ، أو الجهد العملي التطبيقي ! وهذه المعادلة من أشدّ المعادلات دقّة ، وحساسية ، وخطورة .. في العمل الإسلامي المعاصر ، المبتلى بسياسات يصنعها الآخرون ، ليست نابعة من فكره ، ولا منضبطة بضوابطه .. وهي تحيط به من كل جانب ، وتتغلغل في كل زاوية من زوايا الحياة ، في المجتمعات الإسلامية المعاصرة !

* الحركات الإسلامية المعاصرة ، تضمّ مستويات شتّى من الرجال ، المتفاوتين في العلم الشرعي ، وفي الثقافة السياسية ، وفي الوعي الإنساني العامّ ! وهذا التفاوت يجعل عمل الرجال ، الذين يتصدّون لحمل مسؤوليات العمل السياسي ، في وضع حرج ، أحياناً ، إزاء بعض أنواع الفهم الديني ، للمسائل المطروحة في الساحة السياسية ! كما يجعل عمل الرجال ، الذين تشرّبوا أنواعاً من العلم الشرعي ، والفهم الشرعي ، والأخلاق المثالية .. في حرج ، إزاء مايرون من تجوال العمل السياسي ، في آفاق يحسبونها بعيدة عن ضوابط الدين ، وأحكامه وأخلاقه !

* عملية التوفيق الناجحة ، بين ماهو ديني وماهو سياسي .. تحتاج إلى كفاءات مميّزة ، تجمع بين العلم والفهم الدينيّين ، والعلم والفهم السياسيّين .. إضافة إلى الخلق الرفيع ، الذي يمنع من الانحراف ، واتّباع الهوى !