التربية المؤثرة بالحب
كيف نحققها؟
جمال سعد حسن ماضي
1- لماذا التربية بالحب ؟
هل نمارس الحب فى التربية ؟
وكيف نربى الناس بالحب ؟
هل نستمع ونصغى كمحبين ؟
هل نتحاور بطريقة المحبين ؟
هل نقبل العيوب ونصبر على تغييرها ؟
هل نحب الشخص مهما كنا نكره سلوكه ؟
هل نتواصل مع حق كل منا فى إبداء رأيه وخبرته وفكره ؟
هل نتحاسب حساب المحبين لا انتقامًا أو انتصارًا لأنفسنا ؟
هل إذا فعلنا ما سبق نكون مؤثرين بالحب ؟
أم أن هناك عوامل تأثيرية تساعدنا فى التربية بالحب ؟
لا شك كل واحد منا سواء كان رجلاً أو امرأة ، له خبراته الشعورية والوجدانية ، ويعلم تمام العلم الفرق بين معاملة الحب والتساهل ، والحب والشدة ، والحب والدلال ، والحب والتهاون والحب والحزم ، لأن من ذاق الحب وتعامل به واختلط بدمائه ، هو فى غنى عن كل ذلك ، إنه ليس بحاجة إلى الشدة أو الحزم أو الدلال أو القسوة أو التهاون أو التساهل ، لأن الحب يَجُبُّ كل ذلك ، ويفتح فى كل لحظة آفاقًا جديدة ، يتمتع بها المحبون ، ومن ثم فالتربية بالحب هى مؤثرة كلها ، وهى مفتاح مهم من مفاتيح التربية المؤثرة فى الآخرين ، سواء كانوا من الأبناء أو الأصدقاء أو الأقارب أو الناس أو الأهل أو الذين لا نعرفهم .
ــ فالحب مشاعر لا تكتب ولكنها تحس ، يُترجم إلى أجمل الأفعال ، فهو العاطفة التى تجعلنا نفعل الكثير ونتجاوز عن الكثير .
فكيف نجعله مؤثرًا ؟
خاصة أن النفس البشرية لا تمكن أن تعيش حياة طبيعية دون توفرهذه المشاعر ، وإن كان هذا حال الكبير فما بالك بأبنائنا فى أعمارهم المختلفة ؟
ــ إن التربية بالحب هى التى تمنح الآخرين الثقة وهم يُواجهون معارك الحياة ، وتساعدهم فى الوصول إلى الاتزان الانفعالى تجاه مواقف الحياة بحلوها ومُرِّها ، وهى التى تمنحهم القدرة الدائمة على التعايش فى سهولة وسلاسة مع الأنماط المختلفة من الناس .
فإن افتُقدت هذه التربية ، كانت وبالاً على الكبير والصغير :
فهى للطفل انطواء وانعزال وابتعاد عن المجتمع .
وهى للشاب والفتاة قسوة وجفاف يدفعهما إلى عدم التوافق مع المجتمع .
وهى للكبار سلب للصحة النفسية و اضطراب فى المشاعر الإجتماعية .
وهى للجميع نزاع وبغض وكره وتخاصم قد يصل إلى حد العدوان .
ــ والتربية بالحب عطاء بلا ثمن ، وبذل دون انتظار مقابل ، بل يكون الانتظار الحقيقي في أن يصل الطرف الآخر إلى أعلى مراتب السعادة والبهجة ، يقول تعالى : { إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا } الإنسان : 9 .
ــ والتربية بالحب هى أصدق عاطفة فى الوجود ، تنطلق من الحب ، حيث تغرس فى تُربة الحبيب ، إزالة كل الرواسب ، وتفتيت كل العقبات ، ونسف كل الحواجز ، لينطلق فى حياة آمنة ، وعيشة سعيدة .
ــ والتربية بالحب هى سلاح الآباء والمعلمين والدعاة ، وهذا ما حققه فى واقع الناس الإمام البنا فى قوله : ( سنقاتل الناس بالحب ) ، ثم يعلن أن معركته الحقيقية هى التربية بالحب ، فيقول : ( إن معركتنا معركة تربوية ) ، وكان فى هذا سر تجديده لحياة المجتمع .
ــ والتربية بالحب هى العلاقات الدافئة ، التى تنتج سلوكًا رائعًا بين الناس حيث إنها تعنى الأمان والطمأنينة ، لأنها ليست تحكمًا أو رغبة فى الضبط ، فكل وسائلها مكافآت وإثابة ، وهى ليست إخضاعًا أو إضعافًا لأحد ، فكل طرقها تدعو إلى المشاركة والإسهام والتعاون .
2- ما معنى التربية بالحب ؟
لقد بات الجميع على قناعة تامة , بأهمية التربية بالحب فى حياتنا ، وتساءل الكثير : ما هو الحب ؟ وما لغته ؟ وما معناه ؟ وما حقيقته ؟ ، وقسمّ البعض حاجات الإنسان إلى عضوية وأخرى نفسية لخصّها فى الحب .
وبالتأمل نرى أن الكيان الإنسانى نفس وعقل وقلب وروح ، وفى ثلاث جوانب : جانب جسدى له غذاؤه ، وآخر فكرى له غذاؤه ، وثالث روحى له غذاؤه , وعندما تأملت فى ذلك رأيت أن الحب هو الغذاء الحقيقى فى جوانب الإنسان الثلاثة ، أى لجسده وعقله وروحه ، فقد أثبتت الدراسات أن الحب ينتقل باللمسة الدافئة الصادقة ، حيث يستقر فى المخ عبر النخاع الشوكى عن طريق الجلد ، والمخ يعطى أوامره إلى القلب فيخفق ، وإلى العواطف فتلتهب ، وإلى المشاعر فتحيا ، وإلى الجسد فيتحرك ، ويظهر ذلك كله فى سلوك طبيعى جميل سعيد .
فالحب هو الحياة ، وحياتنا لا ننعم بها بدون الحب ، فهو من أجمل المشاعر ، ومن أرق العواطف ، ومن ألذ ما تسعد به الجوارح ، وهو السحر الذى يجعلنا نقبل على الحياة ، لأنه الدليل على اللطف ونقاء القلوب .
فكيف نجعله مؤثرًا ؟
في الحلقة القادمة
عشر وسائل مؤثرة في التربية بالحب