الإسلام هو الحضارة

نحن الحضاريون

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

قرأت للدكتور الكريم مأمون جرار في مدونته حول تشدق الغربيين بالحضارة وما تصنع أيديهم.. فكانت مني هذه الكلمات..

لا نتوقع ولا ننتظر من اليهود والقوى الاستعمارية غير ما نرى من ظلم واستكبار ؛ فهم أعداء تاريخيون لا يخفون عداءهم لنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)} آل عمران، بل اليوم لا يتورعون في التصريح بذلك؛ ذلك أنهم أمنوا العقوبة والمواقف الجادة العزيزة.. لا يرون أمامهم أمثال هارون الرشيد ، الذي غزا الروم حتى وصل إلى "إسكدار" من ضواحي "القسطنطينية" أيام ولايته العهد، وتغلغل مرة ثانية في بلادهم وغزاهم فى خلافته بضع غزوات، وأخذ منهم "هرقلية"، وبعث إليه ملكهم بالجزية عن شعبه، واشترط عليه الرشيد ألا يعمر هرقلية، وأن يحمل إليه في السنة ثلاثمائة ألف دينار. وكان "نقفور" قد نقض العهد الذي أعطته الملكة "إريني"، التي كانت تحكم الروم قبله، وأرسل إلى هارون الرشيد رسالة يهدده فيها: "من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب: أما بعد؛ فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرَّخ (طائر خرافي يعرف بالقوة)، وأقامت نفسها مقام البَيْدق (يعنى مقام الضعيف)، فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقًا بحمل أضعافه إليها، لكن ذلك لضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأتَ كتابي هذا، فاردد ما حصل لك من أموالها، وافتدِ نفسك بما تقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك". فلما قرأ الرشيد الرسالة غضب غضبًا شديدًا حتى لم يقدر أحد أن ينظر إليه، فدعا بدواة وكتب إلى نقفور ملك الروم ردّا على رسالته يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم: من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام". وقاد بنفسه جيوشًا جرارة، ولقّنه درسًا لا يُنسى، فعاد إلى أداء الجزية صاغرًا، بعد أن خضع أمام قوة المسلمين وعزة نفوسهم.

وما المعتصم عن ذاكرتنا – المتآكلة - ببعيد وقد لبى استغاثة المرأة المسلمة فجرّد لنجدتها جيشا لقّن الروم درسا ظل أنشودة الدهر،

الـسـيـف أصـدق أنباءً من iiالكتب
بيض  الصفائح لا سود الصحائف iiفي
والـعـلـم  في شهب الأرماح iiلامعةً
أيـن  الـروايـة بل أين النجوم iiوما
تـخـرصـاً وأكـاذيـبـاً iiمـلـفقة
فـتـح الـفـتوح تعالى أن يحيط iiبه
فـتـح تـفـتـح أبـواب السماء iiله
يـا يـوم وقـعـة عمورية انصرفت
أبـقـيـت جد بني الإسلام في iiصعدٍ
لـقـد تـركـت أمـير المؤمنين iiبها
غـادرت  فيها بهيم الليل وهو iiضحى
حـتـى كـأن جلابيب الدجى iiرغبت
لـو يـعلم الكفر كم من أعصرٍ iiكمنت
تـدبـيـر مـعـتـصـمٍ بالله iiمنتقمٍ
لـم يـغـز قـومـاً ولم ينهد إلى بلدٍ
رمـى  بـك الله بـرجـيـها iiفهدمها
أجـبـتـه  مـعـلناً بالسيف منصلتاً
حـتى  تركت عمود الشرك منقعراً ii
خـلـيفة  الله جازى الله سعيك عن ii
بـصرت  بالراحة الكبرى فلم ترها ii
فـبـيـن أيامك اللاتي نصرت بها ii
أبقت بني الأصفر الممراض كاسمهم 





















فـي حـده الـحـد بين الجد iiواللعب
مـتـونـهـن جـلاء الشك iiوالريب
بـين  الخميسين لا في السبعة iiالشهب
صـاغوه  من زخرفٍ فيها ومن iiكذب
لـيـسـت  بنبعٍ إذا عدت ولا iiغرب
نـظـمٌ من الشعر أو نثرٌ من iiالخطب
وتـبـرز  الأرض في أثوابها iiالقشب
عـنـك الـمنى حفلاً معسولة iiالحلب
والـمشركين  ودار الشرك في iiصبب
لـلـنار  يوماً ذليل الصخر iiوالخشب
يـشُـلُّـه  وسـطها صبحٌ من iiاللهب
عـن  لـونـها وكأن الشمس لم تغب
لـه الـعـواقب بين السمر iiوالقضب
لـلـه مـرتـقـبٍ فـي الله iiمرتغب
إلا  تـقـدمـه جـيـشٌ من iiالرعب
ولـو  رمـى بـك غير الله لم يصب
ولـو أجـبـت بغير السيف لم iiتُجِب
ولـم تـعـرج على الأوتاد iiوالطنب
جـرثـومة الدين والإسلام iiوالحسب
تـنـال  إلا عـلى جسرٍ من iiالتعب
وبـيـن أيـام بـدرٍ أقـرب النسب
صـفـر  الوجوه وجلت أوجه العرب

 فها هو الشاعر عمر أبو ريشة يهتف بأعلى صوته:

رب وامعتصماه انطلقت                 ملء  أفواه البنات  اليتم

لامست أسماعهم  لكنها                  لم تلامس نخوة المعتصم

فكم من صرخة أم ثكلى وبنت فقدت كل أهلها .. ولكن أنّى للآذان أن تسمع وللقلوب أن تحضر، حقا:

أمتي   كم    صنم    مجدته        لم يكن يحمل طهر الصنم

لا  يلام  الذئب  في عدوانه        إن يك الراعي عدوَّ الغنم

فاحبسي الشكوى فلولاك لما        كان في الحكم عبيدُ الدرهم

إن المشكلة فينا نحن {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ..} آل عمران  . نحن الذين أطمعنا عدونا في دمائنا.. نحن الذين تركنا الإعداد الذي أمرنا الله به في صريح كتابه العزيز: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)} الأنفال.

لقد سمعت يوما كيسنجر يقول مخاطبا العرب بلسان عربي واضح "اللي فات مات"

إن الحضارة التي يتشدق بها هؤلاء الأعداء وخسئوا أن يكون لهم منها نصيب؛ فالحضارة ليست تطاولا في البنيان ولا اختراقاً للأرض ولا سباحة في الفضاء، ما الحضارة إلا منهج الهدى والقيَم والأخلاق فهيهات هيهات..

ولقد وُفق سيد قطب رحمه الله تعالى في قوله (الإسلام هو الحضارة). ولا يملك الدينَ إلاّنا بحكم الله رب العالمين: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)} آل عمران