وقفة مع غزة أعزها الله -3

د. عبد الله السوري

وقفة مع غزة أعزها الله -3

د. عبد الله السوري

[email protected]

في موضوعنا الثاني ( السابق ) عن غزة وصلنا إلى أنهم يكرهون الإخوان المسلمين ، وحاربهم عبد الناصر وحافظ الأسد ...لأنهم العقبة الوحيدة أمام تحقيق حلم الصهاينة في إقامة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل ، وسأفرد هذا الموضوع للجهود التي بذلها حافظ الأسد من أجل القضاء على الإخوان المسلمين في سوريا .

1- عندما كان اسحق رابين رئيساً لوزراء الصهاينة طرح على القادة العرب ــ كما تقول الشرق الأوسط ـ أن يتعاونوا معه ضد الخطر الأصولي ، العدو المشترك للصهاينة وللحكومات العربية ....

2- نشرت صحيفة القدس العربي ( 28/6/1999) موضوعاً سبق نشره في صحيفة ( هآرتس) في (27/6/1999) بقلم شارون غال  جاء فيه :

(( يقول أمنون شاموش وهو الكاتب الصحفي الصهيوني المولود في حلب (1929) وهاجر في التاسعة من عمره ليصبح مقاتلاً في صفوف البالماخ ، واستوطن في ( كيبوتس ) معيان باروخ  في أقصى الطرف الشمالي بالتماس مع الحدود السورية ، يقول آمنون :

الأسد أول من أسس ووطد نظام الحكم في سوريا ، وأضفى عليه الاستقرار ، ....وحتى الآن لم نكف عن التحدث عن المذبحة التي ارتكبها الأسد بحق الإخوان المسلمين ، ولم يجد الأسد طريقة أخرى للسيطرة على الأصولية ، ومن حسن حظنا أنه ذبحهم ، وسيطر عليهم ، وقد يكون من واجبنا أن نكون أول من يشكره على ذلك )) .

3- اسمحوا لي أن أقارن بين محرقة غـزة (2009) ،ومحرقة حماة (1982) ، ومن الملفت للنظر مايلي :

أ‌-  كل منهما كانت ضد الإخوان المسلمين .... أما الصهاينة فقد اتضح لهم أن الإخوان المسلمين ( حماس) هم العقبة الوحيدة ضد التطبيع مع العرب ، وإقامة هيكل سليمان ، وتحقيق حلمهم ( حدودك ياإسرائيل من الفرات إلى النيل ) ، وأما الأســد فقد جيء به إلى السلطة ، من أجل القضاء على الحركة الإسلامية في بلاد الشام كلها ، وقد حقق كثيراً مما أسند إليه ...

ب‌-  كل منهما أراد فصل الشعب عن الحركة الإسلامية ، فقد ذبح الصهاينة كما ذبح الأسد الشعب العربي المسلم كي يفصله عن الإخوان المسلمين ، وقد نجح حافظ الأسد في فصل الطليعة المقاتلة عن الشعب السوري ، فطبق نصيحة الخبراء السوفيات ؛عندما كانت قواته تجمع (50) أويزيد من المواطنين في المكان الذي يغتال فيه أحد عناصر أزلام الأسد ويقتلونهم في الحال ، في الشارع أمام الشعب دون معرفة أسمائهم  ، بينما أخفق الصهاينة في فصل الشعب العربي الفلسطيني عن حماس ، فبقي الشعب ملتصقاً ومتحداً مع حماس ، ومازال وسيبقى إن شاء الله ...

ت‌-  كل منهما دامت نفس المدة تقريباً ...(27) يوماً في محرقة حماة ، و(22) يوماً في محرقة غزة .

ث‌-  كان الصهاينة يذبحون الشعب الفلسطيني برضا الغرب وغيرهم ، كما كان الأسد يذبحهم برضا أسياده الصهاينة والغرب ...

ج‌- بقي بعض الشهداء في غزة تحت الأنقاض عدة أيام ، كما بقي الشهداء في شوارع حماة عدة أيام حتى نهشت الكلاب من أجسادهم كما يقول روبرت فيسك ( الصحفي الغربي الوحيد الذي دخل حماة بعيد وقف إطلاق النار ) ...

أما الفوارق بين المحرقتين فهي :

أ‌-   قتل الصهاينة قرابة (1200) فلسطيني ، بينما قتل الأسد قرابة (50000) حموي.  معظمهم من النساء والشيوخ والأطفال .

ب‌-   كانت وسائل الإعلام حاضرة ، وخاصة الجزيرة أدامها الله ونفع المسلمين بها ، في محرقة غـزة ، أما في محرقة حماة فقد تكتمت وسائل الإعلام العالمية والعربية عليها ، ماعدا ماقامت به الإذاعة الأردنية جزاهم الله خيراً من نقل مايقوله القادمون من سوريا ، عن المجازر الوحشية التي فاقت مجازر التتار والمغول ... وفي البداية أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية نبأ حصار الجيش لمدينة حماة ، ثم سكتت بعد ذلك ، ولم تسمح السلطات الأسدية لأي صحافي من دخول حماة ، قرابة شهر أو يزيد ، سوى ( فيسك ) الذي حصل على إذن للسفر إلى حلب ، وفي الطريق ، ترك ( الباص) ودخل مدينة حماة بعد وقف إطلاق النار ، ومازالت الجثث في الشوارع ....

ت‌-   ارتكب الأسد مجازر مبرمجة ضد الشعب السوري في حماة ، وكان لديه متسع من الوقت والرجال ليرتكب أبشع مجازر في تاريخ البشرية ، منها المجازر الجماعية مثل مجزرة سريحين حيث جمع الناس من بيوتهم ، ونقلوا في سيارات عسكرية إلى شرق حماة ، وهناك وجدوا أخدوداً حفر بالجرافات ، وفي قعره شهداء تم رميهم بالرصاص ، وطلب من المواطنين العزل القفز داخل الأخدود ، وأطلق عليهم الرصاص ، وشاء الله أن يبق واحد أو أكثر أحياء يتسللون في الليل ويخرجون من الأخدود ويقصون ماشاهدوا لتقرأه في ( جوجل ) مجزرة سريحين ... فالأسد كان يقاتل شعباً أعزل ، بينما كان الصهاينة يقاتلون أبطال المقاومة ( حماس) وينتقمون من الشعب الأعزل فيقتلون الأطفال والنساء .

 ث – حتى التشابه في قتل الأطفال ، فقد تفنن الصهاينة في قتل الأطفال بطائراتهم الأمريكية الصنع ، كما تفنن النظام الأسدي في قتل أطفال حماة كما تقول منهل السراج : ((... أمسك العسكري الولد من قبة البيجامة وراح يلوح به، ويسأل زميله العسكري الآخر في حملة الجمعة، شباط 1982: هل نترك هذا الولد أم نأخذه مع البقية؟ نظر العسكري إلى وجه الطفل المذعور وقال: اتركه، صغير، ردد الولد مؤيداً: نعم أنا صغير. ورغم صوته الرقيق، أخذوه وبالطبع مثل كل من أخذوا في يوم الجمعة المشؤوم لم يرجع أحد. شهادة أم الولد الذي لم يتجاوز الثانية عشرة.

وتقسم أم أخرى أنها هي التي جنت على ابنها، لو لم تسمح للولد الذي يحب عمته أن يذهب إلى بيت جده ليلة الأحداث ويعصى، لكان نفد مثل أخيه، قتل الولد في حضن عمته في منطقة الطوافرة، عمر الولد ثلاث سنين واسمه حازم، أما الأم الثالثة فأشهر من نار على علم، تلك المرأة التي أنقذت ابنها من النيران، وركضت هاربة به فوق الجسر، ومن لهفتها وجنونها على الولد رمته في نهر العاصي، بدل بقجتها. تلك الأمثلة الثلاثة أمثلة عن مئات الأطفال الذين قتلوا وعذبوا في أحداث حماة 1982، حيث لايتسع المقال لحكايات الجميع ....

سبحان الله ، ما أشبه أفعال الصهاينة بمافعله النظام الأسدي في الشعب السوري في حماة وادلب وجسر الشغور وحلب وغيرها ... فلاعجب لأن عدوهم واحد وهم الإخوان المسلمون ...