وعلمتنا درسا!..
وعلمتنا درسا!..
فاطمة عبد المقصود
أتابع سيل انتفاضة العالم وغضبته من أجل شلال الدماء المهدرة فى غزة، وأرى الجميع يخرجون ويقولون لا لهذه المذابح والمجازر الوحشية بحق شعب لا جناية له ولا ذنب.. حتى بعض حاخامات اليهود الذين استمعوا إلى صوت الضمير خرجوا يعلنون ويقولون بكل جرأة، أعيدوا الحق لأصحابه واتركوا الأرض لأهلها..
كل يوم أشاهد بعض تلك المشاهد وصرخات بداخلى تتردد: ألا يحق لى ولأمثالى أن نعبر عن غضبنا وأن نبلغ الحقيقة لمن نجاورهم السكن والمكان؟! ..
كان حديثى مع أخريات حديث صامت ولسان حالنا يقول: وماذا عسانا أن نفعل على أرض ليست بأرضنا وماذا عسانا نقول؟ وهل تراهم يسمحون لنا؟..
وكلما زاد الأمل وقررنا البوح برغبتنا اصطدمنا بجدار صمت يقول لنا.. ليس هذا من شأنكم ، دعوا الأمر للكبار!..كان هذا هو الحال حتى كان موعدى معها..
كان لقاؤنا المعتاد فى المسجد حين استقبلتنى بقولها: نريد أن...
فرح قلبى لكلماتها وقلت نعم، لكنهم لم يقرروا! قالت فى ثقة: لكننا نملك نحن أن نقرر!
قبل أن يسمعها الآخرون كنت أعلم أن همهمات ساخرة قد تصدر من البعض، فهذا صوت سمعناه قبلا يقول: نحن هنا قلة لسنا كالآخرين فى مدن أخرى، وآخر يعترض: ليس هنا مكان مناسب يصلح لهذا! وأخير وليس بآخر: هناك رجال وهناك كبار وهم أدرى وأعلم!
لكنها بثقة وإرادة مضت بنا ترسم الملامح وتضع الخطوات بلا خوف أو تراجع..
قالت لنا ترد تلك الأصوات الوجلة المترددة: اذا انتظرنا منهم التحرك سنظل ننتظر كثيرا، أونسيتم أن شعوبنا العاجزة ما أذلها إلا انتظار الكبار والقادة؟! الكبير يكبر عندما يتصدى ويواجه، ولا يصمت أو يتأخر..
صدمتنا الكلمات، قررنا أن نتحرك وإن تلكأ أو امتنع الآخرون، قررنا أن نقول كلمة ننصر بها الحق ونظهر بها وجه الحقيقة...
وفى طريقها نحو تنفيذ الخطوات تحدثت إلى بعضهم، أعلنوا مشاركتها الإرادة والفعل
لكنهم حين نظروا إلى أنفسهم قالوا: يالها من امرأة!
امرأة بهمتها وعزمها أن تمضى وحيدة إن تراجع الآخرون علمتنا درسا كبيرا، علمتنا وهى التى تنتمى إلى عروبة مهانة أننا من نصمت وأننا من نختار الركون، علمتنا أننا كنساء نملك الكثير ولسنا فقط تابعين..
آن الأوان ألا يكتفى كل منا بالنظر إلى الآخر منتظرا إشارة البدء التى ربما لا تأتى أبدا..
آن لجراح الأمة أن تجعل منا مبادرين مقبلين لا نخشى الصفوف الأولى أو نتهيب ما بعدها.. آن أن ندرك أننا كأصحاب حق رجالا كنا أو نساء نملك الكثير لنقدمه لقضيتنا الكبرى فهلا تأملنا ومضينا علنا نكتب بجهود مخلصة سطورا أولى فى كتاب العزة الآتية؟!...