ويلٌ.. ثمَّ ويلٌ للمكذِّبين!
محمد عبد الشافي القوصي
يقول الإمام/ عليّ بن أبي طالب -عليه السلام: (لا يرحل منافق حتى تلعنه جميع الخلائق)!
الحمد لله على كل حال .. ونعوذ بالله من حال الأدعياء والمنافقين؛ المزوِّرين التاريخ، المزيِّفين الواقع، المراهنين على تمزيق الأمة، الراقصين على الجماجم، المتاجرين بالأوهام والشعارات!
فقد كشفت (محرقة غزة) عن حقيقة الأنظمة العربية المستبدة، التي يقود زمامها الطغاة الفاسدون الحاكمون بأمرهم .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن حقيقة الجيوش العربية العتيدة؛ التي لا تكف عن مطاردة شعوبها، وملاحقة الجوعى والمشرَّدين، واليتامى والثكالى ... ولمْ تتحرك لاستخلاص المقدسات، ولا لإنقاذ المظلومين والمضطهدين والضحايا والمحاصرين في غزة!
لقد كشفت محرقة غزة؛ عن حقيقة الأحزاب السياسية الفاسدة؛ التي يرأسها سماسرة الكلام، وتجار الفكر، وأصحاب المصالح .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن حقيقة خدَّام الأنظة، وأحذية الحكام، الذين أطاعوا سادتهم وكبراءهم؛ فأضلوهم السبيل، وقادوهم إلى دركات الجحيم .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن حقيقة طلاب الكراسي، وعبَّاد الوظائف، والوصوليين، والمتسلِّقين عبر الوسائط، والرشاوى، والكذب، والخداع، والتملُّق، وشهادات الزور .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن حقيقة النخب السياسية والفكرية المنتنة التي عشَّشت، وباضتْ، وأفرخت في أرضنا .. وضلَّتْ، وأضلَّت كثيراً من الناس .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن حقيقة "المثقفين" في زماننا، والدور الرخيص الذي يلعبونه منذ عهدٍ بعيد؛ والذي امتعض عن أدائه كثير من الغربيين الشرفاء .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن حقيقة "الصحف المستقلة" وعن جهات التمويل، وعن طبيعة القائمين عليها، ومشاربهم الفكرية الآسنة .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن المصارف الحقيقة لأموال النفط، وثروات الأمة، وفحوى المليارات المودعة في البنوك الغربية .. في الوقت الذي تعاني مستشفيات غزة من غياب الدواء، ونقص الأجهزة والمعدات الطبية، وأكفان الموتى .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن الوجه الحقيقي لكتَّاب الأنظمة، واليد اليمنى من الطغيان، وحلفاء الاستبداد، وشرَّاح التقارير الأمنية ومروِّجيها، والأبواق الإعلامية، ومقدِّمي البرامج، ومعدِّيها، وضيوفها، وزبائنها، ومستمعيها، ومصدِّقيها .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن الوجه الحقيقي ل(فضائيات البيزنس) والسبب الحقيقي الذي أنشئتْ له، والدور المنوط بها، والرسالة التي تؤديها .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن الوجه الحقيقي ل(أحفاد ابن سلول) وأسمائهم، وأوصافهم، ودسائسهم، وألاعيبهم، وشعاراتهم، ومبادئهم الرخيصة التي تربوا عليها .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن الوجه الحقيقي ل"تلامذة لا ظوغلي" و"ربائب أمن الدولة" والمخبرين، وكتبة التقارير السرية، والعلنية أيضاً .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن الوجه الحقيقي ل"قباقيب الغرب" الذين ينافحون عن حامض الفكر، ونفايات الثقافة، والتقاليد الشاذة، ويحتفلون بنابليون، وكرومر، وباراك أوباما، وغيرهم من جبابرة الإستعمار! في الوقت الذي لم يرفع واحد منهم عقيرته، وهو يسمع صرخات الأطفال والنساء تدوِّي .. وويلٌ للمكذِّبين!
لمْ ينافحوا عن الجوعى، والمرضى، والمستضعفين؛ الذين تطاردهم الأباتشي في غزة!
لمْ ينافحوا عن المؤسسات والمنازل التي يقصفها الصهاينة على رءوس أصحابها.
لقد كشفت (محرقة غزة) عن الوجه الحقيقي ل"تجار الشعارات الزائفة" من العلمانيين والليبراليين والقوميين والماركسيين واليساريين والناصريين وإخوانهم من "الرضاعة"!
فأين العروبة التي اتخذتموها إلهاً من دون الله؟! وأين النخوة؟ وأين الحميَّة؟ وأين الغيرة؟ وأين حقوق الإنسان والحيوان يا أولاد الأفاعي؟ وأين الديمقراطية التي تتحدثون عنها يا نسل فاعي الشر؟ بلْ أين المجتمع المدني الذي تتشدقون به يا شرار الخلق .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن الوجه الحقيقي ل"قباقيب الوهابية" الذين صدَّعونا بالحديث عن السنن والمبتدعات، وفقه دورات المياه .... لكنهم صمتوا وهم يرون أطفال غزة ونساءها يتساقطون بالمئات! بلْ أصابهم الصمم والعمى وهم يشاهدون مساجد غزة ومآذنها تتهاوى على شاشاتهم وفضائياتهم .. فيحوقلون، ويستغفرون، ويلعنون الغرب والغربيين .. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن الوجه الحقيقي ل"دعاة السلفية" و"ضحايا التدين المغشوش" الذين يقاتلون من أجل الحفاظ على صلاة التراويح، ويحرصون على أداء العمرة عشرات المرات، ويبخلون على دعم المجاهدين بهذه الأموال! بلْ نراهم –من أسف- يدينون المقاومة، ويسلقونها بألسنتهم المسمومة.. وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن الوجه الحقيقي للمظمات والهيئات والجمعيات والنقابات والمجالس والكيانات الهامدة الجامدة المحنَّطة؛ التي أكل الدهر عليها وشرب، وتمضمض واستنشق؛ كرابطة العالم الإسلامي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ومجمع البحوث الإسلامية، ومجامع الفقه الإسلامي، والجامعات الإسلامية، وغيرها من المؤسسات التي ترفع شعارات (الإسلامية، والأصولية، والسلفية، والوهابية، والمهلبية) وويلٌ للمكذِّبين!
لقد كشفت (محرقة غزة) عن الوجه الحقيقي لأشياء كثيرة كانت مستترة، وشعارات عديدة كانت مواربة، وأسماء ربما كانت خافية عن العوام والبسطاء من الناس ... فها أنتم الآن ترونهم رأي العين، وتعرفونهم بسيماهم، وتعرفونهم في لحن القول .. وويلٌ، ثمَّ ويلٌ للمكذِّبين!
أخيراً؛ عذراً يا شرفاء غزة! نفسي وأهلي فداكم ... أنتم حقٌّ وجميعُ الناسِ أباطيل! أنتم روح القرآن وإنجيل الإنجيل! أنتم فاتحة القرآن، وأنتم خاتمة الأحزان!
معذرةً يا أشراف غزة؛ يا من تعتصمون بحبل الله جميعا؛ ارموا والله يؤيدكم .. لا تنتظروا أحداً من الأعراب .. فأولئك أبناءُ أنابيب، وأولئك أبناءُ براميل .. يعتصمون بحبل غسيل!!