قصيدة أنهت أزمة
يحيى بشير حاج يحيى
عضو رابطة أدباء الشام
اليهود كعادتهم في استغلال المناصب ، وابتزاز المجتمعات التي تبتلى بهم وصلوا في يوم من الأيام على عهد صاحب غرناطة " باديس بن حيوس " الصنهاجي إلى السيطرة المحكمة عن طريق الوزير اليهودي " يوسف بن إسماعيل : المعروف ( بابن تغرالة ) ، وراحت أيديهم تعبث في أموال المسلمين وأقواتهم ، حتى ذاق الناس من جشعهم الأمرين .
وكان الشاعر الزاهد " أبو إسحاق الألبيري الأندلسي " قد ضاق بهم ذرعا ، و قد أحس بوطأتهم على المسلمين آنذاك ، وباستغلالهم للمناصب و الأموال إلى حد الإذلال ؟! فكتبت قصيدة يستنهض فيها الهمم ويحرض صنهاجة على البطش بهم ، فكان له ما أراد ، وكانت أبياته النار التي تشعل الفتيل . ومما قاله في القصيدة :
ألا قـل لصنهاجة لـقـد زَلَّ سـيـدُكم زَلةً ً تـخـيّـرَ كـاتـبَه كافرا فـعَـزّ الـيهودُ به وانتَخَوْا | أجمعين بـدور ِالنّديِّ و أُسد تَـقـرُّ بـها أعينُ الشامتين ولـو شاء كان من المسلمين وتاهوا ، وكانوا من الأرذلين | ِالعرينْ
ومضى أبو إسحاق يعدد تجاوزات اليهود ، ويدعو إلى إنزالهم المنزلة التي يستحقون ، معاتبا باديس على اتخاذه منهم وزيرا وبطانة ؟!
ثم يستعرض الألبيري أحوال غرناطة تحت سيطرتهم ويقول : أبـاديـسُ ! أنـتَ امرؤٌ حاذقٌ
فـكـيـف اختفَتْ عنكَ أعيانُهم
وكـيـف تُـحـب ّفـراخَ الزّنا
وكـيـف يـتـم لـكً المُرتقىتُـصـيـبُ بـظنكَ نفْسَ اليقين
وفي الأرض تُضرَب ُمنها القرون
وهـم بَـغّضوكَ إلى العالمين ؟!
إذا كـنـتَ تـبني وهم يهدمون
وإنـي احـتـلـلتُ بغرناطة ًٍِ وقـد قـسّـمـوها و أعمالَها وهـم يـقـبـضون جباياتِها وهـم يـلـبسونَ رفيعَ الكِسا وهـم أُمَـنَـاكـم على سركم ويـأكـلُ غـيـرُهـم درهما | فـكـنـتُ أراهم بها فـمـنـهـم بكل مكان لعين وهم يخضِمون ، وهم يقضِمون وأنـتـم ِلأوضـعِـها لابسون وكـيف يكون خؤونٌ أمين ؟! فـيُقصَى ، ويُدنَوْنَ إذ يأكلون | يعبثون
و تمضي القصيدة تبين كيف أن ابن تغرالة و قومه تمتعوا بخيرات المسلمين ، حتى صار أحدهم كالكبش السمين :
فـبـادِرْ إلـى ذبـحِـه ِقرُبة ولا تـرفع ِالضغط ًعن رهطِه ِ و لا تـحـسـبَنْ قتْلَهم غَدْرَة ً وقـد نَـكَـثـوا عهدَنا عندَهم وكـيـف تـكـون لـهم ذِمّة ٌ | ًوَضَـحّ ِبـه فـهو كبشٌ فـقـد كـنـزوا كلَّ عِلْق ٍثمين بـل ِالـغدرُ في تركِهم يعبثون فـكـيف تُلام ُعلى الناكثين ؟! ونحن خُمولٌ ، وهم ظاهرون ؟! | سمين
فأين الذين يستجيبون لما يقوله شعراؤنا في هذا الزمن ، وينزلون اليهود المنزلة التي تليق باستغلالهم وغدرهم ؟!