وتفرض غزة منطقها
عقاب يحيى
ليعترف الجميع، بمن فيهم المترددين الذين تزعزت قناعاتهم، والخائفين على نبض الحياة في الأمة، والمتواطئين، ومعهم أجواق المتخاذلين..أن غزة تكتب وقائع جديدة تخالف التوقعات، وانها تحفر درب فلسطين الذي تاه في الشعاب، وتعيد الوعي، والإيمان لروح أمة أدمنت الشهادة، وباع دماءها حكامها..والسر في كل ذلك هو الصمود والمقاومة وما أنتجاه من تكسير الصلف الإسرائيلي وإجباره على التعامل بواقعية مع"المفاجآت"...
***
وفي غمار الخناق الذي تواجهه ثورات الربيع العربي
ومن عمق فجور مخططات لم تعد تخجل في الإعلان عن نفسها جهاراً
وعبر ما يعرف بالحملة المركزة لاشتلاغ القوى المقاومة، وتسويد الفكر التسووي، وكل ما يعرف عن استخدام الرايات المعلنة تحقيقاً لأهداف كبرى : اجتثاث حركات الإخوان المسلمين ومن والاهم وحالفهم.. حتى لو كانوا في أتون المقاومة..
تنبت غزة صموداً نوعياً فتمسك بالذي نسيناه، وأهملناه، وتتقدّم فلسطين وسط الخراب والتآمر لتأخذ موقعها الطبيعي : قضية العرب الأولى، والمسلمين والأحرار في العالم، وآخر معاقل الاستعمار الاستيطاني الذي لم يصفَ بعد..
ـ ليست الشعارات هي التي تصنع الحدث، ولا غرور الانتصارات المنفوخة.. بل إرادة الشجاعة مرتكزة على معطيات تمّ تجهيزها لليوم المشهود : حين تمارس قيادات الكيان الصهيوني إدمانها العدواني كلما آن أوان ذلك.. وكلما احتاج مخططها وشركائها لجرائم إبادية جديدة.. وكان الكثير يقدّر أن هذا العدوان سيكون حاسماً، والحسم هنا يحمل اهدافاً بالجملة .. ليس الصواريخ والأنفاق والقضاء عليهما سوى اليافطة.. باتجاهالقضاء على حماس وتسوية الأرض العربية بمزيد الانهيارات، والصراعات البينية.. وفتح أنفاق طويلة للحلول السياسية التي لم تطعم شعب فلسطين سوى قديد الصدأ ..
****
صمود، ووحدة، المقاومة بكل فصائلها، واصطفاف السلطة الفلسطينية ـ بغض النظر عن كل ما يحكى عن الخلفية والدوافع والحيثيات والمدى ـ والتفاف الشعب حولها وهو يواجه المحرقة والدمار والتشرد والجوع والحصار الطويل.. وتخاذل وتواطؤ الحكام العرب.. هو العامل الحاسم في المعادلة وليس غيره، وهو الذي يؤكد من جديد على أنه يمكن بالاعتماد على النفس، وبالإيمان المخلص، وإرادة الشجاعة والصبر والتحمل، والتخطيط الجيد لاستخدام قدرات محدودة في مواجهة جبروت قوة من أكبر القوى في العالم اسمها "جيش الدفاع الإسرائيلي " يمكن تحقيق العديد من النقاط المهمة، وإيقاف مشروعه، بل وتصدير أزمة إلى عمق معتقداته، ومستقبله. وهو ما يحدث عبر ايام المواجهات الدامية، وبما أوقعته المقاومة فيه من خسائر لم يألفها، وغير ميستعد لتحمل مزيدها .
ـ ليست هناك مبالغات بالوقائع وهي تعلن صمودها، وهي تؤكد حقيقة تأثيرها على خطط العدو ونتائج عدوانه، بل وعلى مستقبله الذي طالما ظلّ بعبعاً وكابوساً يعيشه رغم التبجح بالقوة، ورغم التفوق المشهود له، وتحالفاته العضوية مع الولايات المتحدة الأمريكية وعموم الدول الغربية..نعم هي أزمة كيان تتجدد مع كل مواجهة يصمد فيها الطرف العربي، مع هذا الاحتضان الشعبي الفلسطيني في كافة مناطق فلسطين والذي يمكن ان يتحول لانتفاضة ثالثة في الضفة الفربية والقدس.. وحتى أراضي ال 48
ـ وصمود غزة.. يفرض على كثير الحكام العرب أن يعيدوا حساباتهم، وأن يراجعوا مواقفهم التي اندفع البعض فيها درجة الأمل بقطاف سريع يضعونه في جيوب آمالهم، وانتصاراتهم الخلبية المزيفة.. لأن غزة تعيد فلسطين بقوة إلى موقعها رغماً عنهم، ورغماً عن كل أوضاع المنطقة وتفجراتها الملغومة، وهي اليوم يمكن أن تكون رافعة ـ أيضاً ـ للوضع العربي، خاصة في جانب الشعوب العربية الباحثة عن الانعتاق والحرية، وتكنيس هذا التشويه المفروض : الحكام ومافياتهم..
ـ دروس غزة كثيرة وكبيرة.. وفلسطين التي ديست حقوقها، وحاول كثير إهالة التراب عليها نبثق كطائر الفينيق تذكّر الجميع بكلمات القائد أبو عمار الأبدية عن ابديتها، وعن فينيقها.. وشعاعها الذي يبدد ظلمة الأنفاق القسرية ..
لهم التحية أبطال الأمة يرفعون الهمة، ويضفون الأمل في يوم عيد
للشهداء الرحمة في وطننا الكبير.. وهم يكتبون تاريخاً جديداً لأمة تستحق الحياة، والحرية