التخابر مع حماس والتنسيق مع إسرائيل..!
عبد الرحمن يوسف القرضاوي
يا صديقي ... نحن في زمن المسخ ...!
قُلِبَتْ كُلُّ القيم، فأصبح الشرفُ عَوْرَةً، والصِّدْقُتَ دْليسًا، والجهادُ إرهابًا، والتكاتفُ مع الإخوة تآمُرًا، وإبداءُ الرأي تطاولاً على الرموز، وكلمةُ الحق عمالةً للخارج، والعملُ ضد أعداء الأمة تخابرًا.
وأصبح سَبُّ الشرفاء مفخرةً، وقتلُ المواطنين الأبرياء حفظًا لهيبة الدولة، واعتقالُ الشرفاء بطولةً، واغتصابُ الآنسات والسيدات في مراكز الأمن حوادثَ فردية، أما العمالةُ لأعداء الأمة فقد أصبحت (تنسيقًا) ...!
من اخترع تهمة "التخابر مع حماس" صهيوني من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، وهو عميل، لا علاقة له بالوطن أو الوطنية، وكل من يؤيد هذا الصنف من الناس يخسر دنياه وآخرته.
يخسر آخرته لأسباب بإمكانك أن تعرفها لوحدك أو من أقرب عالم دين حقيقي، أما الدنيا، فإنه يخسرها لأنه يقف مع الطرف الخاسر.
ستنتصر المقاومة، وسوف يذل الله كل الصهاينة العرب الذين وقفوا مع الصهاينة الإسرائيليين قريبا.
يتفاخر الليبرالي المزيف، والقومي الكاذب، واليساري المدعي، ويضع تعريفا لنفسه على مواقع التواصل الاجتماعي (يسقط إخوان صهيون) ... من الذي يدعم الصهاينة اليوم يا شاطر؟
رجلكم في القصر؟ أم رجال الجماعة "الإرهابية" في السجن؟
لسان الحال يقول قبل لسان المقال : (عزيزي "نيتانياهو")... أنا معك في حلف شجاع، أنا معك إلى آخر العمر، والله لو خضت بي البحر لخضته معك، ولأورطن سائر مؤسسات دولتي في هذه المغامرة.
(عزيزي "نيتانياهو") ... سأدفع لك الجزية ...!
عشرين مليارا من الدولارات سنويا، سأدفعها ثمنا لغاز مستخرج من حقل هو في الأصل ملك للدولة المصرية والشعب المصري، سأدفع المليارات لك ولقومك، ولكن اشفع لي عند أسيادنا في واشنطن لكي أبقى حاكما عليها.
(سيدي وتاج رأسي "نيتانياهو") ... أقبل رأسك ... أقبل حذاءك ... اشفع لي لأبقى على هذا الكرسي !!!
يقول الصهاينة العرب : حماس صنيعة إسرائيل ...!
قيلت هذه الجملة في عهد مبارك المخلوع، في عهد وزير خارجيته السيد المناضل الثائر عمرو موسى، حين أشرف على عقد مؤتمرات شرم الشيخ في التسعينيات مؤتمرا تلو مؤتمر تأييدا لإسرائيل، ضد العمليات (الإرهابية) التي قام بها أبطال حماس في تل أبيب، مرتدين الأحزمة الناسفة.
في هذه اللحظات التاريخية وقف شيخ أزهر المخلوع ليقول إن هؤلاء الذين يفجرون أنفسهم بالأحزمة الناسفة منتحرون، والمنتحر كافر ...!
ووقف الشيخ "العميل" ... نعم ... أقصد فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي ... ليقول بصوت عالٍ يشق عنان السماء : بل هم شهداء، والجهاد بالأحزمة الناسفة من أعظم أنواع الجهاد ولا شك، ولا حيلة لهؤلاء إلا الجهاد بهذه الطريقة، ولو وجدت طريقة أخرى فليستخدموها، وعملت حركات المقاومة بنصيحة الشيخ الجليل وتطورت.
من العميل يا صهاينة العرب؟ من الذي يوالي إسرائيل يا معشر المدلسين؟
الشيخ الذي وقفت فتواه مع إسرائيل ضد المقاومة بالزور، وبليِّ أعناق الآيات والأحاديث؟ أم الشيخ الذي وضع نفسه على قوائم الاغتيالات الإسرائيلة، وقوائم معاداة السامية الأوروبية الأمريكية من أجل كلمة الحق التي ترضي الله ورسوله؟
مرَّت الأيام وتطورت المقاومة، وأصبحت الأحزمة صواريخ صغيرة، وظلت تكبر، حتى أصبحت رعباً لإسرائيل، وما زال الصهاينة العرب في غيهم يعمهون.
اليوم ... يتهمون الشيخ القرضاوي بالعمالة لإسرائيل، ويتهمون كل من يؤيد حماس ضد إسرائيل بالعمالة لإسرائيل، ولا تسلني عن أي منطق في توجيه الاتهامات، لأن زمن العسكر تتحدث فيه جنازير الدبابات، ولا يمكن أن تجري حوارا مع دبابة يا صديقي، المنطق لا يعمل في ظل حكم العسكر، بل تُحَدَّدُ إقامته في عقول الشرفاء فقط، ويظل الأغبياء والحمقى يطلقون سمومهم في الشاشات ليل نهار.
يا معشر الصهاينة العرب ... قُضِيَ الأمر ...!
لقد انتصرت حركات المقاومة في غزة– وعلى رأسها حركة حماس– على إسرائيل، ومن يظن أن حماس عميلة لإسرائيل فالرد عليه إذا ناقشك بعد كل هؤلاء القتلى من الجيش الإسرائيلي : أنت حمار!.
تريد أن تعرف كيف انتصرت حماس؟ تريد أن تعرف ما هو النصر؟ تريد أن تفهم معنى سقوط كل هذه الصواريخ والقتلى؟
اقرأ ما كتبه "آريئيل إيلان روث"، في الفورين أفيرز، مع ملاحظة أن الكاتب هو المدير التنفيذي لمعهد إسرائيل في واشنطن، يقول :
الهدف الاستراتيجي لحماس كان تحطيم شعور إسرائيل بأنها دولة طبيعية، فليس من الممكن أن توجد إسرائيل كدولة ديمقراطية مزدهرة في ظل ظروف صراعها المستمر، خاصة مع عدم قدرتها على الحفاظ على الوهم الذي تقنع به مواطنيها من أن حياتهم في فلسطين المحتلة تشبه بشكل ما حياتهم لو اختاروا أن يعيشوا في لندن أو باريس أو نيويورك، لقد دمرت حماس هذا الوهم.
الإسرائيليون يبكون قتلاهم، ويضربون أخماسا بأسداس من أجل الجندي الأسير، وأصبحوا يعلمون جيدا أن معادلة القوة في هذه المنطقة قد تغيرت.
أما صهاينة العرب الذين نراهم ليل نهار في القصور أو على الشاشات فسوف يذوقون الخزي قريبا، ويبدو أن انتصار غزة هو بشارة انتصار ثورة يناير في القاهرة.
في لبنان أذاعت جميع القنوات نشرة أخبار موحدة تضامنا مع غزة، وأخشى أن نرى من خنازير الإعلام المصري نشرة أخبار موحدة تضامنا مع إسرائيل...!
نحن مقبلون على زمن ستسمى الأمور فيه بمسمياتها، ولن يصبح فيه دعم المقاومة تخابرا مع حماس، ولن يقبل فيه أحد أن يسمي العمالة لصالح إسرائيل "تنسيقا".
مضى زمن التنسيق ... مضى زمن الخيانة يا صهاينة العرب ...!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين ...