غزة بين التآمر والثقة بنصر الله
غزة بين التآمر والثقة بنصر الله
د. اليماني الفخراني
لا زال المسلسل مستمرا، مسلسل الإبادة للمسلمين، الأمة الإسلامية في شرق الأرض وغربها، وشمالها وجنوبها، تتعرض لحرب إبادة، بل لحروب إبادة على كافة المستويات وفي كافة المجالات، وأحدث هذه الحروب والتي مازالت مستمرة هي الحرب العالمية على غزة، اجتمعت قوى الشرك والكفر والنفاق والعمالة والخيانة على مدينة غزة، مدينة العز والكبرياء، والفخر والاعتزاز، والصمود والشموخ.
اجتمع اليهود أحفاد القردة والخنازير، والصليبيون الحاقدون في أمريكا وأوربا، والمنافقون والخونة من بعض الأنظمة العربية، اجتمع كل هؤلاء على المدينة الباسلة ، غزة رمز العزة، اجتمعوا ليبيدوها من على وجه الأرض، يريدون أن يخضعوها لمدن الخنوع والعمالة، يأملون في كسر شوكتها وكتمان صواريخها، يحلمون أن يفقدوها بندقيتها ويعدموها قذيفتها. يريدون إعدام المقاومة ووأد رجالها، يطمعون في إسكات كلمة الصواب ومقول الصدق، يحلمون بقذفها في البحر، وإسكات أي مقاومة إسلامية قبل غيرها، هذا ما يحلم به الأعداء ومن والاهم ومن سار على دربهم، ومن شايعهم ومن ساندهم بخذلانه، ولكن هيهات هيهات فالله ناصر دينه والحق وأهله.
فإذا كان هذا موقف الأعداء من غزة فما موقفنا نحن المسلمين؟؟.وما قيمة هذا الموقف في ميزان الإسلام؟. لا شك أن الهوة شاسعة بين ما يطالبنا به ديننا إزاء هذه الأزمة، وبين ما نفعله نحن أو لا نفعله ونكتفي بالسكوت والصمت، إن من أبجديات الإسلام ومن الإحسان إلى المسلم نصرته في المصيبة، وتفريج كرباته، وعونه على الظالم، وستر عيوبه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة". ومن أبجديات الإسلام أيضاً التي غفلناها وضيعنا تطبيقها ضمن ما ضيعنا من تعاليم، أن الجيوش المهزومة لا تحسد ولا تحقد على الكتائب المنتصرة، وأن الكثرة الماجنة لا تحيك المؤامرات ضد القلة المؤمنة المتدينة، فلا تظلم الكثرة القلة، ولا تخذل وتحتقر الدول المدن الصغيرة الباسلة، وفي ذلك ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه".
فأين نحن من تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. بل أين مشايخ الأمة الذين صدعونا بفروع فروع الشريعة وضيعوا أصولها؟؟. هذا وليعلم المسلم أن خذلان أخيه المسلم سبب في خذلان الله له، كما أن نصرة المسلم سبب في نصر الله له، كما جاء في الحديث الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من امرىء يخذل امرأ مسلما في موضع ينتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرىء ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته". ووجه الدلالة هنا وجوب نصرة المسلم و تحريم خذلانه، وإسلامه للعدو، وما ينطبق على الفرد ينطبق على الجماعة، والله تعالى تكفل بالنصر لمن نصر المسلمين، فقال تعالى:(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إلا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَولا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج:40. نصرة المسلم لأخيه المسلم إذا ظلم أو اعتدي عليه في أي مكان، ومن أي جنسية كان، تكون بنصرته باليد، وبالمال، وبالقلم، وباللسان فيما يحتاج إلى النصرة فيه. فيجب على المسلم أن ينصر المسلمين في غزة حيث اعتدى عليهم الأعداء، ومازال الاعتداء مستمرا، وهذا الوجوب ثابت بالقرآن والسنة وأقوال الفقهاء، فإذا اعتدى الكفار ويمثلهم اليهود والصليبيون، على بلد من بلاد المسلمين ويمثلها هنا غزة في المقام الأول وغيرها، وعجز أهلها عن صد عدوانهم وجب على من يليهم من المسلمين نجدتهم والدفاع عنهم بالأموال والأنفس، وكذلك يجب على المسلم أن يعين أخاه على أخذ حقه ممن ظلمه، وأن يذب عن عرض أخيه المسلم إذا اغتيب أو قدح فيه وهو يسمع، كما يجب على المسلم أن يدافع عن المسلمين بلسانه أو قلمه عندما يقدح فيهم أحد في كتاب أو غيره، وهذا كله من فروض الكفايات، كما يجب مساعدتهم بالنفس والمال عند اضطرارهم إلى ذلك. فيجب على المسلمين أن يعينوا إخوانهم بغزة بكل ما أتيح لهم.