فقه التغيير
1
د. خالد الأحمد
إن الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
نحن بحاجة ماسة إلى التربية السياسية ، وهي جزء أساس من التربية الإسلامية ، لأن الأخيرة تشمل الدين والدنيا ، الفرد والمجتمع ، الروح والجسد .... ومما تشمله التربية السياسية ...
وفقـه التغييـر جانب هام من التربية السياسية ، لذا أتمنى أن نجعل حوارنا في هذا الإطار ....
قال تعالى : { إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } – الرعد 11 –
في هذه الآية الكريمة تغييران :
الأول : تغيير ما بالأنفس ، وهو الذي يقع أولاً ، ويقوم به الناس ، وهو السبب الذي ربط بـه الله عزوجل التغيير الثاني ، فجعله نتيجة لـه ...
الثاني : تغيير ما بالقوم ، وهو الذي يقع ثانياً ، كنتيجة للتغيير الأول ـ الذي يقوم به الناس ، وهذا – تغيير ما بالقوم – يأتي بـه الله عزوجل ....
والمرجو لفت الانتباه إلى التغيير الأول ، ومن يقوم به ، والتغيير الثاني ، ومن يأتي بـه ، وارتباط التغيير الثانيس بالتغيير الأول ، ارتباط النتيجة بالسبب ، كما أراد الله عزوجل ....
إذن إذا أردنا تغيير أحوالنا الاجتماعية ( ومنها السياسية ) من سيء إلى حسن ؛ علينا تغيير أنفسنا ، وعندئذ يغير الله تلك الأحوال الاجتماعية السيئة إلى أحوال حسنة ...
المطلوب منا – نحن البشر – تغيير أنفسمنا ، كي يغير الله أحوالنا ، وأرجو أن نتحاور في المجالات التي يطلب منا تغيير أنفسنا بها ....
وسأجعل أولها :
1- أن نحسن أسلوب الحوار : وهذه الفرصة التي هيأها لنا الأخ أبو سنان – جزاه الله خيرا – فرصة ذهبية ، أرجو أن نستفيد منها لنتعلم أسلوب الحوار ، وعندما نحسن أسلوب الحوار ، نكون قد غيرنا جزءا من أنفسنا ....فماهي اساسيات الحوار كما أراها :
أ- أن نحترم أراء البشر الآخرين ، ونعطيهم فرصة لعرض آرائهم ، ومازلت أذكر عندما كنا نذهب في الدروس العملية في دور المعلمين في النصف الأول من الستينات ، كيف ندخل مجموعة من طلاب دار المعلمين في حمص على مدرس قديم ومتميز ، فنحضر عنده الدرس ( أي بلغة الحوار نسمح له أن يعرض كل ماعنده ) ، ولايحق لأي طالب منا أو لآستاذنا ( الدكتور ) أن ينبس ببنت شفة ، لكن كل منا يكتب في دفتره ....
ب- بعد انتهاء الحصة نذهب ( الطلاب المعلمون ) مع ( الدكتور ) إلى غرفة خاصة بنا ، لننقد الدرس ، ويكون النقد على الشكل التالي :
1- يعرض كل منا الدرس الذي سمعه من الألف إلى الياء ، ويثبت للدكتور أنه كان يقظاً ومتابعاً .
2- نعرض الايجابيات التي كانت ...
3- نذكر السلبيات التي وجدناها – حسب رأي كل منا –
لقد استفدت ولله الحمد كثيراً من دور معلمي حمص أوائل الستينات ، وبعد عشرين سنة درست – بالدوام – ماجستير التربية في كلية التربية بالمدينة المنورة ، فما أعطوني فوق ماعندي إلا قيلاً ...
إذن نسمح للأخ أن يعرض كل ماعنده .... ثم نعرض ماسمعنا لنؤكد أننا سمعناه وتابعناه وفهمناه ، ثم نذكر الايجابيات ، ثم نذكر – بأدب – مانراه سلبياً أو نقصاً ...
وهدفنا المعرفة والوصول إلى الأفضل ، والمدرس الذي نحضر عنده لانعرف سوى أنه مدرس متميز أدخلونا عنده لنتعلم منه بطريقة عملية ...لانعرف اسمه ، ولافكره السياسي ، ولانهجه ، ولاسلوكه الشخصي ...إلخ ...فنحن باحثون عن المعرفة ، وهي هنا طريقة التربية الصحيحة والمثلى ....
وإلى اللقاء في المرة القادمة إن شاء الله ...