غدر شعب فارس في التاريخ

ثروت الحنكاوي

للشعوب ميزات ثبتها التاريخ، فمنها ما هو إِيجابي يُفتخر بهِ، ومنها ما هو سلبي تقشعر منهُ الأبدان، والطامة الكُبرى أن تلك الشعوب، لم تسعى إلى أن تتخلى عن تلك السلبيات، بل بقيت مُلازمة لهُم جيل بعد جيل.

شعب فارس، مِن ضمنِ ما عُرف عنهُ سمات: الغدر، والخبث، ونقض العهد، حيث يحفل قاموسهم الفارسي مِن مثل ذلك، وهذا الذي نجده نحنُ ابناء شعب العراق حقيقة واقعة على أرضنا منذُ سنة العِجف 2003 ولغاية أن نُقبر المُعتدين منهم في أرضنا العراق أرض الأنبياء، ونجعلهم ينكفؤون وراء حدودهم.

تلك السمات والتي على شاكلتها الكثير لشعبِ فارس، ليس تجنياً مني عليهم، بل ذكرهُ مِن ضمنِ مَن ذكرهُ أحدهم وهو المعروف، بـ: ((  "ابن الفقيه ( 00- نحو 340 ه‍ = 00- نحو 951م) أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الهمذاني، أبو بكر، ابن الفقيه: جغرافي أديب، لهُ كتاب (البلدان) نحو ألف ورقة، و (مختصر كتاب البلدان-ط) صنفه بعد موت المعتضد، وكتاب ( ذكر الشعراء المحدثين والبلغاء منهم والمفحمين ).))، حيث يذكر حادثة جرت عند فتح المُسلمون لمدينةِ "السوس" التي تقع في بلادِ الأحواز العربية، والتي أحتلها الإيرانيون عام 1925 بمؤامرةٍ مُشتركه مع بريطانية سيئة الصيت.

المُهم: أن في تلك المدينة قبر النبي دانيال عليه السلام، ويُبيّن "ابن الفقيه"، كيف توصل الصحابي الجليل "أبو موسى الأشعريt" "لقبر النبي دانيال عليه السلام" فيها، حيث يعترف القائمين على القبر وقتئذٍ: كيف أنهم حصلوا عليه مِن النصارى؟ بعد أن تعهدوا لهم بأن يُعيدوه إليهم، وأعطوهم ضمانة بذلك، إِلا أنهم خانوا العهد، والضمانة؟!

النص التاريخي الذي ذكرهُ ابن الفقيه الهمذاني، في كتابهِ البُلدان، الصفحة 399، تضمّن: «والأهواز افتتحها أبو موسى الأشعري في ولايةِ عمر بن الخطاب رضي [الله] عنهُما، وآخر مدينة افتتحت مِن الأهوازِ السوس، فلما افتتحها وأخذ المدينة وسبى الذرية وظفر بالخزائن، فبينا هو يحصي ما فيها كان في قلعتها نحو مِن ثلاثمائةِ خزانة. فرأى خزانة منها وعليها ستر عليهِ الدهن. فأمر خزّان القلعة أن يفتحوهُ، فجعلوا يبكون ويحلفون أنهُ ليس فيهِ شيء مِن الذهبِ والفضة. فجعل أبو موسى لا يزيدهُ ذلك إلّا حرصاً على فتحهِ، حتى همّ بكسر الباب. فلما رأى الخزّان ذلك قالوا لهُ نحنُ نصدّقك عما فيهِ. قال: قولوا. قالوا: فيهِ جسد دانيال. قال: وكيف علمتم ذلك؟ قالوا: أصابنا القحط سبع سنين متوالية حتى أشرفنا على الهلاك، وكان هذا الجسد عندنا وقوم مِن النصارى يستسقون بهِ إذا أجدبوا، فيسقون ويخصبون، فأتيناهم وطلبنا إليهم أن يعيروناه فأبوا علينا، فرهناهم خمسين أهل بيت منا على أن نستسقي بهِ في عامنا ذلك ونرده. فدفعوه إلينا. فلما استسقينا بهِ سقينا وأخصبنا فتعلقنا به وحبسناهُ عن أصحابهِ، ورغبنا فيهِ، فهو عندنا نستسقي بهِ في الجدب.

فأمر أبو موسى بفتحِ الباب، فإذا في البيتِ سرير عليهِ رجل ميت واضع مرفقه على ركبتهِ اليمنى، فكتب إلى عمرt يعلمهُ فتح المدينة، ويقصُّ عليهِ خبر دانيال عليه السلام، فسأل عمر t مَن بحضرته مِن المسلمين فأخبروهُ: أنهُ نبيّ، وأن بخت نصر لما غزا بيت المقدس وسبى أهله، كان دانيال ممن سبى، ونقل إلى أرضِ بابل، فلم يزل بها حتى مات. فكتب عمرt إلى أبي موسى يخبرهُ بالذي انتهى إليهِ مِن أمرهِ، وأمرهُ بأن يحنطهُ، ويكفنهُ، ويدفنهُ مِن غيرِ أن يغسله، ويكون دفنه إياه في جوف الليل حتى يكون الله تعالى هو الذي يبعثهُ كما يبعث خلقه. فلما انتهى إليهِ كتاب عمر إلى أبي موسى، عمد إلى نهرٍ مِن أنهارِ السوس فأمر بسكرهِ فسكر، ثم حفر لدانيال في جوفِ النهر ثم عمد إليه فحنطهُ، وكفنهُ، وحملهُ وأربعة مِن المسلمين في جوفِ الليل فقبرهُ في ذلك النهر، ثمّ أجرى عليهِ الماء، فلم يعلم أحد موضع قبرهُ إلى يومنا هذا. ويُقال إنهُ أخذ خاتماً كان في إصبعهِ، وكذلك يُقال أيضاً: إنهُ وجد معهُ كتب فيها أخبار الملاحم، وما يكون مِن الفتنِ، وأنها صارت إلى كعبِ الأحبار».

النص التاريخي لا يحتاج إلى مزيدٍ مِن التعليق، سوى التذكير، والتأكيد: أن شعب فارس لا يُعتمد على وعدٍ يعدوا بهِ، ولا على ضمانةٍ يتعهدوا بها، فالغدر، والخيانة، والخِداع الذي نهى عنهُم الإسلام مِن شيمهِ، والذي وجدناهُ، ونجدهُ في العِراقِ المُحتل، والشام، واليمن وغيرهم.

 يُؤكدهُ أن تلك السمات لا زالت ملازمةً لهم، لن يتخلوا عنها، وبنفسِ الوقت فإِنا لا تغادرهم، بعد أن وجدت فيهم القدرة الفائقة على تَلَبَّسَهم إِياها ، وهو تَلَبَّسَ يتطابق مع ضلالات إبليس اللعين.