رسالة التربيع والتكوير (3)
محمد فريد الرياحي
ما بالك يا أحمد بن عبد الوهاب تدعو إلى الصدق وتكذب، وتدعو إلى الأمانة وتخون، وتدعو إلى الوفاء وتخلف؟. ما بالك تلبس لبوس الولاية، وتعمل بعمل أهل الغواية؟. ألا تعلم أنك مبعوث ليوم عظيم تشخص فيه الأبصار، فتحاسب على ما أسرفت وحرفت، وأفرطت وفرطت؟. أم تحسب أن الحال هي الحال، فلا حساب ولا عقاب ولا جزاء؟ ألا تعلم أن شر الناس من لبس لباس التقوى، إذ الناس أشهاد وشهاد، فإذا خلا إلى نفسه وشيطانه، انقلب على عقبيه، وقال إني من المخادعين، أم تحسب أن حبلك موصول أبدا، وأن أمرك مجموع دائما، وأنك في قرار مكين من الحيلة والخفاء؟ ما بالك تأمر الناس بالبر وتنسى نفسك؟ ما لك إذا دعيت إلى الاستقامة اثاقلت إلى ما تهوى نفسك من حب الدنيا وهم الدنيا؟ ألا إنك في الدرك الأسفل من النار، وما أنت عنها بمزحزح. فلتضحك قليلا، ولتبك كثيرا، فإن هذه الدار إلى زوال، وما أنت فيها بخالد. ما لك يا أحمد بن عبد الوهاب إذا قيل لك تب إلى بارئك، جعلت أصابعك في أذنيك، واستغشيت ثيابك، واتبعت ما تملي عليك شياطين الجن والإنس من زور القول، وزخرفه، ومنكر العمل ومردوده؟ ألا لا تحسبن يا أحمد بن عبد الوهاب أنك بمبعد عن أسماع الناس وأبصارهم. فإنك ملؤها. لا تحسبن أن الله غافل عما توسوس به إليك نفسك الأمارة بالسوء، فخض مع الخائضين ، حتى ياتيك اليقين. وإنك من الأخسرين أعمالا الذين ما لهم في الآخرة من نصيب.