قرنان من العواصف!!

زغلول عبد الحليم

لم تستطع غزوة بونابرت لبلادنا أن تقتلع جذور العقيدة من نفوس أبناء الوطن رغم ما قامت به من أعمال فجارة فتركت بعد رحيلها من استطاع  أن يثير العواصف في محاولات جادة لإبعاد الأمة عن دينها أو على الأقل تحجيم دور الدين حتى يغيب !! ومن هنا كانت عاصفة كتاب (في مصادر الشعر الجاهلي) للدكتور طه حسين، وعاصفة كتاب (الإسلام وأصول الحكم) للشيخ علي عبد الرازق، وعاصفة كتاب (قصائد من بلوتولاند) للدكتور لويس عوض، وعاصفة كتاب (هؤلاء علموني) للأستاذ سلامة موسى وعواصف المؤلفات التي تسببت في تغييب عقل الناس ونشر الباطل والوهم وأهمية التبعية المطلقة للغرب حتى نحقق ما حققه !! كلام أفرغ من الفراغ.

يقول كبار العلماء أن الدين الحقيقي لم يصل إلى الغرب وإنما دين الغرب هو الدين الذي فرضته الكنيسة، وأهمية هذا الرأي الذي أجمع عليه كبار العلماء من المسلمين أنه فتح لنا الطريق للتعرف على الديانة الحقيقية للغرب إنها: دين الكنيسة التي قامت عليه الثورات، إن الغرب لم يعرف الدين الحقيقي فقط عرف دين الكنيسة وثار عليه ورفضه وعزله وبنى له دينا جديداً هو عبادة المادة بناة فلاسفة الغرب حتى سقط في بئر لا قرار له وأراد رواد المدارس الغربية وتابعيهم أن يفرضوا على الأمة المسلمة ديانة ابتدعوها وظلوا على معانداتهم وضلالاتهم حتى اللحظة يحاولون إبعاد الدين عن حكم الحياة حتى تسقط الأمة الإسلامية الكبيرة فيما سقطوا فيه وتصبح فريسة أكثر سهولة !! ولا يزال الصراع على أشده بين أهل الحق وأهل الباطل وسيظل حتى قيام الساعة.

قرنان من العواصف العنيفة لم تستطع أن تقتلع العقيدة من النفوس رغم قوة العواصف إلا أن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الدين غالب لا مغلوب ! ولن يترك الله دينه الذي ارتضاه لعباده "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً" والوهم العظيم الذي يحيا عليه أهل التنوير وهم باطل ككل أباطيلهم المنكورة ولا مكان لهم في عالم يسير الآن نحو إعادة الاعتبار للأخلاق الأساس الأول الذي هو قاعدة الدين ورحم الله الإمام محمد الغزالي صاحب مقولة (لا دين بدون أخلاق) الأخلاق أولاً لأن شيوع الفاحشة يدمر الأمم ويقرب ساعة هلاكها وتدمير كيانها وفساد أمرها كله كما قال تعالى في سورة الروم "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"

إن من رحمة الله أنه تعالى لا يعاقب الناس بكل ما كسبوا ولو يؤاخذهم بكل ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يذيقهم بعض الذي عملوا وهو لا يفعل ذلك انتقاماً أو تشفياً بل تأديباً وتذكيراً لهم (لعلهم يرجعون) فإذا لم يعتبروا ولم يرجعوا وتركوا سفينتهم يقودها الأشرار والجهال فإن مصيرهم الغرق لا محالة.

قرنان من العواصف ابتليت خلالها امتنا الكبيرة بانتشار المفاهيم المغلوطة عن قضية الخلق والغاية من الخلق، والتطور، وعلم النفس، التحليل النفسي أو السريري كمل يقول فرويد اليهودي المهووس بالجنس كما انتشرت بشكل وبائي الفواحش والتعدي على حق الله وهي مصيبة كبرى والأمر أعقد مما نتصور.

مطلوب عودة سريعة إلى الالتزام بالأخلاق والرجوع فوراً عن تناول (ثقافة) التنوير والتعامل مع رموزه الذين أفسدوا الدين والدنيا وليرحمنا الله في أوان لا وصف له سوى أنه لا يوصف.